الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة في فهم ظاهرة الإرهاب والإرهابي

الحايل عبد الفتاح

2015 / 7 / 22
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



لحد الآن لم يستطع أحد من مختلف الشعب والدراسات إعطاء تعريف شامل مانع لكلم الإرهاب و لكلمة إرهابي. ومن تم فالتعاريف المتعددة والمقترحة لكلمة أو صورة إرهابي أو الإرهاب ليست سوى محاولة إيجابية تعين الدارس والمهتم على تجلي خبايا الإرهاب والإرهابي...فكل الدراسات والبحوث والربرطاجات التلفزيونية التي اطلعت عليها وعلى حد علمي، أرى فيهامجرد محاولة لتقديم تعاريف تقريبية وصورة مبسطة لا تفي في الغالب بكل العناصر الفهمية لظاهرة الإرهاب والإرهابي...فهي غير مكتملة أو متضاربة أو منحازة أو لنشر ثقافة العداء ضد مجموعة معينة...
والسبب في تضارب وعدم اكتمال هذه التعاريف، في نظرنا، وعدم استقرار الجميع على تعريف واحد وتصوير جامع مانع هو بالأساس راجع لكيفة ونوعية ومناسبة تناول موضوع الإرهاب والإرهابي...
فهناك من تناول موضوع الإرهاب والإرهابي من جانب ظاهرة الإرهاب نفسها؛ ودرسها البعض الآخر وبحث فيها من جانب النتائج المترتبة عنهما؛ بينما درسها وبحث فيها غيرهم من الجاني الإجتماعي السكلوجي أو الديني أو الإقتصادي أو السياسي...
لكن الأسئلة الأساسية، في نظرنا، لتعريف الإرهاب والإرهابي وتصويرهما هو : هل يجب دراسة الإرهابي أو دراسة الإرهاب ؟ هل يجب دراسة المحيط الثقافي والديني والسياسي والإقتصادي للإرهابي أم لللإرهاب؟ وهل يجب دراسة وسائل الإرهاب أم ثقنيات الإرهاب ؟ وهل يجب دراسة ثقافة الإرهابي أو دراسة شخصية الإرهابي نفسه...؟ هل سبب الإرهاب يوجد في الإرهابي أو في ثقافة المجتمع الذي شب وترعرع فيه ؟؟
بداية، لابد من القول أن كل المواضيع التي لها صلة بالإرهاب والإرهابي هي مواضيع مهمة وفي الصميم وأن إهمال دراسة معينة في موضوعهما هو إهمال قد يؤدي إلى الغلط أو الخلط في فهم ظاهرة الإرهاب والإرهابي من جوانب معينة...وأنه مهما وصل تقدم الدراسات في موضوع الإرهاب والإرهابي، فالإرهاب والإرهابي سيبقيان ظاهرتين مستعصيتين عن الفهم لدى الدارسين لارتباطهما بالعلوم الإنسانية الغير الدقيقة والغير المستقرة القواعد بفعل الإهمال الذي طال العلوم الإنسانية طيلة حقبة طويلة من تاريخ البشرية...
لكن هذا لا يمنعما من أن ندلي برأينا في موضوع الإرهاب والإرهابي من زاوية معينة ألا وهي الدافع والوازع للقيام بعملية إرهابية...
ومن تم، في اعتقادنا، فدراسة الدافع والوازع للقيام بعملية إرهابية ومعالجة هذه الدافع والوازع يبقى هو الموضوع الأساسي والمهم للوصول إلى استئصال الإرهاب والقضاء عليه أو الوقاية منه...
بداية يجب القول أن التجارب والواقع أتبث أن ظاهرة الإرهاب والإرهابي لا يوجد ورائها دافع واحد وأوحد، بل هناك عدة دوافع تختلف باختلاف شخص الإرهابي ونوع الإرهاب المقترف. وأن تعدد وتنوع دوافع القيام بالإرهاب تستعصي عن الجرد والتتبع والحصر...ومن تم فالدافع للقيام بعملية إرهابية يوجد من بين العديد من الدوافع المختلفة والمتنوعة ومن بين العديد من المعطيات الواقعية الشخصية والثقافية والسياسية والدينية المحيطة بالإرهابي...
فكثير من الإنفجارات الإنتحارية أو الإستشهادية أو الإرهابية تضل ظاهرة لا تجد تفسيرا واضحا لدى العديد من الدارسين والباحثين والمتتبعين...كل مفسر أو دارس يعطي رأيه من موقعه الإجتماعي ومن مجال تخصصه ومصالحه الشخصية وثقافته المتراكمة في عقله وتجاربه...
لكن مع مرور الزمن وتكرار الظاهرة يتجلى للدارس أن الإرهاب هو ظاهرة إنسانية لها دوافع وقوعها ووسائل تحققها وطرق الوقاية منها...
فعلا، دراسة موضوع دوافع الإرهاب والإرهابي لن يكون في هذا المقام سهلا ولا شاملا لكل المواضيع المتعلقة بالدوافع...ومن تم فدراسة الإرهاب في هذا المقام هي فقط محاولة لتبيان بعض الدوافع المحيرة للعديد من الناس ومن القائمين على سلطة إدارة المجتمع...
قبل التفصيل لابد من تعيين منهجية للبحث لنفرز الجوانب المتعلقة بالدافع الإرهابي قبل التصرف الإرهابي نفسه...
ومن تم يجب التمييز بين الجانب المتعلق بفكرة الإرهاب والجانب المتعلق بالقيام بالإرهاب أي التصرف.
فالتفكير في شيء ليس هو عمله أو التصرف وفقهl’idée n’est pas l’action . ومن هنا نقيم فرزا أوليا بين عملية توليد فكرة القيام بعملية إرهابية والتفكير في القيام بتصرف إرهابي.
فالتفكر ليس هو التصرف. فما بين تولد الفكرة وتطعيمها وتطورها إلى حين البدء في تنفيدها مراحل متعددة...هذا المنحى يذكرنا بمراحل وقوع الجريمة الجنائية وما وصل له علم الإجرام...
إذن فما هو الدافع أو الوازع الذي يدفع بإنسان إلى تبني فكرة الإرهاب أو أن يصبح إرهابيا ؟
هنا تظهر، قبل تفصيل التفصيل، فكرة فرز ما هو معتبر بمتابة إرهاب وما لا يعتبر بمتابة إرهاب. بعبارة أخرى ما هو التصرف الذي يجب تحققه لكي نعتبر الشخص المقبل عليه إرهابيا ؟ هل التصرفات بدافع الدين أو الإنتقام أو التخدير أو الغيرة، أو المنافسة أو الحرمان، أو الفقر ...؟؟؟
وهنا تخطر في الذهر أسئلة أخرى واسعة وشاسعة : " هل الإرهابي هو شخص مريض ؟". وما هو نوع المرض إن اعتبرناه مريضا ؟
أما إذا اعتبرنا الإرهابي إنسانا سويا وصحيحا فصيحا وعلى حق، فبأي معيار أخدنا حين ذاك ؟
فكما تتصورون وتفهمون فهذه أسئلة تطرح بحدة في موضوع شخص الإرهابي. وهي أسئلة تتطلب أجوبة قاطعة ومحددة وواضحة. ومن المستحيل الجواب عنها بالتحديد والدقة العلمية التي لا تدع مجالا للشك أو التفسير المشكوك فيه. والسبب في ذلك هو أن الإرهابي يقوم بفعلته بغثة وفجأة بدون سابق إنذار. هذا يعني أن الإرهابي لا يمكن غيره من فهمه قبل قيامه بعمله أو تصرفه الإرهابي. فمن سابع المستحيلات أو عاشرها أن يعرض إرهابي نفسه على دراسة أو معهد متخصص في علم الإجرام قبل إتيان عمل إرهابي.
ومن تم فدارس الإرهاب والإرهابي لا يمكنه الإحاطة بمعطيات نفسية ودوافع الإرهابي في الحاضر، بل الإحاطة بوجود دوافع إرهاب تتم بعد وقوع الفعل الإرهابي الذي وقع فعلا في الماضي أو المحتمل وقوعه في المستقبل... فالإرهابي لا يمكن غيره من فهم دوافعه إلا بعد القيام بعمله الإرهابي...أي أن فعل الإرهاب يقع فيتمكن الدارس من محاولة فهم ما قبل عملية الإرهاب وما بعدها لكن دراسة الإرهابي في لحظة القيام بالإرهاب هو من قبيل المستحيل...فلحد الآن لم يحضر إرهابي إلى مخفر الشرطة ليخبرهم بأنه سيقوم بتصرف إرهابي سببه كذا ودافعه هو كدا وكدا ثم يقوم فعلا بالعملية الإرهابية...لأن غالبية الإرهابيين يتوفون أو يموتون بعد العملية الإرهابية أو تصفيهم السلطة القائمة أو يختفون بدون رجعة...
فلو قدر لنا معرفة دوافع إرهابي في الحاضر في لحظة قيامه بعمله الإرهابي لفهما سر الإرهاب بدون شك وقضينا عليه أو اتقيا شره أو لحتى تفاوضنا معه لتنجب أضرار خطيرة وآلام عميقة...
الغير المفهوم من طرف كل الدارسين هو جوابهم عن السؤال التالي : هل كل الناس إرهابيون غلى أن تتبت براءتهم...أو أن كل الناس غير إرهابيون إلى أنت تتبت إرهابيتهم ؟
أعتقد بصدق وقناعة أن الإرهابي هو أنا وأنت وهو وهي ونحن وأنتم...ومن المحتمل أن يكون إرهابيا من لا نعتقد فيه ذلك وقد لا يكون إرهابيا من قد نعتقد فيه ذلك...
للخروج من الحرج والشبهة يجب احتمال أن كل إنسان مهما كانت ثقافته ومهما كانت ديانته ومهما كانت أفكاره ومهما بلغ من السذاجة مبلغا ومن الثقافة منزلة ومن الذكاء موقعا ومن الغباوة مركزا يمكن أن يصبح إرهابيا في ساعة معينة غير موقوتة...
هنا سنطرح سؤال فلسفي آخر لا بد من أن نجيب عنه قبل متابعة هذه الدراسة البسيطة. والسؤال هو : هل نحن مخيرو ن أو مسيرون ؟
مخيرون فيماذا ؟ ومسيرون فيما ذا ؟
ففي الثقافة العربية والإسلامية وحتى الغربية تستحضر فهمنا المقولة النبوية القائلة : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهو عليه".
ففي هذه الثقافة الإنسانية المشتركة بين بيني البشر يتجلى شخص الإرهابي من بعض الجوانب وتتضح دوافع الإرهابي الأولية الظاهرة...
فالإرهابي قد يكون هو ايضا ضحية الخطأ أو النسيان أو اللإكراه.
وهنا تتشعب الدراسة وتتطلب تفصيلا فرعيا ينصب على تتبع العلم الحقيقي في تفسير وتعريف الخطأ وتعريف النسيان وتعريف الإكراه.
والسؤال الذي يدخل في سياق دراستنا نحدده كما يلي : هل الإرهابي بالمقاييس العلمية مكره على فعل الإرهاب أم ناس للعواقب والنتائج الترتبة عن الإرهاب أم خطأ في تقدير الأمور قبل الإقبال على الإرهاب ؟
الجواب عن كل سؤال يتطلب بحثا في :
- المعايير العلمية لمعرفة وقياس الخطأ الذي يقع فيه الإرهابي.
- المعيار العلمي لمعرفة وقياس نسبة النسيان ونوع النسيان الذي يقع فيه الإرهابي.
- المعيار العلمي لمعرفة نوع وقياس الإكراه الذي يتعرض له الإرهابي قبل قيامه بعمله الإرهابي.
هذه أرضية تتطلب منا بحثا آخر وجهدا ماديا ومعنويا ودراسة مستفيضة لا يمكننا بدلها في هذا الحيز الزمكان...
وكما يلاحظ القارئ، فنحن في هذه التفاصيل الجزئية نركز على الإرهابي في موقعه كموضوع كمادة للتحليل الخارجي أي كتحليل لشخصيته الخارجية الظاهرة...
فلنستمر في التحليل الخارجي لللإرهابي قبل الخوض في التحليل الداخلي الشخصي النفسي السكلوجي...
فعلا الإرهابي تتحكم فيه معطيات خارجة عن ذاته وعن إرادته...فما هي هذه المعطيات الخارجية الظاهرة ؟
فتكوينه الثقافي ومحيطه الواقعي وموقعه في الهرم ا|لإجتماعي يبرز في الغالب قبل بروز عناصر أخرى في تكوين فكره الإرهابي...
فمستواه الثقافي يحدد فهمه لظاهرة الإرهاب...وتأثير من محوله في تفكيره الإرهابي يحدد فهمه للآخرين، ومستواه الإجتماعي يحدد حدة احتياجاته المجتمعية وشهيته الواقعية...
باختصار فالإرهابي يتأثر بما يحمله من ثقافة ويتأثر بموقعه كفرد داخل جماعة معينة بمركزه الإجتماعي المادي النقدي...
فإن اجتمعت في شخصه عناصر الكبث والمعانات والإكراه والإحساس بالغبن وظلم والفساد والفقر...فهو من المتوقع، وفي أي لحظة لا يمكن تحديدها، أن ينتقل من مرحلة التفكير الكرهي إلى مرحلة الفعل الحر المبني على القناعة...
قناعة الإرهابي بأن غيره يظلمه أو يفقره أو يستبد به ( أو باجتماعها كلها في شخصه ) يجعله في قطيعة معه بل سيولد لديه فكرة الإنتقام منه بواسطة عملية إرهابية...
فمن المسلمات الواقعية والعلمية أنه أينما وجد وكثر الظلم والإستبداد والإضطهاد والدكتاتورية إلا وكثر وانتشر الإرهاب، وبالتالي وجد الإرهبي وكرا يقيه فكريا وواقعيا...بمعنى مضاد أنه أينما وجد وكثر الإنصاف والعدل الإجتماعي وتحققت شروط تطبيق الديمقراطية إلا وقل الإرهاب وتوارى الإرهابي عن الأنظار...
فالعلاقة الجدلية بين الواقع والفكر الإرهابي هي علاقة ثابتة ومعطى موثوق منه...
ومن تم فنسبة العمليات الإرهابية بالدول الدكتاتورية والإستبدادية ترتفع بالمقارنة مع نسبة العمليات الإرهابية بالدول الديمقراطية أو الدول التي تعترف لأفرادها ولو نسبيا بحيز محترم من حقوق الإنسان...فالظلم الإجتماعي يولد الحقد الإجتماعي؛ وكل مظلوم ومضطهد ومستبد به يكون قناعة خاصة به في مواجهة الظالم والمستبد والمضطهد ( بجر الهاء)...
فالإرهابي يرتب ويركب أفكاره أو نسق فكره بناءا على المعطيات والتصورات التي تلقاها ويتلقاها عن الحكم والحكام، عن الدين والمتدينين، عن الله وعن الكون، عن السياسة والسياسيين، عن الظالم والمظلوم، عن العدالة والعدل والعادل...
ففكرة الإرهاب لا تأتي من العدم ولا هي وليدة لحظة معينة في الزمن الإرهابي...بل هي نتاج تلاقح بين مجموعة من الأفكار والأحاسيس الواقعية الملموسة...
حينها وكجواب عن السؤال السابق نؤكد بأن الإرهابي كإنسان ليس مخيرا ولا حرا في تصرفه...وفوق ذلك فهو مريض بسبب الظلم الذي لحق به في مجتمع يغلب عليه الظلم والإستبداد والديكتاتورية...فالإرهابي من هذا المنظور هو نتاج مصنع الجماعة التي تحيط به...وليد تلاقح الأفكار الرائجة من حوله...
فنعط لللإرهابي المحتمل حقه في التعبير وغيرها من الحقوق اللسيقة بإنسانيته بدون قمع ولا تجبر ولا تسلط، عندها لن ننتج إرهابيا مريضا مسيرا...بل إنسانا سويا يحس بوجود الآخرين من حوله...نفتح له المجال لفهم المجتمع وإكراهاته والسياسة ودوافعها والعالم وفساحته والله وسماحته...حينها لن ننتج إرهابيا بل إنسانا...
أما إذا استمر القمع والتجبر والإستبداد والظلم الإجتماعي والإقتصادي والفكري فكونوا على يقين أن الإرهاب سيستمر...وأن الإرهاب الفردي سيتحول إلى إرهاب ثنائي ثم ثلاتي ثم جماعي ثم انتفاضة من هنا وهناك ولو بسبب تافه، ثم الفوضى الغير المتحكم في نتائجها...حينها يضيع السلم الإجتماعي ويصبح الإرهاب هو المنتصر...وهكذا دواليك حتى يفهم من يحكم البلاد ومواطنيه، في آخر المطاف، أن تسيير الناس وإدارة أمورهم لم تعد كما كان من قبل بواسطة القمع أو الإستبداد أو الظلم بل بواسطة معايير ومقاييس علمية موثوق منها مستمدة من حقوق الإنسان ومن الشرعية بمختلف أنواعها...
وكما تلاحظون فإنني في هذا المقام ربطت ظاهرة الإرهاب بدوافع خارجية قبل أن أتطرق للدوافع الداخلية...وإلى حد الآن لم أنهي الحديث عن الدافع أو الوازع الخارجي...
ففي اعتقادي يوجد دافع خارجي لا يقل أهمية عما ذكرنا سابق...
فالإرهابي لا يحس بالظلم والإستبداد والدكتاتورية والقمـع بمفـرده بل يعتقد أن غيره ( قبل عدهم أو كثر) يقع في نفس المظلمة أو الإستبداد أو الإضطهاد الذي يتعرض له هو...وكلما تبنى فكرة أنه مضــــطـــهـــد ومستبد به ومـظـلـوم كغيره فهـو يتقرب من هذا الغير بطريقة أو أخرى...فالمثل الفرنسي المكمل للثـــقـــافة الإنسانـيـة يـــقــــول :
qui se ressemble s’assemble . فالأفراد المجتمع ( qui rassemblent ) فيهم محاسن أو ردائل، نقائص أو امتيازات، أو انشغالات أو مشاكل...يتشابهون في الغالب إلى حد ما؛ يتضامنون ويتشاركون لتكوين زوجين أو جماعة أو جمعية أو سنديكة أو ما شابه ذلك...
والإرهابيون تصدق عليهم نفس الظاهرة...ومن تم الحديث عن تكوين خلية إرهابية أو جماعة إرهابية...فالإرهابي في آخر المطاف مؤهل لأن ينتسب لجماعة تحمل نفس أفكاره ونفس النسق الفكري الذي يحمله هو...فتولد لديه فكرة حماية والدفاع عم الجماعة أو الخلية وفي نفس الوقت الدفاع عن نفسه وحمايتها ممن يختلف عنه وعنهم...والإرهابي يجد في الغالب نفسه مؤهلا للدفاع ولحماية حقوقه الحقيقية أو المفترضة، وأيضا للدفاع لحماية حقوق جماعته وخليته...
بمعنى آخر أن الإرهابي لو كان يحس بالظلم والإستبداد والإضطهاد بمفرده فإننا لا نعتقد أنه سيقوم بتصرف أو عمل إرهابي...ففي الغالي ففي الطبع الإنساني أن الفرد يصبر على الظلم بمعزل عن الآخرين وبمفرده أوحين يكون منفردا، أي لا يقوم بردة الفعل أمام انفراده...أما إذا أحس بأن وراءه حماة ومؤيدين فهو يستعمل ردة الفعل...
وكذلك الإرهابي، فهو يقوم بالعمل أو التصرف الإرهابي لفائدته ولفائدة من حوله ممن يشابهونه وممن يوجدون في نفس ظروفه...فقناعته بحقيقة وصحة أفكاره يدعمها وجود أناس في نفي موقعه الثقافي والإجتماعي والإقتصادي...
ومن تم لا وجود إرهابي بدون انتماء لثنائي أو جمع معين...فمن المستحيل أن يستيقض شخص صباحا ليحس بأنه مظلوم بمفرده ويقوم في المساء بعملية غنتحارية أو إرهابية أو استشهادية أو سموها كما تشاؤون...
وهنا يجب التفريق والتمييز بين الجريمة الجنائية المبنية على مخالفة نص تشريعي بدوافعها ووازعها والجريمة الإرهابية الغير المحددة جنائيا بدوافعها ووازعها...وهذا التمييز سنخصص له حيزا آخر إن سمحت الظروف بذلك...
فلنعد إلى حيث انتهينا لنقول أنه لولا الجماعة أو الخلية لما وجد إرهابي. فلولا التضامن الذي يربطه بالآخرين مثله لما قام الشخص بعمله الإرهابي... فالآخرون من حوله يؤكدون له صدق ومشروعية فكرته الإرهابية أو الإنتحارية أو الإستشهادية...لإذن لا وجود لإرهابي بدو ن انتمائه لمجموعة معينة...
وهذا لا يعني أن وجود جماعة يعني وجود إرهابي من بينهم، كما أن وجود إرهابي وسط جماعة لا يعني أن الجماعة إرهابية...
فالإرهابي من كل ما سبق ذكره ليس سوى اليد المنفذة لما يستوجب على الجماعة فعله أو ما يؤول له فكر الجماعة...
فالجماعة أو الخلية التضامنية هي المولدة للفكر اليقيني قبل المرور لمرحلة التطبيق العملي لفكرة الجماعة...وفهم الإرهابي من هذا المنطلق لا يمكن التوصل له ظاهريا إلا بفهم الجماعة بأفكارها وطموحاتها وأهدافها...ولا يمكن فهم الجماعة إلا بفهم الأفراد المكونين لها...
وحين نستعمل كلمة " جماعة" فإننا نقصد الإرتباط الفكري العقائدي الديني أو السياسي أو الإقتصادي أو غيرها من الإرتباطات الإنسانية...والجماعة الإرهابية لا تستمد قوتها ولا تستجمع طاقتها فقط من الأفكار الدينية بل حتى من الأفكار السياسية والإجتماعية والإقتصادية...أو خليطا من هنا وهناك ...
أستسمح لأقف عند هذا الحد من الأفكار والرأي لأكمل هذه الدراسة فيما بعد إن سمحت لي ظروفي الشخصية بذلك...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري