الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بهم لأننا نتعلم منهم!!

محمود عبد الغفار غيضان

2015 / 7 / 13
كتابات ساخرة


في صيف 2014 كنت في كوريا. سمعت انا وزوجتي مواء متصلا طيلة الليل. في الصباح وجدنا "قطا" صغيرا جدا بين سور حائط الجيران وسور منزلهم. قررت زوجتي طلب شرطة النجدة لإنقاذه بينما شرعت انا فعليا في إخراجه مستعينا بعصا طويلة. أسميناه "تونة" وكان بهحتنا لعدة أيام ونظرا لسفري وساعات عمل زوجتي آنذاك وضعنا صورته على الانترنت لمن يريد أخذه. وبالفعل أخذته أسرة في اليوم التالي ولم تتوفف ابنتهم عن إرسال صوره إلى زوجتي بين الحين والآخر. العجيب أنه خلال حضور زوجتي إلى مصر في يناير 2014م وكنا نزور بيت أختي في المساء اهتممنا بكلبة وأولادها بمحض الصدفة وكنا يوميا نضع لهم العشاء وأذكر أني وضعت صورتها على الفيسبوك في تلك الفترة وكان اسمها "ميشو". بعد هذه التجربة أحضرت سلوى ابنتي قطا من المدرسة. حيث كانت المدرسة الكورية بالقاهرة قد ارسلت لاولياء الأمور استمارة رغبة في استضافة قط صغير. وبعد خمسة وأربعين يوما شرفنا ذلك القطيط الجميل.. أسميناه "ريو" تعلقنا به بجنون وملأ البيت مرحا وحركة. كان يعرف أني ساخرج لعملي فيسبقني إلى باب الشقة ويظل يتبعني ويقفز فوق أقدامي. وبمجرد وضع المفتاح في باب الشقة كان يحس برجوعي فيجري نحوي حتى أحمله. كل صباح كان يتسلق كتفي وينزل معي لمدخل العمارة حتى تستقل سلوى باص المدرسة. لكن بسبب سفري إلى كوريا في صيف ذلك العام اضطررنا لتركه في الفيوم وهناك ولأنه مختلف كان مرحبا به في كل بيوت الحي حتى لم نعد نراه إلا كل عدة أيام كما قالت أمي. مرت أيام وحضرت زوجتي وفي مطلع مايو الماضي شاهدنا من البلكونة كلبة وسبعة من أولادها الصغار في قطعة أرض فضاء خلفنا. لم نتردد. جهزنا لهم الطعام والماء وأصبح هناك موعد اعتيادي بين السادسة والسابعة مساء. كبر الصغار وعرفوا مدخل العمارة كما عرفونا وفي الموعد اليومي يجلسون امام المدخل يانتظار الطعام والماء. بجرون وبقفزون في سعادة غير خافية. عند وضع الطعام تنتظر أمهم حتى يفرغوا من الأكل لتبدأ هي. في الأيام الحارة كانت زوجتي تهتم بوضع زجاجتي ماء في الثلاجة لأجلهم. يتحركون كلما انكسر الظل ناحيتنا باتجاه شبابيك شقتنا وبلكونتها بحساسية مدهشة ويشرعون في نباح يشبه التحية ممزوجا بهز الذيول كنوع من الترحيب برؤيتنا من النوافذ smile emoticon قبل أسبوع تقريبا ولا أعرف السبب مرضوا جميعا. هل اكلوا من صندوق القمامة طعاما فاسدا؟ هل انزعج احد حراس العقارات منهم فوضع لهم السم؟ لكن كل العقارات المحيطة تعرف مدى اهتمامنا بهم ولا أظن أنهم سيقدمون على شيء مثل هذا. على اية حال. قبل ثلاثة أيام مات أحدهم بعد قيء وامتناع عن الأكل. دفنته في مكان قريب وأخفيت الخبر عن زوجتي وتعللت يوميا بحجج حتى لا تنزل معي وقت إطعامهم. لكنها لاحظت من الشباك جلوس أحد الكلاب في مكان ما لا يكاد يبرحه. كانت لا تعلم السر لكني كنت أعلم. فقد كان يجلس قرب قبر أخيه. يومان تقريبا توقف فيهما عن الأكل. مساء أمس اشتريت له "فيتامين" ومضادا حيويا ووضعته له في فمه بحقنة صغيرة. كان ينام في المكان نفسه حتى الصباح. لما طلعت الشمس لم نجده. فرحنا ظانين أنه تعافى! قبل نصف ساعة أرادت زوجتي التخلص من هواجس القلق عليهم. نزلت معي لنجده قد مات حزنا على أخيه. وفاء نادر بلا حدود. قد يضحك البعض ظانا اني ارستقراطي يبحث عن تسلية. يا سادة أنا رجل ريفي من أسرة عادية كل رأس مالها في الحياة هو المحبة والتسامح. عاش ابي عمره كله يعلمنا هذين الدرسين. فأمي تضع الاطباق البلاستيك كبيرة الحجم في فناء الدار وتفتح الباب لعابري السبيل من الماعز والأغنام تدخل لتشرب ثم تخرج وكأنها أحد أفراد بيتنا. مات الكلب الصغير حزنا على أخيه معلما أياي درسا يستحيل نسيانه. وعادت زوجتي باكية وما تزال.
اللهم اجعل قلوبنا عامرة بذكرك وشكرك وحسن عبادتك واغرس فيها دائما بعضا من فيض رحمتك الذي لا حدود له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع