الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة والتنمية وخداع الأتباع لخدمة الأعداء -3-

اسماعين يعقوبي

2015 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



لا يمكن عزل تقبل أنصار حزب العدالة والتنمية لكل المخططات اللاشعبية التفقيرية عن مسار وتكوين الحزب اتجاه المطالب الاجتماعية، والتراتبية السائدة داخل الحزب والاطارات التابعة له وكذا الواقع الحالي للسياسة والنقابة في المغرب.
فالأصوليون وعلى امتداد عشرات السنين، أعلنوا صراحة عداءهم للعمل النقابي والمطالب الاجتماعية وانخرطوا مع الدولة في ضرب الحركات الاجتماعية والنقابية على وجه الخصوص.
وكانت المبررات مختلفة لكن الغاية واحدة وهي إضعاف اليسار وخصوصا بالجامعات، حيث اعتبروا النقابة بدعة والبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
لم يتغير سلوك الحركات الأصولية اتجاه العمل النقابي إلا بعد تيقنها من استحالة ضربه من الخارج، فانخرطوا في عملية نخره من الداخل وتأسيس نقابات موازية تتبنى العمل النقابي كتكتيك لاستمالة المتعاطفين وانتظار فرصة الإجهاز عليه كليا.
كما أن عقلية الشيخ والمريد السائدة داخل الحزب والإطارات التابعة له، جعلت القاعدة أتباعا دون فكر، فالمواقف والسياسة والنقابة تخضع لمنطق شيخ يفتي وقاعدة تتبع بعيدا عن أي فهم أو نقاش عميق للأشياء.
وقد لعب القادة السياسيون والنقابيون الحاليون دورا حاسما في تقبل قاعدة العدالة والتنمية ومجموعة من المتعاطفين معها لهاته القرارات اللاشعبية.
ففساد هاته النخبة وتاريخها الانتهازي في العمل النقابي والسياسي سهل الأمر أمام الدولة والحزب لتمرير وتقبل هاته الاجراءات.
فالحزب لا يجد أدنى صعوبة في التهكم على بعض معارضيه الذين نهبوا البر والبحر والسماء، كما تفنن في اذلالهم في جلسات البرلمان ومجلس المستشارين، مما رفع من شعبية الحزب وخلق إيمانا وهميا بأن الحكومة فعلا تحارب الفساد، وأن المعارضة حاضنة له بل وأن خرجاتها السياسية والنقابية هي من أجل تحصين مكاسبها من الفساد وإطالة عمره.
كما أن التكوين البئيس لقاعدة ومتعاطفي الحزب، سهل مأمورية تضليلهم بخلق معارك جانبية وخرجات مدروسة لطرفي الاستغلال، فما أن تهدأ حرب مع شباط حتى تبدأ أخرى مع العماري، وما أن يسكت الإعلام عن قضية التنورة حتى تلوح في الأفق قضية "القوادة"...
إن الاتفاق المبدئي بين أطراف الاستغلال على حصر الصراع ثنائيا، أي صراعا بين العدالة والتنمية وبعض أطراف الحكومة وبين الأصالة والمعاصرة وبعض أطراف المعارضة، يجعل مهمة الاختيار تتجه إلى أخف الضررين.
فرجالات العدالة والتنمية يتباهون بأكل البصارة، والتنقل في وسائل النقل العمومية التي تجعلهم الأقرب إلى الشعب، كما أن ملفاتهم في الفساد شبه فارغة لحداثة تسييرهم للشأن العام وليس لنزاهتهم أو تعففهم كما يحاول البعض تسويقه، حيث إن بعض الملفات تروج أمام المحاكم يتابع فيه أطراف من الحزب بتهم تبذير الأموال العامة وعقد صفقات مشبوهة وما سيأتي سيكون أعظم.
وحين يعجز الخطاب السياسي الشعبوي عن التحكم في القواعد، يتم اصطناع معارك دينية تمس اعتقاد المغاربة الضارب في التاريخ والذي يصبح معه المغربي أو المسلم مستعدا للموت أكثر من استعداده للحياة.
فاختلق ملف المساواة في الإرث، وقضية الإعدام، والحريات الفردية من قبيل أكل رمضان أو الحرية الجنسية أو التهجم على الذات الإلهية أو السكر العلني...، ملفات تهيج قاعدة الحزب والمتعاطفين معه وتجعل أي نقاش عقلي غائبا والانقياد الأعمى للحكومة واجبا دينيا.
كما أن المضلومية التي يتغنى بها الحزب ووجدت صدى لها لدى الأتباع تساعد في استمرار الانقياد الأعمى، فالحزب يسوق لديهم أنه حامل لمشروع الرخاء والازدهار ومحاربة الفساد لولا التكالب الذي يتعرض له من طرف الدولة ولوبيات الفساد في شكل عفاريت وتماسيح.
وحين تنتفض بعض الأصوات دفاعا عن مصالحها، يصبح التخويف من الآت سياسة أخرى، فالمغرب يجب عليه أن يتمسك بنعمة الاستقرار التي تفتقده دول الجوار والمحيط، كما أن صندوق التقاعد لن يجد ما يؤدي به أجور المتقاعدين لذا على الجميع القبول بتحمل العبء والمساهمة في إنجاح الورش الإصلاحي.
هكذا إذن، فبدل الخوض في أسباب لا استقرار دول الجوار، وفي النهب الذي طال الصناديق، وفي الغنى الفاحش الذي يسود لدى الأقلية والفقر المذقع الذي تعانيه الأغلبية...، على الأغلبية المسحوقة أن تتقبل فساد الأقلية خوفا من الآت.
ان ما لم تستوعبه قواعد الحزب والمتعاطفين معه أن بعض السياسيين الحاليين والنقابيين هم أعداء للشعب وأن انتفاضات الشعب وصرخاته ونضالاته كلها موجة ضدهم، وأن مجموعة من المناضلين عانوا ولازالوا يعانون داخل الزنازن، وأن سياسة التعتيم التي تطال نضالاتهم وأمجادهم والتشويه الذي يطال وجودهم قد انخرط فيه الجميع: دولة، صحافة، أحزاب، نقابات...، لخلق طرفان رئيسيان في المشهد السياسي والنقابي، طرف حاكم يمرر جميع الاختيارات اللاشعبية، وطرف معارض يهيئ شروط الحكم لتنفيذ نفس السياسيات والاختيارات وان التقدم ومحاربة الفساد وأن توفير شروط العيش الكريم تستوجب أولا وأخيرا الخروج من هاته الثنائية التي استطاعت الدولة ترسيخها في الأذهان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة