الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد الحديث جسد بلا رأس / مقالة نقدية

مهند طالب الدراجي

2015 / 8 / 14
الادب والفن



عندما نستمع الى كلام ناقد حقيقي , ناقد يمتلك كل مقومات وأدوات النقد , نشعر أننا نستمع الى قصيدة أو قصة , حيث أنه يخلق للمتلقي عالم متكامل من الحياة الأدبية , جزالة اللغة بلاغة المفردة , احتواء خارجي وباطني للموضوع , تقارب ضمني , أمثلة متقاربة , فنشعر أن الأفق الواسع الذي يمتلكه الناقد يُثري معلوماتنا , ويؤسس لنظريات تطبيقية , تكون مرجعاً في موافقة الأفكار , ومطارحات متسقة في مواكبة العمل , الناقد هو ذاك الأديب الذي يلوح بكل المفاتيح , لديه في مخيلته تفاعلات جاهزة للتجناس مع أي نصٍ , ففي قبضته حلقة فيها مفاتيح كثيرة وفرتها التجارب لفك النصوص والدخول الى مضامينها للتحليل والتفكيك والتأويل , كما أن الثقافة الثرية التي يمتلكها الناقد , تجعله جاهزاً للمقارنة والمقاربة والمواكبة والمواظبة .
لقد عرفت ان الناقد ذو خبرة ودراية متمكنة وعالية في مجتمعنا الأدبي , حيث انه يستطيع تحليل وتفسير الاعمال والاشكال الفنية في الجنس الأدبي بصورة صحيحة متقاربة متقارنة مع المعنى الحقيقي ومتداخلة فيه , حيث يكون نقده مؤثراً وفعالاً وسياقي يتأثر بالعوامل الموجودة في العمل الفني كالعوامل السياسية والاجتماعية والثقافية ومن خلال محورين مهمين الاول ذاتي الذي يقدم فيه الناقد رؤيته الخاصة الذاتية والثاني موضوعي يحاول ان يمتد مع المعارف الشائعة , وكلا المحورين يتوقفان على حدس الناقد وثقافته وذائقته .
لكن ان يكون الناقد سطحي لا يستطيع فك البُنى والأشكال البالغة التعقيد فهذا مجرد متطفل طارئ على النقد ولا يجد غير التزويق والزخُرفة على النص كي يعوض نقصه ويسدد فواتير الجهل بهذه العبارات المبتذلة التي يستفيد منها الكاتب ويصدقها الهمج الجهلة .
يجب ان يتعافى العقل الاجتماعي والثقافي كي يتعافى العقل النقدي
ويمارس الطقوس النقدية في اجناس الأدب ومشاريعها الرسالية الصحيحة .
لذلك فأن جسد الناقد يحتاج الى رأس :من أجل ملكة التذوق والانتاج حيث تحتاج ملكة التذوق الى طبيعة فنية وحسّ شاعري اما الانتاج فيحتاج الى مرونة ودراية وقدرة على تمحيص وتنقيب ومباشرة , وفكر واطلاع واسع , الناقد ملزم على تطوير مهاراته وذائقته وخبرته وثقافته وطريقة طرح افكاره من خلال معرفته بتاريخ الفن والفلسفة وعلم الجمال وعلم النفس , حيث يبدأ بطرح الاسئلة على ذاته عندما يتفرس في النص فيجد اسئلة منطلقة في فضاء افكاره مثل ماهية النص الفنية ماهيته الموضوعية , الرسالة , الدوافع , شخصية الكاتب وما يرافقها اجتماعيا ادبيا سياسيا وحتى نفسياً , الوقت والتاريخ الذي انتج فيه الكاتب عمله وتداعيات هذا الوقت والتاريخ وظروفه ومناخه وبيئته , الكيفية الادائية والممارسة الخاصة لهذا العمل وما يتعلق بها من خامات وادوات وتقنيات , اكتشاف وتفسير الاسباب التي ادت الى حكم الناقد على النص وجودته الفنية سواء العقلية منها او العاطفية , مناقشة فلسفة النص ونظرية الفن للحفاظ على انتماء النص الحضاري والانساني .
فهل ينجح الناقد في تقدير العمل الفني وتبرير حكمه فيه ؟ بتوضيح المدركات الحسّية والخصائص الفنية , هل ينجح في تحسين البيئة الثقافية من خلال نقده وتنمية الادراك الجمالي من خلال بث الافكار الفنية التي تحسن قيمة الحضارة والثقافة ؟
هل ينجح الناقد في ترويج الذائقة السليمة وايصالها بأمانة الى فهم المتلقي كي يعتمدها المتلقي منجزا ذائقيا يُعتد به ؟
ما زلت اقول ان الجسد النقدي بحاجة الى رأس يتمم شكله والا بقي هذا الجسد ضائع بلا راس يتلاعب به هذا وذاك ما بين المتفلسف والاصطلاحي , والمداح والبوقي , والمتسلق .
لا يمكننا حصر المناهج ولا المدارس النقدية في شخصية واحدة ولا في طريق واحد , فكل الطرق النقدية تؤدي وظائفها , طالما تمارس النقد لكن ما يحزنني هو النرجسية والغرور والتعالي , رغم اني اعتبر الناص مبدعاً يسبق الناقد بأشواط كثيرة والدليل ان الناقد لا يجد قيمته الجمالية الا من خلال ما يقدمه الناص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا