الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الإنسان

محيي الدين محروس

2015 / 8 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إن موضوع حرية الإنسان تناوله الفلاسفة منذ آلاف السنين، و كذلك السياسيون و علماء الاجتمعاع و القانون و الأدباء و الشعراء وغيرهم. فهو موضوع واسع، و يمكن تناوله من عدة وجهات نظر فكرية، و على مستويات مختلفة: سياسية و إنسانية و اجتماعية و اقتصادية و قانونية و فلسفية.
من هنا، سأحاول الاختصار قدر الإمكان مع التركيز على ما يهمنا اليوم من موضوع الحرية المرفوع في كل الشعارات السياسية في بلدان ثورات الربيع العربي.
أوسع تعريف للحرية هو عدم الإكراه، و حرية الإختيار. فالحرية الفردية، تعني إمكانية الفرد، دون أي إجبار أو إكراه على أن يتخذ قراره، و أن يحدد خياره من كل الخيارات المُتاحة.
الحرية هي التحرر من كل القيود التي تحدُ من طاقات الإنسان الخلاقة، و إنتاجه المادي و الفكري، سواء أكانت هذه القيود سياسية أو اجتماعية أو عائلية أو اقتصادية أو قانونية أو غيرها.
عادةَ يتم النظر إلى الحرية بمنظورين:
الحرية السلبية: و هي الحرية مِنَ: مثل الحرية منَ العبودية و الاستبداد، مِنَ السجن، مِنَ الاختطاف، مِنَ الملاحقات، مِن َ بعض العادات و التقاليد، مَن سلطة الأب و الأخ الأكبر ...إلخ.
الحرية الإيجابية: و هي الحرية من أجلِ: مثل من أجل حرية التعبير، من أجل حرية التجمع، من أجل الحرية الدينية، من أجل الحرية الاقتصادية.... إلخ.
- أما من الناحية السياسية، فالحرية تعني حرية التعبير و الإعلام، و حرية التجمع، و حريات الأحزاب السياسية و المنظمات المدنية، حرية الترشح و الانتخابات الحرة. كما أنها تعني تأمين الحقوق الاجتماعية للمواطنين، مثل تأمين العمل و السكن و الرعاية الصحية المجانية و التعليم المجاني، لأنه بدون هذه الحقوق من الصعب أن يستفيد المواطن من حريته الشخصية و حريته السياسية.
- الحرية القانونية: تعني عدم تدخل الدولة في حرية إرادة المواطن، إلا من أجل حماية الآخرين من أضرار ممارسة هذه الحرية. تطبيقاَ لمبدأ: تقف حريتك، عندما تبدأ حرية الآخرين. كما تعني الحماية القانونية للمواطنين في ممارستهم لحرياتهم. أما في صياغة القوانين، فيما يخض ما هو مسموح به، و ما هو ممنوع، و ما هي الواجبات … لا بد من الإلتزام بالقانون الدولي لحماية حقوق الإنسان. هذا القانون لا يصنع حقوق الإنسان التي هي طبيعية، و ناتجة عن كرامة الإنسان، بل يقوم بحمايتها قانونياً.
- الحرية و الدين: هناك نقاش تاريخي ديني و فلسفي مطول حول هذه العلاقة. من هنا ، سأختصر بالقول: بأن الأديان السماوية كلها تؤمن بوجود الخالق، و بأنه العليم و القدير على كل شيء. و أرسل رسله للناس، و أعطاهم حرية الاختيار بين الخير و الشر.
مثلاً في الإسلام: في سورة البلد" وهديناه النجدين" الآية رقم ١-;-٠-;-. أي طريق الخير و طريق الشر. و في سورة الكهف: „ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ... الآية رقم ٢-;-٩-;-.
و الحجة المنطقية و الفلسفية و الدينية هي حساب الآخرة و العقاب، الذي يأتي نتيجة اختيار الإنسان بين الخير و الشر، و لو كان الإنسان غير مُخيرِ، لما كان هناك مَعناَ للآخرة و للعقاب.
في هذه العلاقة بين الحرية و الدين، نجد ممارسة الحرية للمؤمن لدينه دون إكراه.
و من هنا، أيضاَ لا بد من فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة، و عدم إجبار ( إلزام ) المجتمع ككل بدين محدد، تطبيقاَ لحرية الاختيار لكل عضو في المجتمع.

- من وجهة نظر اقتصادية، ترتبط الحرية بعدم استغلال الإنسان من قبل رب العمل، و لا من قبل مؤسسات الدولة. تعني أن ينال المواطن أجره المناسب لقاء عمله، و عدم التمييز بين أجور الرجل و المرأة. تعني التقسيم العادل للدخل الوطني على أفراد المجتمع. فلا يمكن للمواطن المكبل بالقيود الاقتصادية أن يكون حراَ!
- أما الحرية الاجتماعية فهي تتعلق بالحرية بالمجتمع ككل، مثل نيل الاستقلال... و تحرير أراضي محتلة...حرية اختيار نظامه السياسي. كما تتعلق بحق تقرير المصير للشعوب.
- لا بد من التطرق إلى حرية المرأة في مجتمعاتنا. لأن المرأة لا زالت مُقيدة بالكثير من العادات و التقاليد البالية، فهي لا زالت تخضع لعبودية الرجل ( الأب، الزوج، الأخ الأكبر ، العم...) ، لازالت في حالات عديدة تُمنع من التعليم و من العمل. كذلك عدم تساوي أجرها مع الرجل مقابل نفس العمل! فوق ذلك، لا زالت تعاني من العنف الجسدي و النفسي. حرية المرأة تعني تحريرها اقتصادياً و اجتماعياً و إنسانياً. لذلك فإن حرية المرأة مرتبطة بحرية المجتمع ككل في الدولة الديمقراطية- التعددية، دولة المواطنة.
من أجل هذه الحرية على كافة المستويات نهضت شعوبنا في ثوراتها، ضد الاستبداد و العبودية من قبل أنظمة فاسدة،ثورات من أجل الحرية و الكرامة للإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ


.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا




.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟