الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرقام الرهبنة الثقافية

مزوار محمد سعيد

2015 / 8 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التأمّل في الثقافة يجعل الفرد الإنساني يلاحظ أنّ ركيزة العمل على إنشائها أمر يستحق التضحية فعلا؛ إنّها أجمل شكل وصل إليه الفرد البشري في ارتقائه نحو الفضيلة، وبهذا الأساس يمكن للجميع التكاثف من أجل إنتاج ثقافة ما في إطار خاص يجعلهم أكثر تماسكا مما مضى، فهي قدرة خلاّقة تبدع الجديد على الدوام في قصد واضح نحو إطفاء لغة رسمية على كل ما هو قابل للترجيح بواسطة ترجمته الحرفية في الابتكار خلال كل لحظة يجدّ فيها الجديد على صورة استمرارية غير قابلة للتوقف.
بعد هذه القناعة التي تولد لدى الأفراد بصورة جماعية يتم الأخذ بما لها من تحديدات وسط الاجتماع الكثيف للأفكار، ووفق المنهج الذي يكون من تربة غير متوفرة للجميع، يصبح الفرد كعيّنة قادرة على التفكير في مجال هذه الثقافة الوليدة برموزها وأيقوناتها الجديدة على الدوام، حيث ما يضمن بقاءها وتقدّمها في العمر هي إمكانية تجددها كل مرّة.
يصبح من الضروري أن يكون الفرد البشري فاعلا في وسطه هذا، يكوّن عزما جدّيا على تقريب المعطى الإلهي إلى قرابته مع النحو المتميّز الذي يخطوا بجانبه كل مرّة، حيث يصبح من الهام جدّا أن يخوض في رسائله المتميّزة عن البقاء في حالة غير تلك التي تقدّم بعض المساهمات لما هو فتي ويتم بناءه من فترة ليست ببعيدة.
من المهم أن تكون الثقافة قائمة على العزم الجماعي لإنجاحها، وهذا لا يتحقق سوى بمكوناتها الروحية التي تجعل منها المحرّك القائم على فهم حاجياتها نحو الاشتغال والأخذ بزمام الفهم، من أجل إدراك أنّ تلك البساطة التي تولد في مجال اهتمام كل فرد من جماعتها المتميزة بها هي أمر يستحق الالمام به، حيث يكون من أهمّ العالقات بين ثنايا البهرجة التي تكوّن نواتها الأساسية، وعليه فإنّ كل فرد هو ضروريّ أو حتميّ الأخذ بجديته لأنه يكوّن الحلقة الأضعف في كل ثقافة، لكن إن ما كان مغلفا جيّدا بإعرابه الفلسفي المخطط بشكل حصين فإنه يتحوّل إلى مركز إنارة يوفّر فرصة تأثير بارزة في كل ما من شأنه إعادة التركيب والمزج من أجل ضمان استمرارية ما هو قائم على تجديد الجديد ذاته، فكل عامل يساهم في ذلك يكون هو الذي يبعث الدفعة نحو الأمام.
لا يمكن إغفال التقويم من وقت لآخر لما يتم إنجازه كل مرّة، كل فرد له امكانياته التي تؤهله ليكون مساهما، فلا يمكن أن تصبح الثقافة محتكرة من طرف فرد واحد، فقد فشل جميع من حاولوا ذلك من ملوك وسلاطين، بينما نجحت ثقافات الأمم والشعوب في البروز ولو بعد خفوت، الأمر لا يتعلق بالوجود بقدر ما هو قائم على ضمان الحد الأدنى من الديمومة.
علاقة الثقافة بالمنتسبين إليها إن لم تكن علاقة فخر وامتنان فإنّ تلك الثقافة تصبح مهددة بالزوال والانهيار، لأنّ ذلك يكوّن في نفسية الفرد قيمة نفور قد تمتد إلى أعصابه وطموحاته، فبدل أن يعمل على إقامة ثقافته وشيوعها، فإنه يصبح أوّل حامل لمعول هدمها واندثارها، لأنه تخلى عن روح بقائها والتزامها بجذورها.
يصبح الوعي بإلزامية التمسك بعناصر ثقافية ما، أمرا أساسيا راسخا بواسطة الوعي الثقافي، بمعنى الوعي بضرورة الأخذ بمكونات الثقافة ذات الحديقة الخلفية لفلسفة بعينها، آخذا بالاعتبار المسار الفكري والمجال التطبيقي، لما يجعل من هكذا أمور مسهلات قابلة لأن تجعل من التحول الاجتماعي وحتى السياسي أو الاقتصادي أمرا يسيرا بالمقارنة بغير هذه النقاط العملية لدى أيّ مرجعية، الشرط الوحيد الذي يرسم لها حدودها، هو ذاك المتعلّق بمداها الذي يتسع، وميزتها الأصيلة.
تماسك العناصر الثقافية عبر مزجها بالمكوّنات الذاتية لما له بذاتية الفرد عينها، هي ما تظهر في أشكال متباينة من العلاقات، التصورات، الأبنية والمعاملات، كونها الأسس التي ينطلق منها الفرد ليصل إليها في حجمها الواسع، فنحن هنا أمام تكبير لوضعية فردية أحادية، لا تتعارض مع فريق جماعي أو اجتماعي لها، في حين أنّها تنبع من ذات مصقولة ثقافيا ومفتوحة فلسفيا، يكون لها عامل مزدوج يكوّنها بشكل تراتبي، حيث أنّ له القدرة على الحفاظ الأساسي، والنشر ليكون أساسا لمضامين مختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي