الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاطمة وماريكا وراشيل - جنسية الغناء -

أبو الحسن سلام

2015 / 8 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


جنسية الغناء
" فاطمة وماريكا وراشيل "
- يوميات ناقد صائم (3)-

د. أبو الحسن سلام

للغناء جنسية ، وللغناء إنتماء :

قد سألنا وفي الضمير إجابـة أطـويل صيامنا أم يطـول !!
فاستخرنا الله .. هل في الكتابة شئ يسلي الصائم الملـول
هوتفت أن لا ضير لا غرابــة إن كان لحنا في رداء جميل
وهكذا أمضيت بعض يومي في سمع ما سر المسامع في مجامع الجنسين مجتمعين في وطن له جنسية ، بتسمعون مسامع ما تغني به فوزي جهارا ، في مراوغة الدفاع عن الغواية.. غواية النساء أو إغوائهن . إغوائه لهن لا إغوائهن . قد كان ذلك حينما كانت هناك نساء بالمعني الذي يعني الغواية ؛ نساء يجرى لها لعاب جيل بأكمله . آآآآه .. يا ليت الشباب ... : ( أكملوا ) .....

( فقد سألت وفي ضميري ما يطيب ليت الشباب دام وانمحى الغروب )

بهذه الروح الصافية صفاء النهارات الرمضانية وجدتني استمع فجأة لأغناء الموسيقار محمد فوزي لفاطمة وماريكا وراشيل ، حيث توقف عندها مسير تلامس الأصابع على لوحة أزرار ( اللاب توب ) فأصبت بحالة نوستالجيا للزمن الجميل الذي افتقدته أجيال شباب ما بعد نصر 73 و ما تلاها من عصر الكوارث والانهيارات القتصادية والاحتماعية والثقافية والتدني اللأخلاقي والعلمي والمعرفي ، وانعكاساته على التعليم وعلى الأدب والفن . كان فوزي بخفة روحه الشبابية يغني على لحن يبوح فيه بما في ضمير عبث الشباب ومجونه، بوحا دفعه إلىه استفزاز الفنان الرائع سليمان نجيب ، حيث كان يمثل دور والده في فيلم ( فاطمة وماريكا وراشيل) الذي يدور من حيث الظاهر حول نزق الشباب في عبث المراهقية . غير أن المسكوت عنه من حيث المغزى – الذي ربما لم يكن مدركا من صناع الفيلم – غير أنه يعكس بالتأكيد صورة إنتماء الوطني للمصريين في مجتمع الأربعينيات والخمسينيات ، حيث الدين لله الوطن للجميع ، فالمجتمع على توزع أبنائه بين الاسلام والمسيحية واليهودية يؤمنون بإله واحد ويؤمنون بوطن واحد وأرض واحدة ولغة واحدة وثقافة واحدة . عكست فنونه ذلك كله ، عكست أمنه وسلامه ووداعة ناسه واحترام أبنائه لبعضهم بعضا واحترامهم لغيرهم وإقبالهم على الحياة
في حلوها ومرها في أنسها ومعاناتها .. كنا مصريين . عشت حالة حنين لذلك الزمن الجميل في يوم صيامي قبل الأخير من رمضان 2015 من أول وهلة يصافح فيها صوت سليمان نجيب أذنيي في مطلع أغنية ( فاطمة وماريكا وراشيل)
ماذا جرى لمصر وماذا جرى عليها من بعض أبنائها الذين آمنوا بكلمة ابتدعها البنا بأن ( الدين هو الوطن) ، ووبمقولة غير منتمية قالها من بعده قطب ( ما الوطن إلا حفنة من تراب) ، وكررها بعدهما ثالثة الأثافي (عاكف) وهو يعوي ( طز في مصر)

لم تكن مصر تفرق بين مسلم ومسيحي ويهودي قبل عام ( 1928) * كنا جميعا مصريين ، نحمل هوية وطنية واحدة ، لا التباس فيها ولا شرك ، حتى فرق الاحتلال البريطاني بين أبناء الوطن والهوية الوطنية الواحدة . كان لنا انتماء واحد وهوية واحدة في وطن واحد يسكننا ونسكن فيه ؛ فأصبحنا نسكنه ولا يسكن فينا!

هذا ما أثارته في نفسي أغنية ( فاطمة وماريكا وراشيل) من حنين لزمن جميل عشته طفلا وعشته في شبابي ؛ فأحببت أن أعديكم بنوستالجيا ذلك الزمن الجميل .

( نص الأغنية)
الأب : أنا قولتلك قبل كده مسيرك تقع في واحده تخلص من جتتك مصدقتنيش !
اشرب بقا ياحلو .. فاطمة طماطم دي ، حتعصر قلبك زي الطماطماية .
الإبن : ( ساخرا) هاهاهاها .. دا متهيألك .. أنا وراها لغاية لما تسلم ، وترفع الراية
البيضا وتلبس الدبلة زي ماريكا وراشيل .
الصديق: ( لنفسه مندهشا) فاطمة وماريكا وراشيل ( معلنا رأيه) يانهار أسود !!
فاطمة وماريكا وراشيل ثلاثة مرة واحدة !! دول يابني يخروا بلد ! "

( يرتفع صوت الآلات الوترية بجهارة كموجةمندفعة كاسحة ؛ وما يلبث إلا
برهة لييبدأ العزف على هيئة وحدات موسيقية مرحة ، متقطعة من خلال
الوتريات ، وتتكرر وحدات التعبير الموسيقي متكرر الجملة الموسيقية ليطور
التعبير الموسيقي نفسه بتداخل زخارف نقرات الدف الإيقاعية ، مدخلا لتسليم
المجال للغناء لبطل الفيلم ( الشاب / محمد فوزي نفسه) :
" فاطمه .. وماريكا .. وراشيل دول جوه قلبي كوكتيل

دول جوه قلبي


- لازمة موسيقية -
أنا احب الجمالات طول عمري واتشـوق للبيضه والسمـرا
واتشوق لـــلون الخـمري يسكرني ولا كاس من خمرة
وشقــره والقمحي ياليـــل لو حتى يوروني الويـــل
فاطمة .. وماريكا .. وراشيل دول جووا فلبي

( تتكرر اللازمة الموسيقية الرئيسية ، وتتداخل فيها إيقاعات الرقص الإسبانيولي التي تعتمد على نقرات كعوب أحذية الراقصين ؛ لتضفي روح المرح والخفة على التعبير الغنائي ؛ من حيث الشكل ، وتشف في اللحظة نفسها عن دلالة استخفاف الشاب بالعلاقات بين النساء ومراوغته في اللعب عليهن ، غاضا نظره عن الانتماءات الدينية لأي منهن ، فلا فرق عنده بين فتاة مسلمة (فاطمة) ومسيحية ( ماريكا) و فتاة يهودية ( راشيل)
ولئن أطل مغزي الجمع بين ثلاث فتيات من ثلاثة أديان تعشن معا في سلام في مجتمع ما قبل الخميبنبات في مصر ، فهو مغزى يبدو باهتا ويطل من خلف المعني أو البوح الظاهري الصريح ، شاحب الوجه والوجهة ؛ إلاّ إنه تعبير موسيقي رشيق ويشع منه الغناء مرحا و ظريفا ، ومعبرا عن روح شبابية مراهقة ؛ تطبع ألحان محمد فوزي ببصمة أسلوبية خاصة به وبفنه الموسيقي . وهي روح ، تمتع بها إلى جواره – ربما تأثرا به – الموسيقار ( منير مراد) شقيق المطربة الأسطورة ( ليلى مراد) ابنا ( المطرب زكي مراد – إيزاك مردوخ – في الأصل)

ــــــــــــــــ

* أي قبل ظهور ( البنا وطغمة وشعارات البنا: " وطني هو ديني " وسيد قطب : " ما الوطن إلا حفنة من تراب " وعاكف : " طز في مصر" ) وما واكب تلك الشعارات اللامنتمية من تدابيرسرية تخطط لتفكيك مؤسسات الدولة بقصد هدم الوطن ، هدم مصر ومحو تاريخها العريق ؛ حتى جاءت 1943 بظهور النشاط الإرهابي للحركة الصهيونية بين يهود مصر في أثناء الحرب العالمية الثانية . والتدريبات الإخوانية العسكرية على أعمال إرهابية للقتل والاغتيال والحرق وتدمير المؤسسات وتصنيع العبوات الناسفة وزرعها ، بحجة الانخراط في مقاومة الإنجليز والصهاينة ، وغير ذلك من أضاليل.
إلى أن حل النقراشي تنظيمهم ، فكان ما كان من اغتيالهم له ، ثم اغتيالهم لمؤسس جماعتهم وأبيهم الروحي نفسه ؛ لما أعلن قولا إنهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين كنوع من التقيّة ! ولم يتوقفوا ، ظلوا كامنين - خلايا نائمة - بعد فشلهم في سرقة ثورة 23 يوليو 52 ، مبيتين النية على اغتيال عبد الناصر في المنشية . وكان ما كان من توجيهات سيد قطب في كتابه معالم على الطريق لهدم الدولة وتكفيرهم واعتزال مؤسساتها وتجاوز قوانينها فيما سمّي بهجرتها وتكفيرها بمن فيها . ثم استراحة إرهابيين ، وكمون في بيات شتوى سري تمكنوا خلاله من التغلغل في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها ، فلما قامت ثورة أو انتفاضة الشعب المصري بمبادرة من شبابه قفزوا إلى قطار الثورة وألقوا بالثوار من القطار في أثناء سيره ، وكان ما كان من توجهه قطار الثورة في طريقه مظلمة وظلامية بقصدية دهس دولة مصر وفرمها تحت عجلات ذلك القطار ، فكان ما كان إذ هيئ الله لمصر قيادة وطنية أدركت مصر فألقت بقيادة تلك العصابة النكراء من القطار وواصلت مسيرته في اتجاه شمس الخلاص الوطني وصولا إلى أول محطات الإعمار محطة قناة السويس الجديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة