الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحيوان المتذاكى !!

جمال رفعت

2015 / 7 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لطالما كان الإنسان دائم الفرار من الحقيقة ، الحقيقة دائمآ تجعله يشعر بعجزه و محدوديته و قصور معرفته ، فيقوم بكبريائه كرد فعل بتزييف الحقائق ، حقيقته و حقيقة ما حوله ، الحقيقة التي يجهلها .
بمجرد إنتصاب هذا الحيوان علي قائمتيه و بدأ الغرور يملئه ، شعو بالتميز و الأفضلية عن غيره من بقية الحيوانات و الكائنات الاخري ، شعور لم يؤيده او يسانده الواقع ، فتعرض هذا الحيوان المتذاكي حديثآ ، للتصادم مع حقيقته التي تقيده و لا مفر منها ، فهو كائن محدود وقتي لا شئ يميزه عن ما حوله من كائنات. فكانت تلك الصدمة النفسية ، قيود المفر الوحيد منها هو تجاهلها و خلق حقائق وهمية تساعده في إكتساب قيمته و قيمة وجوده ، فتميزه عن غيره ببعض الذكاء ، و سيره علي قدمين و تحرير يديه لا يمكن ان يضيع هباءً .
احتفظ هذا الحيوان المتذاكي بطبيعته الغريزية التي لا مفر منها بالطبع و لكنه حاول تحديث إجتماعيته بإجتماعية جديدة بها افكار جديدة تتناسب مع مكانته الجديدة .
كانت خطوات شبه عشوائية و لكن لم يكن ليحدث غيرها !! فهو الحيوان الاول الذي بادر بإتخاذ تلك الخطوات الخطيرة .
حرر يديه
سار علي قدميه
شعر بالتميز
تعرض للاصطدام بواقع جامد لا يرحم لا يغير من نفسه لأجل غيره كما انه يهدد وجوده في اي لحظة
اختلق اجتماعيات جديدة لنوعه
بدأ ينظر بتعالي علي اقرانه من الحيوانات كما انه قد اتخذها طعام له و عقد معاهدة سلام مع بنو جنسه
صنع الاخلاقيات التي تميزه عن البقية تنظم الحياة وسط تلك الجماعات التي كونها
و اخيرآ بعد صراع و عمل شاق بدأ بالجلوس ليأخذ قسط من الراحة و بدأ ينظر لأعلي .
بدأ الحيوان المتذاكي يفكر فيما هو ابعد و اخطر ، ماذا يوجد هناك في الاعلي !! من اين اتت تلك كل الاجسام المنيرة هناك !! و ما سبب الاختلاف بين هناك و هنا !! و من اوجد كل هذا !!!
و بدأ يتذكر ايضآ اقربائه الذين لم يعدون يتحركون مثله و اصبحوا كالحجارة الساكنة لا يتحركون و لا يتنفسون و لا يصيحون كما كانوا ، ففهم انه موت !! فتسائل لماذا يموتون !! و ماذا بعد الموت !!
و هل هناك خارج تلك البقعة من الارض اخرون يتسائلون مثله الان !! و هل حصلوا علي الاجوبة !! ام انه الوحيد العاقل في ذلك العالم !!
مسكين هذا الحيوان ، خرج من رحم الارض ليواجه كل ذلك بمفرده . يطرح اسئلة لم يعد في مقدرته ان يسكتها و في المقابل لم يستطع ان يجد اي اجابة لأسئلته تلك ليريح وجدانه .
فقرر ان يجيب ببدائية عن الاسئلة ، بدأ يتخيل و يمنطق خياله ، فصنع بمخيلته كائن أعلي خلق كل ما يراه من حوله سواء في الارض او السماء ، قرر ان يعطي حياته الوقتية معاني عديدة ، رفض فكرة الفناء فصنع حياة اخري بعد الموت ليظل خالد و لو بصورة و بطبيعة اخري ، صنع مفاهيم جديدة كالخير و الشر كما انه صنع جنة و نار لمحاسبة فاعل الشر و مجازاة صانع الخير ..
كل ما فعله الانسان منذ وجوده و و بزوغ وعيه كانت مجرد محاولات لا تعكس قوته بقدر ما تعكس ضعفه و حيرته من عبثية اتت به و وجود يشقيه و نهاية حتمية ستقضي علي كل ما فعله و ما سيفعله من تطور بيولوجي و حضاري و علمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت