الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة واقعية: حكاية داعشي في قطار فاس - مراكش

عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)

2015 / 6 / 16
الادب والفن




في مقصورة القطار، الرابط بين مدينتي فاس ومراكش، جلس رجل سبعيني، مالئا بمؤخرته المترهلة سعة مقعدين، ثم استرسل في ثرثرة لا حدود لها.

قال عن نفسه ومن دون سؤال، مخاطبا رفاق السفر، إنه كاتب من شرق المتوسط. وأضاف أنه عمل مستشارا للأخ العقيد لسنوات طويلة، قبل أن يقرر الفرار من جبروته إلى المغرب.

"المغرب - يقول صاحبنا- هو البلد الديمقراطي الوحيد في المنطقة، المغرب ذو تاريخ غني".

ولم ينس الرجل أن يقلل من قيمة وشأن الجزائر الشقيقة. ثم عرج لينتصر للمغربيات، قال إنهن أخواته وبناته وعماته وخالاته، وأخبرنا أنه متزوج من فترة بشابة مغربية بارة.

قال: "لا يجب على كلب مثل نبيل عيوش أن يهين المرأة المغربية".

وصمت لحظة، وزع خلالها نظرات ضيقة على الجالسين قبالته وجنبه، ثلاث نساء ورجلين وأنا. إنه يريد اكتشاف وقع كلماته علينا.

ابتسمت إحداهن ابتسامة غامضة، وطأطأ آخر رأسه علامة موافقة ورضا. زاد من رفع نبرة صوته الأجش قائلا:

- لو كان بيدي الأمر لذبحت هذا اللانبيل العيوش، حلال سفك دم هذا الديوث.

حينها رفعت عيني عن صفحات الجريدة التي بين يدي، وتوقفت عن تمثيل دور إهمال ما يتفوه به الرجل. لم أتردد في وصف من يطلق مثل هذا الكلام ب"الداعشي".

بدا لي الرجل يتغير لون وجهه غير الحليق. كان المسكين ينتظر أن يتم شكره، وتوسيمه ربما، على مجاملته للمغرب وللمغربيات، بدلا من أن يهاجم. ثم توجه إلي بثقة كبيرة قائلا إنه "سيهزمني"، (لم يقل إنه سيقنعني). قلت له أنا لا أتفق مع ما جاء في الفيلم المقصود، لكني ضد أحكام القتل. لم يكن يسمعني لكونه انهال علي بسرد سيل من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والقصص والوقائع التاريخية، من عصر النبوة وبدايات الإسلام.
كنت كلما أردت مقاطعته كان يرفع من صوته ويدعي أنه أكبر مني سنا، وأكثر مني معرفة ودراية وإلماما بمثل هذه القضايا والأمور الجوهرية، وما علي إلا الإنصات والإصغاء إلى ما يقوله من درر معرفية.
إحدى المسافرات معنا، محجبة بالمناسبة، كانت تقوم بمهمة إتمام العبارات الأخيرة من الأحاديث التي يذكرها، وكان هو يثني على نباهتها وألمعيتها، وفجأة احمرت عيناه واتجه صوبها دامعا، وفي مشهد ميلودرامي ضعيف الإخراج والأداء:

- والله لإنك أختي.. أختي.. أنت أختي.. في العروبة والإسلام.. وأريد أن أقبلك.. أقبل رأسك.

مانعت المرأة، غطت بيديها رأسها. لكن الرجل وقف بكل جوارحه، وانتبه الجميع إلى انتفاخ سرواله الرمادي اللون. بعدها جلس يتمتم بكلمات غامضة، ثم ما لبث أن انخرط في النوم ليعلو شخيره ويملأ كل المقصورة.

بعد ساعات طالت، نزل جميع من كان في القطار ، وبقي مستشار العقيد وحيدا، ليس هنالك من يحادثه.

لم يجرؤ أحد أن يوقظه ويخبره أن القطار وقف في المحطة الأخيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفتنة أشد من القتل
عبد الله اغونان ( 2015 / 6 / 21 - 00:49 )

مثل هذه الأفلام أفلام المجونوالفسق التي تمول من جيوب الشعب بالملايين ويستحيون ادراجها في القنوات العمومية هي فتنة أشد من القتل
بل هي السبب في خروج البعض عن هدوئه
اذ لاقانون يحكم في هذه المفاسد
انها أفلام تقتل الكرامة وتنهب المال العام
وتدعو الى الفساد بكل أنواعه
الخلقي
والاقتصادي
مثل هذه التهديدات تعودنا سماعها
لأن هناك سببا طاغيا
واذا عرف السبب بطل العجب
نخاف أن تتكرر عندنا شارلي ايبدو
خذووووووووووووووا حذركم

اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و