الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة اليونان لم تقنع أخيل بأنّ طروادة بريئة

مزوار محمد سعيد

2015 / 7 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد تساءلتُ طويلا عن جدوى دراستي الفلسفة، وأنا الذي رسبتُ في اختبارها الجديّ الكبير في حياتي، ذلك المتعلق بأقرب الناس إلى روحي، لقد رسبتُ في اقناعه بالخطر الذي هو سائر إليه، وأنا (مزوار محمد سعيد) المشتغل في المجال الفلسفي، الذي أخذ على عاتقه إقناع العالم بالحجة العقلية والدليل الفلسفي، بأنّه لا يزال هناك أمل في الأفق.
في لحظة ما، يتوقف الزمن عن المسير، يحمل الفرد الإنساني عواطفه ويصرخ بكافة قواه، ألاّ وجود لأمر يستعصي عن المسير، عن السير نحو أهدافه، ولو كان هناك ألم فهو حتما من احترامه لذاته، فهو ضريبة الشرف في مكان يأبى أن يخوض في أي شرف لشريف الكبرياء؛ في تلك اللحظة فقط، تذوب الحياة في دوامة الأفكار، وتتقد المصائر كالنار، فيصبح الرجل مضطربا، غير عارف أو محتار: إنها مرصد الجدية بعد الاختبار.
مصاب جلل عندما يشعر الفرد الإنساني بأنّ ما يبنيه هو هش للغاية، يحاول البكاء على مصيره المحتوم ولو كان مكتوما إلا أنه كالإبر التي تزيل وشم مشاعره عن جسده، يتنهد عن أعماقه محاولا بنَفَسِه الضعيف أن يحمل بين ثنايا أزمته عراقة الفلسفة، تراث سقراط، كتابة أفلاطون، طبيعة أرسطو وعجلة هيغل أو تمرّد نتشه؛ لكن بلا جدوى، عندها يفرك خده الاسلامي لعله يجد بين شعيرات لحيته ما ينقذه من الحد الالهي لسوط يجلد روحه بعنف، سوط أحبه رغم ما ينزله بفؤاده، سوط يكون دائما غدق بين قطع الليل الغريق، سوط يتكلّم حكمة فقط ليغطي وجه لا ينتسب للحكمة في أية صلة؛ هنا البداية تتجلى في ثوب العذراء، محاولة الأخذ بما يكون لها من نصيب تصنع مصيره عبر محياها، لكنها تأبى أن تكون هي، في الوقت الذي تطالبه هي بأن يكون هو.
يا أيها العالم عذرا فأنـا من ظلم نفسه: إن ما وقعت عليك صخرة ما فأخرج تلك الصرخة المدوية حتى يتزلزل ضميرك، فهي مريحة جدا، هي تزيح الكثير مع أنها يعلق بها الكثير أيضا، ليستريح الفرد الإنساني عليه أن يكون ميتا بين الأحياء، عليه أن يمتطي حصانا أعمى، عليه أن يكون جاهلا يما يدور فيه وبه، وعليه أن يترك ذاته في ظلمتها ليقف في طابور الخبز فقط.
لمّا رجعتُ إلى التاريخ وحاولتُ جمع أوصاله حملتُ في نقاطه المظلمة دهشة ليست كغيرها، إذ أنّ هفوات بشرية هي التي حملت عناء تذكير البشرية ببشريتها عبر تغييرها لتفاصيل الوجه الأممي للعالم؛ لم أصدّق نفسي عندما وجدتُ بشرا عظماء ينثرون عظمتهم على تفاصيل بسيطة للغاية، يجعلون من ألقابهم في مهب الرياح لا لأمر سوى لأنهم قصدوا ما يريدون ولو كان مهلكا لهم ولمن معهم.
ما أسلم الناس عندما يعودون إلى غرقهم الباهي بلا تردد أو رجوع، هي الكلفة التي تصنع الإنسان، هي القدرة الكامنة التي قد تتحرّك في أية لحظة، في لحظة الصراخ ذاك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت