الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ والبرنو وقرص الشمس قصةقصيرة

محمد عبد الله دالي

2015 / 8 / 12
الادب والفن


الشيخ والبرنو وقرص الشمس قصه قصيرة

استفزته الأخبار ،نهض بهمةٍ ، وهو يتمتم ،اليوم يومك أيتها العزيزة ، دسَ يده بين طيات الفراش ،وهو يبحث عنها بلهفةٍ ، لأنه أودعها في هذا المكان منذ أكثر من عامين ، بعد أن أجرى عليها آخر صيانة دورية لها ، سحبها من الفراش بصعوبة ،وبعد أن أزاح عنها القماش الذي كانت ملفوفة به،قبلها وشم رائحتها قائلاً : ــ
ــ الله يا ريحه هلي ؟
مسحها بقطعة قماش نظيفة ، وهو يقبلها ، سحب أقسامها أصدرت صريراً كأنه فتح البيت ،جاءهُ صوت من داخل البيت قائلاً :ــ
خيراً إن شاء الله ، اليوم تسحب أقسام حجي ؟ تذكرت أيام زمان ، رَدَ عليها : ــ
الصديق وقت الضيق ,الذهب عند الحاجة ( والبرنو ) جاء وقتها .. عاد الى طيات الفراش وسحب جعبة العتاد وَعَدَهُ ،هَزَ رأسهُ قائلاً : ـــ
ـــ تفي بالغرض !
افترش الأرض وسلسلة الذكريات تتوالى وحدة بعد الأخرى من ثورة العشرين ، التي غيرت خارطة الوطن السياسية .إلى الآن كان للبرنو دور فعًال ، لأنً الذي كان يحملها رجلُ شجاع قارع الظلم والاحتلال . وأستشهد وهو يحملها على صدرهِ ، كانت رائحة والده موجودة على كل نقطة من مقبضها .
وفي اليوم الثاني شدً الرحال الى أقرب مركز للتدريب ،أستوقفه حرس باب النظام ـــ حجي أين تريد ؟
ـــ أريد أن التحق بالمتطوعين ..
ـــ لكن حجي عمرك لا يتناسب مع عمر الشباب ؟
ـــ وهل نداء التطوع المقصود به فئة الشباب ؟ أو النداء شمل كل الأعمار ؟
صمت الجميع ، إنه على حق ، لم يكن العمر محدداً بالتطوع .سمحوا له بالدخول بعد ان أعلموا القيادة بذلك.
انظم إلى إحدى المجموعات .نادى ضابط الصف جنبك سلاح تنكب سلاح ؟ أخذ الضابط المسئول يتفقد المجموعة لمح بندقية تختلف عن بنادق المتطوعين ، نادى على الشيخ تقدم خطوة إلى الأمام : ــ
ـــ ما نوع السلاح الذي تحمله أيها الشيخ ؟
ــ سيدي ( برنو ) .
ـــ ياشيخ البرنو ( وين والعالم وين ) الآن الاسلحه اوتوماتيكيه .!!
ـــ لكن يا سيدي هذه مثل القناص طلقتها توجع .ابتسم الجميع ، تقدم الضابط منه وربت على كتفهِ : ـــ
بارك الله بك يا شيخ ،الوطن بحاجة إلى الجميع ، لكن أليس لديك أولاد يقومون بالواجب ؟
ــ نعم لدي اثنين وهم في جبهات القتال ، ولم أراهم منذ مده . أطرق الضابط وباقي الجنود الأبطال برؤوسهم إلى الأرض إكراما وإجلاًلاً لهذا الرجل الكبير . أستلم المتطوعون الأوامر ،بعد وصولهم لجبهة القتال مع العدو الداعشي وأعوانه الجبناء .توزعوا على الساتر الترابي ،فكان الشيخ يعتمر كوفية شعبية تميزت عن الآخرين ،أسندَ ( البرنو ) على ساعده الأيسر ووضع قبضتها على صدره وهو يرقب الأفق البعيد الذي يرى فيه أبناءه كانت أشعة الشمس تحرق الأخضر واليابس ،لكنها لم تتمكن من لي ذراع المقاتلين كان الإصرار على تحقيق النصر أمر لابد منه .
مالت الشمس إلى الغروب ،وهي تحمل هموم الأرض ، دقق شيخنا في القرص الذهبي ، الذي حمل ألم الأرض وأخذت تجر ذيولها إلى الغروب ،كان الشيخ يتابعها بدقة ، رأى إنها كلما اقتربت إلى الشفق ، تزداد احمرارا فهي تعكس ما يجري على الأرض ، كَوًرَ عينيه المتعبتين ، ليحصل على صورة أفضل لها رأى صورة السهول والجبال ،و أشباح هنا وهناك ، لكن لم يحصل على صورة ولديه . كانت الدمعة الحائرة تشوش الصورة ، حاول جاهدا أن يمسحها بطرف كوفيته المشبعة بالعرق والتراب ، لم تسعفه عينيه بمتاعه النظر لقرص الشمس ،ليشرح لها ما يجري على وجه الأرض التي ابتلعت النصف الأول من قرص الشمس ، تاركتاً للأرض ضوء بريق المدافع والرصاص .أصاب الشيخ التعب والخدر ،ارتخت أصابعه ،والبرنو ترتاح على ساعده الأسمر المطرز بخطوط الزمن ،وتابعت العينين ،إسدال ستائرها برفيف خفيف ،ولم يسعفهُ الحظ أن يشهد المشهد الأخير لغياب قرص الشمس ،
الكاتب والقاص
محمد عبد الله دالي الرفاعي
في 10 / 8 / 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز


.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن




.. هنا تم دفن الفنان الراحل صلاح السعدني


.. اللحظات الاولي لوصول جثمان الفنان صلاح السعدني




.. خروج جثمان الفنان صلاح السعدني من مسجد الشرطة بالشيخ زايد