الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-اليسار المغربي- واختبار المشاركة في الانتخابات

ابراهيم حمي

2015 / 7 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


شخصيا لا أرى أي مشكلة في مشاركة اليسار أو مقاطعته للانتخابات، ما دامت كل هذه الصيغ هي مجرد تكتيك و وسيلة تقنية لتدبير الصراع مع المخزن أولا. وثانيا من أجل استغلال فرصة الانتخابات لتعميق الوعي الحقيقي مع اكبر فئات وشرائح المجتمع.إن كانت نية المشاركة على أساس نضالي صادق، أما إن كانت للبعض حسابات أخرى فهذا موضوع وجانب آخر. ولكن أرى في نظري المتواضع أن المهم والأساسي لليسار هو تحديده ومعرفته ماذا يريد بالضبط أولا من المشاركة ومن المقاطعة أيضا؟ لقد لوحظ ومنذ تشرذم هذا اليسار على انه لم يحدد بوضوح ماهي استراتيجيته وأهدافه وماذا يريد بالضبط!! سواءا من المشاركة في الانتخابات أو حتى من المقاطعة. وهذا في نظري هو العطب الرئيسي لليسار وهو أيضا التيه السياسي الذي جعل اليسار كيانا عديم الجدوى، يغرد خارج السياق السياسي وتطوره بالمغرب، كما أن ليس له أي تأثير لا بالنسبة للمشاركة ولا بالنسبة للمقاطعة كذلك، لأن الحقل السياسي المغربي الآن في حاجة لفعل و فاعل سياسي نوعي قادر على تحديد أهدافه بدقة، فاعل قوي نظريا ومتماسك تنظيميا- سياسيا. وعلى هذا الأساس أيضا سيتم إنتاج خطاب سياسي جديد و واقعي خالي من الفضفضة والنارية والمصطلحات الكبرى الخيالية التي لا تفهمها الجماهير... والمرتبطة بالصراعات السياسية في وقت معين من تاريخ المغرب الحديث، والتي تكون محصورة على مستوى الفهم لدى النخبة فقط، أو على الأقل أنها تظهر خيالية ومستحيلة في الوقت الحالي بالنسبة لعدد كبير من المواطنين ولشرائح واسعة في المجتمع التي لا يهمها ولا تهتم إلا بما هو آني والمستقبل، نظرا للأزمات المتتالية والتي يتخبط فيها المجتمع. ثم أن أغلب أجزاء خطاب اليسار الحالي سواء الداعي للمشاركة أو المقاطعة تجاوزته المرحلة. ولم يعد يستفز أي شريحة اجتماعية في الساحة وهذا معيق آخر. إن الخطاب اليساري بقي على صيغته التقليدية ولم يعد صالحا للمنافسة في الحقل الانتخابي في الظروف الراهنة لأنه لم يتجدد ولم يتحين ولم يخرج من السياق التاريخي الذي لا يقدم ولا يؤخر أي شيء بالنسبة لفئات واسعة من الجماهير، وخاصة فئة الشباب مهما كانت التضحيات التي قدمها هذا اليسار والتي لم يعد توظيفها مجديا في البرامج الانتخابية. كما أن شعاراته لم تعد تقنع أحدا نظرا لإستهلاكها جماهيريا في الساحة السياسية، وكذلك خلفية الخطاب اليساري الدوغمائي و التقليدي الذي لم يتم تجديده. بل بقي ميالا للمقاطعة وليس للمشاركة في صيغته، بالرغم من صحة مضمونه المتعلق بالجانب الاجتماعي. هذا في ما يخص اليسار المتواجد خارج البرلمان.
أما اليسار البرلماني فقد فقد بكارته بواسطة الأعيان وسماسرة الانتخابات و أصحاب الشكارة والنفوذ الانتخابي وأصبحت ظروف اليسار البرلماني وتركيبته التنظيمية تختلف كليا عن الأحزاب اليسارية، اللهم توفره على بعض المناضلين في صفوفه و قواعده والتائهين هم أيضا بين الحنين للتاريخ الزاخر نضاليا وبين التحولات التي لم يستوعبها أغلبهم إلى حدود الساعة.
و لأن هدف اليسار الحقيقي ليس هو النجاح في الانتخابات فحسب وإنما يكمن دوره الرئيسي في تحقيق تغيير موازين القوى لصالح التغيير الفعلي. سواء عبر الانتخابات وعن طريق المؤسسات أو من خارجها عبر النضال الجماهيري بكل أشكاله وعلى رأس هذا العمل الجماهيري "الحقل النقابي والحقوقي".
والواقع أن الترهل الذي أصاب اليسار بكل أصنافه، فكريا وعمليا وتنظيميا. يطرح علينا ضمن ما يطرح التفكير في البديل التنظيمي القادر على جمع شتات اليسار في إطار جديد، بعقلية جديدة وتدبير جديد وخطاب جديد، ينسجم مع متطلبات المرحلة في سيرورة وجدلية تربط بين الخطاب وبين الممارسة في تناغم مع حركية الشارع. هذه الحركية التي تطفو أحيانا وتظهر من وقت لآخر، والتي بدورها تفتقد لعقل مدبر ولتصور متكامل و واضح المعالم يفقدها السند لكي تبلور إطارا اجتماعيا ضاغطا قد يساعد اليسار في تجديد نفسه. وقد يكون هذا اليسار أيضا هو ذاك العامل الجامع والمحتضن لكل التحركات الشعبية. إن كان قادرا على لعبه هذا الدور من أجل عقلنة الحراك الجماهيري السالف ذكره. والقادر أيضا على إبداع تصور جديد ولما لا أساليب نضالية جديدة تنسجم جدليا مع النظرية وتربط بينها وبين الممارسة العملية. كما على هذا التصور الجديد أن يضمن لكل مكون من مكونات المجتمع من شباب وشباب معطل وقطاعات نسائية وعمالية غيرها من القطاعات والفئات والشرائح التي تسعى لتحسين أوضاعها أن تجد نفسها داخل هذا التصور، والتي عليها أيضا أن تعي وتدرك أن ذلك لن يتحقق إلا بالتغيير الفعلي والحقيقي وليس بشيء آخر مهما كان مغريا في أشكاله وهذا كله يتطلب فعلا نضالات مريرة. وللأسف هذه هي مهمة اليسار الرئيسية والتي تاه عنها منذ أن طرأت على الساحة تحولات كبيرة أففدت التوازن كما أففدت للكثيرين من اليساريين الرؤية و البوصلة. وهذا واقع علينا مجابهته وليس تبريره كما يفعل البعض.
إنها فعلا مهام غاية في الصعوبة إلا أنها ليست بمستحيلة عندما ندرك ضرورة مهمنا النضالية الحقيقية إن كنا فعلا يساريين ونؤمن بمشروع اليسار جملة وتفصيلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عن أي يسار تتحدث؟
الناسوتي ( 2015 / 7 / 31 - 11:06 )
أولا أرجو أن تحدد من تقصد باليسار؟ فهناك منافقون وانتهازيون يشوشون على اليسار الشريف بانتسابهم له والتلويح برايته في شكلها المشوه على الساحة السياسية الوطنية، مما يعطي نظرة سلبية لدى الجماهير الشعبية الشاسعة عن اليسار المغربي. ليس هناك اشتراكيتان أو ثلاث، هي اشتراكية واحدة ترتكز على أسس علمية أي الاشتراكية العلمية التي حققت نتائج إيجابية في عدة دول، بغض النظر عن انهيار نواتها الأوروبي وهذا موضوع آخر. لذلك أرجو من الأستاذ إبراهيم حمي أن يوضح من يقصد باليسار؟ فاليسار دمه أحمر، وليس وردي أو أي لون آخر. واللون الأحمر لم يخن العهد الذي أعطاه للوطن والشعب المغربي، ولا زال على الدرب رغم الطريق الشائك، وبعض الصعوبات التي يعرفها حاليا. لكن المؤكد هو أن المستقبل لليسار أحمر اللون، وربما قد يكون عما قريب.

اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا