الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد ودور السلطات الثلاث في دحره

صادق الازرقي

2015 / 7 / 4
المجتمع المدني


لست ضليعاً بالقانون، وفي الحقيقة ان ما يعنيني منه مثلما يعني جميع العراقيين باعتقادي، هو الشؤون الحقوقية التي تعنى بقضايا الناس وتحقيق ومتابعة متطلبات الامن والرخاء لهم، وواحدة من مسببات الاستقرار والرفاه في أي مجتمع، خلوه من الفساد بنوعيه المالي والاداري؛ ذلك الوباء الذي ادى ويؤدي الى الكارثة التي تتواصل معنا ليلاً ونهاراً من دون أي بارقة امل للفكاك منها.
وازاء المطالبات المتواصلة بقطع دابر الفساد و حسم الملفات التي يجري التحقيق فيها، وتلك التي توضحت نتائجها ولم يتخذ في اكثرها أي اجراء بتطبيق العقوبات بحق مرتكبيها، ومع المطالبة بمنع سفر المتهمين بالفساد، فان قضاة عراقيين المحوا الى ان قرارات منع السفر بحق المتهمين "جوازية" وتتخذ بعد صدور أوامر إلقاء القبض، وعزوا استمرار بعضها إلى الخشية من هرب المتهم مستفيداً من قرار الإفراج بكفالة الذي قد يصدر بحقه، واشاروا الى أن هذا الأجراء ساعد في القبض على العديد من المطلوبين لا سيما المتورطين بملفات الاختلاس.
ونحن نقول هنا اذا كان منع السفر قد افلح في تحقيق نتائج مرجوة على صعيد القبض على المفسدين والفاسدين بحسب ما يصرح به القضاة، واذا كانت العبرة بالنتائج، فلماذا نضع العصي في طريق تنفيذه بالتلميح الى ان قرارات منع السفر اختيارية وانها لاحقة لصدور الحكم؛ اذ من المعلوم ان الدول التي تسعى الى وضع معالجات حقيقية لهرب المسؤولين الذين تثار حولهم الشبهات تمنع سفرهم فوراً بمجرد حتى ظهور اخبارهم لدى الرأي العام، مثلما حدث في مصر ابان انتشار الدعوات لتقديم المسؤولين عن اطلاق النار على المتظاهرين الى القضاء، ما ادى الى اصدار قائمة بأسماء الممنوعين من السفر منهم، ومثل ذلك تفعل جميع الدول التي تحترم نفسها، اذ ما الضير في ان ينتظر المتهم ويمنع نفسه من السياحة لبعض الوقت لحين الفراغ من اجراءات النظر في القضية وصدور الحكم، ثم يتمتع بسفره انى شاء اذا صدر قرار ببراءته و اذا كانت صفحته بيضاء؛ اما اذا كان مصراً على السفر قبل ذلك فهو امر مريب لاسيما اذا ما علمنا ان كثيرا من المسؤولين في العراق قد امنوا اوضاع سكنهم في الدول الاخرى التي تكفل لهم التهرب من العقاب، اذ اشتروا بيوتاً وشققاً في بلدان اخرى تؤويهم بعيداً عن مطالب القضاء، كما ان لكثير منهم امتيازات خاصة في البلدان التي يرحلون اليها بفعل حملهم لجنسياتها، تمنع من مساءلتهم اذا تحججوا بذلك.
الغريب، ان رجال القضاء العراقي يعرفون بالنتائج الخطيرة المترتبة على بقاء حق السفر للمتهم، فحذروا من هرب المتهم مستفيداً من فقرات قانونية منها اطلاق السراح بكفالة، فلماذا لا يحرك القضاء ذلك ويربط المتهم بالبقاء ما دامت القضية معروضة عليه خصوصا ان الجميع يعلم المدى الذي وصل اليه الفساد في العراق الذي يستوجب المعالجة العاجلة لأنه السبب المباشر لجميع كوارثنا.
وبملاحظة تجارب بعض الدول التي حدثت فيها امور مشابهة لنا، يمكن لنا ان نتبين الاجراءات القاطعة في مكافحة الفساد والمفسدين ففي روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي انتشر الفساد بصورة هائلة، الى الحد الذي ظهرت مافيات تتعامل مع اطباء ومستشفيات تقوم بقطع الطريق على الناس في الشوارع وسرقة أعضاء من أجسادهم؛ غير ان الوضع الذي اعقب مجيء القيادة الروسية الحالية المتمثلة بالرئيس الروسي بوتين ورئيس الوزراء ميدفيديف سرعان ما وضع حداً لذلك، واعاد الى روسيا كرامتها ومجدها، الى الحد الذي بات العالم بأجمعه يحترمها ورئيسها ويشير لهما بالبنان، وغدت روسيا من جديد لاعباً رئيساً في الاحداث العالمية.
ما يهمنا نحن هو المثل الذي يجب ان نتخذه عبرة والتمعن في السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ كيف تغلبت روسيا على جراحاتها وكيف توصلت في وقت قصير في عمر الزمن الى معالجة ابرز مشكلة ارقت الشعب الروسي اثر انهيار الاتحاد السوفييتي ونعني بذلك الفساد؟
لقد شرع في ظل القيادة الروسية الجديدة من ضمن ما شرع، القانون الذي يمنع على المسؤولين والموظفين الكبار في الدولة وأعضاء مجلس الدوما ومجلس الاتحاد ومسؤولين آخرين، حيازة حسابات مصرفية وودائع وأصول خارج البلاد؛ وأقرت الدوما الروسية "البرلمان" القانون ونفذ بحزم، اما الذين لم يتخذوا الإجراءات الضرورية لاحترام هذا القانون فقد تعين عليهم أن يستقيلوا او يقالوا من وظائفهم، واستقال عدد من المسؤولين منهم نائب وزير الاتصالات بسبب حيازة زوجته حساباً مصرفياً في الغرب، وقد بوشر على الفور باتخاذ الإجراءات الفورية ضد أولئك الذين يحتازون الأموال ويسافرون للتمتع بها على حساب الكادحين بحسب تعبير القضاء الروسي، و جرى منع المشبوهين من السفر، و قال كيريل كابانوف رئيس لجنة مكافحة الفساد في روسيا تعليقا على هذا القرار، ان "الناس الذين يولون أهمية أكبر لرفاهيتهم في البلدان الغربية هم الأكثر تهديدا للدولة، وهم يشكلون في غالبيتهم تهديداً لسلطة الرئيس".
اما الرئيس الروسي بوتين فصرح انه "لا يجوز أن يكون هناك مسؤولون لهم حصانة في هذا المجال وانه لا يوجد حالياً في روسيا من لا يمكن المساس بهم في إطار قضايا الفساد"، مردفاً "لن تسمح أي دولة تحترم نفسها بأن يستعمل المال الأجنبي داخل البلاد في الصراع السياسي".
ومن المهم ملاحظة انه في استطلاعات رأي الروس بشأن السبب الفاعل الذي لجم الفساد في روسيا، التي اجراها "مركز بحوث الرأي العام لعموم روسيا"، فإن معظم الشعب الروسي يعتقد أن كلاً من الرئيس ووسائل الإعلام ووكالات إنفاذ القانون اسهموا في حملة مكافحة الفساد.
فمتى تنجح سلطاتنا التشريعية والتنفيذية والقضائية في مقاضاة الفاسدين والمفسدين وانزال العقوبة بهم وتخليص الناس من شرورهم كي يسلك البلد طريقه القويم؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟