الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي الفلسفة ؟

رمضان عيسى

2015 / 6 / 9
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يعيش الناس هذه الأيام في حالة من الضبابية الفكرية والتميع المواقفي ومتابعة الأحداث العالمية بشكل انتقائي مشحون باللامبالاة , وإذا واجهت شخصا لديه بعض الاهتمام , فستجد اهتمامه نابع من الهموم الشخصية أكثر منه انشغالا بهموم المجموع . وتغلب على آرائه النزعة الشخصية الآنية المفرطة , والمشحونة بالأنانية الفردية .
وهذا الإحساس يضعنا أمام السؤال: هل العولمة وتفشي منطق القطب الواحد هي سبب هذه الظاهرة ؟ أم أن شدة الأزمة الاقتصادية التي أصابت عددا من البلدان الأوروبية , تركت انعكاسات لها على العالم بأسره , بما فيها المنطقة العربية , وتأثر منها ساكن المدينة وساكن الصحراء , أم أن انتشار التكنولوجيا الناعمة قد ميع الاهتمام بغيرها , وقد سيطرت على زمان الناس وجعلتهم في حالة من الانحسار إلى الذات , أم هي سيطرة للشيئية على العالم – أي أصبح الإنسان شيئا فقط ، أم هي سيطرة النفعية التي غلفت العلاقات بين البشر .
وهل صدقت المقولة التي تقول : إن الناس ينسون مبادئهم وأفكارهم أسرع من نسيان فقدان أشيائهم ، بحيث ألقت الاهتمام بالأفكار الفلسفية والاجتماعية جانبا , أم إن واحدية القطبية في العالم وسيطرة القطب الرأسمالي وأفكاره على العالم بعد تفكك منظومة الدول الاشتراكية قد أفقدت الثقة بالفلسفة والأيدولوجيا , وعززت الإهمال للمبادئ والأفكار الجماعية الثورية , وبالمقابل نشرت وعززت الفردية والسلوك الأناني عند إنسان هذا الزمان في العالم ؟ .
والأهم من هذا ، هل أن التوجه الديني في المنطقة العربية يعود إلى العجز عن فهم زمان هذه المنطقة و طبيعة متناقضاتها ، وبالتالي ، الفشل في وضع الحلول العلمية والمناسبة زمانيا ، أم هو الهروب إلى وهم الحلول المستوحاة من الميراث المقدس ؟
كل هذا دفعني إلى التساؤل , هل هُزمت المنهاجية الفلسفية والأفكار الثورية فعلا , و فقدت دورها الإرشادي والتنظيمي والتنويري والتثويري في حياة الناس ؟ بالطبع ، لا ، لم تُهزم الفلسفة ، ولا الأفكار الثورية .
إذن ، فما هي الفلسفة ؟
الفلسفة نشاط إنساني عقلي هادف إلى المعرفة , هي حالة الرغبة للمعرفة التي تثيرها حالة الاندهاش والتساؤل التي تصيب الإنسان ، من ملاحظته للظواهر الكونية والطبيعة والمجتمع والإنسان والعضويات النباتية والحيوانية .
تعلمنا التجارب اليومية بأنه علينا كي نفهم فهما صحيحا ما يدور في العالم المحيط بنا أن نسترشد بنظام علمي تماما في النظر إلى الحياة ، إلى العالم كله , إلى مكاننا في العالم , إلى هذه أو تلك من الظاهرات والأحداث ، وهذا النظام من النظر إلى العالم و التصور عنه يلزمان الإنسان لا لكي يفهم ويكشف أسباب الأحداث الدائرة وحسب ، بل أيضا لكي يحدد موقعه في العالم ويؤثر في الأحداث بصورة فعالة ولكي يصبح مساهما نشيطا في النضال التحرري القطري والعالمي .
بتعبير آخر , لا يمكن فهم الأحداث الدائرة حولنا إلا إذا استرشدنا بنظرة صحيحة إلى العالم تزودنا بالمفاهيم عن الحياة ، عن العالم كله , عن هذه أو تلك من الظاهرات والأحداث , ومعرفة كهذه إنما تعطيها الفلسفة , وهذا يعني أن السعي لبناء المجتمع الأفضل يجعل الإنسان بحاجة إلى المعارف الفلسفية أيضا , بجانب المعارف الأخرى كحاجته إلى الهواء .
إن دراسة الفلسفة تنمي لدى الإنسان فكرة البحث وتوسع بصيرته و تعطيه القدرة على التمعن الواعي في كل ما يدور حوله من أحداث . فليس عبثا تعريف الفلسفة منذ القدم بأنها " حب الحكمة ، حب المعرفة " .
إننا نواجه في المجتمعات كثيرا من الآراء الفلسفية , لهذا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار بأن ليس أي فلسفة كانت تعطينا تصورا علميا عن العالم ، نظرة علمية عن أسباب ونتائج ما نلاحظه في الكون والحياة من أحداث وظواهر . فبعض الفلاسفة في البلدان الإمبريالية , ومنظري أنظمة الحكم الاستبدادية والثيوقراطية , على العكس يشوهون المفاهيم والتصورات عن الأحداث الدائرة في العالم .
وهذا يعني أنه ليس بمستطاع أي فلسفة كانت أن تصبح دليلا في الحياة . ذلك لأنه ليس كل نظرة إلى العالم هي نظرة صحيحة . إن الفلسفة العلمية هي التي تعطي النظرة العلمية إلى العالم , وتثبت التجربة أن الناس فقط باستنادهم إلى المعارف الفلسفية العلمية يمتلكون الاعتقادات الراسخة التي تجعلهم يذودون بثقة عن مصالح شعبهم و يدافعون عن حرية واستقلال بلادهم , وهذا الإيمان بصحة الآراء يحفز المثقفين الثوريين والناس للقيام بأعمال عظيمة من أجل رفاهية شعوبهم والمشاركة بفعالية من أجل قضايا السلم والحرية في العالم .
إن الفلسفة تتميز بالشمولية لكونها نشاطا عقليا ، ومحاولة للإٍجابة على حالة الاندهاش والتساؤل التي يطرحها العقل الإنساني , وهذا التساؤل غير محدود في الزمان , فمنذ أن وعى الإنسان نفسه بدأ التساؤل ، وغير محدود في المكان , أي ليس حكرا على شعب من الشعوب أو أمة من الأُمم في كافة أصقاع العالم .
من هنا كانت الفلسفة وما تطرحه من قضايا شاملة لكل ما يصادف الإنسان من ظواهر في الكون والطبيعة والمجتمع .
إننا نلاحظ أن العلوم ، كالفيزياء وعلم الفلك و البيولوجيا – علم الأحياء– و العلوم الأُخرى بشتى فروعها , تدرس القوانين التي لا يخضع لها إلا قسم من ظاهرات الطبيعة , بينما نجد أن الفلسفة تدرس القوانين الأكثر شمولا التي تخضع لها كل الظاهرات في العالم , القوانين التي بموجبها يتطور العالم بأسره , ولهذا " فاٍن الفلسفة هي العلم عن القوانين الأكثر شمولا لتطور الطبيعة والمجتمع و الفكر البشري " .
ولكن يكون من الخطأ لو استنتجنا من هذا استنتاجا مفاده أن الفلسفة تستطيع الاستغناء عن العلوم الأُخرى ، وهذه بدورها عن الفلسفة . فالفلسفة لا تستطيع أن تكون نظرة علمية , تقدمية طليعية , ثورية إلى العالم إلا حينما تعتمد في مرتكزاتها على منجزات العلوم الأُخرى .
ولكن هل كل فلسفة ممكن أن تكون علمية وثورية في نفس الوقت ؟ بالطبع لا ، فالفلسفات التي تبرر وجود الفوارق الاجتماعية ، لا يمكن أن تكون ثورية .
فما هي الفلسفة التي تجمع بين الثورة الاجتماعية والنظرة العلمية والتطورية إلى العالم ؟ إنها فلسفة المادية الجدلية ، إنها بالذات هذه الفلسفة في عصرنا هذا . لماذا ؟
إن الفلسفة تعطي الناس مجموعة من نظرات معينة إلى العالم , أي أنها تسلحهم بمفاهيم عنه , وهنا تكمن قوتها الهائلة ، غير أننا قلنا أن النظرات إلى العالم تختلف عند مختلف الناس , فلدى بعضهم قد تكون علمية و تقدمية , ولدى البعض الآخر منافية للعلم بل ورجعية .
من المسلم به أننا نواجه الكثير من الآراء الفلسفية ، ولكن كيف نميز بين الفلسفة العلمية التي تؤمن بالمسببات المادية , اليقينية , والفلسفة غير العلمية التي تُرجع مسببات الظواهر الطبيعية والاجتماعية إلى أسباب غيبية وخيالية لا يمكن إخضاعها للتجربة , بل يستحيل ذلك , وفقط نجد لدى الناس قناعة ساذجة وعفوية لأنها من الموروث الثقافي ولأنها من منظومة المقدس المرتبط بالميثولوجيا .
تبدأ عميلة المعرفة لدى الإنسان منذ الطفولة من الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه , وعن طريق التعلم والتجربة اليومية .
ففي محيط الأُسرة يستمع الطفل إلى كثير من القصص والأساطير والحكايات الخيالية ، ولكن كلما نما جسمه وتوسعت مداركه وتراكمت معارفه العلمية , أصبحت إجاباته عن الأسئلة تغلب عليها السببية المادية للظواهر الطبيعية والعضوية , أي أصبحت لديه المعرفة بالأسباب المادية التي تسبب المطر والبرق والرعد والعواصف والأعاصير والزلازل والثلوج , والموت والمرض , وصار ينأى رويدا رويدا بتفكيره عن الأسباب الخيالية ، غير العلمية .
أما في القضايا الاجتماعية , فيحتاج لدراسة العلوم الإنسانية والاجتماعية والفلسفية مثل مفهوم تغير وتطور وتقدم وثورة والكثير من المفاهيم الاجتماعية مثل معنى مفهوم فرد ومجتمع وطبقة وأحزاب وظلم واستبداد ودولة لكي يستطيع معرفة أسباب تطور المجتمعات من مرحلة إلى أُخرى ، وأسباب الفوارق الطبقية , وأسباب الثورات الاجتماعية .
الفلسفة والطبقات الاجتماعية
إن تعدد وتنوع الفلسفات والأحزاب في المجتمع يرجع إلى تعدد الطبقات الاجتماعية وتضارب مصالحها الاقتصادية . فلا يمكن أن تجد لدى الفقراء والأغنياء مفهوما واحدا عن الحياة والسعادة والحرية , كما لا تجد لديهم إحساس بنفس القدر للظلم الاجتماعي ولا في النظرة إلى القيم والأخلاق والآمال والأهداف الوطنية .
لو توجهنا بالسؤال لمجموعة من الناس ذوي مواقع طبقية مختلفة , لماذا يوجد في المجتمع فقراء وأغنياء ؟ فاٍن مجموعة صغيرة من الناس ستجيب : أن سبب الفقر والغنى هو كسل الفقراء ونشاط الأغنياء .
إن هذا تشويه صارخ لأسباب الفقر والغنى في المجتمع , والواقع يشهد أن فقراء المجتمع من عمال وفلاحين هم منتجو الخيرات المادية , الصناعية و الزراعية , و يكدحون الساعات الطوال في كل يوم من أيام حياتهم لإعالة اُسرهم . بينما يتنعم الأغنياء في ممتلكات حصلوا عليها بالوراثة أو بوسائل ملتوية.
كما قد تجد إجابة أُخرى عند الذين يحاولون إقناع الناس بأبدية الفوارق الطبقية ، وهذه الإجابة تقول: بأن الله خلق الناس طبقات وهو القائل :"ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات .."( سورة الزخرف- 32) و القائل أيضا : " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " (سورة النساء – 32 ) أي أن هذه التقسيمة الطبقية دائمة ولا مجال لتغييرها . الفقير فقير , و الغني غني , هذه هي إرادة الله ، ولا مجال للتمرد أو الثورة ، لأن هذه هي إرادته في خلقه .
كما تجري إطلاق مفاهيم وحكم مساندة لهذا الفهم , مثل : " الغِنى غِنى النفس " و" لا فرق بين غني وفقير إلا بالتقوى " وهذا يعني طمس الفرق بين الطبقات , و إعادته إلى مفاهيم معنوية غير قابلة للقياس ، كالنفس والتقوى والقناعة .
وأما من لديه معرفة ولو بسيطة في علم الاجتماع و الاقتصاد ، فنجد إجابة غير هذه , حيث يجيب بأن الغنى والفقر ليس أبديا , بل ينتج عن التقسيمة غير المُنصفة لملكية وسائل إنتاج الخيرات المادية , من آلة وأرض . أي استيلاء طبقة الأغنياء القليلة العدد على وسائل الإنتاج في البلاد , وبحكم قوتهم الاقتصادية , يستولون على الجهاز الفوقي , الدولة , ويجري سن القوانين التي تحافظ على ديمومة بقائهم في السلطة ومالكين للأرض والآلة . بينما أغلبية الجموع الغفيرة من الكادحين مضطرة لكي تعيش أن تعمل كعبيد لدى المالكين الذين يستولون دوما على فائض القيمة من عمل العمال والكادحين .
إن النظرة السليمة هي التي تفسر الظواهر سواء في الطبيعة أو في المجتمع بإرجاعها لأسبابها الواقعية , لهذا نجدها تعطي تفسيرا واقعيا للمسألة الطبقية في المجتمع , حيث تكشف أن سبب هذا يعود إلى الخلل في تقسيم الدخل الوطني لصالح مجموعة قليلة من الناس , حيث تتنعم " القلة " بخير البلاد على حساب الكثرة التي تبقي في حالة من الفقر والعوز .
إن هذه التقسيمة الطبقية ليست أبدية , بل يمكن تغييرها بتغيير نوع الملكية , من ملكية خاصة إلى ملكية جماعية , أي بتأميم وسائل الإنتاج .
ويحدث هذا الاختلاف في الآراء عند الإجابة عن أسباب ظواهر طبيعية أيضا , فلو استفسرنا عن أسباب ظاهرة النيازك و الشهب التي نراها ليلا بالعين المجردة , لوجدنا إجابتين :
إحداهما ترجعها إلى الموروث المقدس , ومفادها أن السماء مُزينة بمصابيح – أي النجوم - وهي أجسام منيرة ومتوهجة , ولكنها في نفس الوقت قنابل نارية حارسة للعرش الإلهي من الشياطين التي تسترق السمع , وتحاول الاقتراب من عرش الذات إلهيه , حيث تُرجَمْ هذه الشياطين بقذائف نارية حارقة , تخر عليها من النجوم , ولم تذكر الآيات دور ووظيفة الكواكب السيارة غير المنيرة السابحة في الفضاء .
إن هذا الفهم يوحي بفكرة مركزية الأرض للكون , والتي نفاها العلم . وهذه الآراء تقع ضمن المنظومة الفكرية الموروثة التي تُعزز سيطرة المقدس على أذهان وعقلية الناس وجعلها أبدية .
أما الإجابة الأُخرى , والتي تستند إلى العلم , فتقول بأن السماء ليست مثل السقف , بل فضاء لا نهائي وغير محدود , وهذا الفضاء يحوي مليارات المجرات , وكل مجرة تحوي ملايين النجوم , وهي في حركة دائمة , واشتعال دائم نتيجة تفاعل ذري وهيدروجيني , ينتج عنه انفجارات يصحبها تطاير بعض القطع في الفضاء ، وتظهر لنا على هيئة شُهب ومذنبات ، وكلما ابتعدت عن الأم , المركز ، يقل اشتعالها وجذوتها , وإذا ما جاء مسارها ضمن جاذبية كوكب أو نجم ، فإنها تسقط علية على هيئة نيازك ، وقد عثر العلماء على نيازك سقطت على الكرة الأرضية , وبعد تحليل محتوياتها وجد أنها تحتوي على عناصر مادية وذرات . فكيف تحرق هذه الشهب المادية الشياطين التي ليس لها أجسام قابلة للحرق , بل هي حسب الفكر الميثولوجي خيالية ليس لها أبعاد حتى تتحطم .
من هنا نجد أن هناك فلسفتين , إجابتان مختلفتان للتساؤلات عن أسباب الظواهر الطبيعية والاجتماعية , إحداهما تُرجع الظواهر لأسباب واقعية , مادية , علمية , وتؤمن أن لكل شيء " سبب معقول " , ولا مجال للمعجزات .
وأُخرى , ترجع الظواهر الطبيعية والاجتماعية لأسباب ميتافيزيقية , مثالية , خيالية , غيبية , لا تخضع للتجربة , ولا للمعقولية , بل ترجعها إلى المعجزات التي تسببها موجودات لها صفات جسدية وحركية وزمانية خارقة .
لذا يستحيل أن تكون في هذا المجتمع فلسفة واحدة ، نظرة واحدة إلى الحياة ، إلى العالم بالنسبة للظالمين والمظلومين , للفقراء والأغنياء . فالفلسفة تدافع دوما عن مصالح أُولئك الذين تخدمهم. وهذا يعني أن الفلسفة لا تستطيع أن تكون محايدة , بل هي دائما حزبية , لذا كان على الدوام في كل عصر أحزاب وفلسفات متصارعة , وممكن اختزال جميع الآراء والفلسفات في اتجاهين فلسفيين هما : الفلسفة المادية والفلسفة المثالية .
قبل كل شيء ينبغي الأخذ بعين الاعتبار بأنه كثيرا جدا ما يشوه المعنى العلمي لهذين المفهومين . فالطبقات الرجعية ومنظري أنظمة الحكم الفردية وممثلي الأيديولوجيا الميتافيزيقية يسعون بكل الوسائل التعليمية والدعائية لكي يُكونّوا لدي الشعب رأيا يزعم أن المادي هو الذي يهتم بالمنافع الشخصية , هو ذاك الذي ينصرف كليا إلى الاهتمام بالمصالح المادية ، وليس له مُثل عليا تهدف الخير للبشرية . أما المثالي فتصوره بأنه ذاك الذي يخدم قضية ما , أو فكرة , أو مثالا أعلى بصورة منزهة عن الغرض .
فمن الملاحظ أن هناك تعارضا بين هاتين الفلسفتين ليس في النظرية ، بل وفي التطبيق العملي ، في ردود الأفعال عند أفراد المجتمع وسلوكاتهم ومواقفهم من الأحداث الدائرة . فلما كانت الفلسفة عبارة عن أفكار ومعتقدات ويترتب عليها سلوك وردود أفعال ، من هنا لا يمكن أن يُوجد انسان بلا فلسفة مهما تدنت معارفه الى حد السذاجة ، أو ارتقت الى حد المكر السياسي . فأن تكون انسانا تملك القدرة على التفكير ، يعني أن تكون لديك فلسفة تسترشد بها في مواقفك واندفاعاتك وتصوراتك عن المجتمع والكون والحياة .
وهنا يجب أن تسأل نفسك ، أي فلسفة تحمل في دماغك ، في وعيك ؟ هل تحمل فلسفة علمية تعطيك تصورات صحيحة عن الكون والتاريخ والمجتمع والحياة ، أم تحمل فلسفة تعطيك مجموعة من التصورات الخيالية ، الوهمية عن الكون وظواهره والتاريخ والمجتمع وأحداث العالم .
ولكي تتأكد من سلامة وصحة وعلمية أفكارك ، يجب أن تتعرف على المعيار الذي تُقاس به صحة الأفكار والتصورات .
إن المعيار الذي تُقاس به صحة المعارف هو مطابقة الواقع . من هنا فإن الأحداث الواقعية تتسم بالمعقولية ، أي تتساوق مع المبدأ القائل : بأن لكل شيء سبب معقول .. أما الأفكار الخيالية فلن تجد لها مبررا واقعيا ، ولا مسوغاً عقلياً .
من هنا ، واخلاصا للحقيقة وتمسكا بها ، يجب أن تكون لديك الرغبة والأهلية لإخضاع ما لديك من افكار وقناعات سابقة - موروثة من السائد – ، الى الفحص والشك . فإن رأيت أن لها أسبابا معقولة وتتسم بالواقعية فتمسك بها ، وإن رأيت انها خيالية وممتزجة بالخرافة ، فيجب أن تكون لديك الارادة والحافز والجرأة للتخلي عنها حتى تصبح انسان ذا فلسفة راقية ، عصرية وعلمية ، حتى تصبح ذا سلوك إنساني عصري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعركة الأخيرة أمام الاسلام السياسي
رمضان عيسى ( 2017 / 4 / 28 - 21:34 )
= بعد الفشل الذريع الذي أصاب الاسلام السياسي ، لم يبق أمامهم من وسيلة غير تشويه المفاهيم العلمية والفلسفية التي تفسر الواقع الموضوعي ، وترشد الأجيال الى المعرفة الحقيقية للواقع . أن هذا التشويه يؤدي الى حرف الناس عن منهجية المعرفة ، وهذا يعني هدم الأسس المنهجية لنظرية المعرفة - الابستمولوجيا - ، وتشويه مكتسبات الأجيال المعرفية !!


2 - الفلسفة ليست علما بدلالة اختلاف الفلاسفة
ممنوع من التعليق ( 2017 / 4 / 29 - 03:42 )

الفلسفة ليست علما بدلالة اختلاف الفلاسفة
أنفسهم ونموذج أفلاطون وأرسطو واضح فهما على طرفي نقيض
الفلاسفة يطرحون كثيرا من الأسئلة لكن لايقدمون أجوبة هم كالطبيب الغبي الذي يستفيض
في شرح المرض لكن لايقدم علاجا
الفلاسفة يدعون استعمال العقل والمنطق والعلم
دون أن يتفقوا على ماهية العقل ومجاله ولاماهو المنطق ولاالعلم
الفلسفة اضاعة وقت وأحلااااااام وادعاءات كاذبة
كل الأفكار التي يتوسع فيها الفلاسفة يعرفها الناس ويعبرون عنها ببساطة ثم يهتمون بحياتهم
الواقعية بدل لوك الكلام
كتب حجة الاسلام كتاب / تهافت الفلاسفة / فقصم ظهرهم ومازال يستفزهم
كما كتب ابن تيمية / نقض المنطق
وكتب عبد الرحمان ابن خلدون في مقدمته / فصل في ابطال الفلسفة وذم منتحلها


3 - ما هي الاشكالية التي تواجه العقل العربي ؟
رمضان عيسى ( 2017 / 6 / 27 - 09:45 )
أكبر اشكالية تواجه العقل العربي هي المقدرة على فهم فهم المفاهيم ومدلولاتها الواقعية ، مثل - مفهوم - الذات - و- الموضوع - ، وهو الاشكال الخاص بمدى مطابقة المعرفة الموجودة في ذاتي للموضوع الموجود في الخارج
من هنا ندرك أهمية المبتدأ في المعرفة وهو التساؤل الذي هو مفتاح المعرفة ، أي تساؤل الذات بهدف المعرفة ، ، ان طرح الأسئلة هي الفلسفة ، أي محاولة معرفة ما يحيط حولنا من أشياء الطبيعة والمجتمع ، ومحاولة مطابقة ما تعرفه الذات عن خارجها ، أي ما تعرفه عن الواقع الموضوعي المستقل عن ذاتنا .
من هنا نفهم علاقة نظرية المعرفة - الابستمولوجيا - بنظرية الوجود - الأنطولوجيا - ، والجود هو الوجود المادي ، والوجود الاجتماعي
ولفهم الوجود الاجتماعي ، أي فهم العلاقات الاجتماعية ، يجب فهم القيم ، ومدلولاتها في الواقع الاجتماعي ، أي ( نظرية الاكسيولوجيا ) . .
من هنا يجب أن نفهم الفلسفة بوصفها علم القوانين الشاملة للطبيعة والمجتمع والفكر البشري .. ،


4 - الأيديولوجية السلفية وتراثها تحارب الفلسفة
رمضان عيسى ( 2018 / 5 / 2 - 18:03 )

وها هو-الامام ابن صلاح الشهرزوري- من اكبر ائمة الحديث المتوفى عام 643 هجري يدلو بدلوه تحريضا وحقدا على الفلسفة والمنطق والعقل لابقاء العقول مغيبة والناس قطعان بشرية في حظائر الجهل التي يملكها شيوخ الكذب وفقهاء الدم والقتل
يقول ابن الصّلاح في إحدى فتاويه المشهورة عن الفلسفة: -الفلسفة رأس السّفه والانحلال، ومادة الحيرة والضّلال، ومثار الزّيغ والزّندقة، ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشّريعة المؤيدة بالحجج الظاهرة، والبراهين الباهرة، ومن تلبّس بها - تعليمًا أو تعلّمًا - قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان... لذلك؛ فالفلسفة حرام بالإطلاق، مثل: الخمر، والميسر، وقتل النّفس بدون حقّ، لكنّ ابن الصّلاح لم يقف عند هذا الحدّ في تقبيح الفلسفة، وشيطنتها، وعدّه المنطق مدخلًا للشّر؛ بل قال - أيضًا - في نفس الفتوى: -والواجب على السّلطان - أعزّه الله وأعزّ به الإسلام وأهله - أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم (الفلاسفة)، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم، ويعاقب على الاشتغال بفنهم، ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف أو الإسلام لتخمد نارهم، وتنمحي آثارها وآثارهم...-.ا

اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة