الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صرعات السفور والحجاب بالعراق (الجزء الثالث )

عدنان سلمان النصيري

2015 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


صرعات السفور والحجاب بالعراق(((الجزء الثالث )))
الحقبه الثانيه 1958ـ 1980
تمثل الانتقاله النوعيه للمجتمع العراقي بعد انبثاق ثورة 14 تموز 1958(والتي عايشتها شخصيا ككاتب للموضوع) . حيث استمر تعايش المجتمع العراقي مع انجازات هذه المرحله ولفترات طويله اعقبتها ، بالرغم من حدوث عدد من الانقلابات والتطورات بالاحداث ما بين 1958 و1980 ، وصارت كل الانظمه السياسيه التي توالت على السلطه تدعي لنفسها الاولويه لهذه الانجازات .
ولكن طبيعة المرحلة الاولى لهذه الحقبه تؤكد على احداث تغيير فعال ، بعد القيام بكسر القيود عن الحريات الاجتماعيه، ورفع الحواجز بين الطبقات . وخصوصا بعد القضاء على الاقطاع واصدار قانون الاصلاح الزراعي. وتحرر الارياف والمناطق البعيده عن المدن الرئيسيه من تسلط الاحكام الجائره للطبقه الاقطاعيه ، التي كانت تحكم بها تلك المناطق المهمه على الخارطة العراقيه ،كبديل مجحف عن القوانين المدنيه للدوله . وكذلك القيام بتشريع قانون الاحوال الشخصيه و اطلاق حرية المرأه ،الذي بموجبه أعاد الإعتبار للمرأة العراقية كإنسانة لها كرامتها وشعورها بآدميتها، وفسح المجال أمامها لتلعب دورها الكامل في بناء الأسرة والمجتمع . وقد أزداد عدد المدارس والمعاهد العلمية وعدد الطلبة والمدرسين.إضافة إلى إرسال آلاف الطلبة الدارسين بالخارج ، وبحصص مرموقه للمرأه في مختلف المجالات العلمية اللازمة لبناء الركائز الإقتصادية وإدارتها وإدامتها.
كما تبنت الثورة منذ ايامها الاولى ،سياسة العدالة الإجتماعية على المستوى الطبقي والجغرافي حيث شملت المشاريع كافة ميادين النشاط الإجتماعي بجميع المدن العراقية. وصارت تعمل على تضييق الفوارق بين المدن والارياف وتعزيز الصله بينهما .
ومن الجدير بالذكر هناك العديد من الجمعيات النسائية ظهرت في العهد الملكي ، واستطاعت ان ترسخ من بصماتها الفاعله في العهد الجمهوري بعد ان قامت بتوسيع قواعدها الشعبيه وتكثيف طاقاتها لمزيد من الانجازات الاجتماعيه.
وبعد كل التقدم الذي حققته الثوره بمنجزاتها على الصعيدالشعبي ، صارت المرأه العراقيه تدرك دورها الحقيقي واهميتها داخل المجتمع ، واصبحت اكثر قوة ووعيا ووثوبا .
ونتيجة للاستجابه مع معطيات الواقع السياسي الجديد انذاك ، بدأت الهجره الجماعيه من الارياف الى المدن ،عشية القضاء على التسلط الاقطاعي ،بعد ان مُنِحتْ المجتمعات الريفيه طموح اكبر للتطور، وحرية مطلقه بالاختيار والتخطيط للمستقبل ، وخصوصا بعد ان صارت الفوارق اضعف بين الطبقات.
فحملت الاسر موروثاتها الاجتماعيه والثقافيه معها للتعايش و للتناضح والاقتباس في الواقع المدني الجديد..
وبتصاعد الشعور الوطني في ظل التثقيف الثوري من الاحزاب اليساريه ، صارت المرأه اكثر اندفاعا وهي تشارك بسوح تدريبات الدفاع الوطني ،حيث كانت ترعى فعالياتها منظمات المقاومه الشعبيه، منتهجة التجارب الثوريه من بلدان العالم الاشتراكي ، بالدفاع عن منجزات ومكاسب سياسة الثوره الوطنيه ضد المؤامرات الاستعماريه والامبرياليه .
وصارت المرأه لاول مره تتدرب على حمل السلاح في المواقع والساحات العامه للمدن وبمرأى من كل الجماهير الشعبيه ، وهي ترتدي البدله الخاكي والكاسكيت ، وتتحزم مع مسدسها ، غير ابهه وهي تمارس التجوال بازقه الحارات لتادية واجبات دوريات الحراسه الليليه ، و بالمشاركة جنب لجنب مع الرجل .
ولكن الاحداث سرعان ما اسفرت عن صدامات دمويه عنيفه بين تلك الاحزاب المتصارعه على أدلجة الشارع العراقي في تلك الفتره، مما تسبب الى حدوث موجات كثيفه للنزوح الجماعي من المناطق المنكوبه ، كما جرى في الموصل وكركوك سنة 1959 ، ونزوح اعداد كبيره من الاسر الى مدن اخرى اكثر امنا واستقرارا مثل العاصمه بغداد ، طلبا للامن والامان بظل حماية القانون، والاستفاده من فرص العمل والتعليم .
صارت سيطرة الاحزاب اليساريه والقوميه العلمانيه على الشارع العراقي بين مد وجزر وتبادلت بالادوار ضمن فترات معينه من هذه الحقبه ، فجعلت الوازع الديني ينأى اويعتكف بنشاطه بشكل ملحوظ في المدن العراقيه (استثناءا من المدن ذات المراقد الدينيه المقدسه) ، وصار الكثير من المتحمسين للسياسات العلمانيه التقدميه ، يرون بالدين اداة للتخلف ، ووأد للنهوض بالمجتمع . ومناهضه للمشاريع القوميه الوحدويه ، فاستُهلِكت كل شعارات الايمان والالحاد ، كوسيله تكتيكيه للتراشق والتسقيط بين الخصوم السياسيين . وخصوصا في حدود المرحله المحصوره بين 1958ـ 1963 بعدما ان كان الاحتدام قائما على جدلية (الدين افيون للشعوب) .
انخرطت المرأه بالمؤسسات الصناعيه والاداريه والتجاريه ، ومعامل الانتاج الخاضعه للدوله والقطاع الخاص ،وصارت تدعم اقتصادها الفردي والعائلي خارج مِنيّة ذكورية الرجل ، الذي كان يعتبرها عاله و مستهلكه لمجهوده طيلة الفترات الماضيه، مما عززت لديها الثقه والاندفاع اكثر بترجمة حقوقها في واقعها الجديد ، وحتى وصل الامر بالمرأه العامله التي مازالت ملتزمه بحجاب العباءه انذاك ، متخليه عن عباءتها من خلال الدوام الرسمي ، بمجرد دخولها موقع العمل غير ابهه لانظار الاخرين من الجنسين .
وقد ساهمت الدوله من طرفها بدعم معالم التغيير في السفور وذلك من خلال المبادره بزج المرأه ولو بشكل محدود في المفاصل المهمه للدوله كما في سلك شرطه المرور والسلك العسكري، ومكلفية الخدمه المدنيه للمرأه بالدوائر الرسميه كشرط من شروط تعيين الخريجات .
وبمرور الوقت صارت تبرز على السطح مظاهر جديده بالتغيير على اشكال غير مالوفه اكثر اثاره بالتحدي والانطلاق ،مثل اختيار موديلات للفساتين المكشوفه والقصيره ، كالكيمونو والميني جوب.. والميكرو جوب، أوالبنطلونات الجارلس الضيقه من الاعلى .. حتى وصل الامر الى استنكار بعض الاوساط المتحفظه والقيام باحراج السلطات المحليه في فترة معينه من السبعينات، مما دعى ذلك الى اتخاذ اجراءات محدده بملاحقة اسفافات مظاهر السفور وخصوصا في المدينه بغداد ، والقيام بصبغ السيقان المكشوفه من فوق الركبه من قبل شرطة الاداب، وسرعان ماحلت منظومة الشرطه هذه، بسبب فشل القائمين على هذا الجهاز وتعاطي الرشاوي و الازدواجيه بالانتقائيه ، وكثرة الاشكالات الحاصله مع بنات المسؤلين اللائي يحضيّن بنوع من الحصانه والحريه.
وقد ساهمت وسائل الاعلام باشكالها المختلفه بالتغيير والتجديد لواقع مظهر المرأه ، اضافة الى حماسة المرأه نفسها بمشاركة الفعاليات الاجتماعيه والفنيه والثقافيه والنشاطات الرياضيه .
وبعد التحسن الملحوظ بالدخل الاقتصادي للفرد والاسره بعد ثورة14 تموز 1958 وكذلك التنميه الانفجاريه بعد نجاح تاميم النفط للشركات الاجنبيه الاحتكاريه 1972 ـ1980، صار المواطن العراقي يتمتع بمقدار محسوس من الاقتدار والتطلع بمضاهاة الشعوب الاكثر تقدما في المظاهر المدنيه ، ومن خلال استيراد مختلف السلع الاساسيه والكماليه ومنها المكياجات والاكسسوارات والملابس والفساتين العصريه باخر الموديلات . كما صار التلفزيون حاجة اساسيه، وضيفا مرغوبا على كل الاسر العراقيه بالارياف والمدن . واداة مهمه للترفيه والتثقيف والاستزاده من كل برامجه وافلامه ومسلسلاته . وكذلك بانتشار دورعرض السينما في بغداد والمحافظات الاخرى، التي اصبحت في عروضها المميزه والمثيره ، اكثر شبابيك التذاكر فيها مزدحمه بالطوابير الطويله،التي خصص قسم منها للنساء والعوائل . وكان لدور بطلات الافلام والمسلسلات ، من الجديدات او المشهورات في تلك الفتره امثال ، مارلين مونرو وصوفيا لورين وسعاد حسني ونجلاء فتحي و وووو .. ،بصمات محفوظه بمخيلة القسم الاكبر من النساء،وخصوصا من الفتيات المراهقات ،حين صرن بارعات بالتقليد أوالاقتباس الواعي وغير الواعي .
وهكذا صارت الامور تجري وفق معطيات هذه الحقبه و بفضل تيسر الكثير من العناصر و الوسائل العصريه المساعده والمحفزه للتغيير بمظاهر الاتكيت ، سواءا بالمأكل أوالملبس و بطبيعة التفكير. حتى صارت المسافات اكثر اختصارا وقربا بين سريان الصرعات بالمجتمعات .
البقيه في ج4 .. الحقبه الثالثه 1980ـ2003
(تداعيات حرب الخليج الاولى والثانيه على المجتمع العراقي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا