الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناقد والأديب أحمد عبد الكريم ونوس - العودة إلى المستقبل

عايد سعيد السراج

2015 / 8 / 9
الادب والفن


الناقد والأديب أحمد عبد الكريم ونوس - العودة إلى المستقبل

عن ديوان الشاعر : عايد سعيد السِّراج _ قدمان مائيتان

( أنتِ
يا من لك ِ مذاق النبيذ
وخَفّة الفراشات
تعالي
لنرسم خارطة الفرح)
* * *
" كم راعني الصمت
وأنا بني وجع الليالي ؟!"
هذا شيء مما يقوله الشاعر عايد سعيد السراج في ديوانه الأخير الموسوم " قدمان مائيتان " الصادر في أواخر العام الماضي , إنما المكتوب قبل ذلك بكثير , ولا يبدو الشاعر فيه متفوقاً على نفسه أكثر مما تفوّق في الرؤية , فلامس بعض القضايا المعرفية , دون أن يتخلى – كعادته- عن طرح بعض الهموم الاجتماعية إنسانياً , مطعّماً ذلك ببعض الوجدانيات الشفافة التي يبدو الشاعر من خلالها وكأنّه يبشّر " بالسعادة الرفيعة " كهدف ٍ من خلال تركيزه على عالمه الداخلي , دون أن يستمدالكثير من العالم الخارجي الذي تراه مدمّراً :
" تتراعش أغصان الهم ِّ
ينتحب الشاعر
معلناً فصل قصيدته عن حروفها "
عايد سعيد السراج , شاعر نثر , أعني شاعر اختزال في " الكلام " والألفاظ , وكأني به يثق أننا نفهم الإشارة دون طنين , والتلميح بلا إطناب , وكأنه يدعو للخلاص مما يعجُّ به الشعر العربي من الملل , التكرار والضجر !
" أبدٌ رقَّ حتى ازرقَّ "
هذا سردٌ , إلا أن الشاعر هنا وظّف كلّ آليات السرد المألوفة مضيفاً إليها تلك التوريات العجيبة , فالحقيقة أوسع من أن يغطيها ظلٌّ , ولا يمكن – بالمقابل – لشعاع ٍ أن يكشف حجبها أو يحيط بها :
" رأيت كوكباً
أقدامه مطر "
سردٌ آخر , لكنّه اصطفائي جداً , وكأنه يكافح لإخراج نفوسنا من انحطاطها , إنه عرّاب الكلمات الغامض الأنيق , يمضي بثورته الصادقة التلقائية على خراب وانحطاط الشكل المكرور الميّت كبشارة ٍ أمينة بعظمة التشكل المستمّر المقبل ، وباختزال أكثر يقول :
" منذ زمن أركض
ولم أبلغ شاطئاً "
لابدَّ لقصيدة النثر من أن تصاب بالصمت من شدة الذهول ،
" جوريُّ لهب
حوريّة ذهب
كون ُ خمائل
وفراتُ عنب ! "
ولابدّ أن قصيدة النثر كائن مريض عقلياً , لكنه – بكل التشخيصات والتحاليل والتصاوير, مرضٌ عصيٌّ على الفهم إلاّ من خلال فهمنا لجنون نيتشه " إرادة الصمت " الشدة الذهول - أو ؟؟ أو ؟؟ , اللاجدوى !
" في وطني ,
أبحث , عن صديق !! "
أو , يقول :
" أقشّر الأسماء عن أسمائها
مطرٌ يسوح على المعنى
والمغّنى أضاع صوته "
الصمت ثانية , ثالثة , هو فقط اللغة المستباحة , وهنا لابد لي من الحديث عن درجات " التفاهم " أو " اللغو " سموه ما شئتم , لكنه بدأ بالإشارة , ثم استوى أصواتاً , فلغة ً , فكلاماً , ثمَّ حكاية , صارت فيما بعد نصّاً مقدساً , وإنما تلتزم قصيدة النثر بالاختزال إمعاناً منها بالذهاب إلى الصمت ثانية فالصمت هو القديم الأول , والصمت هو المستقبل الذي نعود إليه دائماً , ليكن اللغو من القلب إلى القلب فقط , أو لتعد الحكاية – دون نص مقدس – على الأقل !
" يا سبّحة الصمت
دعيني أنشّف بعضي
على هديرك "
منذ قرون وصلت الفلسفة إلى هذه اللغة , الصمت ! أو عادت إليها , لأنّه أولاً كان الصمت , ومنذ قرون ألفّ أحدهم كتاباً بلا كلمات , أوراقه صامته تماماً إلا الجملة الأخيرة فيه , فقد كانت تدعو الفلاسفة للاعتصام بالصمت , ألا أننا شهود عصر تتبادل فيه الفلسفة الأدوار مع الشعر , فقديماً كانت الفلسفة تكثر التأمل وتقلّل من الكلام , أما الآن فقد أخذ الشعر – على يد قصيدة النثر – ( عند الشاعر :عايد سعيد السراج ) هذا الدور , مقتصداً " بالحكي " , تاركاً الثرثرة للفلسفة هذه المرّة
نعم أيها الشاعر , لقد رأيت " كوكباً أقدامه مطر " ووضعت عنواناً لديوانك " قدمان مائيتان " أما أنا فأعرف أنك رأيت كوناً أقدامه خواء ولم تُبح , فهربت إلى جنّة الصمت , إنما قلت موارباً أنك رأيت كوكبك المائي !!
* طرطوس – 17 – كانون الثاني 2006م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما