الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعًا .. نور الشريف

يسرا محمد سلامة

2015 / 8 / 12
مقابلات و حوارات


سيمضي عام 2015 حزينًا على كل المصريين ومُحبي الفن الراقي، فبعد رحيل الرقيقة الراقية فاتن حمامة، فاجأنا خبر وفاة العالمي عمر الشريف، وها نحن استقيظنا على خبر رحيل الكبير، المبدع، المميز بفنه وأخلاقه الرائع المحترم نور الشريف.
رغم أن بداياته الفنية كانت وسط جيل من العمالقة، إلا أنه استطاع أن يرسم لنفسه منهجًا فنيًا مختلفًا عن ما حوله، لمع اسمه بسرعة لا لموهبته الجميلة فقط، بل لصدق ما يقدمه، واندماجه الشديد في شخوص العمل، فهو يعشق الأدوار المركبة ذات الطابع الانفعالي التي تجعل المشاهد يظل ساكنًا في مكانه دون حراك، يحبس أنفاسه من أجل المشهد التالي الذي سيظهر فيه نور الشريف بأداء أفضل من المشهد السابق، فهو لا يُخيب أبدًا حُسن ظن الناس به، ممثل قدير بارع، لا يظهر في عمل إلا وقد حمل شهادة الجودة والتميز، فأعماله في مُجملها يُمكننا أن نُصنفها تحت بند "مشاهدة عائلية".
في السينما لا أنسى له ما حييت أفلام أيام الغضب، سواق الأوتوبيس – الذي يُعد واحدًا من أهم وأفضل أفلام السينما المصرية – هو وليلة ساخنة إخراج العظيم عاطف الطيب، حبيبي دائمًا، العار، زمن حاتم زهران، دماء على الأسفلت، كتيبة الإعدام – فيلمي المُفضل – دائرة الانتقام، الصرخة، أهل القمة، بئر الخيانة، جرى الوحوش، وغيرها من الأفلام الرومانسية أو التي تُعالج قضية ما.
أما في التليفزيون فحدث ولا حرج، إلا أن ثنائيته الشهيرة مع المبدعة عبلة كامل في مسلسل لن أعيش في جلباب أبي ستظل علامة فارقة في تاريخ الفن المصري وتاريخ الراحل نور الشريف، ما هذا الأداء؟!!، حرفية مُنقطعة النظير، تأخذك إلى عالم الرواية أو القصة المكتوبة دون أن تدري، فتجد نفسك مُرغمًا أسير للشخصية التي يُقدمها، ومُتابعًا للعمل ككل دون كلل أو ملل، وفي عائلة الحاج متولي الفانتازيا التي عرضها المؤلف مصطفى محرم بكوميديا راقية عالية المستوى، كان اختياره للمبدع نور الشريف مُوفقًا فلا أتخيل غيره من الممكن أن يكون الحاج متولي، وفي سعد الدالي كان الرهان الكبير الذي كسبه كل من اشترك في هذا العمل وعلى رأسهم الراحل الخلوق، فها هو يقدم من جديد شهادة إبداعه كواحدٍ من أفضل من أنجبهم الفن المصري على مر العصور، وفي الرجل الآخر كان لأدائه طعم مختلف، مثلما الحال في العطار والسبع بنات.
نور الشريف أو محمد جابر، لا يهم، فالفنان هنا لا ينفصل إطلاقًا عن الإنسان، كلاهما شخصية واحدة عظيمة معطاءة، مُحبة، تعشق ما تُقدمه، تتنفس الرُقى في شتى مناحي الحياة، فتلفظه في صورة أعمال خالدة، كان صابرًا على مرضه، راضيًا بقضاء الله، لم يتوقف عن عمله رغم المرض الذي كان ينخر في جسده يومًا بعد يوم، وبعد ما شهدناه من عام 2015 يُمكنني القول: نعم .. رحل آخر الرجال المحترمين، رحمك الله أيها القدير المبدع وجعل ما عانيته في أواخر أيامك في ميزان حسناتك إن شاء الله، فأنت باقيًا معنا رحلت بجسدك، وأعمالك وسيرتك الطيبة هنا نتوارثها جيل بعد جيل ونفخر أن كان بيننا فنان بقيمتك، بقيمة نور الشريف، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء