الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الطريق إلى فلاديفوستك. المشهد الأول

نعيم إيليا

2015 / 8 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


(عربة نوم في قطار موسكو – فلاديفوستوك. زوجان من الأسرة داخل العربة تحاكي أسرة الجنود في ثكنة عسكرية، أو أسرة المساجين داخل حبس صغير. الزوج الأول منها على يمين المشاهد، والثاني على يساره. في الصدر نافذة مكشوفة الستر، يتدفق منها ضوء النهار بحبور ملتمع رغم اختفاء الشمس فوق الغيوم البيضاء. بلور النافذة سميك، ولكنه نقيٌّ رائق لم يتكاثف على سطحه بخار ماء، ولا تجمد على أطرافه ثلج مما سقط ودام سقوطه طيلة ليلة الأمس ولم يمسك إلا بعيد الفجر؛ بفضل الحرارة المتولدة من سرعة القطار الذي كان انطلق قبيل منتصف الليل من محطة موسكو باتجاه أقصى الشرق.
ولعل رائق بلور النافذة، باللجوء إلى حيلة من الحيل الالكترونية، أو إلى خدعة بصرية، أن يتيح لعين المشاهد في مقعده والراكبِ في مقصورته، رؤيةَ السهب المكسو بالثلج تنزلق صورته المتموجة برفق النسيم فوق السطح الرائق للنافذة، كما ينزلق الآل خدّره وهجُ القيظ على أفق خفيض التحم بسهل مترام في بلاد الرافدين أجردَ أصفر حتى الابيضاض.
والسهب، سهبٌ أبيض أبيضُ يكاد يستغرق استغراقاً كلياً في موضوعه ذي النصاعة الخالصة، لولا رقع نأى عنها البياض؛ رقعٌ ما ادّثرت بالثلج من صوى وأبراج وأعمدة وواجهات أبنية لقرى ودساكر ومدائن تناثرت على امتداد الطريق الطويل البارد الموحش الكئيب تظهر خطفاً بين اللمحة واللمحة... رقعٌ لولاها لخالت عين الناظر لونَ السهب، كأنما لون ولا لون.
على أرض العربة بين السريرين المزدوجين، طاولة مستطيلة، قصيرة القوائم بلون يختاره صانع الديكور. وقد يؤثر المخرج أن يبعثر فوق سطحها الخشبي الرث صحيفة يومية باللغة الروسية، ورواية (مدام ميرابيل) لأفنان القاسم، والبيان الشيوعي، وكتاباً ثالثاً يستحسن أن يكون لاستيفن هوكينغ، أو ريتشارد دوكنز، أو بوبر – وإنما الغرض من وجود هذه الكتب، تعريف النظارة بمشارب ركاب العربة الثقافية، وبتعدد توجهاتهم العلمية؛ لذا ينبغي أن يحرص المخرج على أن يشاهدها المتفرج بطريقة من الطرق مثل الاستعانة بشاشة الكترونية مكبرة - وقنانيُّ ماء معدني، وصفائح كولا وبيرا، وعلبتا سجائر، وقداحة، وسلسلة مفاتيح أو سلسلتان، وأكواب فارغة من البلاستيك، وكاميرا، وكوابل شحن أجهزة الاتصال الخاصة، ونظارتان للقراءة، وأشياء أخر.
في الزاوية على يمين المشاهد، باب يفضي إلى الممر، بينه وبين السرير الأول مساحة ضيقة تجمعت فيها حقائب وأحذية. وفي الزاوية اليسرى مشجب تدلت منه شالات صوفية، وتعلقت به معاطف ثقيلة، وبعض أردية خفيفة، وقبعات شتاء روسية مصنوعة من الفراء تخص السَّفْر داخل العربة.
يرى المشاهدون في الصالة، في اللحظة التي ينزاح فيها الستار ببطء من يمينهم إلى يسارهم (مالوم أبو رغيف) نائماً مضَّجعاً على جنبه الأيمن فوق السرير الأعلى، يغطيه دثار لا يُظهِر منه غير جانب طفا من رأسه الأسود فوق حشية الوسادة. ويرون في اللحظة التي ينحسر فيها الستار تمام الانحسار، (آكو كركوكي) فوق سريره من الجهة اليسرى - اليسرى بالنسبة للمشاهد في الصالة - مستيقظاً، مرتدياً بيجاما، وقد أسند ظهره إلى جدار المقصورة، وانهمك بالقراءة في حاسوبه اللوحي الصغير، والدثار يغطي ساقيه المسترخيتين على مدهما، فأما السريران اللذان تحتهما، فشاغران.
مالوم أبو رغيف: (يتململ تحت دثاره، ثم يرفع رأسه عن الوسادة، يوصوص عينيه، يفتحهما ببطء حذرَ الضوء المنغمس بأشعة الثلج خلف النافذة. يرى الكركوكيَّ، فيسحب نصفه الأعلى من تحت الدثار بجهد وتحامل كأن به رضوضاً، يسنده مثل الكركوكي إلى جدار المقصورة مصلحاً شعره الذي شعّثت الوسادة تسريحته. وجهه يبدو شاحباً يغضنه الإرهاق على الرغم من أنه قد يكون حاز قسطاً من النوم أوفر من القسط الذي حازه أصحابه من أعضاء الوفد. يضغط على عينيه بالإبهام والسبابة كما لو كان يشكو الصداع. يلقي تحية الصباح على الكركوكي بصوت أجش)
مالوم أبو رغيف: (متمطمطاً) صباح الخير (يلقي نظرة من النافذة إلى الخارج، يزفر) وأخيراً...! أخيراً يتوقف الثلج عن التهطال.
آكو كركوكي: (بفتور) صباح الخير؟ دخلنا في الظهيرة.
مالوم أبو رغيف: أحقاً!؟ كم الساعة الآن؟
آكو كركوكي: (لا يرد، يظل منهمكاً بالقراءة)
مالوم أبو رغيف: (ينقلب على يديه وركبتيه، يزحف كالغيلم حتى يصل إلى نهاية السرير عند قدميه، يهبط إلى الأرض بتثاقل وتراخ متعلقاً بعارضة السرير، يتناول قنينة من الماء، يكرع منها حتى الارتواء، ثم يحاول أن يطرد الخمول عن بدنه بذراعيه وساقيه في فراغ المقصورة الضيق بحركات رياضية ينقصها التآلف والانسجام. يعود بعدها متسلقاً السرير إلى مكانه ويستلقي على سريره كما يستلقي الكركوكي مغطياً ساقيه بدثاره. يخاطب الكركوكي وكأنه يخاطب نفسه بصوت يلفه الجشش وتنبعث من نبراته شكوى نادمة حانقة) ما زلت لا أفهم، لماذا لم نجمع على اختيار السفر بالطائرة بدلاً من هذا القطار اللعين؟ أما كان ذلك، لو اخترناه، خيراً لنا جميعاً من مكابدة هذا السفر الطويل الشاق؟ ماذا نصيب من خير لقاء هذه الوعثاء؟ اللعنة...!
آكو كركوكي: (لائماً من غير أن يرفع وجهه عن الجهاز) ألم تكن أول المصوتين بالموافقة على اقتراح السفر بالقطار المقدَّم من فؤاد النمري؟ (مقرعاً) فما نحيبك إذاً؟ أما أنا (مفتخراً بخفاء) فكنت الوحيد الذي يعترض عليه بعناد أفظع من الحماقة. ( يعود إلى اللوم) أما سعيت بجد إلى ثنيكم عن اقتراحه، فماذا لقيت منكم؟... آذاناً بها وقر (بشماتة وتشفٍّ) لا أشفق عليكم مما نالكم، ولا مما سينالكم! (يلفظ شماتته كما لو أنه أمسى فرداً مفارقاً للمجموعة، لا يقع عليه ما يقع على أفرادها)
مالوم أبو رغيف: (يشير إلى السريرين تحتهما اللذين يحتلهما فؤاد النمري، وحسين علوان حسين، وبوده أن يسأله: متى استيقظا، وأين ذهبا؟ غير أنه يتراجع عما ودّ، ويعجل بالرد على صاحبه بلهجة يبللها ما يشبه الاعتذار) ولكن اقتراحه في حينه لم يكن يبدو أنه ستكون له عقابيل ونتائج ترهقنا. إن فكرة أن القطار سيتيح لنا رؤية الأرض الروسية التي شهدت أول ولادة لأحلامنا الجميلة عن كثب من غربها إلى أقصى شرقها؛ فكرة تغري بالتنفيذ إغراء لا قِبل لأمثالنا بدفعه.
آكو كركوكي: (بمزيج من الهزء والتوبيخ) هكذا إذاً!؟... تغريكم الأفكار الحالمة الطائشة فتستسلمون لإغرائها، وتسرعون إلى تنفيذها من دون تفكير في النتائج التي ستنجرّ عن تنفيذها!
مالوم أبو رغيف: (كمن يبرر ذنبه) لسنا أنبياء يا عزيزي، لنعلم النتائج قبل حدوثها.
آكو كركوكي: (يطرح جهازه من يده جانباً، يغير وضعيته في السرير، يتضامّ في هيئة المتحفز لأمر ما) أتقول إن النتائج لا تعلم قبل حدوثها!؟ ولكن هذا الرأي، رأيي أنا. ولقد كان لك قبل الآن رأي مناوئ له، فماذا جرى حتى انثنيت عنه؟ (يستطرد مصطنعاً لهجة المناطقة) وإنما هو قول أقول به أنا بتوكيد وإصرار كلما دعت المناسبة. فإن كنت تقول به الآن كما أقول به؛ فأنت بذلك على قولي. فإن كنت على قولي، فإنك بكونك على قولي؛ تحيد عن منظومتك الفكرية التي تقول بأن النتيجة تُعلم بالضرورة قبل حدوثها، متى علمت أشراط حدوثها.
مالوم أبو رغيف: (متضجراً) أصابني منطقك بالدوار! أليس لك من سبيل أخصر إلى الجوهر؟
آكو كركوكي: من حاد عن منظومته الفكرية؛ فقد خانها، أو لوى عنها. هذا أخصر سبيل إلى ما أريد.
مالوم أبو رغيف: (يلتفت إليه بحركة من رأسه مفاجئة، يمعن في تأمله، ثم يسأله باستغراب) ألم تنم؟
آكو كركوكي: نمت!
مالوم أبو رغيف: ولكني لا أرى على وجهك آثار نوم.
آكو كركوكي: وجهي لا تظهر عليه آثار النوم. إني لأستيقظ من نومي وكأني لم أنم (يضحك ضحكة مبتسرة) أليس عجيباً أن نكون مختلفين حتى في هذه المزية؟
مالوم أبو رغيف: لا (باستهانة) وممَّ التعجب؟ إن الاختلاف طبيعة من طبائع البشر.
آكو كركوكي: (متحفزاً من جديد) أهذا الذي تراه؟ ألأنّ الاختلاف طبيعة فينا - نحن البشر - يحال بيننا وبين التعجب؟ بيد أن الطبائع بذاتها، تثير العجب، ألا تثيره؟ حسناً، فماذا تقول حين تراني أفكر في طبيعة شيء ما كالشمس مثلاً، وأنا لا أملك إلا أن أتعجب مما تنفثه الشمس بطبيعتها من حرارة وأشعة؛ فأروح أتساءل بحيرة وذهول: "ما هذه الشمس التي أراها بحق كل العلوم والأساطير؟ ما حرارتها؟ ما شعاعها؟ ولمَ هي بعد ذلك شمسٌ؟".
مالوم أبو رغيف: سأقول عنك في هذه الحالة: إنك شاعر ( يمسد خده النابت براحة يده كأنه يحاول بذلك أن يزيل ما بقي عالقاً بخده من آثار النوم قبل أن يستأنف) أتعني بالتعجب هذه الحالة النفسية التي تعترينا عندما يواجه عقلنا أموراً غامضة لا طاقة له بإزالة غموضها، أو تلك التي تنتابنا عندما تقع أبصارنا على أشياء من الطبيعة لا ندرك كنهها؟
آكو كركوكي: (متسرعاً.. لا يبدو أنه فهم السؤال حق فهمه) بالضبط! وما عسى التعجب أن يكون غير ما ذكرتَ؟ أجل، التعجب هو هذه الحالة النفسية بالضبط.
مالوم أبو رغيف: إن كان التعجب هو هذه الحالة التي ذكرتُها، فكيف تعجب من الشمس، والشمس حقيقة مادية معلومة قد فضّ العلم غموضها، وأحالها إلى البداهة؟ إن الشمس حقيقة مادية أضحت من البداهة... فكيف ينشط ذهنك لما يمتّ إلى البداهة، ويهيج لك منه انفعال؟ ( مبتسماً في إشفاق ) إنهم أطفال سذّج أغرار أولئك الذين يتعجبون مما هو ماتٌّ إلى البداهة.
آكو كركوكي: (بامتعاض وتحدٍّ مضمر) البداهة! وما البداهة بالإضافة إلى الشمس؟ أسمعك تتكلم عن الشمس وكأن الشمس بالفعل حقيقة بدهية صافية مكشوف عنها غطاؤها.
مالوم أبو رغيف: (بيقين قاطع) إنها لكذلك!
آكو كركوكي: كذلك!؟ (بتحد) فقل لي إذن: لماذا الشمس شمس؟
مالوم أبو رغيف: لماذا الشمس شمسٌ؟ يا له من سؤال!
آكو كركوكي: أتستهين بسؤالي؟
مالوم أبو رغيف: كلا! لست ممن يستهين بسؤال مهما يبدُ ساذجاً بلا معنى؛ بل أتعجب من أنك تتعجب من حقيقة واضحة صافية بلا كدر.
آكو كركوكي: تتعجب من أنني أتعجب من الشمس!؟ كيف جاز لك أن تتعجب، وأنت مثلي تجهل حقيقتها ولا تدري لماذا هي شمس؟
مالوم أبو رغيف: (بثقة) بل أدري! ما أدراك أنني لا أدري؟
آكو كركوكي: (دون أن يغادر لهجته السابقة؛ لهجة التحدي) إن كنت تدري حقاً، فدونك السؤال! أجب عنه، ماذا تنتظر؟
مالوم أبو رغيف: (يتنحنح) ما الشمس؟ أتراه عسيراً إلى هذا الدرجة تحديد الشمس ما هي؟ إن الشمس شمس؛ لأنها، بكل بساطة، ليست شيئاً آخر غير الشمس.
آكو كركوكي: ( محتجاً) ليس هذا الذي أردته، لست أريد أنّ الشمس شمس؛ لأنها ليست كوكباً أو غباراً أو كائناً حياً، أو شيئاً آخر. وإنما أردت: لماذا هي موجودة؟ أردت: ما هي الغاية من وجودها؟ ما هي الغاية (يكرر الجملة بنبر مركز) من وجودها؟ أليس يجب أن نعلم الغاية من وجودها، ما دمنا نزعم أنها حقيقة انحسر عنها غطاؤها؟
مالوم أبو رغيف: الغاية؟ أتقصد أن لا غاية للشمس من وجودها؟
آكو كركوكي: وأنت؟ ماذا تقصد؟ أتقصد أن للشمس غايةً؟
مالوم أبو رغيف: (يومئ برأسه) أجل!
آكو كركوكي: (مقلصاً المسافة التي ما بين حاجبيه محداً بصره) أجل!؟ وهل الشمس كائن حي عاقل حر ذو مقاصد، ليكون لها غاية؟
مالوم أبو رغيف: لا، ولكن لماذا تشترط للغاية حياة وعقلاً وقصداً ونية واختياراً؟
آكو كركوكي: لأن الغاية تقتضي اختيار أمر ما بحرية والتفكير به بروية ثم السعي إلى تحقيقه بما يجلب الخير لمن فكر به وسعى إليه. فأنا، مثلاً، أفكر.. أحب أن أصبح ثرياً، الثراء غايتي، فأختار بملء حريتي أن أصبح تاجراً؛ لأن التجارة في حسباني هي الطريق المفتوح إلى الثراء. فهل الشمس تفكر وتخطط، مثلما أفكر أنا وأخطط، عندما ترسل أشعتها إلى الأرض؟ (بانفعال) ما غاية الشمس من إرسال أشعتها إلى الأرض؟ أغايتها، وهي ترسل أشعتها إلى الأرض، كغايتي عندما أسعى إلى الثراء؟ ما الشمس؟ أتراها تفكر حقاً، عندما ترسل أشعتها ودفئها، بخير الأرض وخير الكائنات الحية على الأرض، ليقال إن لها غاية من إرسال أشعتها إلى الأرض؟
مالوم أبو رغيف: تساؤلاتك قديمة يا عزيزي، تداولها الأقدمون، وما زال المحدثون أيضاً يتداولونها ( يتلكأ قليلاً في تخير الجواب) إن الشمس لا تفكر كما يفكر الكائن الحي؛ لأنها لا تملك دماغاً تفكر به. ولكنها رغم ذلك تفكر! نعم، إن الشمس تفكر (يتململ الكركوكي بضيق، يود مقاطعته فلا يأذن له) مهلاً! دعني، من فضلك، أشرح لك معنى التفكير بالإضافة إلى الشمس، فقد يلتبس عليك المعنى المراد ههنا؛ فتتهمني بالجنون. إن التفكير بالإضافة إلى الشمس، ليس شيئاً آخر غير هذا الرباط الذي يربط الشمس بالموجودات الداخلة في نظامها والسائرة في فلكها. فإن للشمس، حسب علمنا، ارتباطاً وثيقاً بكواكبها الداخلة في نظامها، وهذا الارتباط يقابل – أقول يقابل فتنبه - يقابل التفكير والإحساس عند الكائنات الحية. إنه ارتباط العلة بالمعلول، ولا يصعب علي أن أصوغه لك في العبارة المنطقية التالية: لولا وجود الشمس، ما وجدت الأرض، ولولاها ما وجدت الحياة على الأرض؛ إذن فإن الشمس علة الأرض والحياة، وإذن فإننا لا نخطئ إن قلنا: إن غاية الشمس هي أن توجَد الأرض والحياة.
آكو كركوكي: (تظهر على وجهه أمارات عدم الاقتناع) فإن سلمنا بأن ارتباط الشمس بالأرض غاية، فهل نكون بذلك اهتدينا إلى حل نهائي للمعضلة؟ هل سيكون في وسعنا، إن سلمنا بذلك، أن نجيب سؤال الحائر: ما غاية الشمس من وجودها بالإضافة إلى ذاتها لا بالإضافة إلى الأرض أو الحياة؟
مالوم أبو رغيف: إذا كان للشمس غاية بالإضافة إلى الأرض، فلا بد من أن يكون لها غاية بالإضافة إلى ذاتها أيضاً على غرار الإنسان الذي هو غاية بالإضافة إلى الكائنات الدقيقة التي تستوطنه، وغاية بالإضافة إلى ذاته تتجلى في أنه آلة، بتعبير علماء الأحياء، ابتكرتها جيناته كي تضمن لنفسها شيئاً من الخلود.
آكو كركوكي: (أمارات عدم الاقتناع لم تبرح وجهه) ولكن كيف يمكننا أن نتحدث عن شيء فنزعم أن له غاية في ذاته، وهو لم يوجد ذاته بذاته لأجل هذه الغاية؟ فالشمس... أين كانت الشمس قبل أن توجد؟ هل كان لها وجود سابق على وجودها الحاضر، أملى عليها أن توجد لغاية من الغايات؟
مالوم أبو رغيف: (يتأمل السهب خلف النافذة بنظرة جانبية) يؤكد العلماء أن الشمس كانت ذرة في الطارف الأعظم "السوبرنوفا" فلما انفجر الطارف، قذف بها - وهي ذرة - في الفضاء. وما زالت هذه الذرة – وهي على الأغلب من غاز الهيدروجين - تنمو وتنمو بحركة مطردة فرضها عليها قانونها الخاص وتحكمت بها طبيعتها - وأنت تعلم أن لكل موجود طبيعته وحركته الخاصة التي تحدد وجوده - حتى بلغت صورتها التي نراها عليها اليوم. إن نمو ذرة الهيدروجين لتصير شمساً، هي غاية الشمس من وجودها لذاتها.
آكو كركوكي: ( مبخساً استنتاج صاحبه) يكاد تفسيرك أن يوافق تفسير أرسطوطاليس - فيما أعلم - فما هو بجديد.. إن تفسيرك، مع الأسف، قوامه الخيال وأداته المجاز اللغوي. والعلم لا يعتمد الخيال ولا المجاز أدوات له في أبحاثه وتجاربه: فما معنى أن تُتخيل ذرة الهيدروجين، تنمو وتنمو وغايتها من النمو أن تصير شمساً!؟ ما النمو؟ ألا يفترض النمو التغذية؟ والتغذية، ألا تفترض الإحساس بالجوع؟ فهل الشمس غاذية وتجوع؟ وهل هي حاسة؟ فإن كانت الشمس غاذية، فما غذاؤها؟ و ما وسيلتها إلى غذائها؟ وإن كانت حاسة، فبأي شيء تحس، وما هي وسيلتها إلى إدراك إحساسها؟
مالوم أبو رغيف: (يهز برأسه في أسف يمنة ويسرة) باعتراضك هذا تعود بنا إلى بداية حديثنا. ألم أقل لك في البدء إن للشمس طبيعة تفترق عن طبيعة الكائن الحي؟
آكو كركوكي: (معانداً) وما فائدة أن تقول لي إن للشمس طبيعة تختلف عن طبيعة الكائن الحي؛ وأنت لا تتحرج من الجمع بينهما على المشابهة؟
مالوم أبو رغيف: ما جمعت بينهما على المشابهة، إلا وقصدي الإيضاح (يبتلع ريقه ثم يستطرد) وقد يحق لي، من وجه من الوجوه، أن أجمع بينهما ولا أكون متمحلاً. أليس كلاهما من الموجودات التي تملأ الكون، وتخضع لنواميسه القاهرة؟ أليست كل الموجودات - وإن تنوعت أشكالها، وتمايزت طبائعها، وتفرقت أحوالها – يجمعها شيء ما واحد مشترك؟ أليست كل هذه الموجودات، بمعنى أقرب، تنتهي إلى أصل واحد؟
آكو كركوكي: (كأنه يمتحنه) وما هذا الأصل الواحد؟
مالوم أبو رغيف: (بلا تردد) إنها المادة الأولى أو الهيولى باصطلاح القدامى.
آكو كركوكي: (يمضي في امتحانه) وأي شيء هي هذه المادة الأولى؟ ولماذا هي موجودة أصلاً؟
مالوم أبو رغيف: (ينفض كتفاً) لا أحد يعلم حقيقة المادة الأولى حتى علماء الفيزياء الكونية، رغم أنهم ما برحوا يحاولون الوصول إلى حقيقتها بدأب ومثابرة. ولا إخالك تجهل هذا؛ لا إخالك تجهل أن أقصى علمهم بحقيقتها، أنها منغلقة، أسيرة احتمالات لا نعقلها، شديدة الكتمان، لا تبيح لأحد أن يكنه سرها البعيد الخفي (كمن يستدعي أمراً يلفت به نظر سامعه إلى نباهته) ولعل من المفيد هنا أن أذكر على وجه الاستطراد أن أرسطوطاليس – وربما بيركلي أيضاً - كان قد انتهى من النظر إلى المادة الأولى التي تتشكل منها الموجودات، إلى أنها لا يمكن أن تعرف مجردة من صورتها، وهي نتيجة لا تكاد تبعد عن النتيجة الراهنة التي بلغها علماء الفيزياء الكونية.
آكو كركوكي: (بشكس) ولكنك لم تجب عن سؤالي: لماذا هي موجودة، وهو الأهم؟
مالوم أبو رغيف: سمعت ستيفن هوكينغ في لقاء معه في برنامج علمي عرضته قناة تلفزيونية محترمة، يقول: لو استطعنا أن نعلم لماذا الكون موجود، لاستطعنا أن نفكّ جميع ألغازه...
آكو كركوكي: (يقطع كلامه) إذاً فما دمنا لم نستطع أن نعلم لماذا الكون موجود، فمن العبث أن نتحدث عن غايته وغاية موجوداته.
مالوم أبو رغيف: (مقطباً) أترى أنه من الحكمة أن نرضخ لرأي عالم في قضية كهذه القضية، ولو كان هذا العالم في منزلة هوكينغ؟
آكو كركوكي: (متعجباً، منكراً) أتعني أن هوكينغ لم يكن على صواب إذ قال قولته هذه؟
مالوم أبو رغيف: أجل، هذا الذي أعنيه!
آكو كركوكي: كيف؟ لم أفهم
مالوم أبو رغيف: (يحيد بنظره عنه إلى النافذة مرة ثانية متأملاً السهب المتدفق دون أن يتعلق ذهنه به) إنه إذ يتمنى معرفة الغاية من وجود الوجود بهذا السؤال، يؤكد أنه يجهل الغاية من الوجود. إن سؤاله ليشبه من وجهٍ سؤالَ السائل: لو كنا نعلم الغاية من الحياة، لأدركنا لماذا نحيا، وهو بسؤاله هذا إنما يعبر عن جهله أنّ الغاية من الحياة هي الحياة.
آكو كركوكي: (مبتسماً بمكر ابتسامة ذات لون) هوكينغ يجهل غاية الوجود، ومالوم أبو رغيف يعلم غاية الوجود!
مالوم أبو رغيف: (متجهماً) لست أستصوب قول هوكينغ!
آكو كركوكي: (في استفزاز) حسناً! فما دمت لا تستصوب قوله، فما الصائب عندك من الأقوال؟
مالوم أبو رغيف: الصائب عندي، أن الكون موجود على الدوام في حركة غير منقطعة. وهذا الوجود الدائم بحركته غير المنقطعة، هو غاية الكون.
آكو كركوكي: (متأففاً) وفسر الماء بعد الجهد بالماء... (يبتسم بإشفاق) "الوجود الدائم بحركة غير منقطعة، غاية الكون" ألا ترى هذا مجرد رصف لكلمات جوفاء؟
مالوم أبو رغيف: كلا! (متصابراً كمعلم) تأمل: أليس لكل موجود من وجوده غاية؟ ثم تأمل: أليس الموجود جزءاً من الوجود الذي هو الكل؟ إذن، فإنْ كان للجزء غاية، فلا بد أن يكون للكل غاية. ولأن الكلَّ وجودٌ مطلق لا يتعلق بشيء آخر غير ذاته، كانت غايته في ذاته ولذاته. وما غايته التي في ذاته ولذاته؟ إنها، بكل بساطة، هذا الوجود الدائم ذو الحركة التي لا تهدأ ولا تنقطع؛ ذو الحركة التي هي أم كل التحولات الحادثة للوجود وموجوداته.
آكو كركوكي: (محتجاً) بيد أن العلماء لا يستبعدون انهيار الكون وموته، أليس في هذا، ما يدل على أن الكون إنما كان وجوده مصادفة ليس إلا؟ والمصادفة، كما تعلم، تهدم مبدأ الغاية.
مالوم أبو رغيف: لا مصادفة ألبتة! ولن يذهب الكون في جميع الأحوال إلى عدم، وهذا الرأي يقول به هوكينغ أيضاً...
آكو كركوكي: وما هي حجتك على صدق حكمك هذا، ما برهانك؟
مالوم أبو رغيف: أليس الكون مطلقاً بلا حدود؟ ثم أليس ما كان مطلقاً بلا حدود، ينتفي فيه إمكان العدم؟ إذن فلن يموت الكون؛ لن ينعدم.. أجل! قد يتحول ما بداخله من موجودات في فترات كونية إلى ما يشبه العدم، أما هو بذاته فإنه، وإن تحول ما في داخله إلى ما يشبه العدم، فلن يفقد وجوده ألبتة؛ وما لا يفقد وجوده، لا يفقد غايته من وجوده.
آكو كركوكي: (بتعجيز) فكيف جوابك لو سألتك بعد كل هذا: لماذا غاية الوجود، أن يكون موجوداً بهذه الحالة أو تلك من حالات الوجود؟ ماذا ينفع أن يكون الوجود موجوداً أو لا يكون، ماذا ينفع أن يكون في حركة أو أن يكونَ في سكون؟
مالوم أبو رغيف: لا نفع من ذلك! إن الوجود، بما قل من اللفظ ووفى، ليس موجوداً لينُتفع من وجوده. إنه وجود أزلي خالد وحسب. وفي الأزلية والخلود لا معنى للنفع أو الفائدة.
آكو كركوكي: (متشككاً) أتعتقد أن هذا الذي تقوله صادق؟ ألا يجوز أن يكون اعتقادك، مجرد وهم أو تصور من تصورات خيالك المنسرح؟
مالوم أبو رغيف: لا، وإلا ما كنت اعتنقته وقلته (باستفهام نفي) لماذا أقول رأياً، إن لم أكن معتقداً بأنه صادق؟ أنا لا أرتاب فيما أقول.. من تخالجه الريبة فيما يقول، فالأحرى به أن يصمت حتى يهتدي إلى قول صادق لا ريبة فيه فيقوله. أوتظنني من أولئك الذين يقولون القول ثم يلحقون به من اللفظ ما يجعله قابلاً للكذب أو النقض، كأن يقولوا: ولكننا مع ذلك لا ندعي أن قولنا هذا صائب فهو يحتمل ألا يكون كذلك؟ أبداً! إن هذا اللون من المراوغة في الكلام، لا أسيغه إطلاقاً.. إن هذا اللون يدل على خوف صاحبه من ألا يكون قوله صادقاً، إنه يدل على ضعف ثقة صاحبه بما يقول وتردده فيه، أو يدل، في أحسن الحالات، على احتياط صاحبه من مغبة الخطأ، إذا ما استُكشف أن قوله ليس صادقاً، وأنا بعيد بعد موسكو عن بغداد عن مثل هذه المراوغات اللفظية المنطوية على معان ودلالات نفسية قلقة.
آكو كركوكي: ولكن الحياة علمتنا أن آراءنا وتصوراتنا ومفاهيمنا واستنتاجاتنا واستقراءاتنا تحتمل ألا تكون صادقة.
مالوم أبو رغيف: ولقد علمتنا الحياة أيضاً، أن آراءنا وتصوراتنا ومفاهيمنا... تحتمل أن تكون صادقة لا ريب في صدقها!
آكو كركوكي: (يداعب أباخس أصابع يده اليسرى بإبهام يده اليمنى متفكراً ساهماً) إنك لترى أن للوجود غاية، وإني لأرى أنْ لا غاية من الوجود. وإنك بعد ذلك لمتمسك برأيك، وإني مثلك لمتمسك برأيي، فأين الحقيقة من كلينا؟ من يحوزها منا بتعبير أوضح؟
( تقرع سمعهما جلبة ركاب يعبرون الممر، تضخمها موسيقى تصويرية تنطلق من خلف الكواليس. يسكتان عن الكلام يتبادلان نظرات استفهام صامتة، ثم يتجهان بنظريهما إلى الباب، وهما يرهفان السمع متقصيين مصدر الجلبة بانتباه وفضول) .
مالوم أبو رغيف: أظن أنهم أعضاء الوفد الأوكراني الموالي للروس، ربما خرجوا ليتناولوا طعامهم وشرابهم في الكافتيريا.
آكو كركوكي: أؤيد ظنك (متسائلاً بابتسامة ذات معنى) ترى ما الذي حمل الوفد الأوكراني على ركوب القطار وليس بينهم فؤاد نمريٌّ كفؤادنا النمري؟
مالوم أبو رغيف: من يدري! فلعل بينهم أيضاً فؤاداً نمرياً، ولكني أرجح أن تكون الضائقة المالية هي التي حملتهم على ركوب القطار.
آكو كركوكي: (مازحاً) ولكني قد أرجح أن يكون الدافع إلى ركوبهم القطار، هو الجمع ما بين جميلتهم، ما اسمها؟ أنستازيا؟ وفارسنا المقدام نيسان سمو الهوزي، ألم تر كيف لزق هذا البغدادي بمؤخرتها المكتنزة كأنما بغراء ألماني أول ما وقعت عينه عليها ثم لم ينسلخ عنها؟ (في دهشة مقرونة بشيء من الحسد) والغريب أن هذه "المزة" تستملحه وتؤثره بصحبتها! قل لي: أليس غريباً أن تستملحه حسناء في مثل طلعتها وتختاره لصحبتها؟ (في شبه سهوم) ألا ما أشد فتنتها! لقد زعزعت فتنتها يقيني... أتعلم؟ يالسذاجتي! لقد كنت موقناً إلى يوم أمس، بأن فتيات كركوك هن أجمل نساء العالم، ولكني مذ أبصرتها، اهتز يقيني بل انقاضّ. (ما بين الجد والهزل) والأوجع من ذلك هو هذا الشرخ المنصدع الذي أحدثته في نفسي بمصاحبته، وأنا الذي على اكتمال رجولتي وحلاوة صورتي واتساع ثقافتي وانتفاخ محفظتي، لم ألق من حسناوات كركوك سوى التعالي والنفور... إنه لأمر محير! ترى ما الذي يجعل أذواق الحسناوات تختلف بين هنا وهناك؟ أهو منطق الجغرافيا حقاً؟ ولكن لماذا لم يشملني هذا المنطق كما شمل الهوزي؟ ألا يحق لي أن أتساءل: بأي شيء اجتذب الهوزي صحبتها؟
مالوم أبو رغيف: ( يلجم ضحكته) اسلُ عن هذا الأمر، وإلا نهشت الغيرة والحسد فؤادك (بلهجة من يعزي) وإنما اختارت أنستازيا الهوزيَّ لصحبتها؛ لأنه يجيد اللغة الروسية التي لا تجيدها أنت. ألم تسمعه وهو يجري مع الرئيس بوتين مقابلة في برنامجه المذاع في الحوار المتمدن؟ ألم تسمعه يقول له "سباسيفا"؟ ثم ألم تسمعه كيف قالها له بطلاقة وزلاقة وسيولة دون أن يرتضخ لكنة بغدادية ولكأنه روسي المنبت أباً عن جد؟ والنساء يحببن صحبة من يجيد لغتهن من الأغراب (بتفصيل) أضف إلى ذلك أن الحسناء الأوكرانية عندما علمت أنه مقدم برامج، تحركت شهوة الظهور والشهرة في أعماقها؛ أعني: قوي الأمل لديها بنيل الشهرة إثر ظهورها في برنامجه العالمي واسع الانتشار "لك الميكرفون" ...
آكو كركوكي: ومن أين علمتَ بكل هذا؟
مالوم أبو رغيف: علمت به من رويدة.. علمته من أديبتنا رويدة سالم أمس في الكافتيريا، ولم تكن أنت حاضراً، لم أرك، ربما كنت حاضراً ولكنْ بعيداً عنا في زاوية من الزوايا المعتمة، تشاكس طلعت ميشو البابلي في سرقة اليهود لتراث أسلافه.
آكو كركوكي: في الكافتيريا؟
مالوم أبو رغيف: نعم، في الكافتيريا، وكنت أنا جالساً إلى المائدة التي جمعت رويدة بأنستازيا وكان الهوزي إلى جانبها في الطرف الآخر الذي يقابلني، يرشف كأساً أشد صفرة من كأس النواسي والدنيا في عينيه المشرقتين بالزهو ليلكية، وكأنه فاز للتو بجائزة الكواكب الأولى للصحافة والإعلام.. (يخفض صوته) وكيف رأيت رويدة؟ أتقل رويدة جمالاً عن أنستازيا؟ ألا تضاهيها فيه؟ الحق أنها لا تقل عنها جمالاً، بل قد أتفق مع النمري في أن رويدة تتفوق على أنستازيا في صفة الجمال الممتزج بالعقل (كمن يفشي سراً) ألم تسمع تنهيدة النمري إثر أول لقاء له برويدة سالم في محطة موسكو؟
آكو كركوكي: لا، ههههه.. النمري!؟ وكيف تنهد؟
مالوم أبو رغيف: أنشد قول الشاعر: ألا ليت الشباب يعود يوماً...
آكو كركوكي: (يقهقه) النمري لا سواه!؟
مالوم أبو رغيف: هس! لا ترفع صوتك فيسمعك خصوم النمري وهم كثر... نعم، النمري هو الذي تنهد! ولم لا؟ ولكني أرجو ألا تسيء الظن به، فهو على الرغم من المفارقات العجيبة في شخصيته الفكرية، رجل وقور عف اللسان والنظر.. ما تنهد إثر لقائه برويدة فأنشد البيت بقصد التعبير عن نزوة طائشة من نزوات الرجال الحارقة البليدة؛ وإنما أراد أن يعبر عن افتخاره بامتلاك حسناواتنا جمالاً يضاهي جمال الأوكرانيات.
آكو كركوكي: وماذا حدث بعد أن اجتمعت رويدة بأنستازيا في الكافتيريا على خوان واحد؟ ارو لي، يلوح لي أنك تخفي عني سراً!
مالوم أبو رغيف: لم يحدث بينهما ما يلفت إليهما الأنظار. لقد تحدثت كل منهما إلى الأخرى بالفرنسية حديثاً ودياً هادئاً كما تتحدث صديقتان. ولكن رويدة أديبة! والأديبة - كما تعلم - إنسان يستعر في داخله فضول منهوم، فضلاً عن أنها أنثى، وللأنثى فراسة وذكاء ودهاء... أبغي أن رويدة تمكنت بمواهبها المسنونة من التغلغل في أعماق أنستازيا وشعابها النفسية الملتوية، وما زالت تتغلغل فيها، حتى وقفت على سرّها، على الرغم من أن ذلك لم يكن هيناً ميسورا؛ فأنستازيا ثقيلة اللسان بالفرنسية ترطن بها رطانة مبغومة ..
آكو كركوكي: وما هذا السر الذي اكتشفته رويدة؟
مالوم أبو رغيف: اعذرني، لقد خانتني الدقة في التعبير، لم تستكشف رويدة سراً... ما سردت حكايتها المشوقة مع أنستازيا إلا لشحذ انتباهك.. سردتها وأنا أروم تذكيرك بأن النساء قد يحببن الشهرة أكثر من حبهن للثروة والجمال، ولمترادفات الثروة والجمال (فجأة) هكذا طبيعة النساء يا أخي! فما عساك تفعل؟ وما عساك تفعل، وقد علمت قبل ذلك أن النساء يشغف فؤادَهن الغريبُ؟ هل تلومهن؟ هل تحسب ذلك عيباً أو نقيصة فيهن؟ كلا! إن ميلهن إلى الغريب وشغفهن به، ضريبة فطرية أبدعتها الطبيعة فيهن (يسدل على وجهه وشاحاً من التأمل) وإنما لعلة أوجدت الطبيعة هذه الضريبة، في النساء. وإن النساء - إن لم تقهرهن قوة أشد عتواً من إعصار فترغمهن على أن يخمدن نداء هذه السجية الصارخ في أعماقهن - ينقدن انقياداً عفوياً لأمرها، كما ينقدن لنداء غرائزهن الأخرى.
آكو كركوكي: (منكراً) ضريبة، سجية؟ ينقدن لها؟ (ثم بزجر) ما هذا الكلام!؟
مالوم أبو رغيف: (في أسى) يخيل إلي أحياناً، أنك لا تزجرني عن الحقائق التي أجيئك بها إلا لأنها تجيئك مني وحسب. (متظلماً) كل ما هو مني وإن كان صادقاً ليس بشيء عندك، فأما الذي يجيئك من غيري، فإنه – وإن لم يكن صادقاً – فشيء ممتلئ بالفوائد.. حقيقة ممتعة تهش لها وتبش وتروح تبشر بها في كل مناسبة وفي كل ناد، كما هششت وبششت لما جاءك به يعقوب أبراهامي من خزعبلات نظرية الكم في نقض ديالكتيك الطبيعة.
(يفتح الباب على حين فجأة، يطل منه حسين علوان حسين منطلق الأسارير، بأناقة مستحبة تليق بأستاذ جامعي مخضرم عريق. بيميناه كوب من الشاي. ينقّل بصره بين الاثنين بدهشة مفتعلة)
حسين علوان حسين: ألا تستحيان من طول مكثكما في الفراش؟ (مقرعاً بمرح وجذل) يا للعار! حتى الثمانينيون منا ومن الآخرين تركوا أسرتهم من ساعات الصباح الأولى ومضوا إلى الكافتيريا يزلطون اللهو والأنس زلطاً.. يتعارفون ويتواددون ويتبادلون الخبرات، وأنتما نائمان الظهر. يا للخزي! ما بكما... ؟(يتفتنّ في تقريعهما) شباب نوّم، شباب لكأنهم في مسوك الثعالب مذعورن من جمال الدنيا وبهجتها! هيا "تنبهوا واستفيقوا..." ألا ساء الخمول خمولكما! (ها ها ها.. يضحك) اسمعا، اسمعا آخر نكتة ألقاها جان نصار في الكافتيريا على مسمع الجميع. خسارة! إنها لخسارة فادحة أن فاتتكما دعاباته اللطيفة! (يتهيأ بحركات بدنية تناسب شخصية الراوي لطرفة غير آبه بما طفح فوق وجه الكركوكي من تذمر أفصح عن استيائه أن يرغم على سماع نكتة ليس الوقت ملائماً لها) أتسمعانّي؟ أحم، اسمعا.. قال النصار إذ مالت إليه الآذان والأعناق: تخيلوني، أيتها السيدات، أيها السادة، ديكاً، همم.. هل تخيلتموني ديكاً؟ حسناً فعلتم! قال ذلك قبل أن تصل أذنيه همهمة المحيطين به. انتبهوا أيها الأصدقاء، أنا الآن في خيالكم ديك لا دجاجة، ما أنا؟ صرخ الجميع ضاحكين بهرج ومرج ما عدا نبيل عودة الذي بدا وكأنه لم ترق له حركات النصار، وكان واقفاً بإزائي : ديك لا دجاجة، ديك لا دجاجة. قطب النصار حاجبيه الكثين، وهو يجيل الطرف فيهم تقطيبة الجد، وقال: أيتها السيدات أيها السادة عليكم في هذه اللحظة أن تعلمن، أن تعلموا من أين جاء ديككم هذا، أمن البيضة أم من أمه الدجاجة؟ فأجاب بعضنابتلقائية: من البيضة، من البيضة. وأجاب بعضنا الآخر: من الدجاجة، من الدجاجة. فرد النصار بحزم وجد: لا، لا، لا.. هذا غير جائز أيها الأصدقاء! فإما أن يكون الديك من البيضة، أو أن يكون من أمه الدجاجة، فاختاروا أيها السادة، وأنتن أيتها السيدات، جواباً واحداً من فضلكم وفضلكن؛ فلا يعقل أن يكون الديك الذي هو أنا إلا من مصدر واحد. هيا اتفقوا، اتفقن، فيما بينكم، فيما بينكن، على جواب واحد: أمن البيضة ديككم أم من الدجاجة؟ من البيضة، من البيضة... هتف الجميع بهذا. فابتسم النصار عندذاك ابتسامته العابثة الماكرة وأخرج من جيبه بيضة ملونة وقال: هذا هو الجواب الصحيح، وشكراً لكم! وقعد على الكرسي ساكتاً بلا مبالاة ومد يده إلى كأسه والكل يرمقه منتظراً بشغف انفراط عقد النكتة. فلما طال سكوته وانشغل عنا بالتلذذ بشرابه، سأله قاسم حسن محاجنة باستغراب: ولكن أين النكتة يا أبا نصار؟ لم أسمعك تقول شيئاً. فبادره النصار والجد مرتسم على صفحته قائلاً: النكتة يا عزيزي، أنك لم تسمعني أقول شيئاً. مضت ثوان على ما قال والجميع واجم، وفجأة دوت في الكافتيريا عاصفة من الضحك، حتى الأجانب الذين لا يفهمون العربية ضحكوا واستغرقوا في الضحك... ها ها ها أليست نكتة مضحكة؟ (مندهشاً من عبوسهما) ولكنْ لم لا تضحكان؟ ألم تعجبكما!؟ (ثم باستهانة ملتمساً لهما العذر) يبدو أنكما لم تفهماها.
مالوم أبو رغيف: (ببرود فظ) وأنت؟ هل فهمتها؟ فماذا فهمت منها؟
حسين علوان حسين: (يحكّ صدغه) الحق أنني لم أفهم منها شيئاً.
آكو كركوكي: ومع ذلك تضحك لنكتة لم تفهم منها شيئاً!
حسين علوان حسين: ومم تعجب؟ أتعجب أني أضحك لنكتة لم أفهم منها شيئاً؟ ألا فاعلم أن خير النكات، نكتة تضحك وهي فارغة من المعنى. النكتة ليست بمعناها وإنما بخفة دم من يلقيها وبظرف حركاته وبأسلوب إلقائه لها.
آكو كركوكي: أنا أضحك عند قراءتي لنكتة في صحيفة أو كتاب أو على موقع على الشبكة، فكيف تفسر ضحكي وأنا لا أرى صاحب النكتة؟
حسين علوان حسين: (متجاهلاً سؤاله كأنه لم يسمعه، ثم فجأة) أكنتما في سيرة الأبراهامي؟ سمعتكما تتحدثان عنه.
آكو كركوكي: لا، لم نكن في سيرته. وإنما جاء ذكره عرضاً على لسان مالوم.
مالوم أبو رغيف: (يسأل حسين علوان حسين) أَتدري لماذا تخلف الأبراهامي عن الوفد؟
آكو كركوكي: لم يتخلف الأبراهامي عن الوفد، بل رفض الانضمام إلى الوفد، هذا الصحيح وهذا الذي يجب أن يقال.
مالوم أبو رغيف: رفض؟ كيف يرفض الانضمام إلى الوفد، وهو واحد من الذين تداعوا للمشاركة في المؤتمر؟
آكو كركوكي: إنه الحذر! أعني: ربما خاف أن يتعرض للمتاعب بانضمام علاء الصفار، وعبد الرضا حمد جاسم، ومكارم ابراهيم، وطلال الربيعي إلى الوفد. ألم يبلغكما أن عبد الرضا أطلق عليه رصاصة وعيدٍ من خلف حاسوبه وكاد يرديه، على بعد المسافة وطولها بين باريس وتل أبيب، لولا أن حالت دون ذلك شاشة حاسوب الأبراهامي الصلبة كجدار سور قدّ من صخر حسبما جاء في وصفه لها في رده على عبد الرضا.
حسين علوان حسين: (يضع كوب الشاي من يده على الطاولة بعد أن يحتسي ثمالته مرة واحدة) هراء! (يخاطب الكركوكي بغلظة) هي عادتك أن تفسر الحوادث على ضوء أوهامك. أنت تجهل لماذا امتنع يعقوب أبراهامي عن الالتحاق بالوفد، ورغم جهلك بأسباب امتناعه، تجيز لنفسك أن تختلق أسباباً وهمية تفسر امتناعه عن الالتحاق بالوفد!
آكو كركوكي (منفعلاً) أنا لا أختلق أوهاماً، أنا لا أكذب، من فضلك...! إنني أفسر نكوصه عن الوفد على ضوء الوقائع التي شهدتها وقعت له مع خصومه.
حسين علوان حسين: (في لين ومسايرة) عزيزي آكو، اختلاق شيء من وهمنا، لا يعني أننا نكذب. أنا لا أكذّبك وإنما قصدي أن أنبه إلى توخي الدقة في تفسير غياب الأبراهامي. ولأنني - وإن كنت لا أجهل أسباب المودة الحديثة التي تربط بينكما - أعلمُ منك بطباعه وأفكاره ومواقفه. أليس هذا الرجل أبا يوسف!؟ أليس بيني وبين أبي يوسف عشرة مديدة، عشرة لم تفقد نكتها العراقية الطيبة برحيله عن العراق إلى إسرائيل...
مالوم أبو رغيف: (مقاطعاً في ضجر) ياقوم، نحب أن نعرف علة غيابه... ما سبب غيابه؟ هل أخبر أحدكما بغيابه أيها السادة؟
حسين علوان حسين: وهل نحن بحاجة إلى أن يخبرنا بأسباب غيابه، لكي نعلم أسباب غيابه؟ إن أسباب غيابه، بل قل سبب غيابه، غنية عن الإخبار.
مالوم أبو رغيف: إذن فأنت على علم محقق بالذي حال دون التحاقه بنا.
حسين علوان حسين: أجل! ومن ذا الذي قال غير هذا؟ أجل، عندي علم بذلك (منتقلاً إلى موضوع مماثل بقفزة) كما لي علم بالسبب الذي حال دون التحاق وليد يوسف عطو بنا. أتعلمان لماذا لم يلتحق وليد بالوفد هو الآخر؟ أصحيح أنه آثر ألا ينضم إلينا نفوراً من محضري كما تزعم ليندا كبرييل؟ ولكني لم ألحظ على وجهه نفوراً مني أو هَريرة، عندما التقيت به على مدخل مطار بغداد وهو يودع (ك . م) بل رأيت شعاعاً لطيفاً وادعاً سمحاً ينطلق نحوي من نظارته الصافية، لحظة صادفته، معبراً بوضوح غير معتكر عن ارتياحه إلي، ومحبته لي، وسروره بمصادفة التقائه بي، على الرغم من أنني كنت كنست آراءه في الحوار المتمدن، كما تعلمون، بمكنسة حلبية لا ترحم كُناسة مهما تدق.. ماذا؟ الحق أنني لم أدهش عندما رأيت ذلك الشعاع اللطيف الوديع المهذب ينطلق نحوي من مقلتيه.. ولماذا أدهش؟ إن وليداً - إن كنتم لا تعلمون - يجل القديس بولس، ويحاول بإخلاص أن يقتدي به في المحبة والتسامح والزهد ونكران الذات واجتناب الفواحش، فهل أدهش؟ أبداً! كنت سأدهش لو أنه قابلني بتكشير بغيض ولؤم قبيح، ولكنت – ربما - شهّرت بتناقضه في كل واد. فإن أبغض الأشياء إلى نفسي أن تتصف شخصية المرء بالتناقض؛ بالتناقض بين أفكاره و أفعاله.. ولست أروي كل هذا عن وليد إلا لأري رفيقنا النمري خطل رأيه في استبعاد الأخلاق التي تحض على المسالمة والنبالة عن مجتمعنا القادم. إني ما زلت مؤمناً بأن مجتمعنا القديم ما كان له أن ينهار هذا الانهيار المخزي، لو كنا أشعنا فيه أخلاقاً نبيلة؟ لله در شوقي! ألم يكن أحمد شوقي بارعاً عندما صاغ هذا المعنى الجميل للأخلاق في بيته المشهور " وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت..." ؟ ماذا؟ أتظنان أني أثرثر أو أغني موالاً فوق ساقية، لا يا صاحبيّ، هذا الذي أقوله ليس ثرثرة.. هذا نقد لأطروحة رفيقنا النمري الأخلاقية. والنقد مشروع لدينا، النقد ضروري لنا ضرورة الكهرباء... إنه أسّ التقويم (بانعطافة حادة) فأما ليندا، فما الذي أغراها بي، وأغواها باتهامي أنني الذي نفّره من الانضمام إلى الوفد؟ لا أكاد أجد سبباً واحداً يبرر أن تتهمني ليندا بأ...
آكو كركوكي: (يقاطعه) ولكن ليندا لم تتهمك بأنك أنت الذي نفرته. لقد كنتُ حاضراً أمس عندما دار بينكما حديث وليد، وكان عبد الرضا حمد جاسم حاضراً أيضاً. ليندا سيدة جميلة اللفظ، رقيقة الشعور، لا تصدر عنها تهم رُعْن. أذكر أنها سألتك بمنتهى البراءة: ما الذي منع وليداً من الالتحاق بالوفد؟ فأجبتها، نقلاً عن عبد الرضا أغلب الظن، قلت لها: إنه منهمك بإعداد مقالاته للطبع، ثم مضيتما في الإشادة بجهوده، وعبرتما عن أسفكما لغيابه. أليس هذا الذي حدث بينكما بالفعل؟
حسين علوان حسين: أهذا الذي حدث حقاً!؟ إذن فقد وهمت فيها وأنا أريد واحدة أخرى سواها؟ أترياني وهمت؟ لا استبعد ذلك، فذهني يكده أحياناً طولُ إعماله. ولكن، مهما يكن، فإنني لا أبغي شراً بأحد، بل أحاول التوفيق والجمع بيننا، أحاول ما استطعت نبذ الفرقة عنا..
مالوم أبو رغيف: (بصبر يكاد ينفد) يا أبا نورس، أرجوك ! (يخاطب حسين علوان حسين بكنيته) ما لنا الآن شأنٌ بالجمع والفرقة، ولا لنا شأن بحديث أم عمرو.. نريد الآن أن تذكر لنا علة غياب الأبراهامي، ما دمت تزعم أنك تعلمها!
حسين علوان حسين: أعلمها؟ ومن قال إنني لا أعلمها؟ من منكما يرتاب بعلمي؟
مالوم أبو رغيف: (كاظماً غيظه) لا أحد يرتاب بعلمك يا أبا نورس، فدع عنك هذا، وهات الجوهر! هات الجوهر قبل أن يهاجمني الصداع، أرجوك!
حسين علوان حسين: الجوهر؟ أيَّ جوهر تطلب يا عزيزي؟ (يتوقف عن الكلام قليلاً باحثاً عن كلمات) لا تقلقا، لا يفرغ صبركما، سأخبركما بما أعاق الأبراهامي عن الالتحاق بنا من كل بد، أعدكما.. ولكن عليّ قبل ذلك أن أشرح لكما أمراً يختص بليندا كبرييل ما دامت سيرتها حضرت... فإن ليندا وإن كانت حسنة المعاني والألفاظ، وإنها وإن كانت تتمتع بلياقة بدنية عالية سيجلب استثمارها في مجتمعنا الذي سنبنيه قريباً، فوائد عقلية وبدنية جمة لنشئنا الجديد، فإنها أحياناً...
آكو كركوكي: (يقاطعه ثانية بلهجة أقرب إلى التهكم) نعلم ما الذي ستقوله عنها، فلا تكمل!
حسين علوان حسين: (متحدياً) ما الذي سأقوله؟
آكو كركوكي: ألن تقول إنها تمارس نقداً لبعض الظواهر الاجتماعية بمنهج لا يتفق مع المنهج الماركسي، وأنها تغمس قلمها في قضايا ليست من شأنها هي، وإنما هي من شأن غيرها؟
حسين علوان حسين: كلا!
آكو كركوكي: جواب متوقَّع. أوَتظن أنني مائر خفيف العقل فأتوقع أن تصادق على علمي بما كنت ستقوله بنعم؟ حسناً، فإن لم يكن هذا هو الذي كنت ستقوله - وهو الذي كنت ستقوله - فهل لنا أن نعرف ما الذي كنت ستقوله عنها؟
مالوم أبو رغيف: (بكثير من الضجر) أوهووو علينا! هلا كففتما عن المماحكة المزعجة! كفا عنها... أتوسل إليكما! نريد أن نعلم ما الذي منع الأبراهامي من الانضمام إلينا؟
حسين علوان حسين: (بنرفزة) وأنت الآخر؟ ما حكايتك؟ لماذا تريد أن تعلم لماذا لم ينضم الأبراهامي إلينا بكل هذه الرغبة المتقدة؟
مالوم أبو رغيف: (برفق) أنسيت يا أبا نورس، أنك وعدتنا بالكشف عن سبب غيابه عنا؟
حسين علوان حسين: مناقشتكما تنسي المرء ماذا شرب في التو.. أوَعدتكما بذلك حقاً؟
مالوم أبو رغيف: أجل، لقد وعدتنا، أنسيت!
حسين علوان حسين: لا، لا.. لم أنس، ولكنني نسيت للحظةٍ، "بفضل" صاحبك هذا (يشير برأسه نحو الكركوكي) أنني لم أنس... سأكشف لكما عن سر تخلفه عنا. لا بد من أن أكشف لكما عن سر غيابه، ما دمت وعدتكما بذلك، إن وعد الحر دين. الأبراهامي كما أخبرتكما ما تخلف عن اللحاق بنا إلا لغاية.. ولعلكما تسألاني: ولكن كيف علمت دونكما أنه تخلف عنا لغاية؟ الحق أنني ما علمت بذلك إلا عندما تفقدته ولم أعثر عليه بيننا، فهاج في نفسي عين السؤال الذي هاج في نفسيكما: لماذا لم يلتحق الأبراهامي بنا؟ بيد أنني سرعان ما اهتديت إلى الجواب، سرعان ما علمت أنه ما امتنع عن اللحاق بوفدنا إلا ليختلق حجة عملية ينقض بها حجتي الدامغة على فساد رأيه في مبدأ الصراع. نعم الصراع! ألا تتذكران نفي الأبراهامي "قانونية" مبدأ الصراع؟
مالوم أبو رغيف: (بحيرة) بلى! ما زلت أذكر الجدال الذي دار بينكما حول مبدأ الصراع، ولكن ما العلاقة بين ذاك الجدال، وبين غيابه؟
آكو كركوكي: (بقسوة) وأذكر أنه عزّك يومذاك في الرد، وأزرى بمنطقك، وقهر حجتك.
حسين علوان حسين: (محملقاً فيه) هو!؟
آكو كركوكي: أجل، هو! وأنا أيضاً فعلت مثل فعله فأثخنت في "خرافة" ديالكتيكك، وأي إثخان! ألا تذكر؟
حسين علوان حسين: أنت!؟
آكو كركوكي: نعم، أنا!
حسين علوان حسين: ومتى كان ذلك؟ وكيف كانت حجتك على الديالكتيك؟ بل أين أنت من هذا العلم الشريف؟
آكو كركوكي: حذار! الديالكتيك ليس علماً.. نعم، ليس علماً! ولو كان علماً، لكانت له اختراعات ومكتشفات وتطبيقات عملية. الديالكتيك، في أحسن أحواله، منهج من مناهج التفكير، فإذا حاولت أن تدس أنفه في شؤون الطبيعة، أحلته إلى خرافة بئيسة، كما بيّن الأبراهامي ذلك في جداله معك، وكما بينته أنا أيضاً. ألا تذكر قولي لك: "إن ماركس ، أو إنغلز، يرى مثل هيغل أن هناك ثلاثة قوانين، هي: الكم والكيف، وصراع الضدين، ونفي النفي. وهذه القوانين برأيه تحكم كل الأشياء: الطبيعة وعلومها، التاريخ، والمجتمع، والاقتصاد، والموسيقى، والفن، وكل مايخطر ببالك... "
حسين علوان حسين: (يلوح بذراعه في الهواء يبغي إسكاته) كفى! لا داعي لسرد اعتراضك مرة ثانية، كفى! فأنا أذكر ما قلته لي، كما أذكر أن حجتك كانت كحجة الأبراهامي يومذاك أوهى من وشاح من ضباب.
آكو كركوكي: هذا ما تقوله أنت في حجتنا، وأنت؟ من أنت؟ أنت الخصم، ولست الحكم...ثم ما قولك: كانت حجة واهية!؟ كلا.. لم تكن حجته واهية ولا حجتي كانت واهية.
حسين علوان حسين: (في سخرية) وماذا كانت حجتك؟
آكو كركوكي: ( متضاحكاً وقد تنبه لعثرة حسين اللفظية) تذكر أن حجتي كانت واهية، ومع ذلك تسألني: ماذا كانت حجتك؟ ههههه... أهذا كلام معقول!؟(يصطنع قدراً من التسامح) لا بأس، لا تحزن! لن أحاسبك على هذا الخطأ، ولكن دعني أذكر لك حجتي مرة ثانية، وسأترك لك بعدها وقتاً كافياً للتفكير في نقضها، وفي دفعها إلى الأبد عن ساحة العلم والمنطق (بتدفق من غير أن يدع لأي منهما فرصة لمقاطعته) وإليك حجتي باختصار، إليكها: " وجود فكرة يُحتم تولد نقيض لها، ويحتم بالتالي الصراع، ويحتم بالتالي نشوء توليفة من النقيضين، وعلى ضوء هذه الآلية، يمكن تحديد المسار، والبداية، والنهاية، لتطور وحركة الفكرة أو المادة، مثلما يمكن تحديد حركة، وموقع أي جسيم بمعرفة قانون الحركة الفيزيائية. ومعرفة أن كل خطوة هي سبب للخطوة التي تليها. ولكن هل يقر العلم بهذا النوع من المنهجية، وطرائق التفكير؟ لا، قطعاً! فأما يعقوب أبراهامي، بتناوله لنظرية الكوانتم واعتماده على منجزات الفيزياء الحديثة، فقد استطاع أن يثبت لك أن ليس هناك مايحتم وقوع أي شيء، وإنما هناك إحتمالية لوقوع الشيء... فالألكترون، مثلاً، وفي مساره حول النواة، يمكن أن يتواجد بمكانين. وهو يتصرف وكأنه يعرف أن هناك من يراقبه...وإلخ. إذن فإن الفيزياء الحديثة تعتمد النسبية واللاتحديد والاحتمالية، مثل رمي النرد، وليست تعتمد السببية والتحديد والحتمية كما هو الحال في توليفتك الديالكتيكية"...
(تسمع طرقات قوية على الباب، يعقبها مباشرة فتح الباب دون انتظار جواب. يظهر أنور نجم الدين بزيه الكامل. إلا أنه يبدو وكأنه نسي أن يسرح شعره)
أنور نجم الدين: (على الفور حتى دون أن يلقي التحية عليهم) خرجت للتو من عربتي، فسمعت أصواتكم المرتفعة، ما خطبكم؟ أعدتم إلى التهاوش حول الديالكتيك؟ أعجب لكم عجباً! أما مللتم هذا الموضوع السخيف!؟ أخبروني بحق وليّكم هيغل: ماذا يفيدنا أن نشغل عقولنا بالكلب غفروش؟ ماذا يفيدنا أن نعلم أن تعيين شيء ما، هو نفي أو سلب؟ يا أصيحابي، يا أصيحابي، الديالكتيك ليس خرافة لا يُنتفع بها وحسب، إنه عقيدة من جملة العقائد المسيحية، فمتى ستعون هذه الحقيقة! أما آن لكم أن تستيقظوا من سباتكم الخامل؟ اسمعوا إذاً: ألم يكن هيغل صانع الديالكتيك الأول مسيحياً؟ ألم يبق هيغل وفياً لمسيحيته حتى آخر أيامه؟ إذاً فإن ما أنتجه هيغل لا بد أن يمت إلى المسيحية بجذر. والمسيحية عقيدة دينية، فكيف تنجذبون بهذه الحميّة إلى عقيدة دينية، وتغلفون عقولكم بمسوحها وأنتم – أصلاً - لا تؤمنون بالعقائد الدينية، ألا تستحون من تناقضكم!؟
( لا يعبأون بوجوده، ولا يكترثون بمقالته، فيفر من إهمالهم، يتجه إلى جمهور الصالة ويخاطبه حاطّاً من قدر أصحابه بلفظ لاذع)
أنور نجم الدين: هؤلاء هم علماؤنا وفلاسفتنا وأدباؤنا أيها الأفاضل! وما دام هؤلاء هم علماؤنا وفلاسفتنا وأدباؤنا؛ فلماذا نجهد أنفسنا بالنبث عن أسباب تخلفنا؟
(تصفيق متقطع في الصالة، يحيي الجمهور بانحناءة ثم يستقيم بجذعه ويدور على عقبيه نصف دورة باتجاه اليسار مثل جندي يؤدي تمرين نظام منضم، ثم يندفع باتجاه الباب)
مالوم أبو رغيف: (يكاد يخرج عن طوره) يا جماعة، يا جماعة! لقد شبعنا من هذا الكلام، أوفيناه حقه، قد قال فيه كل واحد منا قولته، فلماذا التكرار، واستعادة ما مضى؟ لماذا المماحكة؟ أنا الآن أحب أن أعلم لماذا تخلف الأبراهامي عن الوفد... ما سبب غيابه؟ هذا الذي أحب أن أعلمه الآن.
حسين علوان حسين: ( يهرش ناصيته وهو يذرع المساحة الضيقة بانفعال)
آكو كركوكي: (يقهر رغبته الجامحة في استعادة ما مضى ومواصلة النقاش فيه) هو الذي يجب أن يخبرنا بالسبب، فلماذا لا يفعل؟
حسين علوان حسين: (ينجح بعد لأي في التخفيف قليلاً من انفعاله) ولماذا أنا؟ ألستَ يا آكو من أصفيائه وبينكما مراسلات، فلماذا لا تعلم سبب غيابه عن الوفد، كما أعلمه أنا؟
مالوم أبو رغيف: يا أبا نورس، يا أبا نورس، أنت الذي صرحت بأنك تعلم سبب غيابه. آكو كركوكي لا يعلم سبب غيابه علم اليقين. آكو كركوكي يظن أن سبب غيابه، وجود فلان وفلانة من أصدقائنا العراقيين الذين تعرفهم وتعرف موقفهم المعلن منه بسبب انتمائه. والظن غير العلم...
حسين علوان حسين: متى امتنعت عن إخباركما بما أعلم؟ ألست أنا الذي ودّ منذ البدء أن يخبركما طوعاً بما يعلم من أمر غيابه؟ ولكنكما لم تتركا لي فرصة لأخبركما بما أعلم من أمر غيابه؟
مالوم أبو رغيف: والآن؟ ألا ترى الفرصة مؤاتية للإخبار بما تعلم؟
حسين علوان حسين: بلى، إني لأراها كذلك
مالوم أبو رغيف: فما دمت تراها كذلك، فما الذي يمنعك من اقتناصها؟
حسين علوان حسين: (بحدة) لا شيء يمنعني من اقتناصها!
مالوم أبو رغيف: إذن فقل لنا ماذا تعلم؟
حسين علوان حسين: أعلم سبب غيابه.
مالوم أبو رغيف: (متصابراً) أعلم أنك تعلم سبب غيابه، ولكن ما سبب غيابه؟
حسين علوان حسين: اسأل الكركوكيَّ! هل يحب الكركوكي أيضاً أن يعلم سبب غيابه؟
آكو كركوكي: (مبتسماً بتكلف ابتسامة حائلة) ولماذا تظن أنني لا أحب أن أعلم سبب غيابه؟
حسين علوان حسين: لأنّ في العلم بسبب غيابه، نقضاً لحجتك التي أقمتها دون تبصر على الديالكتيك.
مالوم أبو رغيف: إذن، فهي سانحة طيبة أن تنقض حجته، فما ترددك؟
حسين علوان حسين: لا أتردد... أنا ماض في نقضي لحجته. ولكن قبل ذلك عليّ أن أذكّركما بأن الأبراهامي ادعى أنه وزوجته الفضلى أم يوسف ليس بينهما صراع، كي يدعم رأيه في نفي أن يكون مبدأ الصراع حقيقة شاملة لكل الموجودات، وكي يتمكن بعد ذلك من الإجهاز على الديالكتيك بطعنة نجلاء..
مالوم أبو رغيف: لا داعي لتذكيرنا بذلك. أنا أذكر ذلك بوضوح، وأذكر معه رد عبد الرضا جاسم عليه...
آكو كركوكي: وكان رد عبد الرضا خشناً...
مالوم أبو رغيف: (يخاطب الكركوكي) أتفق معك في هذا. لقد كان رد عبد الرضا عليه خشناً فعلاً، كان فظاً إذ طعن في أمور مما تتصل بحياة الأبراهامي الخاصة، ما كان ينبغي أن يطعن فيها (يلتفت إلى حسين علوان حسين) بيد أني لا أذكر ردك على ادعائه؟
حسين علوان حسين: لم أسرع حينها في الرد عليه، كما أسرع عبد الرضا، لأنني لم أكن أملك حينها دليلاً ملموساً ينقض ادعاءه.
آكو كركوكي: وهل تملك الآن دليلاً ملموساً؟
حسين علوان حسين: بلا ريب، وهو الآن في يدي.
مالوم أبو رغيف: فأرنا إياه من فضلك، قبل أن تنفقع مرارتي!
حسين علوان حسين: ثمة مبدأ فيزيائي عرضه محمد زكريا توفيق في إحدى مقالاته العلمية، يقول: "كل جسم مشحون بشحنة كهربائية، يخلق حوله مجالاً كهربائياً. داخل هذا المجال إذا وضعت شحنة أخرى، فإنها تنجذب أو تتنافر مع الشحنة الأصلية. فأما الشحنات المتماثلة فتتنافر، وأما الشحنات المختلفة فتتجاذب" تمهل يا آكو لا تقاطعني حتى أتم كلامي! دعني أسألك: هل فكرت يا آكو في الشحنات المختلفة التي تتجاذب؟ هل سألت عقلك: لماذا تتجاذب الشحنات المختلفة، وتتنافر الشحنات المتماثلة؟
آكو كركوكي: وما أدراني؟ إنها طبيعة الأشياء!
حسين علوان حسين: لا تدري؟! ولكنك لو كنت فكرت لدريت. بيد أنك لا تفكر. لا، المعذرة! قد تفكر، لا أحب أن أجردك من التفكير فأظلمك، ولكنك لا تفكر إلا بما يوافق هواك ويؤيد رأيك. اسمع! أليس الزوج ينجذب إلى زوجته وزوجته تنجذب إليه؛ لأن بينهما اختلافاً في التكوين العضوي؟
آكو كركوكي: ( مترقباً لا يجيب)
حسين علوان حسين: إذاً فالاختلاف بين الزوجين حقيقة لا لبس فيها. وما هو الاختلاف؟ ما هو الاختلاف أيها السيدان، إن لم يكن قائماً على التضاد؟ والتضاد؟ ما التضاد في حركته إن لم يكن صراعاً؟ مهلاً، أعرف أنك ستسألني: وأين يتبدى الصراع بين الزوج والزوجة؟ أعرف أنك ستتساءل: أتراه يتبدى، كما في وهم الأبراهامي، في الخصام والشجار والضرب، أو تراه يتبدى في سعي الواحد منهما إلى أن يمحو وجود الآخر، كما تسعى النار إلى محو وجود الماء بتحويله إلى بخار، ويسعى الماء إلى إطفاء لهيب النار؟ ألن تسألني هذا؟ ستسألني هذا بلا ريب، وسأجيبك على الفور دون تردد: كلا! إن للصراع في الطبيعة وفي الحياة فنوناً وأفناناً وأصنافاً وألواناً؛ ولذلك فلا يجوز أن يتوهم المرء أن لا صراع بين الزوجين، إن رأى حياتهما وقد توّجتها المحبة، وإن رأى حياتهما وقد سادها الوئام، وإن رأى حياتهما وقد انعدم فيها الخصام.
آكو كركوكي: تفيض في الكلام، ولا تقترب من اللباب... فما دمت يا عزيزي، معتقداً بوجود صراع بين الزوج والزوجة، فلماذا لا تذكر لنا لون هذا الصراع؟ إنك لم تذكره، لم تحدد موقعه بين الزوجين بدقة! فإنه لا يجدي، لا يجدي أن تقول إن بينهما صراعاً وتسكت عن الإخبار عن لون هذا الصراع، وموقعه في حياة الزوجين؟
حسين علوان حسين: كأني بك بعد كل هذا تستريب، لا بل تنفي وجود الصراع بين الزوجين. عجيب أمرك يا أخي! كيف تستريب أو تنفي وجود الصراع بين الزوجين وقد دللتُ عليه في التو بأسلوب واضح وإن لم يكن مباشراً ؟ فإن كنت ما تزال تستريب أو تنفي وجوده، فقل لي، لطفاً، كيف ينتج الزوجان أطفالاً من غير أن يصارع أحدهما الآخر داخل مخدعهما؟
آكو كركوكي: (ضاحكاً) أوَتعني أن ممارسة الجنس لون من ألوان الصراع؟
حسين علوان حسين: ( يتهيأ للرد ولكن الكركوكي لا يمهله )
آكو كركوكي: إن كنت تعني أن ممارسة الجنس بين الزوجين لون من ألوان الصراع، فماذا تقول عن الذين فقدوا القدرة على ممارسة الجنس؟ ثم ماذا تقول في زوجين من المثليين لا ينتجان أطفالاً، وأنت ترى إنتاج الأطفال دليلاً على وجود الصراع ومظهراً من مظاهره؟ بل ماذا عن زوجين من هؤلاء المثليين، وهما، وفق تمثيلك الفيزيائي، شحنتان متماثلتان، والشحنات المتماثلة تتنافر ولا تتجاذب، فلماذا لا يتنافر المتماثلان في حالة المثليين؟
مالوم أبو رغيف: (يحاول النهوض فيصطدم رأسه بسقف العربة، يتلمس موضع الصدمة الخفيفة من رأسه، ويجلس على حافة السرير مدلياً ساقيه إلى الأسفل) فليتنافر المتماثلان وليتجاذبا، ما لنا ولهما؟ أئذا تنافر المتماثلان أو تجاذبا، أدركنا سبب غياب الأبراهامي؟ يا أبا نورس، سنصل فلاديفوستوك، قبل أن نصل إلى ما تعلمه من أمر غيابه، أتوسل إليك...! أفصح عن السبب، فقد جف حلقي، ولا بد لي من الذهاب إلى الكافتيريا.
حسين علوان حسين: وأنا أيضاً، لا بد لي من الذهاب إلى الكافتيريا. يجب أن أذهب إليها في الحال.. فلا يستطيع أن يطفئ ما يوقده هذا الكركوكي في نفسي من الانفعالات المحرقة، سوى الفودكا والكافيار.
مالوم أبو رغيف: (في يأس ضارع) أتذهب قبل أن نعرف منك السبب؟
حسين علوان حسين: (يستعد للخروج) سبب !؟ لقد ذكرت لكما السبب، ولكنكما خاملا الذهن، فلم تتمكنا من إدراكه، فما ذنبي أنا؟
مالوم أبو رغيف: (متعجباً) متى ذكرته؟
حسين علوان حسين: متى؟ بل قل متى لم أذكره؟ يلوح لي أن إفراطك في النوم، شوش ذاكرتك وهوشها.
مالوم أبو رغيف: (في رجاء) هبنا خاملي الذهن مشوشي الذاكرة، ألأننا كذلك يا أبا نورس، تضن علينا بما تعلم؟!
آكو كركوكي: (باستفزاز) لو كنت تعلم شيئاً، لنطقت به في الحال. أنت لا تعلم شيئاً وكفى...!
حسين علوان حسين: (غاضباً) لا أعلم شيئاً؟ فمن سواي يعلم أن الأبراهامي ما التحق بالقافلة، إلا ليقيم البرهان على أن لا صراع بينه وبين أم يوسف، فيهدم بذاك البرهان رأيي؟ من سواي يعلم أن أم يوسف رغبت إليه ألا يلتحق بنا، ها؟ من؟ ها؟ والآن فكرا بعقليكما بل بطنجرتيكما الفارغتين، واستنتجا: ما الذي كان سيحدث لو أنه رفض الانصياع لرغبتها، ها؟
مالوم أبو رغيف: (مقلداً إياه) ها؟ لا شيء! أليس يمكن ألا يحدث بينهما شيء من الصراع، ها؟ فإن النساء ساكنات ريح، إنْ قستهن بالرجال، وهن أوسع خلقاً من الرجال، وأكثر تسامحا،ً وركانة؛ ولذلك فلا أظن أن أم يوسف، كانت ستصارعه لو أنه عزم على الانضمام إلينا قهر رغبتها.
حسين علوان حسين: كيف حق لك أن تظن أن أم يوسف لن تصارعه، وأنت لا تعرف من هي أم يوسف، ولا تعرف طباع أم يوسف وشمائلها؟
آكو كركوكي: وأنت؟ كيف حق لك أن تعتقد أن أم يوسف ستصارعه، وأنت أيضاً لا تعرف طباع أم يوسف وشمائلها؟
حسين علوان حسين: (محتجاً) أنا!؟ أأنا لا أعرف طباع أم يوسف زوجة صديقي أبي يوسف!؟ من قال لك إني لا أعرف طباعها؟ من؟ ها؟
آكو كركوكي: لا بأس...! فلنسلم لك بأنك تعرف طباعها، ولكن ألا يمكن أن تخرج أم يوسف مرةً عن طباعها؟
حسين علوان حسين: بلى!
آكو كركوكي: إذن فإنك تقرّ بأن الصراع بينهما يمكن ألا يحدث.
حسين علوان حسين: وما المعنى؟
آكو كركوكي: المعنى أن الصراع بينهما يمكن أن يحدث، ويمكن ألا يحدث؛ وعلى هذا فليس الصراع قانوناً ثابتاً حتمي النتائج. وعلى هذا أيضاً فلي الحق في أن أظن أن أم يوسف لن تصارع زوجها؛ فأفسد بذلك استنتاجك أنّ الأبراهامي إنما لم يلتحق بنا لإقامة البرهان على بطلان مبدأ الصراع .
حسين علوان حسين: ومن هنا فلي الحق، أنا أيضاً، في أن أظن أن أم يوسف ستصارع زوجها، ما دام الصراع ممكن الحدوث؛ فأفسد بذلك محاولتك أن تفسد استنتاجي، وأثبت بذلك صحة استنتاجي.
مالوم أبو رغيف: ومن منكما الآن على صواب؟
حسين علوان حسين: أنا!
آكو كركوكي: بل أنا!
مالوم أبو رغيف: كلاكما على صواب؟! فما يكون قولكما، لو علمتما أن الأبراهامي ما تخلف عن الوفد إلا بسبب زكام حاد ألم به على حين غرة؟
حسين علوان حسين: (بدهشة) هل أخبرك بذلك؟
مالوم أبو رغيف: لا، ولكن ألا يمكن أن يكون سبب غيابه زكام حاد؟
آكو كركوكي: بلى
مالوم أبو رغيف: إذن، فأنا على صواب.
(يدخل النمري في هذه اللحظة وهو يسعل. بيده كراسة وقلم. الحبور يتلألأ في عينيه. يعالج سعاله وينجح في إيقافه)
فؤاد النمري: أيها الرفاق – وأستثني الكركوكيّ من رفاقيتي – أتحققتم الآن من صدق مشورتي؟ لا مشاحة في أنكم تحققتم منها! إني لا أشك في ذلك، أرأيتم؟ ألم أكن حكيماً يا رفاقي إذ أقنعتكم بركوب القطار؟ ألا ما أسعدني وأنا أتملى الأرض المخضبة بآمال عظيمنا!
آكو كركوكي: (مشاكساً) والمخضبة بدماء ضحايا عظيمك الأبرياء، والمعجونة بصراخهم وأنينهم...
فؤاد النمري: أنت يا آكو، عدو الأرض الطيبة. من أنت يا آكو؟ أنت لست غير شخص موكل من جهات مشبوهة بتنغيص نزهتي، وتعكير سعادتي. سأتجاهلك كما أتجاهل برغشة في حديقة داري الواسعة، ولن أدع سعادتي تفر مني، مهما ترجمني بترهاتك وأباطيلك.. لن أدع سعادتي تفر مني، ولو تقيأت كل أحقادك أمامي (يرفع الكراسة أما أنظارهم يهزها بافتخار واستبشار) بهذا تجلت فضائل الرحلة بالقطار! الرحلة يا رفاقي، الرحلة بالقطار! إنها التي فجرت شاعريتي التي كانت حبيسة طيّ طبقة كتيمة... دونكم أيها الرفاق، دعوني أتل عليكم قصيدتي التي ألهمتنيها الرحلة في تمجيد مآثر عظيمنا.. إنها لقصيدة ولا فوف الوشي، قصيدة نادرة لن تجدوا لها مثيلاً في الروعة والتفرد وقوة التأثير، قصيدة جادت بها قريحتي، وجاشت بها عاطفتي جيشان الواتن الثرّ.. أصيخوا إلي، أنشدها لكم...
حسين علوان حسين: (معتذراً) أنا جائع، وسيسرني أن أسمعها منك بعد أن أشبع
مالوم أبو رغيف: (يهبط من سريره إلى الأرض) وأنا جائع أيضاً، انتظر يا أبا نورس! سأرتدي ثيابي وأذهب معك
فؤاد النمري: (موبخاً) وهل الطعام أهم من قصيدة في تمجيد مآثر عظيمنا!؟
آكو كركوكي: (متهكماً، وهو ينزل من سريره إلى الأرض لمرافقة الاثنين إلى الكافتيريا) لا! قصيدة في جرائم عظيمك أشهى للجائع من الطعام، وألذ للظمآن من كأس دهاق
فؤاد النمري: (متمالكاً أعصابه) للعرب مثل يضرب في وصف الاختلاف بين اثنين واستحالة اتفاقهما، يقول : " أنت تَئِقٌ وأنا مئِقٌ فكيف نتفق؟"
مالوم أبو رغيف: (متسائلاً بغير اكتراث وهو يستكمل ارتداء ثيابه) ترى من منكما التئق، ومنِ المئق؟
آكو كركوكي: (باحثاً عن فردة حذائه الضائعة) أنا المئق وهو التئق.
فؤاد النمري: (يستلقي على سريره مسنداً عنقه إلى جدار العربة بعد أن ألصق به وسادته اتقاء برودة الجدار، ويده ما زالت قابضة على كراسته) بل أنا المئق وأنت التئق.
آكو كركوكي: من أسرع غضباً من الآخر، قل الحقيقة.. أنا أم أنت؟
فؤاد النمري: أنت! فأنت أسرع مني غضباً! من يصف مآثر عظيمنا بالجرائم، فهو التئق الغاضب الأحمق.
آكو كركوكي: ومن يشبهني ببرغشة تطن في حديقة داره، فهو التئق الغاضب مني.
فؤاد النمري: وهل بين وصفك لعظيمنا بالمجرم، ووصفي إياك بالبرغشة، تدانٍ أو تماثل؟
آكو كركوكي: (يخرج بموضوع النزاع إلى غرض آخر بدهاء) لا.. فإن الجريمة قتل، سفك دم. وأما البرغشة، فتلسع ولا تقتل. فمن الطبيعي ألا يكون قتل الأبرياء، مساوياً للسع البرغشة؟
فؤاد النمري: القتل لأعداء الأرض الطيبة، وأعداء عظيمنا، عدل يقتضيه الحرص على أمن وسلامة وتطور المجتمع. فأما لسع البرغشة فأين العدل فيه؟
آكو كركوكي: هكذا إذن! قتل خصم من خصوم الفكر، أهون عندك من لسعة برغشة!
فؤاد النمري: لسع البرغشة يؤذي، وقتل الأعداء يشفي. ولكنك تفتقر إلى الحس السليم، فمن أين لك أن تميز ما بينهما من فرق؟
آكو كركوكي: ولكنك إن قتلت خصمك، انتهى أمر خصمك إلى موت لا رجعة له منه. فأما الملسوع، فقصارى أمره أن يحكَّ موضع اللسع متوجعاً للحظة.
فؤاد النمري: أخطأت! لسع البرغشة، ينقل للملسوع جرثومة الملاريا.
آكو كركوكي: ولكن الملسوع لا يموت حال إصابته بالملاريا، كما يموت قتلاكم حال شنقهم وإطلاق الرصاص علىيهم.
فؤاد النمري: أخطأت! من يصب بالملاريا، يمت. وموت المصاب بها أشد عذاباً من موت عدونا. نحن أرفق بأعدائنا عند قتلهم من البرغشة. ولكنك يا آكو، تفتقر إلى الحس السليم. ومن أين لمن يفتقر إلى الحس السليم أن يميز بين القتلين؟
آكو كركوكي: وماذا عن قتلاكم بالصبر والتعذيب والحرمان خلف قضبان زنزاناتكم الجهنمية؟
فؤاد النمري: أخطأت! فإننا إنما نقارن هنا بين "قتلنا" لخصومنا، وبين "قتل" البرغشة للملسوع بها بالملاريا. ولسنا نقارن حالة خصومنا في السجون، بحالة الملسوع بعد اللسع. أتفهم؟ ولكنك يا آكو لا تفهم؛ لأنك تفتقر إلى الحس السليم، وهل لمن افتقر إليه أن يحسن المقارنة؟
مالوم أبو رغيف: (ضاحكاً) حتى في أمر بلا معنى كهذا الأمر تختصمان!؟
فؤاد النمري: أخطأت يا رفيق! هذا أمر جليل، وليس أمراً بلا معنى كما تقول. هذا أمر خطير يظهر لهذا الجاهل المفتقر إلى الحس السليم، حقيقة الديالكتيك ظهورَ الحق في مؤلفات عظيمنا. إن اختلافنا ما هو إلا البرهان الأكيد على صحة ديالكتيك الصراع. ألست ترى يا رفيقي، وتسمع كيف يصارعني برأيه وأصارعه برأيي؟ إذن فهو الصراع! إنه الصراع... ألا تعي ما معنى الصراع يا رفيق؟ الصراع قوام الحياة والموجودات. ولولاه ما كانت الحياة ولا كان شيء من هذه الموجودات التي يمتلئ بها الوجود. ولكنه آكو! ومن آكو؟ شاب غر مفتقر إلى الحس السليم...
حسين علوان حسين: لا فض فوك يا أبا نمر! لقد أثبت صحة مقالتي في الصراع، بما يدحض كل حجة واعتراض! ليت الأبراهامي كان موجوداً بينا ليسمعك! ألا تود الذهاب معنا...؟ يسعدني أن أدعوك إلى احتساء كؤيس معي في الكافتيريا.
مالوم أبو رغيف: (يرشق وجهه بعطر أخرجه من حقيبته. يكلم النمري) ولكنك عندما ستسود وتشرع في بناء مجتمعك المأمول، ستخمد صوت الكركوكي الذي يصارعك، وعندما تخمده، لن تجد من تصارعه، أليس كذلك؟ فكيف ستستقيم لك الحياة بعد ذلك في مجتمع لا صراع فيه؟ كيف سيتحرك مجتمعك قدماً دون صراع؟
آكو كركوكي: (ساخراً) سيصارع الطبيعة، أو الآلة. ههههههه... أليس مما يثير الشفقة أن ترى امرءاً يعتقد أن مبدأ الصراع قوام الوجود، ونواة التطور، ولكنه ما إن تسنح له الفرصة حتى يشرع في إزالته من الوجود؟ تلميذ في الصف السادس يعلم أن النقيض عون للنقيض، فإن زال أحدهما زال الآخر بزواله، والنمري يجهل ذلك.
(صمت. يرى الثلج من النافذة يهطل بعنف وغزارة. تخفت الأنوار في الصالة والمسرح شيئاً فشيئأ، يغادر الثلاثة عربة النوم واحداً إثر الآخر من الباب الجانبي إلى الكافتيريا، ويبقى النمري مستلقياً على سريره والكراسة في يده مفتوحة أمام عينيه على قصيدته. موسيقى هادئة تملأ المكان، ثم تشتد قليلاً لتصور حالة الركاب في الكافتيريا، وما هم عليه من قصف ولهو وضجيج. تسحب الستارة من اليسار إلى اليمين بحركة خاملة. ثم تطفأ الأنوار فتسود الظلمة لثوان يعقبها إضاءة قوية. تصفيق فاتر من الجمهور. المسرح الآن لوحة الكترونية عملاقة، يسيل فوقها فيلم يصور مدينة على ساحل المتوسط. تقترب الكاميرا رويداً رويداً من حي داخل المدينة التي تستحم بمطر خفيف، ثم لا تلبث أن تدخل بيتاً حسن الأثاث والرياش، وتقوم بجولة سريعة فيه، ثم ينتابها الجمود إذ يشرع لها الباب إلى مكتب يعقوب أبراهامي. يظهر يعقوب جالساً خلف طاولته بصلعته الأنيقة وروبه المنزلي البني، منكباً ينقر أزرار حاسوبه ...)
المشهد الثاني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هؤلاء!؟
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 7 - 10:04 )
من هؤلاء الذين جادوا على النص بعلامة الصفر؟
أتراهم قرأوا النص وفهموا معانيه وأغراضه وتوجهاته قبل أن يجودوا عليه بما جادوا؟
فإن كانوا من الذين وردت أسماؤهم في النص، ولم يكونوا راضين بالدور الذي أسند إليهم، فما يحول بينهم وبين أن يعلنوا عن رفضهم للدور الذي أسند إليهم بالكلمة المكتوبة لا الصامتة؟ بل لماذا لا يحتجون؟ لماذا لا يصرخون في وجهي، مم يخشون؟
أليس مما يبعث في النفس الأسى، أن يمنح نص أدبي - فلسفي علامة الصفر!؟


2 - هذه من النعيميات الجميلات دائماً
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 8 / 7 - 13:06 )
محبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة و ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
و أعتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزاز و احتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرام
في قطارك الساحب لنا او القال لنا الى اقصى الشرق و بلد الاكاديميات و الجامعات و السواحل و الجمال و التنوع
قطارنا قطار الحوار المتمدن الذي تعلم انت قبل غيرك ان كل ركابه او غالبيتهم قد قطعوا التذاكر فلا يحتاج من ادارة القطارات ان تُسَّير (تيتي) لقطع التذاكر
نعم الاتجاه واحد و القطار واحد و الركاب على خلاف و بختلاف لكن سلامة القطار و سلامتهم متبادلة
تحية لكم و لكل ركاب القطار من زملاء و زميلات وردت اسمائهم في المشهد الاول ...و الذي وصفته بابداع
وتحية خاصة لابو يوسف فهو كما يقول خصم فكري
لكن نهاية هذا المشهد مكرره فسبق ان تجولت بنا في مكتب ابو يوسف و نقلت لنا خصام الود بين ابو يوسف و ام يوسف
احسنت جداً في اختيار الزميل وليد عطو و ربطك للتسامح به فهو يشع منه التسامح من جوانب عديده منها مسيحيته و منها تقدميته
وكذلك اخترت مكتب ابو يوسف لتطل به على المشهد التالي


3 - قدرة الروائئ الجيد
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 8 / 7 - 14:50 )
الاخ العزيز نعيم
تحياتي لك
اتفق معك، فنصك الادبي يجب ان يحظىى بتقييم عالي، فلقد اجهدت نفسك كثير في محاولة استقراء النفسيات ولافكار من خلال دراسة المقالات والتعليقات المختلفة للزملاء وربط بعضها بالبع الاخر. اراهن من اعطى المقاال صفر كان دافعه الغيرةـ
من ناحيتي، لا اعتراض على اي دور يسند لي ولا على تقويلي ما لم اقله او مالا افكر فيه، فانا اقرأ ما ينسب لمالوم ابو رغيف كشخص اخر ، كشخصية ، مع هذا، لقد قرات النص ثلاث مرات واعجبت بقدرتك الفائقة على متابعة الشخصيات وقدرتك على ربط الافكار وهي خاصة الروائي
... الجيد وهم قلة بين كتاب العرب
الفكرة جيدة ان تجمع التناقض في قطار واحد سائر الى مؤتمر خيالي لا يمكن ان يحدث لاختلاف الغايات
تحياتي وتثميني لك ولنصك الادبي المبدع


4 - المشهد المكرر
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 7 - 15:35 )
شكراً لك عزيزي أبا حيدر
المشهد ليس مكرراً بالمعنى الحقيقي للتكرار. نعم، أذكر تماماً أنني زرت السيد يعقوب أبراهامي في دارته مع ثلة من الأصدقاء زيارة خيالية. وقد وضعت تفاصيل زيارتي الأولى هذه نصب عيني حذر التكرار. ما يجري في مكتبه اليوم شيء آخر يختلف اختلافاً كلياً عما حدث في المرة الأولى
الصراع بين الزوجين، برهان مستوحى من مجادلة عنيفة بينك وبين الأستاذ حسين علوان حسين من جهة، وبين السيد يعقوب أبراهامي من جهة ثانية.
للتمثيلية غاية تتبدى في المشهد الأخير.
الحكاية، باختصار وبساطة، حكاية قطار يمضي بركاب من النخبة إلى غاية.
ليس هدفي تناول الأسماء المذكورة بأفكارها وخلافاتها ومواقفها وانفعالاتها وميولها وحركاتها وتناقضاتها وإبداعاتها - وهي أسماء أحبها ولي علاقة طيبة بأكثرها رغم الاختلاف - وإنما هدفي أن أستعين بها للإجابة على السؤال: هل سيبلغ القطار بركابه هؤلاء الغاية التي انطلق إليها؟
لماذا اخترت شخصيات حقيقية، لتمثيل هذه الفكرة؟ الجواب: هذا فن من الفنون ولست أول من استخدمه.
إن رصاصات الصفر التي أطلقت علي، وهي على الأغلب من هذه الأسماء، لا تشجع على نشر المشاهد الباقية.
أطيب التحايا وأكرر


5 - الأستاذ العزيز مالوم أبو رغيف
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 7 - 15:55 )
لقد أثلجت صدري، وأزلت ما في نفسي من شعور بالقهر والحزن
ألف شكر لك


6 - العصابي لا يعرف غير الصفر!
طلال الربيعي ( 2015 / 8 / 7 - 18:16 )
الاستاذ العزيز نعيم ايليا
ان ما كتبته هو قطعة ادبية رائعة تزخر بكل ما هو ساحر وجميل.
ولكننا نعلم من التحليل النفسي ان العرفان بالجميل يتحول لدى العصابيين الى حسد هدام. ووجود حسادك دليل بالغ على نجاحك وتفوقك الابداعي. اني لو كنت مكانك لفرحت كل الفرح بالصفر, لان ذلك يعني ان هذا الشخص لا يعرف غير, ولا يستطيع العد اكثر من, الصفر.
ارجوك بكل حرارة الاستمرار في ابداعك الخلاق, فنحن في امس الحاجة اليه.
مع كل احترامي ومودتي


7 - أجدْت يا نعيم الفكر والعقل، نعيم إيليا
ليندا كبرييل ( 2015 / 8 / 7 - 19:51 )
أنا متعلقة بكل ما تجود به من أدب يا أستاذ نعيم. مقدرة فذة على سبك الأفكار الذهبية في قالب أدبي ممتع

في عز انشغالي سرقت بعض الوقت لأطالع مواد الحوار،فاخترت نصك

كنت أقرأ وأبتسم مع المضي في هذا الحوار،وإذ بي أرى نفسي فجأة في المعمعة،فاتسعت ضحكتي
سامحك الله يا نعيم،حشرتني بين الكبار

وأي قامات شامخة،وإنسانية عالية!
وأنت منهم بالتأكيد
مثالي العالي،في النقاش العلمي،الحوار الراقي،المعالجة الدقيقة اللغة الرفيعة

الاختلاف في الفكر والاتجاهات يمنحني أقصى متعة،ذلك أن عهودنا كانت: نعم نعم لا لا

وأن تقلبوا هذه المعادلة لتصبح نعم لا أو العكس، فإنه يدلّ على شيء واحد بنظري:
كم~تعبتم على أنفسكم رغم الحصار الفكري والقحط العلمي والإرهاب السياسي!

والاختلاف سنة الحياة
رأيناه في في بيت خديجة في السكرية،حيث إخونجية عبد المنعم وشيوعية أحمد وحيرة وشك كمال...
وما زالت النماذج تتكرر والحياة تتقدم بهذا الاختلاف

لذا أنبذ تماما من يتعالى بغرور صبياني مسقطا رؤاه المريضة على الآخر

أو يظن نفسه(شغلة كبيرة) والحجة الفريدة التي لا راد لها

منحتك العشر، وتستحق الأكثر فلا تحزن صديقنا
القلوب وما فيها

خالص التقدير



8 - الدكتور طلال الربيعي
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 7 - 21:12 )
حائر كيف أشكرك يا عزيزي، وكيف أعبر لك عن امتناني، والله حائر!
فخور بصداقتك.
كنت أتابع ترجمتك لشلومو زاند، ولكني فضلت أن أنتظر وفي نفسي أن أرد عليه في ورقة مستقلة، لا للدفاع عن الصهيونية ولا للدفاع عن الفلسطينية، وإنما للدفاع بحيادية علمية عن حقائق وقضايا عامة استخف بها شلومو زاند في أطروحاته. قد أحاول أن أنجز هذه الورقة، وألتقي بك على المودة الخالصة


9 - الأستاذة ليندا كبرييل
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 7 - 21:25 )
ما الحق عليك يا عزيزتي. من البداية لو أنك طلّيت، ما كنت اكتأبت من الصفر. وأنا بالحقيقة ما اكتأبت إلا لأن الذين هدوني الصفر، حسَّسوني بأني أذنبت بحقهم.
أنت كبيرة... يخليك يا رب!
بس انتبهتِ على كلام الأستاذ آكو كركوكي عنك؟ كلامه استوحيتو من تعليقات بعض الجهابذة على مقالاتك عن الاعتدال. خفت ما تكوني زعلت مني كمان مرة
ألك عظيم شكري وامتناني!


10 - إلى الزميل نعيم إيليا : الزيارة
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 8 / 8 - 08:59 )
لا أعرف إن كان هذا سيفرحك أم لا ولكن أحد أقربائي في لندن (لا أخي فوزي) بعد أن قرأ في حينه عن زيارتك الخيالية ليعقوب ابراهامي في داره ظن أنك قمتً حقاً بزيارتي وكتب لأختي هنا رسالة عن ذلك
ننتظر ماذا سيقول هذه المرة. لم أخبره أن الزيارة كانت زيارة خيالية
أنا بدوري أنتظر ردك على الدكتور طلال الربيعي


11 - أخطأت!
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 8 - 10:51 )
أخطأت. حلوة هذه الأخطأت عندما تسمعها من صاحبها
أهلاً بالأستاذ العزيز أبي يوسف وبجميع أقربائه وأصحابه الأفاضل
وكيف لا أفرح يا عزيزي!؟ أمعقول ألا أفرح؟ تخطئ عندما ترتاب بأنني قد لا أفرح. أنت كاتب وتعلم أن جيمع الكتاب يفرحون في مثل هذه الحالات والمواقف والمصادفات، فكيف ترتاب؟!
أعد بالرد على شلومو زاند لا على الدكتور طلال الربيعي المحترم. ولكن أرجو ألا تتوقع أن يكون الرد قريباً.
شكراً لك على الزيارة اللطيفة!


12 - 5 من 10 ، ولكن ! 1/5
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 8 - 11:38 )
الأخ نعيم أيليا تحية.
قبل أقل من يومين أرسل لي الصديق جاسم الزيرجاوي رابط مقالكم هذا ، عبر رسائل الفيسبوك ، وكتب : هذا المقال يذكر أسمك. وشكرته حينها على تنبيهي . لأني منذ مدة لا أجد الوقت اللازم لقرائة الكثير ممايكتب وينشر في الحوار المتمدن . وذلك بسبب إلتزاماتي العائلية والمهنية . لذلك أجلت قراءة المقالة الى عطلة نهاية الأسبوع لاسيما إن المقالة طويلة نسبياً . فكان أول عمل أقوم به اليوم هو قرائتها لمرتين وبتأني ومن ثم قراءة التعليقات . وبعدها قررت أن أمارس حقي في تقييميها كقارئ وأمنحك 5 نقاط . وأكتب لك تعليقاً مطولاً نسبياً أشرح سبب هذا التقييم ، بكل صراحة ، أرجو أن تقبلها برحابة صدر.
النقطة الأولى منحتها لك لأنني قرأت في متن المقالة تفصلية صغيرة عني توحي بإني شاب و ميسور الحال ! ورغم تجاوزي لمنتصف العمر ورغم إن أبسط تصنيف طبقي ومادي ، يمكن أن يرميني سريعاً ضمن بؤساء محددوي الدخل ، والأجراء اللذين لايملكون إلا قوة عملهم ليبيعوها كل يوم. لكني أعتبرت وصفك الخيالي هذا كمجاملة لي ولتحسين صورتي امام القُراء. فشكراً


13 - 2/5
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 8 - 11:38 )
النقاط الثلاث الأخرى قد منحتها لك لتمكنك من اللغة أولاً ، ولجودة توصيفاتك للمكان. وكذلك لخيالك الجامح الذي تصور هذا المشهد ، وهذه الشخصيات ومن ثم وفق بينها بحوار مترابط ، وأعطاها أدوار ومواقف وفق سيناريو مخطط . ويمكن إدراج كل هذا تحت باب الإبداع الأدبي . وذلك بإن تتمكن من إختلاق جانب مهم من عملك الأدبي من الخيال المحض. ولو كان كل أو الجزء الأعظم من عملك من الخيال فعلاً ، لربما تضاعفت هذه النقاط الثلاث الممنوحة لِتصبح ست ، ومع الأخريات تصل الى سبع أو ثمان نقاط . لكنك أنت من قرر أن يكون لعملك هذا صلة قوية بالواقع . عندما لم يقتصر إستعاراتك من الواقع على الأشياء وأحداث عابرة أو رموز ، بل أستعرت أسماء كاملة ، لأشخاص لايربطك أنت ولايربط قرائك أي معرفة بهم ، سوى أسمائهم وأفكارهم أو بالأحرى جزء من أفكارهم الواردة في تعليقاتهم ومقالاتهم . وهنا أضطررت أن اوزع خمس نقاط على العمل الخيالي الإبداعي والخمس الأخرى على الواقعية في عملك .


14 - 3/5
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 8 - 11:39 )

فأنت من قرر أن يضع مسؤولية أكبر على عاتقه في أن يكون منصفاً في نقل تلك الجزئية من الأفكار من الواقع . وكانت الفرصة متوفرة لك بالأستعانة بأرشيف الحوار المتمدن ودراستها . حيث يوجد العشرات من التعليقات ، والمقالات التي تعبر عن أفكار وحجج تلك الشخصيات. تلك الحجج التي كان يمكن تأتي على لسان الشخصيات بكميات أكبر وبحيادية أكثر ولو أمكن أن ترد نصياً كما قيلت في الواقع . لتضفي عليها طابع واقعي أفضل ، ولاتبخسها حقها في طرح رئيها وثم تترك للقراء تقييماتهم عليها . بقدر مايتعلق الأمر بي فلقد صادفت هذه الحالة مرة أو مرتين في كامل المقالة . ولهذا منحتك النقطة الأخرى لتصبح خمس نقاط .
أنتقدك هنا مرة لأنك أخترت الأسلوب الحواري وليس الأسلوب المنولوجي . وميزة هذا الأسلوب هي تعددية الأصوات والآراء. ومرة أخرى لأنك تقريباً سبقت كل جملة تقولها الشخصية بتقييم شخصي مسبق منك . تقييم لايعبر عن الحالة النفسية للشخصية فقط بل حتى نية الشخصية عندما تطرح سؤالاً أوتدافع عن فكرة . في رئيي التقليل من هذه التقييمات المسبقة وترك الحرية للقارئ هو أفضل وأسلم للكاتب المتبني لحوار متعدد الأصوات.


15 - 4/5
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 8 - 11:40 )
هذا فيما يتعلق بنقل الأفكار أما بنقلك الحرفي للأسماء فأنا لن أدخل معك في جدال كون هذا غير صحيح ومناسب ، على إعتبار إنه تشهير أو حتى دعاية مجانية لهذه الإسماء كما هو متداول في الحياة العامة . حيث يقتبس الراوي مثلاً كل الأحداث من الواقع لكنه يستبدل الأسماء بأخرى . وحتى الصحفي والأعلامي وحتى الناقد السياسي يتجنب في العادة ذكر الأسماء الحقيقة ، ويكتفي بالحروف الأولى أو برموز دالة وذلك لتجنب تهم التشهير أو الدعاية . وسوف لن أحاججك بإننا في النهاية بشر وشخصيات لايحق لك أن تستخدمنا كفئران تجارب لتستعيرنا في تجربة مشروع رواية لك . كلا سأتحفظ على كل هذه الحجج لأنك حتماً ستقول إنه عمل فني وإبداعي وهذه حريتي . وأنا أحترم هذا الجانب من حجتك حتى لو لم أكن مقتنعاً به تماماً .


16 - 5/5
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 8 - 11:40 )
لكني أود لو أطرح عليك سؤالاً واحداً بالنسبة للأسماء المستعارة هذه والتي تنشط في مجال الكتابة . فيا ترى كيف ستكون صورة هؤلاء في مخيلة القارئ لو عادوا هؤلاء ليكتبوا تحت نفس الأسماء ؟ هل سيكون سهلاً عليهم أن يعطوا صورة أقرب الى الواقع عنهم ومختلفة في نفس الوقت عن الصورة والهيئة والأفكار التي منحتها لهم انت في قصتك ؟ برئي كلا! فكما أخبرتك لاسابق علاقة لك وللقراء بهؤلاء سوى أفكارهم وأسمائهم وأنت أتيت لتحولها الى صورة مُتخيلة وأفكار مجتزئة وأسماء حقيقة. أنا لا أعرف هل ستعود الشخصيات في المشهد الآخر. لكن ماورد هنا كاف.
نقطة أخرى تخالف الواقع بشأن النقاشات التي أعتبرتها موضوعاً لمقالك . وهي إن عدد ليس بقليل من هذه النقاشات لم تنتهي مع الأسف بقهقهة أو دعوة لشرب الكأس . بل بمقاطعة وتجاوزات شخصية لم يتحملها حتى الرقيب المتحيز أيضاً فحذفها . وليتك كنت تشير الى تلك الحالة السلبية والتي تكدر النقاشات في هذا الموقع.
أنا أشجعك على ممارسة حريتك في الكتابة وأرى فيك موهبة حقة بدون أدنى مجاملة . لكنك يجب أن تتلقى إنتقادات وتقييمات قرائك أيضاً برحابة صدر ، ولايكون إنتقادتهم مصدراً للحزن لديك.
مع المودة.


17 - قطار روسي انتيكة
نيسان سمو الهوزي ( 2015 / 8 / 8 - 13:43 )
سيدي الكريم لا تعليق ولا اضافة على هذا القطار الاثري القيّم ( انتيكة ) سيدي رائعة كلماتك وقصتك واسلوبك ولا يمكن غير رفع القبعة ولكن لي سؤال بسيط وهو يُحيرني دائماً وانا لا اميل الى الرد الجاهز في اختلاف الافكار في كل شيء .سؤالي هو : لماذا كل هذا التناقض الكبير والغريب بين الركاب وعلى مسائل ونظريات زتعليمات يجب ان تكون واضحة لأصحاب نفس التوجه ؟؟؟؟ تحية لك ويلامي الى جميع المسافرين معك واتمنى لكما السلامة والوصول الى البر بأمان وكم كنت اتمنى ان اكون مسافراً معكم لأعانق المسافرين وأقبل عيون ليندا ..


18 - إلى الأخ آكو كركوكي
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 8 - 13:48 )
شكراً لك أيها الأخ العزيز على ملاحظاتك وآرائك.. أسعدني أنك تفضلت بالكتابة إلي .
فأما قولك: (( لكنك يجب أن تتلقى إنتقادات وتقييمات قرائك أيضاً برحابة صدر ، ولايكون إنتقادتهم مصدراً للحزن لديك. )) فلا أعتقد أنه ينطبق علي؛ لأني من الذين يرحبون بالانتقاد بل يطلبونه، ويحرضون الآخرين عليه. حزني يا عزيزي لم يكن مصدره التقييمات حقيقة - مع أنني أهتم كثيراً بالتقييمات لأن القارئ يهمني، فأنا لا أكتب لنفسي - وإنما مصدره شيء آخر تمثل في إحساسي بأن هذه التقييمات ما صدرت إلا عن شخصيات ذكرت في النص بدافع الاحتجاج والاستنكار وعدم الرضى. وهذا محبط ومؤلم إذ هو شبيه بالحكم على متهم من غير أن يسمح له بالدفاع عن نفسه.. لو كان الأمر أمر تقييم من قارئ لنص عادي من نصوصي لما كنت شعرت بالأسى.. لكنت شعرت بمرارة الإخفاق.
تقبل شكري واحترامي،


19 - سؤال التعليق 16
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 8 - 15:40 )
أنا سئلتك في التعليق 16 سؤال وكنت أنتظر جواباً منك .

شرحت لك إن اللذين وردت أسمائهم هنا لديهم الكثير من الحجج ليبدو إستنكارهم أو عدم رضاهم أوإنتقادهم ، على الأقل لأستخدامك أسمائهم بدون سابق إذن. أسمي مثلاً ورد 105 مرات. وكله بحجة ممارستك لحرية الكتابة ، بينما تبخس أنت وبعض المعلقين الآخرين على تلك الأسماء ، حتى حرية الإحتجاج وعدم الرضى ، وتعتبرونه شئ محزن أو ذو دوافع كذا وكذا!

أنت المبادر للأمر ياعزيزي ، ولقد كتبت أنت كل هذه الكلمات تشرح فيها رئيك وإنطباعاتك الشخصية عن شخوصهم بشكل غير مباشر ، ثم تأتي بعدها وتقول لم يعطوني فرصة كي أدافع عن نفسي ، ولقد أحزننوني لأنهم فقط كبسوا على زر!


20 - الرد الثاني على الأستاذ آكو كركوكي
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 8 - 17:37 )
في التعليق الأول كتبت: (( لكني أود لو أطرح عليك سؤالاً واحداً بالنسبة للأسماء المستعارة هذه والتي تنشط في مجال الكتابة . فيا ترى كيف ستكون صورة هؤلاء في مخيلة القارئ لو عادوا هؤلاء ليكتبوا تحت نفس الأسماء ؟ هل سيكون سهلاً عليهم أن يعطوا صورة أقرب الى الواقع عنهم ومختلفة في نفس الوقت عن الصورة والهيئة والأفكار التي منحتها لهم انت في قصتك ؟ برئي كلا!))
حيث سألت ثم أجبت عن السؤال؛ فلم أشأ أن أزعجك.
فما دمت الآن تريد الجواب، فسأجيبك ولكن بسؤال يحمل في طياته جوابي بأسلوب غير مباشر:
هل يتشوه رئيس جمهورية أو كاتب كبير أو فنان عظيم، إذا رسمه رسام كاريكاتور فأطال أنفه أكثر مما هو طويل في الواقع؟
أيحق للرسام في ألمانيا حيث تقيم أن يتصرف في ملامح شخصياته بعض التصرف؟
وأهلاً بك يا عزيزي، وشكراً جزيلاً لك على السؤال!


21 - الرد على سؤال الأستاذ نيسان سمو الهوزي
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 8 - 17:53 )
هههههه، هل تعلم يا عزيزي أن الذي حسدك وغار منك لأن الأوكرانية الجميلة آثرتك بصحبتها، هو أنا وليس الأستاذ آكو كركوكي في حقيقة الأمر؟ يا رجل، من أين لك كل هذه المواهب!؟ يعني أنا بعرف أنو أهل بغداد شياكة وذوق وكياسة، وقديماً قيل (تبغدد) أي تحضر وصير زلمه راقي. إي بس ما توقعت كل هالشي! لله دركم أهل بغداد!
بالنسبة لسؤالك ياريت تقرأ ملاحظات الأستاذ مالوم أبو رغيف الحقيقي في قسم التعليقات وليس الممثل.
ويا ريت كمان تتخيل معي كتابنا الأعزاء وهم راكبون في قطار الحوار المتمدن، وتسأل: إلى أين؟
ألف شكر لك يا عزيزي وهنيئاً لك


22 - ويعتقدون إنها حرية !
آكو كركوكي ( 2015 / 8 / 9 - 13:34 )

هل يتشوه رئيس جمهورية أو كاتب كبير أو فنان عظيم، إذا رسمه رسام كاريكاتور فأطال أنفه أكثر مما هو طويل في الواقع؟
كلا..لايتشوه.
ويحق لمن رسمهم أن يلجؤا للقضاء كي يحاكموه بتهمة التشهير . لكن لا رئيس الجمهورية ولا الكاتب الكبير ولا الفنان العظيم يفعلون هذا في العادة . لأنهم يمتلكون أكثر من وسيلة للتواصل مع جمهورهم ، وهم لم يبنوا جمهورهم بسبب جمال أنوفهم أو أشكالهم.
لكنك يبدو إنك تريد أن تؤكد للجمهور ماجاء في مقالك بإننا شخص غر يفتقد الى الحس السليم ، بحيث لانفرق بين مافعلته أنت هنا ومايفعله رسام الكاريكاتور فتجرنا بدهاء الى مقارنة غير متكافئة . فليس بين كل من وصفتهم رئيس جمهورية وألخ .
مافعلته أنت إنك لم تكن أميناً في نقل وجه نظر من أختلف معك يوماً. فرحت تحورها بالكامل وتسخفها الى سؤال هل للشمس غاية مثلاً ؟ وتصدر أحكام على شخصه ونفسيته دون أن تلتقيه للحظة . غير إن مرض الشخصنة حالة مستشرية بين الكثير من كتبة الموقع للأسف. ويعتقدون إنها حرية !


23 - الرد الثالث على الأستاذ آكو كركوكي
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 9 - 16:18 )
اسمع يا عزيزي، كلمة صغيرة من أخيك الذي لا يضمر لك إلا المحبة
صدقني ما كنت لاستخدم اسمك في عمل أدبي، وأخلده على الأقل في أرشيفي، إلا لأن لك اعتباراً عندي. وحتى الآن لم أفهم سبب انفعالك. عزيزي، أنت شخصية في محاورة مع الآخرين وأنت تعلم أن المحاورات في حوارنا المتمدن بين الكتاب تبلغ درجة من الحدة لا يضبط معها أصحابها أعصابهم أحياناً. ومن هنا فلا يعقل أن أصور كاتباً مثل الأستاذ فؤاد النمري - وهو معروف بهجومه على شخص محاوره إذا طعن في ستالين - يحاورك بود ويخاطبك بألفاظ لازوردية. إذا صورته وهو يحاورك بود فسأكون مخالفاً لأبسط شروط الفن.
أنا موقفي حيادي من الشخصيات أنا أحب شخصياتي حباً فنياً. ولكن الشخصيات لها علاقات مع بعضها ضمن التمثيلة، ولا بد لي من أنقل للقارئ طبيعة هذه العلاقات.
للكاتب حق استخدام أسماء زملاء له من غير أن يستأذنهم، الأدب العالمي لا يخلو من هذا، وفي الأدب العربي شيء من ذلك خذ توفيق الحكيم الذي أدخل طه حسين وغيره من أدباء عصره في الجحيم مثالاً. ولم يحتج أحد عليه أو يقدم دعوى ضده.
ثم لماذا تجد سؤال هل للشمس غاية سخيفاً، أكبر علماء عصرنا وفلاسفته يطرحون هذا السؤال.
وشكراً لك


24 - bravo et merci
rwaida salem ( 2015 / 8 / 11 - 22:38 )
Ce que vous venez de nous présenter ici est vraiment supebe
Vous mobligez de suspendre mon séjour à kourbos et revenir à la maison
Quel bonheur que la cause soit aussi merveilleuse
Jarrive



25 - عمل أدبي رائع استاذي نعيم
رويدة سالم ( 2015 / 8 / 12 - 20:10 )
كعادتي مع ما تكتبه استاذي آخذ وقتا أكثر من المعتاد لأقرا بتركيز وافهم ما ترمي اليه وأستمتع
قرأت النص البارحة وقررت العودة للبيت اليوم رغم اعتراض اخوتي ورغبتهم في قضاء وقت اكثر قريبا من البحر لأعيد القراءة بتمهل وأكتب تعليقا واشكرك
التعليق الذي ارسلته البارحة بالفرنسية يبدو انه لم يصلك
شكرا لك استاذي على ما جدت به علينا
انتظر بقية الاحداث بنفاذ صبر
ياللا لا تخليني انتظر طويلا رجاء
دمت بخير


26 - إلى الأديبة العظيمة رويدة سالم
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 13 - 11:52 )
بل الشكر لك على كل شيء، وخصوصاً على روايتك البديعة. أنتظر صدورها بفارغ الصبر.. سأكون أول من يشتريها ولو كان سعرها أكثر من مائة دولار
آسف، لم أعثر على تعليقك بالفرنسية إلا في هذه اللحظة! أحياناً أتكاسل في فتح بريدي، وأحياناً أنسى.
لو كنت مكانك لرغبت في قضاء وقت أطول على البحر.
ولكن ، وما لكن؟ لا أدري يا عزيزتي، هل أقدم على نشر المشهد الأخير؟ حائر أنا ومضطرب.. وأخاف أن يغضب علي أصحابي، ويلعنني غير أصحابي، سأفكر، سأحاول أن استجمع ما تفرق من شجاعتي، وأقدم على الهول إقدام عنترة العبسي. باقة ورد لا تكفي للتعبير عن شكري، فهل تكفي خميلة؟




27 - نتظر الفصل القادم بنفاذ صبر
رويدة سالم ( 2015 / 8 / 13 - 20:34 )
استاذي الفاضل نعيم أقبل زهرة قرنفل بيضاء
اتمنى ان ارى الفصل الثاني والثالث وكل الفصةل تنشر ونثر عبقها
ثم ليه تخشى ان يغضب الاصحاب وغيرهم اليست مجرد عمل ادبي وحسب ايا تكن الشخصيات وطبيعتها واسمائها؟
عندما نغير الاسماء باي اسماء اخرى فهل سيتغير الموقف من العمل الادبي حينذاك؟
اساند استاذي العزيز طلال الربيعي في ان اي تقيم لأي عمل ادبي ينطلق اولا من تقيماتنا الشخصية التي يتفاعل فيها الحسد أو الفخر فهل ستسمح لحساد ابداعك ان يحبطوا عزيمتك وهل ترفع راية الهزيمة من اول جولة؟
طيب لو لم يُعجب شخصًا ما ان تورد اسمه تستطيع ككاتب بارع وكثيرون يشهدون بذلك بكل سهولة ان تجعله يترك القطار وينزل في اول محطة وتأخذ مكانه شخصية جديدة وإسم جديد بنفس الصفات ثم تتواصل الرحلة
يا سيدي امنحك كل الصلاحيات ان تجعل من شخصية رويدة في روايتك شخصية مضحكة أو سادية او حتى بنت ليل لأن شخوص الرواية لا علاقة لها بالواقع فهل مجرد ايراد اسمي الادبي سيغيّر من مكانتي في واقعي ومن افكاري ومن تميزي كانسان وككاتب؟
ياللا بلاش تردد فانا عدت من اجل متابعة القصة لا البقاء هنا في هذا الحر انتظرعملا قررت بسبب غيرة بعضهم ان لا تنشر
مودت


28 - لا تسمح ببعض العشب الضار ان يوقف مسيرتك وابداعك!
طلال الربيعي ( 2015 / 8 / 13 - 22:09 )
استاذي العزيز والكبير نعيم ايليا
الزميلة العزيزة رويدة سالم وانا وآخرون كثر نعشق ادبك ونصبوا دوما الى قرائته. فلماذا تريد ان تعاقبنا وان تتوقف عن نشر الاجزاء اللاحقة؟
الأديبة الرائعة رويدة سالم عبرت عما يجول بخاطري باجمل وارق التعابير. فلها كل الشكر.
استاذي الغالي!
لا تسمح ابدا ببعض العشب الضار ان يوقف مسيرتك وابداعك.
لا تسمح لشخصيات عصابية, نرجسيىة, مٌعذبة, ومتورمة الانا ان تشغل حيز تفكيرك حتى للحظة واحدة.
اتوقى بكل شوق قراءة حلقاتك القادمة فارجوك ان لا تخيب ظننا.
مودتي دوما


29 - إلى العزيزة رويدة سالم والعزيز طلال الربيعي
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 14 - 10:12 )
الحياة على شحّها وتقتيرها وعبوسها، ربما سمحت وجادت وابتسمت قليلاً كي لا يودي اليأس بأبنائها دفقة واحدة.
ومن خير ما تجود به الحياة؛ الصداقة. والصداقة لا يتحقق خيرها في الواقع المعيش فحسب، بل يتحقق أيضاً في فضاء ما يسمى بالواقع الافتراضي. إن كلمة جميلة طيبة، لتفعل فعلها في النفس سواء أقيلت لشخص من الواقع حاضر مرئي محسوس، أو قيلت لشخص غائب عن الحس في عالم جوهره نبضات الكترونية.
أحاول بهذا الكلام العادي المكرور الفاتر الجاف أن أتغلب على ما يحتدم الآن في نفسي من مشاعر فجرتها كلماتكما التي أعجز عن وصفها!
......!!



30 - أقدم على الهول إقدام عنترة العبسي يا نعيم وأنت له!
ليندا كبرييل ( 2015 / 8 / 15 - 05:33 )
تحياتي

لم أشأ أن أمر على ملاحظة الأستاذ إيليا ت 26 مرور الكرام
في الحقيقة أستاذنا لا بد أن يطلع القارئ على الحمولة الفكرية لأبطال روايتك ليدرك ما تصبو إليه
شخصيا،استمتعت بالفكرة المطروحة بمعزل عما دار بينكم من نقاشات كانت القاعدة لهذه الرواية التخيلية
لغتك جذابة أنيقة،أتعلم من إبداعك الكثير
حضرتك تعلم أني أختلف معك أحيانا في بعض مواقفك
أعزو الأمر إلى قلة حمولتي الفكرية
لذا يمتعني كثيرا الاختلاف لأنه يغذي هذا النقص لدي
فيرفدني بشتى المواقف والأفكار
أتمنى أن تتجاوز إحباطك أستاذنا وتستمر،فمنْ تحاورهم وتكتب عنهم قامات ثقافية محترمة، وعلينا أن نقبل الاختلاف على أنه وجه من وجوه الحياة

أسعدني أن تزورك صديقتنا الأديبة رويدة سالم،روايتها رائعة بالفعل،نشرت أجزاءها هنا في الموقع

وها هي صديقتنا فاتن واصل بدأت بنشر الجزء الأول من رواية سمعنا عنها في العام الماضي حتى تيسّر لها نشرها هنا في الموقع بدءا من الأمس

أنا في مدينة لا تتوفر في مكتباتها الكتب العربية، كذلك النت فيها ضعيفة جدا فلا أقدر على تنزيل الكتب،ولا يبقى أمامي إلا انتظار الفرص السانحة لشراء الكتب من البلد أو قراءة ما تجودون به
شكرا


31 - إلى الأستاذة ليندا كبرييل
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 16 - 08:30 )
أشكرك من الأعماق. ويؤسفني في الوقت نفسه أن تكون لغتتي عندك أجمل من أفكاري، مع أنني أهتم بالأفكار اكثر من اهتمامي باللغة. هذه نقطة خلاف جديدة تنضم إلى نقاط الخلاف التي بيننا.
ولكن ما هي نقاط الخلاف التي بيننا؟
لا أذكر سوى خلافنا حول النقد إذ قسمتِ النقد مثل الأستاذ طلعت ميشو إلى نقد سلبي ونقد إيجابي. وهذا لعمري تقسيم لم أجد له معنى.
ليتك تجدين وقتاً لتظوير هذه الفكرة، ودعمها بالمنطق وبأمثلة من الحياة النقدية عند العرب والأمم الأخرى!
أقرأ باهتمام مترقب رواية الأستاذة فاتن واصل.
إذا رغبت في الحصول على كتاب ما، فأخبريني فقد أستطيع أن ألبي لك رغبتك بكل سرور
أكرر شكري لك ولكل الذين (قرأوا) هذه المشهد على طريقة صديقنا أبي حيدر.
( قرؤوا) مشكلة الهمزة المتطرقة، كيف يمكن تسويتها؟ هل لديك رأي أو اقتراح؟


32 - الاستاذ نعيم ايليا المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 8 / 16 - 10:18 )
تحيــــــــــــــــة و شـــــــــــــــــكر
الهمزة سهل حلها و ذلك بأن نجلسها معززة مكرمة تحيط بها الحروف على كرسي العرش اللغوي
ننتظر القادم فالقطار لم يطلب منه المخرج التوقف الا اذا قرر ان يبدأ المرحلة التالية بوقوف في محطة الاستراحة
الوردة ليندا لم تتكلم عن (لغتتك) بل عن (لغتك)...و لا ترغب ب(تظوير) الفكرة انما ب (تطوير)ها
تحية لها و للجميع
دمتم جميعاً بتمامها


33 - لماذا لغتتك وليس لغتك؟
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 16 - 14:15 )
ما كتبت (لغتتك) و (تظوير) إلا لأثبت لعزيزتنا ليندا، أنني لا أهتم بلغتي
أضحكتني على حالي... إنها المرة الأولى التي أكتب فيها رسالة دون استعمال نظارتي.
معليش يا عزيزي، سامحني! في المرة القادمة سأطور بصري قبل أن أفكر بتطوير بصيرتي، أعدك
.


34 - نسيت شيئاً
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 16 - 17:51 )
نسيت الهمزة المتطرفة ، نسيت أن أقول لك إن حل مشكلة الهمزة المتطرفة ليس بالسهولة التي تتخيلها يا عزيزي. فإذا كان حلها سهلاً كما ترى بإجلاسها ملكة على كرسيها، فلماذا لم تجلسها على كرسيها في كلمة (قرأ) عندما لحق بها الضمير؟
أين كرسيها هنا؟ حدد مكانه، من فضلك، أهو: الألف كما في قرأوا، أم هو الواو كما في قرؤوا؟
ودمت بتمامها!


35 - استاذ نعيم والله طرقت الباب حتى عيل صبري
رويدة سالم ( 2015 / 8 / 16 - 23:17 )
أستاذ نعيم كيفما كتبت الهمزة سنقرأ ما تجود به علينا سواء لبست النظارات (نقلت هالكلمة من تعليقك الاخير لتكون الظاد صحيحة ولو لمرة في تعليقاتي) او نزعتها فلا تخلينا ننتظر طويلا وكل -يوم ندخل صفحتك للبحث ويخيب رجاؤنا -عسى تكون الهمزة أيضا صحيحة هالمرة
ياللا استاذنا نحن في شوق للبقية
مودتي


36 - نظارة أستاذتنا الأديبة رويدة سالم
نعيم إيليا ( 2015 / 8 / 17 - 07:49 )
نضارتك - يا سالمة من عض الزمان! - أصدق وأصح وأجود من نظارتي، حتى لو كانت نظارتي حجازية من صنع الخليل بن أحمد الفراهيدي.
حاولت بمراوغة أصدقائي الأعزاء - أصدقائي للمذكر والمؤنث من باب التغليب. ولكن ألا يجوز تغليب المؤنث على المذكر؟ يعني أن يقال صديقاتي بدلاً من أصدقائي الأعزاء؟ ترى ما عسى أن يكون رأي الأستاذ جمشيد ابراهيم أو طبيبنا النفسي طلال الربيعي؟ - أن أتملص من عبء المسؤولية أو (المسئولية) هكذا بإجلاس الهمزة على النبرة (الكرسي) كما يجلسها المصريون. ولكن لماذا يجلسها المصريون على النبرة مع أنها همزة متوسطة وحركتها الضمة، والضم أقوى من الساكن؟ السؤال موجه لأبي حيدر ولكن دون فرض الجواب عليه.
والله أنت على راسي، إييه على راسي! على راسي راسي أنت.. أنت فوق راسي ومعك جميع الأصدقاء. أنت فوق فوق راسي، فوق فوق فوق راسي، فوق فوق فوق فوق راسي، فوق فوق فوق فوق فوق راسي أنت، هكذا بلغة الأستاذ أفنان القاسم.
غمرتموني بمودتكم وطيب شمائلكم، حتى ليكاد الغرور أن يلمس هِدابي.
ولك القرنفلة البيضا


37 - الهمزة و ما ادراكها
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 8 / 17 - 12:07 )
الاستاذ نعيم الورد
@
نعمل لها تاج و مركز كما في اعلاه و ساستعمل هذا الرمز عندما تتطرف تلك الهمزة الانثى الحاكمة و لو اني اكره او لا احبذ التطرف ...لكن عندما تتطرف اجد ان هذا الشكل مناسب لها
و اليك نموذج...جزا@
ندا@... هوا@...وهكذا
اما المسئولية المصرية فستكون مس@ولية
عندما تركر فوق ...وفوق يكون المعنى عكسي مع الاعتذار منالاديبة الجميلة رويده سالم حيث سيكون هناك فراغ و لا ساند لمن فوق الفوق و مصيره سيكون كما تعلم
اما الاستاذ الحالم فالجو المحيط به غائم مع تقديرنا الدائم
ننتظر القادم عسى ان يقرأئ@هو الاستاذ افنان القاسم ليتحفنا برأ@ه اللصارم الحازم
دمتم جميعاً بتمامها

اخر الافلام

.. كوريا الشمالية تطلق نوعاً جديداً من الصواريخ


.. الصين تطلق -قوة حرب المعلومات- لدعم دفاعاتها العسكرية




.. الصين تنشئ مجموعة عسكرية خاصة لأمن المعلومات


.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا




.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت