الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصوت هادئ حمّال الأسيّة !

هاشم تايه

2005 / 10 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ينتظر الدستور فرصته في الحياة بـ (نعم) يتعيّن عليها أن تكون غالبة لتُخرجه من نور ورقه الأبيض إلى ظلمات حياتنا. (نعم) هذه المهمومة بمصير دستورها طارت بخفّة إلى قانون إدارة الدولة المأسوف على شبابه اليوم فمنحت إحدى مواده تفسيراً – سرعان ما تخلّت عنه مضطرة - يدعمها ويُضعف قوى عدوتها (لا) مقوّضةً فرصتها في تعطيل الدستور الذي من أجل أن يفوز بـ (نعم)نا وينتصر على (لا)ئنا فإنه لا يكفّ عن التصريح على ألسنة الذين يزفونه إلينا صائماً في رمضانه بلا تغريد ولا موسيقى غير قرقعة القرقيعان قائلاً: إنّه (حمّال الأسيّة) المستعدّ ليحمل عنّا عناءنا الثقيل، بل هو حلاّل مشاكلنا الذي لا تعجزه قضية مهما تعقدت واستعصت، فبمجرد سريان الحياة في أعضائه، وقيامه في نهارنا وليلنا فإنه سيطفئ حرائقنا، وسيجعلنا ننام هانئين على وسائد الأمن والأمان بلا مزعجات المفخخين والمفخخات والناسفين والناسفات، بل سيتكفل بزفاف العملية السياسية التي تخشى الشيخوخة، إلى عراقنا في بيتهما، وسيبارك زواجهما بالكهرباء والماء، وبالحصّة التموينية تامّة بعدسها وقثّائها وفومها، وسيشفي أمراضنا وعللنا ويريح أعصابنا وسيخلّصنا من لعنة العويل والبكاء...
وبسبب تسلّحه بوعوده الكثيرة فإنّ دستورنا السائر بلا ميل على الصراط المستقيم، يبدو متأكّداً من نجاحه في امتحان الـ (نعم) والـ (لا)، يظهر هذا في وجوه المدافعين عنه، الملتحية والحليقة، تلك التي تراه أفضل الممكنات الضامنة لنجاة فلكنا من الطوفان، أو هذه التي لا تنكر عيوبه وثغراته، ولكنها تغضّ النظر عنها، لأنها تعوّل كثيراً على ممحاتها التي ستستيقظ بعد سبات، نهارَ انتصارها الوشيك فتمحو عيوب الدستور وتعيده إلى رشده وصوابه.
وهكذا يقيم الدستور بيننا كصفحة هائجة أُنجِزت بمعجزة يشكّك الكثيرون في أُرومتها، ولا بدّ من طيّها على عَجَلَيْن بالنسبة لمريدي الانتخابات القادمة التي سيختبرون قواهم فيها.
ويوماً بعد آخر بدأت (نعم) الدستور تحتل فضاءاتنا وتزحف على جدراننا ساعيةً إلينا من كلّ حدب وستلبث قرب أبواب منازلنا مثل شرطي عنيد سيأخذنا إلى مخفر الدستور غداة الخامس عشر من تشريننا الخطير. ليس هذا فحسب، فقد طفقت طلائع المنشورات التي تُوجب دمغ الدستور بـ (نعم) خالصة لا ريب فيها، تندسّ في أيدينا وتنهال علينا من هنا وهناك وكأنها النذير.
كثيرون سيقولون (نعم ) للدستور بأسباب شتى، ولن تعدم بينهم من سيقولها له على مضض، فقد كان يرجو ألاّ يكون دستوره القادم لئيماً يعطيه بيمناه ما يسلبه منه بيسراه، وربما سيقول (نعم) شماتةً بالإرهابيين..
مهما يكن الحال فلو قعد حظّ دستورنا على (حيْله) ، وانتصر في معركته، فإنّه من دون ريب سوف ينتصب، على قاعدة مأساتنا، تأريخاً دامياً يفصل بين هجرتين داميتين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س