الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوس كليات القمة

يسرا محمد سلامة

2015 / 7 / 30
مقابلات و حوارات


يعيش طلبة الثانوية هذه الأيام في حالة ترقب انتظارًا لما ستسفر عنه نتيجة تنسيق الثانوية العامة بنظاميها العلمي (علوم – رياضة) والأدبي، والحقيقة أن هذه الحالة نتيجة لنظام تعليمي فاشل اعتدنا عليه لسنواتٍ طويلة، مفاده أنه يجب على الأهل بذل كل ما في طاقاتهم وأكثر من موارد مادية للإنفاق على الدروس الخصوصية لأبنائهم في هذه السنة الدراسية، وعلى الأبناء تقدير ما يُنفقه أولياء أمورهم عليهم وتحقيق الهدف الذي يسعى الجميع من أجله، ألا وهو المجموع الذي يزيد على 98% لطلبة القسم العلمي، و أكثر من 90% لطلبة القسم الأدبي، وإلا فلن يستطع أىٍ منهم الالتحاق بكليات القمة – مع تحفظي على هذا الوصف لتلك الكليات – هاجسٌ عاش فيه كل من مر بهذه المرحلة لفتراتٍ طويلة جدًا، هم يجتاح الكل بمجرد المرور من مرحلة 2 ثانوي وكأنه فيروس يعيث فسادًا في السوفت وير الخاص بهم، لماذا كل ذلك القلق؟!، لماذا لا نعتبر الشهادة الثانوية مثلها مثل أى عام دراسي؟! هل لأنها نقطة الفصل التي تفصلنا عن مستقبلنا المهني بعد دخولنا لعالم آخر يُطلق عليه الجامعة؟!
الإجابة على هذه التساؤلات تنحصر في تغيير مفهومنا لمعاناة الدخول في معترك الثانوية العامة، فطالب تلك المرحلة دائمًا ما يشغل ذهنه بكلية قمة معينة، طب، طب أسنان، صيدلة، هندسة، إعلام، اقتصاد وعلوم سياسية، فإذا لم يُسعفه مجموعه بالالتحاق بإحدى هذه الكليات، تسود الدنيا في عينيه، ولا يطيق حياته، ويعتبر ما حدث نهاية المطاف، ويظل يلعن في التنسيق الذي قضى على أحلامه في الدخول إلى إحدى كليات القمة!!
وأعود لأقول أني أرفض تمامًا هذا المصطلح، لأن القمة بالنسبة لي مفهومها يتحدد بالكلية التي أستطيع من خلالها تحقيق ذاتي وهدفي في الحصول على وظيفة مميزة، أو تكملة دراساتي العليا بها والتفوق طوال سنوات الدراسة، فكم من متفوق في الثانوية العامة التحق بواحدة من تلك الكليات ولم يستطع تكملة المسيرة بنفس التفوق؛ لمجرد أنه (استخسر) – ومعذرةً لهذا اللفظ فلم أجد وصف يليق بما يحدث غيره – مجموعه في كليةٍ أخرى أقل في المجموع – لكن - من الممكن أن ينبغ ويتفوق وتظهر قدراته بها ويُكمل بعدها في وظيفة أحلامه، الفكر العقيم الذي تتوارثه أجيال عديدة في قضية المجموع والتنسيق سيظل موجود أبد الدهر، لو أننا لم نأخذ حذرنا كأولياء أمور ونُربي أبناءنا على عقيدة سوق العمل أهم من كلية (قمة)، ونبوغك في تخصص نادر أو دراستك بنهم فيه يفوق كثيرًا التفكير في تصنيف الكليات على حسب المجموع والتنسيق، يجب أن يرسخ في ذهن الأهل والطلاب، أن كلية القمة هى التي أجعل منها بالنسبة لي قمة في سنوات دراستي وفي وظيفتي بعد تخرجي، وإلا فتخرجي لن يكون له معنى لو صممت على توارث ما تُربَّى عليه أجيال عديدة من معتقدات أفقدتهم حب الدراسة والعمل في تخصص يرغبونه، فأصبحنا نرى خريج طب سائق تاكسي، وخريج الهندسة يعمل في مطعم، وهكذا .......
تنسيق الثانوية العامة ليس بجنةٍ أو نار، من يستطع الظفر بالمجموع الذي يليق بكلية قمة يُهلل له وتقام له الأفراح، ومن لم يستطع يظل يلوم نفسه ويُنظر له على أنه فاشل وتُقام المآتم من أجله ليل نهار، تنسيق الثانوية العامة بداية لا نهاية لمن يعِ ويفهم والتعدد في خيارات التنسيق ميزة لا عيب، فالحياة لن تقف على طب أو هندسة، الحياة ستقف بالفعل عندما نحارب لكى ندخل هذه الكليات وفي النهاية نكتشف أننا لم نحصل عند دخولها سوى على لقب دكتور أو مهندس، لكننا لم نقدر على تحقيق أى شئ، لماذا؟!! لأن هناك مثلنا الكثير نسخ عديدة، ولسنا متفردون في شئ عنهم، وقتها لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر