الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصبي... سيناريو وإبداع

سعيد تيسير الخنيزي

2015 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


في وقت تقلَّصت المسافة فيه بين الحق والهوى؛ الدين وضدْ الدين؛ القيم المقبولة والقيم المنحلة عن أصل الإسلام وبكرة ابيه، تلخبطت على الشعوب الأفكار وزورت الحقائق في مقبرة من الكذب، المحسن أصبح مسيئاً والمسيء أصبح محسناً، التسامح أصبح عيباً والعنف أصبح مُشرعناً، المودة أصبحت كفراً والفسوق أصبح أيماناً. خُنِقَتْ بثرة الحق وباتت تمثل القتل بلا أي حق.

تشهد هذه الأمة وتحديداً هذا الوقت علة استعصت عليها الأيام وطال عليها الزمن.

المحركات الأساسية لعجلة النمو تكاد تتوقف والخمول يكاد يسيطر. أصبحت الكثير من الأفكار السائدة في المجتمع فاقدة لأي سببية في المنطق أو منهج عُرْفي مقبول، سواء كانت على المستوى السياسي أوالاجتماعي أوالمعرفي أوالنهضوي. ليس لأن الأفراد غير متمكنين لنهج سنة حياتية مستقيمة المدى ومعلومة الآفاق، ولكن لأن القوى المحركة المسيطرة في الدولة فاقدة لآي شكل من أشكال الثقافة المرسومة بقيم عملية مُحٓ-;---;--فِْرة إلى نمط حياتي مهذب وهادف.

أبدع برنامج الفنان ناصر القصبي ولعب الجميع دوره بإتقان لَيْلَة الثاني والثالث من شهر رمضان المبارك في عرض إنحطاط ووساخة الفكر الداعشي الذي هو دون المستوى الإنساني والفطري أصلاً فرضاً لإلغائنا لأي دين عرفته البشرية على ممر الازمنة والعصور. ولكن ما إن برز القصبي والطاقم التمثيلي إبداعاته المتفجرة، وصلت رسائل إهانة بسرعة البرق بإتجاهه مكللة بالعنف من دواعش الفكر الغيور. بعضهم خلال ساعات بسيطة من بث الحلقة الأولى قام بالتوعيدات والتهديدات الصريحة. خطباء برزوا لإتمام الحجة وقاموا بالتصريحات العنيفة ضد مواطن لم يهين الدين وآلياته ولكن سـٓ-;---;--خٓ-;---;--رَ من أعداء الدين والإنسانية من خلال تدعيمه لصفات الأب الحنون الفائض بالمشاعر تجاه ابنه المريض المعلول نفسياً والمجاهد في سبيل إبليس، أتخذ إله هواه نتيجة منتظرة من الفكر والثقافة المحيطة به.

تناقض غيرصحي

معظم المؤشرات لِقراءة الحَدَثْ تشير إلى أن هذا النوع من الفكر المريض في تزايد شعبي كبير نسبياً. وكيف لا يكون في تزايد مثل هؤلاء الخائنون للأوطان، الكافرون بالحياة، المريضون نفسياً، القاسية قلوبهم، وهناك قوى في هذا المجتمع وإلى هذه اللحظة وبعد أستشهاد زمرة كبيرة من الأطفال والشباب والكهلة في مساجد الله ويوم الجمعة، يزرعون ويشجعون على هذا النمط من التفكير في من آتبعهم بإفساد الى يوم الدين. هذا التناقض المريض المنطلق من مفاهيم إبليسية الفلسفة من الطبيعي والمتوقع آن تقوم على تفعيل نفسها شيئاً فشيئاً ومستوى بعد مستوى.

وهذه التزايد الشعبي لهذا الفكر المتعفن غير مُسْتغرب في ظل سياسات مغلوطة ومتناقضة بشكل مضحك ومبكي في آنْ. في حين عُرْف الدولة العام يقوم على محاربة الفكر الطائفي ويدينه، المناهج الدراسية تقوم على تقويم مرتكزاته من زواياها وخطباء يجتهدون على شرعنته بمجالسهم ومساجدهم حلوة المنظر وعفنة المحتوى والجوهر من زاويا اخرى. وشر البلية آنهم يُنْفِذوا بغير محاسبة آو مسائلة آو قانون يُردعهم من سواد الوجوه وظلام القلوب.

وأكثر هؤلاء الشباب ضعيف العقول لم يتجاوز حتى الحادية والعشرون ومن السهل التغرير بهم. لأن المناهج الدراسية والبيئة الفاعلة لم تعلمهم على التنقيح والتحليل في الأفكار والأيديولوجيات والأنماط الموصلة لهم وبهم، وإنما غرزت في عقولهم مبادئ التلقين الابهم وأُسُسُ التبعية في خوض حياتهم بلا أنتهاء. لذلك الغريب في ان لايكون- لا في آن يكون- هذا النمط والنوع من الفكر سائداً لتخريج شباب مُغيَّب العقل، لايفقة في أُسُسُ الدين آو الحياة حتى أبسط وآتفه المبادئ والقيم العقلية الصحيحة المواكبة للعصر والنهضة.

تطلعات وآمال

مواجهة هذا النمط من التفشي والانحلال الأخلاقي لايستقيم كلياً في بضعة أيام أو شهور أو حتى بِضْعَ سنين. وأنما يحتاج إلى عمل وجهد يستمر لعقود في ضم المجتمع المدني بإسره الى جانب النظام والدولة لإنشاء أجيال مستنيرة العقل والجوهر تدين وتحارب بشدة هذا النوع من الأفكار الهدامة بسلاح العلم والعقل والمنطق. الرحلة شاقة والمشوار صعّب.

لايستطيع النظام وَحْده مستغنياً عن المجتمع المدني في أن يقوم بهذه المهمة، وبالتساوي، لايستطيع المجتمع المدني وَحْده آن يقوم بذلك مستغنياً عن نظام منهجي يدعمه. وإنما الاستقامة والإصلاح لابْدَ آن تقوم على الإثنين وبالإثنين متحدان يساعد كُلٌ منهم الآخر.

نتحتاج أولاً إلى رسم خطة صحيحة معروفة المدى ومعلومة الآفاق تعمل على تنقيح الموروث الديني والثقافة وإعادة هيكلة آليات ونُظُم الدولة لأخذ صورة عصرية في النظر الى عملية القرار، متماشية بقدرتها على السير مع عموم المُجتمْع الدولي ومواكبة أًُسُسُه وأحكامه.

نحتاج ثانياً الى الوعي الفردي والجماعي والمناطقي في خلق ثقافة وآلية جديدة من نوعها تنظر إلى الحياة عامةً بمنظار المنطق العلمي الصحيح وليس بمنظار البؤس والخرافة والخزعبلة بأسم الدين، والدين منها برآء الى يومه المعلوم.

نحتاج ثالثاً إلى هيئات تنفيذية موالية إلى آمال الوطن وتطلعاته تقوم على تفعيل القوانين وحفظ شرعيتها. هذا النوع من الهيئات التنفيذية لايستقيم مع وجود أفراد لايرتقون أصلاً إلى المسؤولية الوطنية في آتباعهم المفضوح إلى مصالحهم الشخصية والفئوية التي تغلب على المصلحة العامة للدولة وقوتها. يجب تنقيح بعضاً من القوى السياسية والدينية المساهمة في إنشاء القرار بشكل مباشر أو غير مباشر.

ونحتاج الكثير من الدعامات الاخرى المدروسة بأُسُس علمية دقيقة وروح مُوجَهة القدرات والإمكانات في خلق مجتمع يسير بإتجاه التنمية والعزم على تجنب الفساد الإداري والمالي والسياسي والأخلاقي والثقافي.

الجو كان غائماً ثم أصبح عاصفاً والآن مدمراً. الضرورة قصوى في علاج الجروح وعودة الأمة العربية إلى ماهي كانت عليه من مستوى علمي وإجتماعي وأخلاقي وفني مرموق وأكثر. هناك آمالً كبيرة آن الآلة ستستيقظ من سباتها العميق. ولكن نريد فِعلاً لاتنظيراً مُسْرِفاً. الوقت لايستحمل تفلسف وتحلطم وأنما اجتهاد عملي مُدَعَم بالتنظير الصحيح والتفعيل النامي لا الهدام. الوقت هو الوحيد من نوعه في الإقرار إما النجاح في التخطي لِتِتلك عَقَبات أو الفشل. ومفهوم الوعي الرشيد هو الوسيلة الأقوم في التصدّي لِتِتلك عَقَبات في إما الاستمرار في السير أو التوقف، لأن ذلك من عزم الأمور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟