الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المطلوب أن يحمي القانون الكذب المتعمد ؟!!!

خالد الكيلاني

2015 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في شريعتنا الغراء وفي كل الشرائع يعتبر الكذب من أكبر الكبائر ... فما بالك بمن ينشر أخباراً كاذبة متعمداً أن تمس قواته المسلحة وهي في حالة حرب مما قد يؤثر على سير المعركة ، أو يحدث بلبلة في الجبهة الداخلية ، أو يتلقفها الأعداء في الخارج لإعادة إنتاجها وتوجيهها ضدنا .

لقد حاولت طوال الأيام الفائتة أن أنأى بنفسي عن الدخول في المهاترات الدائرة حول المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب عندما وجدت قامات صحفية وقانونية - منهم أصدقاء أعتز بهم ، وعلاقات صداقة قاربت الثلث قرن - تهاجم القانون وهي تعلم - من المستحيل ألا تعلم - أنه متسق مع الدستور ومتوافق مع ظروف الحرب التي تخوضها قواتنا المسلحة الباسلة ضد الإرهاب ليس في سيناء وحدها لكن على جبات عديدة يسقط فيها يومياً عشرات من الشهداء سواء في القوات المسلحة أو الشرطة أو من رجال القضاء أو حتى في مدنيين .

ولأن معظم الناس لا تفهم القانون، ولأن أحد أهم نضالات الصحفيين طوال نصف القرن الماضي هو إلغاء الحبس في جرائم النشر فقد التبس الأمر لدى البعض منهم ، ولكن ما استفزني هو دخول الصديق العزيز يحيى قلاش نقيب الصحفيين على الخط لاعتبارات انتخابية وردوده الغريبة على الزميلة هناء عصام في الفضائية المصرية أمس ، وهو الرد الذي لم أقرأ فحواه في صفحة الزميلة Hana Essam سوى منذ قليل .

فالزميل يحى قلاش كان عضواً في لجنة التشريعات الصحفية منذ عدة سنوات بصفته سكرتيراً عاماً ثم وكيلاً للنقابة ، ويعلم - أشد العلم - أن هناك جرائم لا يمكن إلغاء الحبس فيها واستبدالها بالغرامة لأنها من جرائم القانون العام ، وهناك جرائم أخرى يطلق فيها للقاضي حرية الإختيار بين الحبس والغرامة مثل جرائم السب والقذف عن طريق النشر .

كما أن الحماية القانونية من الحبس يمكن أن تفهم في إطار حسن نية الصحفي وجهله وعدم تحريه الدقة - وإن كان هذا يسقط عنه صفة الصحفي - لا حمايته في تعمد نشر أخبار كاذبة ... وأكرر " تعمد " ، لأن هذا هو ما جرى عليه نص المادة 33 من مشروع القانون ... لأنني يمكن أن أقبل على مضض ألا يحبس الصحفي الكذاب باعتبار أن الكذب قد أصبح فضيلة الآن في هذا البلد السعيد !!! ... ولكن أن يحمي القانون الصحفي الكذاب الذي يتعمد الكذب !!! ، فتلك والله أعجوبة من أعاجيب الصحافة في مصر الآن !!! .

وبالتالي فالمادة 33 من مشروع قانون مكافحة الإرهاب ليست مخالفة للدستور الذي يحظر الحبس في قضايا النشر ، وقد ترك المشرع الدستوري للقانون مهمة تحديد ماهية النشر الذي لا تتحقق معه عقوبة الحبس واستبدالها بالغرامة ... والمادة تتحدث عن شرطين لتطبيق الحبس في هذه الجريمة هما :
1 - " تعمد " نشر أخبار كاذبة ، أي لابد من توافر قصد خاص وهو نية نشر أخبار كاذبة بطريقة عمدية .
2 - أن تكون تلك الأخبار الكاذبة متعلقة بالأفهال والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب .
أي أن أي خبر كاذب تم نشره في - حتى لو كان متعمداً - في أمور لا علاقة لها بمواجهة الإرهاب لا خبس فيه .
وغني عن الذكر أن النيابة العامة هي المكلفة بإثبات ركن العمد وإقناع المحكمة بتوفر نية العمد والإضرار بالمصالح العليا للبلاد .
يعني لو حضرتك نشرت بالكذب إن كيلو البامية ب 30 جنيه وهو ب 3. جنيه فلا تثريب عليك ... وهكذا .

وهناك كذبة كبيرة يروجها بعض الصحفيين وبعض القانونيين ويصدقها بعض الناس الطيبين مفادها إن مفيش حبس في قضايا النشر ، وهذا كلام عاري من الصحة تماماً لأن جريمتي السب والقذف عن طريق النشر معاقب عليهما بالحبس في ظل الدستور الجديد أيضاً ... فليس من المعقول أن تنسب لشخص جريمة ما أو تقذف في شرفه وسمعته وتطلب حماية القانون ؟!!! ... وكذلك كل الجرائم المضرة بالمصلحة العامة التي تتم عن طريق النشر ، وإلا أبحنا جرائم التجسس والخيانة عن طريق الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية.

وحصانة الصحفي أثناء أداءه لعمله - ككل الحصانات - ليست مطلقة ، ولكنها مقررة لحمايته تجاه تعسف سلطات الدولة في حجب المعلومات عنه ، وحتى لا يكون عرضة للحبس إذا ما كتب خبراً كاذباً وهو يعتقد أنه صحيح.
وقد نظم القانون طرق تكذيب وتصحيح الخبر الكاذب .

وفي كل دول العالم يحمي القانون الأسرار العسكرية حتى في وقت السلم ... فلا تستطيع صحيفة أو قناة في فرنسا أو في أمريكا مثلاً أن تذيع أخباراً عن تحركات القوات أو تسليحها أو تدريباتها ، أو عن تطوير نوع معين من الصواريخ أو الرادارات يتضمن كشفاً لأسرار عسكرية ... ويتوسع هذا الحظر أثناء حالة الحرب .

وعلى السادة الزملاء الصحفيين والمحامين أن يجهدوا أنفسهم قليلاً في مطالعة قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي المسمى بال patriot act الذي أقرته الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وسوف يجدون أن قانون مكافحة الإرهاب المصري يعد برداً وسلاماً بالنسبة للقانون الأمريكي ... وطبعاً أنتم جميعاً تذكرون معتقل جوانتانامو الذي كان يحتجز به المشتبه فيهم سنوات طويلة دون محاكمة وبطريقة لا أدمية ... وبالطبع لا أحد في مصر يريد هذا أو يتمناه ... لكن للحرب ضروراتها وللإرهاب إكراهاته .

أرجوكم كفى مزايدات علينا باسم الحرية والديمقراطية التي لم يدفع معظم المزايدين ثمناً للدفاع عنها يوماً ما ... وكل من دفعوا هذا الثمن هم الذين يخافون الآن على وجود الدولة ويصطفون وراء جيشهم في حربه ضد الإرهاب .
#لا_حرية_لكذاب_ولا_لجاهل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط