الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد القادر أنيس - كاتب علماني من الجزائر - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الانسداد السياسي في الجزائر وعواقبه الوخيمة.

عبد القادر أنيس

2015 / 8 / 30
مقابلات و حوارات


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -162 - سيكون مع الاستاذ عبد القادر أنيس - كاتب علماني من الجزائر -  حول: الانسداد السياسي في الجزائر وعواقبه الوخيمة .



كان ترشح وفوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعهدة رابعة لمدة خمس سنوات أخرى (17 أفريل 2014) وهو في وضع صحي لا يؤهله لتولي هذا المنصب موقفا قد حير الكثيرين. لماذا؟ ألا يوجد حتى ضمن الطبقة السياسية الحاكمة بديلا آخر؟
ترشُّح بوتفليقة وإعادة انتخابه دلالة على أن هناك انسدادا سياسيا حقيقيا تعاني منه البلاد، خاصة في ظل حياد الجيش بعد التجربة المرة في مواجهة الحملة الإرهابية الإسلامية وما حصده من جحود خارجيا وداخل الطبقة السياسية وعلى رأسها الرئيس وداخل أوساط الشعب أيضا، رغم الاعتراف بدوره في هزيمة الإرهاب.

من الناحية الرمزية، ليس بوتفليقة هو المريض فقط، بل الوضع السياسي والاجتماعي والفكري برمته مريض. ولد مريضا منذ الاستقلال، أوصل البلاد إلى مأزق حضاري حقيقي وبيئة آسنة شكلت المرتع الملائم لازدهار الأصولية الإسلامية مفرخة الإرهاب.
لا يمكن فهم هذا الانسداد دون فهم العوامل الموضوعية التي أدت إليه.
الجزائر استقلت وهي حبلى بعيوب وتشوهات كثيرة شأنها شأن أغلب بلدان العالم الثالث (قرون من الانحطاط ثم الاستعمار العثماني والفرنسي وما رافقهما من تهميش حضاري). أهم هذه العيوب تمثلت في التخلف العام الذي كان السمة الغالبة على الحياة السياسية والفكرية والدينية والاجتماعية والثقافية لدى شعبنا. وهو وضع يستحيل معه بناء دولة وطنية حديثة ديمقراطية بسهولة. فنحن في الحقيقة لم نمر بما مرت به البلدان التي نطمح للالتحاق بها، ولا نحن كنا دائما مستعدين للتضحية بما يكفي من أجل الحرية والديمقراطية والعلمانية، ولا نحن حاولنا أن نحدث القطيعة الحقيقية بل قطائع كثيرة كانت ضرورية مع كل عوامل تخلفنا المزمن. وكان من تحصيل الحاصل أن يستولي فصيل من الجيش عام 1962 (جيش الحدود بالتحديد غير المنهك، الذي كان (خارج الحدود في الحقيقة) بعيدا عن أرض المعارك) باعتباره الفئة الأكثر تنظيما وتسليحا يومئذ، والذي كان يقوده بومدين بالتحالف مع بن بلة الذي (انتخب) رئيسا للجمهورية كمرشح وحيد، على مقاليد السلطة واستبعاد الآخرين سجنا ونفيا واغتيالا، قبل أن يقرر بومدين الانقلاب على بن بلة والاستفراد بالحكم (1965) (طبعا أغلب الطامحين أو الطامعين كانت برامجهم قائمة على استبعاد الآخر، يعني كما نقول في الجزائر: طاق على من طاق)، بعيدا عن الاحتكام للقيم التي كانت في أصل تأسيس الأمم الحديثة (وهي حالة مازالت ماثلة حتى اليوم للأسف).
في غياب نخبة مقتدرة وثقافة سياسية عامة ديمقراطية وعصرية في الجزائر متجذرة بين الناس، كان من المستحيل أن تسير البلاد في اتجاه آخر غير اتجاه الاستبداد أو الفوضى والمزيد من التفكك. الصراع، في الحقيقة كان فوقيا، بين النخب العسكرية والسياسية، أما الشعب فكان في عالم آخر تنهشه الأمية والفقر والبؤس، كانت قيم الحرية والمواطنة والديمقراطية والعلمانية آخر مطالبه أو هواجسه. الإرادة في إقصاء الآخر، يجب أن نعترف، من جهة أخرى، أنها بدأت باكرا في صفوف الحركة الوطنية قبل بداية حرب التحرير (1954) وتعمقت معها. كان حزب الشعب الجزائري الذي تخرجت منه أغلب النخب السياسية التي أطّرَت الشعب إبان الثورة وبعد الاستقلال حزبا قوميا إقصائيا رسخ زعيمه مصالي الحاج فكرة عبادة الزعيم وما نتج عنها من شقٍّ لصفوف حزبه الذي غرق في أزمات عميقة وعقيمة تواصلت سنين طويلة ومن تصلب في الحوار مع الشركاء الآخرين في الوطن، مما أدى إلى انسداد حقيقي هيمن على الحركة الوطنية فدفع مجموعة قليلة المناضلين من الشباب إلى القفز على الجميع والمبادرة بالحرب. مع بداية حرب التحرير وضعت جبهة التحرير شرط حل كل الأحزاب وانضمام مناضليها بشكل فردي إلى جبهة وجيش التحرير لكي يحق لهم المشاركة في الكفاح التحريري. بعد الاستقلال وَجَدَ النظام الحاكم في النموذج الاشتراكي للحكم والتنمية ضالته، خاصة معاداته لوجود قطاع خاص فاعل ووجود معارضة مهما كانت: سياسية، ثقافية، دينية، وهو ما دفع إلى مزيد من التضييق على الحريات وتخوين المنادين بالديمقراطية والتعددية والتداول على السلطة ديمقراطيا، بل جرى تخوين وإسكات المختصين المحايدين في التربية والتعليم والاقتصاد والسياسة الذين كانوا يحاولون لفت الأنظار نحو الأخطاء والمزالق. كانت هذه المطالب تضع أصحابها في معسكر الرجعية أو البرجوازية الملعونة، بل اعتبر بومدين الديمقراطية ترفا فكريا أبعد ما يكون عن التطلعات الشعبية التي كانت حاجاتها، حسب زعمه، تنحصر في محو الأمية والفقر والبطالة (طبعا هم زعم فيه قدر كبير من الوجاهة ولكنه اتخذ ذريعة لفرض الاستبداد).
تجذر الفكر الاستبدادي في ثقافاتنا المحلية المستندة إلى الموروث الديني والولاء لبُنَى رجعية دينية وقبلية وجهوية ساهم في إقناع هذه النخب بوجهات نظر أعداء الحريات والديمقراطية. بل إن التأييد الكاسح الذي يقترب من التقديس والذي راح يحظي به بومدين تدريجيا من طرف الشعب جعل المعارضين يتوقفون عن كل معارضة (تصريح بوضيف).

لكن النموذج الاشتراكي السوفييتي الاستبدادي لا يمكن تبرئة ساحته. كانت الدعاية الواردة من البلدان الاشتراكية حول التنمية المتسارعة وحول الإنجازات العلمية، بل وحول السبق المُحْرَز في غزو الفضاء قد بثت في النخبة السياسية والفكرية في الجزائر، وفي العالم الثالث أيضا، وَهْمَ إمكانية التغلب على التخلف عبر حرق المراحل وتجميع كل طاقات البلاد البشرية والاقتصادية بين أيدي سلطة واحدة وحيدة، قادرة، حسب زعمها، على الانتقال بالمجتمعات من البنى الاقتصادية والاجتماعية والفكرية المتخلفة إلى مجتمع الحرية والعدالة والتقدم والمساواة كما كان يروج لها اليساريون والقوميون في العالم. ولهذا كان يجري تصنيف كل نقد ومعارضة على أنهما تشويش وخيانة تعرقل هذه الطموحات (لفظ المشوشين كان شائعا جدا عندنا ويطال كل المعارضين). بل هناك من كان يوهم الناس بأنه من الممكن الانتقال من تشكيلات اجتماعية ما قبل رأسمالية (عبودية وإقطاعية وقبلية...) إلى تشكيلات اجتماعية ما بعد رأسمالية (اشتراكية، تعاونية، شيوعية...).

لهذا كان اليسار عنوان الثقافة والنضال لتلك الحقبة بلا منازع. كان أغلب المثقفين من اليسار، ساسة، نقابيين، كتاب، فنانين، مفكرين، رجال مسرح، سينما، جامعيين... بل حتى أهم حزب يساري سليل الحزب الشيوعي الجزائري الذي تأسس وناضل في العهد الاستعماري (قبل أن يتحول إلى حزب الطليعة الاشتراكية بعد الاستقلال)، كان لا يولي أي اهتمام للحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق المرأة؛ كلها قضايا كان يجري تسويفها باعتبار حلها سيكون تحصيل حاصل لانتصار الاشتراكية. كان يمارس تأييدا مشروطا للنظام الحاكم على أساس مزيد من التوجه يسارا نحو التأميمات وهيمنة القطاع العام ومحاربة القطاع الخاص والتخويف من البرجوازية والرأسمالية والإمبريالية وتوثيق أكثر للعلاقات مع البلدان الاشتراكية، والسكوت وحتى التواطؤ إزاء ما كان يرتكب في حق المعارضين. (للأمانة يجب أن نقول أيضا بأنه كان من بين التشكيلات السياسية الأولى التي عدلت جذريا في توجهاتها اليسارية خاصة تحت قيادة الهاشمي الشريف، فنبهت، ولو متأخرة، إلى خطر الأصولية الإسلامية وحذرت منها وطالبت بحل أحزابها ومقاطعة الانتخابات التي يشاركون فيها، بعد أن شارك هذا الحزب نفسه في الانتخابات المحلية وفشل فشلا ذريعا، لأنه رغم قطيعته مع الفكر اليساري الاستبدادي والدعوة إلى نهج اقتصاد السوق والقطيعة مع النظام الريعي البيروقراطي، فقد نجح أعداؤه، تعميم صورة منفرة عنه، في نظر الناس، كحزب الشيوعيين الملحدين أعداء الدين).
الفشل كان بالمرصاد لهذه التجربة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إدارة شؤون البلاد. كان نظام بومدين يعاني من عيوب كثيرة أهمها الاستبداد، طبعا، ثم اعتماده على حزب جبهة التحرير الوطني الذي تحول إلى تجمع رجعي للوصوليين والانتهازيين وعديمي الكفاءة والنزاهة والالتزام (شعارات بومدين الثلاثة) بعد أن غادره أو أبى الانضمام إليه كل الأكفاء والنزهاء في البلاد. كان استفحال البيروقراطية في دواليب الدولة عامل عرقلة كبيرة لكل المشاريع، حتى أنه كان يضطر من أجل تطبيق مخططات (ثوراته) إلى تشكيل لجان مستقلة حتى يلتف على سلبية حزبه وعراقيله.
فشل التجربة التنموية في الجزائر إذن لا ينحصر فقط في الجانب الاقتصادي حيث انهارت الثورة الصناعية والثورة الزراعية والثورة الثقافية وأفلست المصانع وتحولت إلى عبء ثقيل على الدولة بسبب ما كانت تستنزفه من دعم خزينة الدولة عاما بعد عام. وحينها برزت حلول كثيرة تدور كلها حول مزايا اللبرالية الاقتصادية والخصخصة والانخراط في العولمة... الخ، وضرورة تَخَفُّف الدولة من واجباتها الاجتماعية نحو الشعب. ثم ظهر الإسلاميون بحلولهم الإسلامية الوهمية ووجدوا الساحة مهيأة لهم: تركة سلبية في إدارة شؤون البلاد وغلبة عنصر الشباب، الذي أسِيئت تربيته وتعليمه، على سكان البلاد وخاصة مدى استعداد هذه الشريحة الطبيعي للانسياق وراء المغامرين وباعة الأوهام.

إذن كان أهم جانب فشلت فيه البلاد، هو جانب تكوين الإنسان (مقارنة بجارتنا تونس مثلا). السبب لا يعود إلى قلة الإمكانيات المادية التي رُصِدَت له. المؤسسات التربوية تضاعفت مئات المرات عما كانت عليه أيام الاستعمار. ميزانيات وزارة التربية كانت ضمن الميزانيات الأولى في البلاد. السبب أيضا لا يعود إلى تقصير الدولة في الإسكان والرعاية الصحية؛ فقد بنت الدولة الجزائرية منها الكثير، وساعدت الناس على البناء، بشكل نادر في العالم. مئات المدن برزت إلى الوجود بسرعة كالفطر وتوسعت بشكل بشع وأخطبوطي بسبب التسرع من أجل مواجهة الطلب المتزايد لشعب يتناسل بشدة. البلاد كلها ظلت ومازالت عبارة عن ورشة. الأشغال تجري في كل مكان.

رغم هذا يجب أن نعترف أن هناك فعلا فشلا ذريعا في تكوين الإنسان وهي الطامة الكبرى. السبب الرئيسي يعود إلى عدم تحكم الدولة في النمو السكاني الذي تضاعف خمس مرات في نصف قرن (عكس جارتنا تونس أيضا التي لم يتضاعف عدد سكانها في نفس الفترة مرة واحدة). (للعلم فقط، فإن النمو السكاني في أغلب البلدان الأوربية لم يتضاعف مرة واحدة منذ قرن، ما عدا بعض الاستثناءات). لعلي لا أجازف لو قلت بأن أغلب ما فشلنا فيه يعود إلى هذا العامل المدمر.
ولا يعقل والحالة هذه أن ينجح أي برنامج تربوي تعليمي أو سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي ضمن هذه الظروف القاهرة. السياسة الشعبوية التي لجأت إليها النخب السياسية في الجزائر (مهما كانت النوايا حسنة) كانت مدمرة في مجال التربية والتعليم والتكوين. كان توظيف المعلمين لمواجهة العجز يتم بأدنى الشروط لمواجهة الاكتظاظ المهول في الأقسام، وكان التساهل في الانتقال من طور إلى طور، وكان الضغط المتصاعد، وكان التعريب المتسرع لإحلال العربية محل الفرنسية. المضحك أن التعريب بدأ بأهم المواد التي تصنع العقول (أي العلوم الإنسانية والآداب) فأدى إلى تخريج جيل كامل من الشباب بأدنى شروط التكوين وفقر مهول على مستوى العقلانية والتحصيل المعرفي غير المشوه (بل إن طلبة العلوم الإنسانية والآداب كانوا أقل قيمة من حيث المنح مقارنة بغيرهم من طلبة العلوم الدقيقة، توهما بأن البلاد في حاجة أكثر إليهم). ثم اشتدت البطالة الترفية (Chômage de Luxe) بين خريجي الجامعات ضعيفي التكوين (صرح رئيس الوزراء مؤخرا أن عدد خريجي الجامعات العاطلين عن العمل يفوق سبعمائة ألف)، واشتد الضغط على التشغيل وتم التوظيف في المؤسسات الحكومية بدون حاجة اقتصادية إليه، مما أتعب القطاع العام وساهم في خنقه مع ما كان يعانيه من بيروقراطية وتوجيهات فوقية لا علاقة لها بالتسيير العلمي.

كانت نتيجة الانتخابات المحلية (1990) قد دقت ناقوس الخطر عندما مَكَّنَ الناس الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الفوز بأغلبية مجالس البلديات والولايات، والتي راحت تضاعف من مظاهر الأسلمة إلى غاية فتح (أسواق إسلامية) تباع فيها السلع بأسعار زهيدة تقل عن تكلفتها الحقيقية لإيهام الناس بتفوق الحلول الإسلامية. لكن أصداء هذا الناقوس لم تصل إلى مقرات أغلب الأحزاب السياسية، التي واصلت توجيه حملاتها المسعورة نحو إسقاط النظام القائم مهما كان من يخلفه من السوء والتخلف والرجعية شأن الإسلاميين. في هذه الظروف كان الخطاب الإسلامي يشتد ضراوة وتطرفا ضد الجميع، سلطة ومعارضة كان يجري تكفيرهما صراحة، ويستهوي أفئدة مزيد من الناس بمن فيهم يساريون وقعوا صرعى هذه الجماهيرية المغشوشة.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228975
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=229410

ثم كان تصويت الناس بالأغلبية الساحقة، عام 1991، في الانتخابات التشريعية، لأحزاب إسلامية على رأسها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مع أن هذا الحزب الأخير كان لا يتحرج في التصريح بأن الديمقراطية كفر، وأن الانتخابات بيعة، والبيعة مرة واحدة في الإسلام؛ كان هذا التصويت قد انتهى إلى يقظة أحزاب ونقابات وجمعيات كثيرة شعرت بالخطر على وجودها وعلى وجود البلاد برمتها، فراحت تطالب الجيش بالتدخل لوقف المسار الانتخابي، واستجاب الجيش، ولكن بعد أن اكتسب الإسلاميون شرعية دستورية ظلوا ومازالوا يرفعون مظلوميتها كقميص عثمان. تدخل الجيش، إذن، بعد أن اشتدت استفزازات الإسلاميين تجاهه وتجاه المعارضة وبعد أن تعرضت ثكنة عسكرية لهجوم إرهابي وتذبيح جنودها من طرف إرهابيين ثبت أنهم كانوا (مناضلين) في الجبهة الإسلامية من العائدين من أفغانستان.
نعم قد يكون التساهل مع اعتماد أحزاب دينية جريمة نكراء في حق الديمقراطية وفي حق البلاد تتحملها الدولة بنفس القدر مع الطبقة السياسية (الديمقراطية) المعارضة التي تعاملت مع الإسلاميين كشريك طبيعي وكأننا في بلد استقرت فيه الممارسة الديمقراطية منذ أجيال، وقد يكون هدف جهات في السلطة الانقلاب على الديمقراطية من خلال إخراج الجن من القمقم لتخويف الناس ودفعهم للالتفاف حولها كأكبر قوة قادرة على الوقوف في وجه الإسلاميين، ولكن، هذا لا يفسر انسياق شعبنا بهذه الصورة المخجلة وجبانة وراء أحزاب دينية تكفر قيم الحداثة وتدعو إلى العودة بالمجتمعات إلى عصور الظلام، وكأن الساحة السياسية كانت خالية من أية معارضة سوى الإسلاميين. كانت نتيجة الانتخاب رمزا يعبر عن رغبة الناس الدفينة في الانتقال من هيمنة أبوية مريحة مثلها الحزب الواحد إلى هيمنة حزب آخر واحد وحيد يعفيهم شر النضال واليقظة الدائمة كما هو حال كل المجتمعات الحية، مع كون الأب الأخير لا يقبل غيره في الساحة بمن فيهم إخوته الآخرون في الدين أي الأحزاب الإسلامية الأخرى. وهذا من جانب آخر هو نتيجة طبيعية لتجذر أوهام المهدي المنتظر أو بتعبير عصري، المستبد العادل، بين الناس.
المأساة التي تلت وقف المسار الانتخابي وتواصلت حتى أيامنا (أكثر من عشرين سنة) لم تفرز وعيا ديمقراطيا علمانيا حقيقيا، حتى الآن، سواء في أوساط الشعب أم في أوساط النخب السياسية في المعارضة وفي السلطة. كانت هذه التجربة وما تلاها من حرب أهلية قد جعلت الناس يجرّمون الديمقراطية بالذات التي أفرزت لنا كل هذه الفوضى، حسب تقديرهم، فراحوا يحلمون بقدوم وصي مستبد آخر، ولسان حالهم يقول مع فقهاء الإسلام (ظلم غشوم غير من فتنة تدوم) . بينما الطبقة السياسية أصيبت بالتفسخ والتحلل وانهارت الأحزاب وسقطت في أوحال الانشقاقات والتحالفات المشبوهة وإغراءات السلطة. ومازالت المعارضة ترى في النظام القائم عدوها اللدود والمسؤول الأول عن هذا الانسداد، بحيث تقوم الآن تحالفات لقيطة ضمت تيارات وشخصيات محسوبة على الديمقراطية جنبا إلى مع تيارات وشخصيات إسلامية بعضها ساهم في توريط البلاد في وحل الإرهاب ومازال على العهد باقيا، بل كان ضمن هذا التحالف المشبوه إسلاميون كانوا ومازالوا يوجهون أسلحة وخناجر الإرهابيين نحو هؤلاء الديمقراطيين (العلمانيين) أنفسهم عبر تشويه الحقائق والتنكر لدورهم الإرهابي بل وتبرير الإرهاب!!!
https://www.youtube.com/watch?v=X0YLHY4Snbs

لم تتمكن القوى الديمقراطية من توحيد صفوفها وتشكيل بديل قوي مقنع، بل العكس هو ما حدث ويحدث. وهذا ما يفسر إحجام الكثيرين عن المشاركة في الحياة السياسية ومن ضمنها الانتخابات، بينما يفضل البعض (الاستقرار)، مهما كان سيئا، بدل المغامرة في تجربة أخرى غير مضمونة النتائج (كما بينته نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي انتُخِب فيها بوتفليقة، مهما كان حجم التزوير والمقاطعة).
طبعا لا أزعم أنني أحطت بكل جوانب الموضوع. ما قدمت عبارة عن مداخلة في حاجة إلى مداخلات القراء وأسئلتهم من أجل مزيد من الفهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانسداد السياسي قدر على العرب
rabah khemliche ( 2015 / 8 / 30 - 19:57 )
في مجتمع لا يقرأ ولايعمل مثل الأجداد في مجتمع لم يعرف مفهوم الدولة الحديثة.لم يمارس السياسة ولم يعبر عن إرادته في بناء مستقبل لم يعرف المسؤولية السياسية شرط بناء السياسةوتوجيههاسيكون الانسداد السياسي حتمية تارخية . عاش الشعب الجزائري جنبا إلى جنب مع الدولة الحديثة المتمثلة في الاستعمار بكل أشكاله الحضارية ولم يستفد من ذلك بل يعمل على تهديم كل ماتبقى من مفاتيح للدخول إلى الحضارة هذا الشعب الذي مازال يحارب العدو الوهمي وهو الاستعمار فكل ما يسمح ببناء دولة حديثة يعتبر من بقايا المستعمر. إن الدولة الحديثة حسب روسو هي إرادة الشعب لكن عندنا هذا الشعب يريد من يحل مكانه فوجد في التيارات الأسلامية حلا له لأنها تحكم بإسم الله وليس باسم الشعب في هذا الوضع لا أرى أي مخرج من الانسداد السياسي أو بالأحرى الحضاري .تحياتي ف


2 - رد الى: rabah khemliche
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 30 - 22:38 )
شكرا للأخ رابح خمليش على المشاركة في إثراء الحوار. تشاؤمك له ما يبرره بالفعل. فشل كل المحاولات للخروج من المأزق يدعو فعلا للتشاؤم. فحتى عندما أتيحت الفرص لشعوبنا لتنتخب بكل حرية رأيناها تنساق وراء أعداء قيم الحداثة مثل الحرية والعلمانية والديمقراطية وحقوق الإنسان. لهذا أرى أننا لم ننجز بعد مهمة التنوير التي تجاوزتها مجتمعات بشرية كثيرة. إخراج شعوبنا من قصورها المزمن وتبعيتها لوصاية قوى ماضوية رجعية يجب أن تكون المهمة الأولى لمثقفيها.
تحياتي


3 - تحية وسؤال
محمد أبو هزاع هواش ( 2015 / 8 / 30 - 23:47 )
أخي الكريم عبد القادر: سؤالي هو هل توجد أحزاب ذات توجه عصري في الجزائر الآن؟ إذا وجدت ماهي؟ وإذا لم توجد هل يجب المساعدة على تأسيسها؟

وهل برأيك من الممكن للجزائر تبني نظام دولة مشابه لديموقراطيات الغرب؟

مع الشكر


4 - رد الى: محمد أبو هزاع هواش
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 08:26 )
جزيل الشكر لك أخي محمد أبو هزاع. حول سؤالك (هل توجد أحزاب ذات توجه عصري في الجزائر الآن؟)
نعم، توجد أحزاب ذات توجه عصري. حتى الأحزاب الإسلامية التي كانت تكفر الديمقراطية صارت تقبل بها وتطالب بانتخابات نزيهة وبالتداول على السلطة وتخلت عن خرافة (الإسلام هو الحل)، لكني متأكد أنها منافقة ومضطرة تمارس مبدأ (الحرب خدعة). هذا نموذج:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=285868
الأحزاب (العلمانية) موجودة. مطلب فصل الدين عن الدولة لم يعد من الطابوهات كما كان 1991. لم يعد أحد يجرؤ على تكفير المطالبين بفصل الدين عن الدولة. لكن الشعب فقد الثقة في الديمقراطية. الأغلبية فقدت الثقة في الأحزاب كلها. مقاطعة الانتخابات كثيفة.
حول سؤالك: ما هي؟
عدد الأحزاب يفوق الخمسين، كلها تقريبا تتزاحم في الوسط: يمين الوسط، يسار الوسط، الوسطية الإسلامية... الخ. لكن قلما تجد حزبا ديمقراطيا لبراليا علمانيا. مازالت اللبرالية طابو عندنا ويجري الخلط بينها وبين النيولبرالية. لكن كثرة هذه الأحزاب وتشابه برامجها لا يدفعها لتتحد وتتكتل لتشكل بديلا قادرا على هزيمة النظام القائم، وهذا دليل على أنها كلها تعاني من الطموحات الشخصية والسعي نحو السلطة وليس نحو حل مشكلة البلاد العويصة: بناء الدولة الوطنية الديمقراطية بعد تحييد أعدائها الإسلاميين. وهذا مازال مطلبا عزيزا: هنا الآن ما يشبه التحالف اللقيط بين أحزاب ديمقراطية (علمانية) وأحزاب إسلامية ضد النظام القائم.
حول سؤال: (وإذا لم توجد هل يجب المساعدة على تأسيسها؟)
الأحزاب، أخي محمد، من حيث تشكيلتها ونوعية برامجها ومناضليها هي بالضرورة انعكاس لمستوى الوعي العام في المجتمع. الانخراط الشعبي في صفوف الأحزاب ضعيف جدا للأسباب التي ذكرت. الديمقراطية في حد ذاتها ليست مطلبا شعبيا. ومادام الناس لم يفهموا جدوى النضال العصري السلمي في الأحزاب والنقابات والجمعيات والإضرابات والمظاهرات... فلا يمكن أن نتوقع ازدهار التعددية الحزبية في القريب العاجل. إذن بناء (نظام دولة مشابه لديموقراطيات الغرب) مازال بعيد المنال. تحياتي


5 - لماذا الانسداد السياسي
nasha ( 2015 / 8 / 31 - 04:59 )
دولنا الشرق اوسطية والشمال افريقية تعاني جميعاً من نفس مسببات المرض بأعراض مختلفة في بعضها ومتشابهة في اخرى وحسب التركيبة السكانية والجغرافيا.
المرض الذي ينخر هذه المجتمعات هو ببساطة التظليل والتزوير .
لا يمكن ان تنشئ نظام سياسي قوي وفعال خالي من الفساد وتربي سياسيين ناجحين وبدون ان يكون البناء الثقافي على اسس صحيحة غير مزيفة.
التزوير والكذب يقتل الابداع وينفر المبدعين ويشجع الاغبياء والمناقين والانتهازيين على ركوب الموجة والقضاء على كل أصحاب العقول النيّرة.
الثقافة المجتمعية الاساسية مبنية على تراث وتأريخ مزور يحمل عدة وجوه متناقضة وهذه الوجوه كلها ايضاً متناقضة مع الثقافة العالمية السائدة حالياً في العالم .
لقد ساهم الفكر اليساري الاشتراكي في زيادة التناقض الثقافي بشكل فعال ومباشر في جميع الجمهوريات العربية . اضافة الى ذلك اثر هذا الفكر تأثير غير مباشر على المماك العربية ومنعها من التخلص من عيوبها الثقافية بسبب الوحدة الثقافية العربية الاسلامية الجماعية.
من السهولة ملاحظة ان التخبط الحاصل في الجمهوريات اكثر بكثير من الممالك العربية بحيث وصل التخبط فيها الى حروب اهلية مدمرة.
هنالك الكثير حتى في التأريخ الحديث من المتناقضات والغرائب! ومن جملتها ان الجزائر احتاجت الى مليون شهيد لتحرر من الاستعمار الفرنسي بينما لم نسمع عن تلك التضحيات في المغرب وتونس او حتى سوريا ولبنان.
ما هو السر وراء ذلك؟
وكذلك احتاجت مصر والعراق الى ثورات للتخلص من الاستعمار البريطاني ولكن ذلك لم يحدث في الاردن لماذا؟
التأريخ لم يحلل ويدرّس بحيادية علمية واقعية.
التنوير ببساطة هو اعادة تشكيل الوعي الاجتماعي ليس بالتدليس والكذب وأنما بالنقد العلمي المنطقي لكل الافكار المطروحة سواء التراثية القديمة او الواردة من خارج هذه المجتمعات ووضعها جميعاً امام الناس لتختار ما يناسبها.
تحياتي استاذنا الفاضل


6 - رد الى: nasha
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 09:04 )
شكرا ناشا على هذه المشاركة المميزة في الحوار.
حول ملاحظتك حول كون (الجزائر احتاجت الى مليون شهيد لتتحرر من الاستعمار الفرنسي بينما لم نسمع عن تلك التضحيات في المغرب وتونس او حتى سوريا ولبنان).
ما هو السر وراء ذلك؟
بالنسبة للجزائر التي أعرفها أكثر من غيرها، السبب يعود إلى تجذر الاستعمار في الجزائر بعد أن تحول إلى استعمار استيطاني كثيف (العدد فاق المليون قبيل الاستقلال). خلافا لتونس والمغرب مثلا حيث كان الاستعمار أقل تجذرا. في الجزائر كل شيء كان بيد الفرنسيين: الأراضي الخصبة، مصادر المياه، الثروات الطبيعية، الإدارة، المدرسة... الخ. صار الفرنسيون المحليون يسمون جزائريين بينما صار الجزائريون يسمون (الأهالي) (indigènes)، تماما مثلما هم الاستراليون بينما السكان الأصليون هم (aborigènes). الحرب كانت ضروسا ومدمرة لأنها كانت تعني اقتلاع مليون من البشر عاشوا على مدى أجيال واكتسبوا امتيازات كبيرة مقارنة بالسكان الأصليين. التمييز كان على أشده.
هناك جانب آخر مهم جدا. الاستعمار العثماني كان أحط من الاستعمار الفرنسي: كان عبارة عن تواجد في المدن الكبرى لأقليات تركية وهجينة تعيش على النهب والجبايات، بينما الغالبية عاشت مهمشة. لا طريق، لا نظام تعليم عدا كتاتيب تحفيظ القرآن والزوايا الطرقية، لا إدارة، لا صناعة، لا زراعة، لا مجتمع بالمعني الحديث. السكان كانوا مجرد قبائل وعشائر مهمشة ومتصارعة أحيانا. بالإضافة إلى تشجيع القرصنة في البحر وهو ما جلب إلينا الاستعمار باكرا. التجهيل كان السمة الغالبة، لهذا لم تتشكل نخبة جزائرية ولم توجد مراكز إشعاع ثقافي (مثل الأزهر والزيتونة والقرويين رغم تقليديتها) عدا الزوايا الطرقية المتصالحة مع عقيدة القضاء والقدر. وعندما جاء الفرنسيون هرب الأتراك وتركوا الجزائر بلا رأس تقريبا. المقاومات التي انطلقت كانت دينية أساسا من أجل الجهاد ومحاربة الكفار، وهي فوق ذلك محلية سرعان ما يتمكن الجيش الغازي من إبادتها. النخبة الحقيقية تشكلت في مدارس الاستعمار مع حلول القرن العشرين، حيث تعلم الجزائريون جدوى التنظيم السياسي العصري: أحزاب، نقابات، فنون وآداب حديثة... رواد الحركة السياسية تربوا في النقابات والأحزاب الفرنسية قبل أن يستقلوا بأحزاب وطنية.
في تونس والمغرب كان الاستعمار قد وجد نظاما محليا قائما: مدرسة، إدارة، اقتصاد محلي، حكم محلي، نخبة محلية. لهذا سمي الاستعمار: وصاية أو انتداب. لم تتعرض تلك البلاد للاستيطان والاغتصاب مثلما حدث في الجزائر.
عند بداية حرب التحرير انسحبت فرنسا من الكثير من مستعمراتها ومكنتها من الاستقلال لتتفرغ لمواجهة حرب الجزائر باعتبارها أرضا فرنسية كما كانوا يقولون. لكن يجب أن نعترف أيضا أن ما تركته فرنسا في الجزائر من إعمار لا يمكن مقارنته بما تركه الأتراك، بل لا يمكن مقارنته بما تركه أي استعمار آخر في أي بلد عربي. هم جاؤوا ليبقوا وشاء التاريخ غير ذلك. نظام الأبارتهيد الذي أسسوه جعل من المستحيل التعايش بيننا وبينهم، بالإضافة طبعا إلى تخلف الجزائريين وعجزهم عن تبني قيم الحداثة الغربية والاقتراب أكثر من الفرنسيين، رغم وجود تيار من الجزائريين كان يطالب بالاندماج مع فرنسا لكنه فشل لأنه قوبل بالرفض من طرف الجانبين: الفرنسيون (الجزائريون) كانوا يرون في الاندماج والمساواة تهديدا لامتيازاتهم والجزائريون الرافضون كانوا يرون في الاندماج تخليا عن أصالتهم ودينهم ونظام الأحوال الشخصية المتخلف الخاضع للشريعة الإسلامية: تعدد الزوجات، وضع المرأة، الميراث، وغيرها من الامتيازات الذكورية التي ستزول كشرط للاندماج والخضوع للقانون الفرنسي العلماني، بالإضافة طبعا إلى النزعة الاستقلالية التي بدأت تنتشر في كل المستعمرات.
تحياتي


7 - مازلنا قصرا بعد
سناء نعيم ( 2015 / 8 / 31 - 07:55 )
جاء في المقال:
ولكن هذا لا يفسر انسياق شعبنا بعذه الصورة المخجلة وجبانة وراء احزاب دينية تكفر قيم الحداثة وتدعوا الى العودة بالمجتمعات الى عصور الظلام.
الشعب يحتاج الى نخبة تنير دربه وتشرح له المفهوم الحقيقي لقيم الحداثة التي يقدسها الناس ويكفرونها في الان ذاته .والا ما معنى هذا الهيام الاسلامي بالعيش في بلاد الكفر كما يدعون؟!
وغياب هذه النخبة سمح لرجال الدين ومراهقي الدين بالهيمنة على الساحة من خلال العزف على وتر العاطفة الدين الذي لامسوا به مشاعر الناس حتى تمكنوا من مصادرة العقول.
والحال في البلاد العربية الاخرى لايختلف عن الجزائر ،لان فيروس صلاحية الحكم الاسلامي تغلغل في اجسامها وأصبح علاجه مستحيلا في المنظورين القصير والمتوسط
فالإنسداد السياسي نتيجة طبيعية لهيمنة الدين على مناحي الحياة .فنحن امام خيارات احلاها مر الحكم الديني او العسكري الاستبدادي .لامفر لنا من هذين الخياريين.
لأن شعوبنا،كما قلتُ،لم ترضع بعد حليب المناعة الذي يحصنها ضد الفيروسات المعدية وبقيت أسيرة اطروحات أصحاب المنافع الدينية أو الدنيوية.
وهاهي تونس،رغم ترسخ العلمانية بها على الدول العربية الاخرى،تنتكس وتعود تدريجيا لنوع من الديكتاتورية .وهذا امر مطلوب في ظل تربص تنظيمات تكفيرية بالبلاد
اذن تحفز الاحزاب الدينية ورغبتها في السطو على الحكم في ظل لاوعي مجتمعي وغياب نخبة علمانية جريئة هو السبب الاول في هذا الانسداد السياسي.
اما عن مرحلة مابعد الاستقلال والصراعات التي شهدتها تلك المرحلة بما فيه اغتيالات لرجال الثورة وما تلاها من انقلاب بومدين وقبضته الحديدية على السلطة وتبنيه للنهج الاشتراكي
أعتقد ، وقد يراني البعض مخطيئة، ان الازمة طبيعية في ظل صراع ايديولوجي يرى كل فريق صلاحية منهجه في قيادة البلاد خاصة في فترة المد القومي والاشتراكي الطاغي مع ملاحظة أن شخصيات كبومدين وغيره جاءت من رحم الشعب الذي لم يتشبع بقيم التعددية واحترام المختلف وحقوق الانسان التي مازالت لم تتجذر بعد رغم مرور 53 سنة على الاستقلال
لذلك كانت ممارستها الاقصائية نتيجة طبيعية لثقافتها المكتسبة ،لكن المعظلة الكبرى هي استمرار ذلك المنهج المتخلف وان كان تحت اسم ديمقراطية مزيفة يتغنى بها النظام وتتخذها المعارضة ذريعة لمهاجمته ونعته بالاستبداد والفساد
والمفارقة ان تاتي هذا الاتهامات من احزاب دينية متحجرة كانت سببا من اسباب انتكاسة الديمقراطية في الجزائر وغيرها والوضع في مصر وليبيا والعراق واليمن وسوريا...لايبشر بالخير رغم محاولات التنصل من المسؤولية والقائها على عاتق الغرب.
فشماعة الغرب دائما حاضرة للتهرب من تحمل المسؤولية
فالعيب منا وفينا وما حك جلدنا مثل ظفرنا .
فلا امل في حياة أفض ما لن نشخص الداء ثم نبدا في علاجه مباشرة
لكن ما دام القرضاوي وامثاله ينظرون عبر قنوات الفتنة ويوهمون الشعوب بحلم الخلافة ستبقى دارنا على حالها ان لم تزدد تعفنا.
سلامي


8 - رد الى: سناء نعيم
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 09:20 )
شكرا سناء على هذه الإضافة القيمة التي أتبناها تمام. فقط لا أشاطرك الرأي عندما تقولين: (وهاهي تونس، رغم ترسخ العلمانية بها على الدول العربية الاخرى، تنتكس وتعود تدريجيا لنوع من الديكتاتورية. وهذا أمر مطلوب في ظل تربص تنظيمات تكفيرية بالبلاد).
شخصيا أنا أزعم أنني ملم بالقدر الكافي بالأوضاع في تونس. أتابع إعلامها عن كثب وأتواصل مع مثقفين فيها. وأختلف معكِ حول كون تونس (تنتكس وتعود تدريجيا لنوع من الديكتاتورية). لا وجود لما يشير إلى أي تراجع، لا مساس بالدستور العلماني الديمقراطي، لا مساس بحرية الإعلام، لا مساس بالتعددية الحزبية، لا مساس بحرية التعبير والفكر. لم تُجْرَ أي انتخابات حتى نحكم بالملموس على أية نية في التراجع. طبعا العمليات الإرهابية تقتضي حزما وخطابا متشددا تجاه الإهمال والتسيب والتواطؤ. لكن البلاد تسير نحو الديمقراطية عكس بلادنا. تونس، إذن، فلتة عربية، إذا صح التعبير، وهذا بفضل وعي الشعب وتجذر قيم العلمانية والديمقراطية والعقلانية فيه ومساهمة المرأة خاصة. وهذا أيضا ما يجب أن نتعلمه جميعا حول جدوى التنوير ومحاربة الفكر الديني الظلامي كسبيل وحيد للخروج من هذه المآزق. تحياتي


9 - ما أبعدنا عن الديمقراطية والحكم الراشد ؟
الطيب آيت حمودة ( 2015 / 8 / 31 - 10:27 )

شكرا يا سي عبد القادر أنيس على هذا الموضوع النقاشي الكبير كبر الجزائر أرضا وشعبا وتاريخا .
°°°ما يؤلمني هو الصيرورة التي ألت إليها البلاد والعباد في ظل حكم غير رشيد منذ بداية الإستقلال استطاع أن يخلق لوبيات مؤيدة تشد أزره ، فإن تحركت الأمة حراكا شعبيا فلا أستبعد ان يقع لنا ما وقع في سوريا وليبيا لا قدر الله ، فالنظام الذي اعتاد الإبتزاز والهيمنة لا يتنازل بسهولة عما ألفه ، فتغيير النظام في الجزائر سيكون مكلفا جدا لكنه ممكن الحدوث ,
الساحة السياسية الجزائرية تتنازعها أطراف عدة في شكل الدولة ، هناك من يريد بعث دولة ثيوقراطية تحكم بما حكم به السلف ، وهناك من يحمل بانيعاث حكم عربي أصيل مستخلص من تجارب بني أمية ، وتوجد فيئة قليلة تدافع بكلمة مبحوحة لا يدركها إلا فقهاء السياسة مصطلح عليها بنظام الدولة المدنية التي هي فكرة يافعة انتشارها يحتاج جهدا كبيرا على مستوى الإعلام والفن وأهل السياسة .
°°° الإسلاميون داء عضال للأمة ، فهم بمثابة مكابح عملاقة تجرنا خلفا لوجود عامة نصف متعلمة في أمور الدين مقلدة في فعلها وليست مجتهدة في فكرها ، فنحن مهيؤون دائما لاجترار النكسات ، فحزب الفيس سيتجدد قريبا مستجمعا شتاته ، فالدولة حاليا حريصة على تشتيت الأمة لا توحيدها ، فما فعلته وتفعلة في ميزاب ستكرره في مناطق أخرى كبلدة [ ميرة] في تيزي وزو .

°°° الإنتخبات حاليا ليس في صالح الديمقراطية ، فالأمة منقادة بسهولة
لأساليب العهر السياسي ، غير قادرة على استجلاء الوعد الصادق من الوعد الكاذب ، فانتخابات 1991 التي فاز فيها [ الفيس ] أبانت بأننا أمة لم نصل بعد إلى مستوى التقدم لاختيار من يحكمنا ، وأعدنا اخطأ مرارا وتكرارا أخرها في عهدة الرئيس الرابعة .
°°°تقديري أن الديمقراطية في الجزائر شعار استهلاكي و كلمة مدونة في شعار الدولة بلامعنى ، فشعبنا يلزمه ( أتاتورك ) جديد يخرجه من قمرته العاجية المليئة بخرافة التمجيد الزائف الذي يذوب كذوبان الزبادي عند اصطدامه بأولى لفحات الحر .

تقديري لكم أخي عبد القادر .


10 - رد الى: الطيب آيت حمودة
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 13:00 )
شكرا سي الطيب على هذه المساهمة المميزة في الحوار. نحن متفقان على تشخيص الوضع. قد أختلف معك قليلا في قولك: -تقديري أن الديمقراطية في الجزائر شعار استهلاكي و كلمة مدونة في شعار الدولة بلا معنى، فشعبنا يلزمه (أتاتورك) جديد يخرجه من قمرته العاجية المليئة بخرافة التمجيد الزائف الذي يذوب كذوبان الزبادي عند اصطدامه بأولى لفحات الحر-.
فقدوم أتاتورك جديد لن يكون إلا كاستجابة لبروز تطلعات شعبية نحو نظام سياسي أفضل، أي كتعبير عن استعداد الشعب للخروج من قصوره المزمن. وهذا ما تفتقده الجزائر. إذا كان أتاتورك يعني قيام دولة علمانية تقطع نهائيا مع الموروثات الرجعية المعرقلة، فهذا لن يكون إلا إذا مهدت له نخبة علمانية وطنية تقدمية وحركة تنوير جديرة بهذا الاسم. هذا، على كل حال، ما وقع في تركيا عندما اعتلى أتاتورك سدة الحكم. كانت حركة تركيا الفتاة قد سبقته بعشرات السنين ونشرت أفكار التمدن والحداثة بين الناس. لهذا لا مخرج لنا بدون انخراط كل النخب في حركة تنوير حقيقية تغرس في المجتمع قيم الحداثة من حريات وعلمانية واستعداد لاحترام حقوق الإنسان، وهي كلها قيم لا تقوم إلا على جثة الموروث الثقافي الرجعي المعرقل.
خالص مودتي


11 - توضيح
سناء نعيم ( 2015 / 8 / 31 - 11:39 )
اعرف جيّدا ان تونس هي فلتة عربية بامتياز وهذا التميّز العربي له اسباب متعددة منها وجود نخبة علمانية قوية في تونس والتي كانت السبب في كبح حصان النهضة الجامح الذي ارغمته بالقبول بدستور عصري لم يجرؤ حتى بورقيبة على اقراره
ثم ان بورقيبة نفسه وقبله متنورون اخرون كالطاهر الحدّد ،هم من أرسوا قيم الحصانة لدى الشعب التونسي .هذا الشعب الذي يتميز أغلبه باعتداله الديني ،فحتى الرجل المتديّن هناك يصاحب زوجته-الغير محجبة-للبحر وتسبح بلباس عادي ولايرى حرجا في ذلك ،بل لم يمنعه تدينه من تبني قيم العصر.
لكن ولكن أؤكد ان تغلغل الفكر الديني السلفي داخل المؤسسات الدينية والتربوية وحتى رياض الاطفال يمثل خطورة على تلك القيم الجميلة التي كانت دائما علامة على تعددية وتسامح تونس
فمؤخرا زار، احد المعارف، تونس مع عائلته لقضاء اجازة قصيرة ولما عاد سألته عن حال تونس مابعد بن علي فردّ عليّ،مزهوّا ،بان هناك صحوة اسلامية وخاصة بين الشباب كما اكد لي ان عدد المساجد في ازدياد ،حتى ان بين كل قرية وقرية هناك مسجد .
طبعا المساجد حق للمسلمين ،لكن لاني اعرف دورها في تخريب العقول وزرع ثقافة الاقصاء لدى المسلم اخشى ان تتحول مع الزمن الى ثقافة سائدة .علما بان المدينة التي زارها كانت سوسة.
وسوسة هذه،كما هومعروف، تقع على الساحل التونسي المشهور بانفتاحه وتطوره وتبني ابنائه لثقافة اقرب لثقافة الغرب.فاذا كان هذا حال مدن الشمال الحديثة فماهو الحال في المناطق الجنوبية المختلفة عن الشمال فكريا وثقافيا واجتماعيا بل سياسيا حيث صوّت اغلب ابناء المنطقة للنهضة ثم لمنصف المرزوقي.
أخشى ان ياتي يوم على تونس فتصبح رهينة مجموعة من السياسيين ،الذين يجدون في انتشار الفكر الديني،مبررا لهم للبقاء في السلطة بحجة الخوف على البلاد من قبضة الاسلام السياسي وزبانيته.
ثم ان الدستور ،ومهما كانت درجة تقدمه،لايمنع المستبد من تجاوزه بل وركله ان لزم الامر ولنا العبرة في بوتفليقة وكيف غير الدستور ليلبي طموحاته او طموحات من ورائه.
الحصانة الحقيقية هي في توعية الجماهير بقيم العصر وقوانينه وزرع ثقافة جديدة تفصل بين الديني والدنيوي وتقيم الحاكم او المسؤول من خلال افعاله لا من خلال حجم تدينه .
عندماتنتشر مظاهر التدين الشكلي كالحجاب وغيرها..تبدا قيم الحداثة في التراجع
وعندما يؤمن الاسلامي بحق العلماني في التعبير عن رأيه وفكره ومعتقده بدون خوف من التكفير ويؤمن بان الساحة تسع الجميع ، حينها فقط أقول اننا خطونا خطوات للأمام
ماعده ضحك على البسطاء
تحياتي


12 - رد الى: سناء نعيم
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 13:22 )
شكرا مرة ثانية على إثراء الحوار. مداخلتك هامة جدا. أتبنى كل هواجسك. لا يوجد مكسب نهائي يمكن أن نخلد بعد تحقيقه للراحة والنوم الأبدي. لا يوجد حل نهائي يفضي بنا إلى الجنة خالدين فيها أبدا. أعداء الحرية وكل القيم الإنسانية النبيلة كثيرا ما ينبعثون من الرماد مثل العنقاء عندما ينخفض مستوى اليقظة لدى الناس، مثلما ترمز إليه قصة شمشون ودليلة. لا مكان للغفلة والبلهينة إذن. خالص مودتي


13 - المعلم
عدلي جندي ( 2015 / 8 / 31 - 16:09 )
المثل يقول
التعلم في الصِغٓ-;-ر كالنقش ع الحجر
دون سياسة تعليمية تربوية لن تتغير أحوالنا إلا بقدر ما تسمح به القوي الدنيوسياسية
تحية المحبة والإحترام


14 - رد الى: عدلي جندي
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 17:47 )
شكرا للصديق عدلي جندي على المشاركة في إثراء الحوار وتنشيطه. المثل الذي جئت به صحيح: -التعلم في الصِغٓ-;-ر كالنقش ع الحجر-.
انهيار مستوى التعليم لا بد أن يفضي في النهاية إلى انهيار المجتمع بأسره. بقي أن نشير أيضا إلى عوامل أخرى لا ينجح التعليم بدون التحكم فيها مثل التحكم في نمو السكان. عندنا تضاعف عدد السكان في فترة قصيرة حوالي خمس مرات، وبالتالي ازداد عدد التلاميذ بشكل جنوني يفوق القدرة الاستيعابية للمدارس بحيث أثر على نوعية التعليم. الأقسام مكتظة وصلت في بعض الفترات إلى ستين في القسم، وهذه الحالة لا هي صحية ولا تربوية. كذلك الأسرة التي تنجب عددا كبيرا من الأطفال ستكون عاجزة عن مساعدة المدرسة على التكفل بهم صحيا وتربويا. كذلك النظام الصحي سيفشل في توفير العناية الصحية اللائقة. كذلك اضطرت الدولة الجزائرية إلى توظيف معلمين غير أكفاء ودون التمكن مسبقا من تكوينهم معرفيا وبيداغوجيا. كذلك عجزت الدولة عن توفير مناصب شغل للخريجين، مما أفضى إلى أن يفقد الناس وخاصة الشباب الثقة في جدوى التعليم. كذلك يشكل اختلال الأعمار لصالح الشباب خطر على أي مشروع ديمقراطي خاصة عندما تكون هذه الشريحة من السكان ضعيفة التكوين سهلة الانقياد للمغامرين والمجرمين والإرهابيين. في النهاية فإن عدم التحكم في النمو السكاني يؤدي الانفلات في كل مناحي الحياة. وهذا ما وقع في بلداننا.
خالص مودتي.


15 - أنا ضد إصلاح الإسلام وكذلك ضد دعوات إلغائه
ليندا كبرييل ( 2015 / 8 / 31 - 16:56 )
تحية عالية للكبير

بين حين وآخر يطل علينا منْ يدعو إلى إصلاح الإسلام، ومع انتشار الأنترنت أصبحت الأصوات الداعية إلى إلغائه أكثر زعيقا
أتخذ من شخصية الرئيس بورقيبة مثالاً أحلم أن يتكرر.
مع كل الظروف السياسية العصيبة استطاع بورقيبة أن يبرز كقائد لم ينجب الزمن العربي مثله

أليس ابن الثقافة الغربية؟ ما أكثر أبناء الثقافة الغربية في بلادنا أيضا لماذا لم ينجب الزمن العربي مصلحا مثله؟
تكفيني مواقفه من قوانين الأحوال الشخصية ومن قضية فلسطين

في زمن بورقيبة، هل سمعنا عن إصلاح الإسلام؟
استطاع بخطواته التقدمية رصّ النخب العلمانية التي حملت على عاتقها مهمة التنوير، ورغم شراسة التيار الديني فإن رجال الدين اضطروا أن يتكيّفوا مع موجة الإصلاحات البورقيبية وقدموا وجها جديدا للإسلام
فالإسلام ليس أكثر من بضاعة في السوق تروج مع ارتفاع الجهل والأمية بين الناس

فإذا كانت عقول أبنائنا في يد الحكام المستبدين، ومصير المرأة في يد رجال الدين، يديرون مناهج التعليم والعقول بما يخدم مصالحهم، فكيف السبيل إلى التنوير أستاذنا؟
أنا من دفعة الخريجين من مدارس البعث، ولولا الأنترنت لما استطعت أن أتحرر من القيود التي فُرضت علينا
أرى أننا تراجعنا أكثر مع حرب قائمة قاعدة، أكلت الأخضر واليابس، وجهل في أعلى مستوياته، وتكاثر بشري على قدم وساق، والمستعدين إلى رحلات الموت الانتحارية في تزايد
أما الهجرة التي فاقت كل تصور في السنوات القليلة الأخيرة فإنها قضت على العقول التي كان يفترض أن تكون جاهزة لإعادة البناء
لا أرى حلاً لبلادنا التعيسة
أحيانا تصيبني حالة يأس شديدة
هل تصحّ كلمة إصلاح؟
أشعر أننا بحاجة إلى ثورة لا تقلّ عن عنف الثورة الفرنسية المجيدة التي قلبت العقول والنفوس
فهل لا بدّ من الحل العنفي؟

مشاركتي ليست أكثر من تعبير عن اليأس الذي ينتابني، لكني في رحابكم أستعيد الأمل

أستاذ، منذ عودتك الغالية باسمك الكريم( أنيس عموري) في الفيس بوك، شعرت أن أملا مشرقا زارنا ذات يوم بعيد وفارقنا دون إنذار، وقد عاد شبيها له بصورة جديدة،

أما أن يكون الاسمان الكريمان لشخصية واحدة، فيكون السيد عموري هو نفسه منْ فارقنا، فإنها كانت أروع مفاجأة لي، لا سيما أني أشرت في حضور الأستاذ عموري إلى أسفي على غياب نجمنا السابق، ولا بد أن نعبر عن بهجتنا الصادقة بعودتك القوية، بل أرى أن اليأس يتلاشى في حضور أمثالكم من العقول الفذة

شكراً للحوار المتمدن الذي اختار شخصية مثقفة تساهم بكل قوة في منحنا جرعات التنوير والإرشاد والتقويم
أقف احتراماً وتقديراً
ودمت معنا



16 - رد الى: ليندا كبرييل
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 18:14 )
شكرا صديقتي ليندا على إثرائك المميز للحوار. طلتك أسعدتني.
فعلا الهجرة أكبر مصيبة تلحق ببلداننا، خاصة هجرة الكفاءات التي تركت عجزا لا يمكن سده. لهذا أتفهَّم تشاؤمك.
بل حتى الثورة لن تفلح معنا إذا لم تكون حركة الناس الثائرين مؤطرة بمثقفين أكفاء وبغالبية من الناس متعلمين تعليما عصريا عقلانيا مثلما حدث في أوربا الشرقية. تجربة ما سمي بثورات الربيع العربي بينت محدودية النتائج المنشودة من أي تحرك جماهيري عندنا مادام الناس في حالة هابطة من الوعي بحيث انساقوا وراء أعداء التقدم والحرية ومادامت النخب دون المستوى المطلوب.
مع كل هذه السحب الداكنة الرابضة فوق سماء بلداننا التعيسة، أرى بصيص أمل. أنا هنا كمن يقامر. إذا لم تتمكن شعوبنا من استخلاص العبر مما حدث ويحدث وإحداث القطيعة مع المتسببين في نكباتها، فهي فعلا لا تستحق الحياة. أنا أرى بارقة أمل مع انفتاح العالم ووسائل الإعلام ومع (الدروس) الهمجية التي قدمها لنا الإسلاميون وهو يطبقون حلهم الإسلامي في الميدان ومع تحول الإسلام والاستبداد إلى عامل تهديد حقيقي للعالم أجمع.
شكرا مرة أخرى


17 - ماذا عن حزب العمال الجزائري
احمد الساعدي ( 2015 / 8 / 31 - 17:24 )
ماذا عن حزب العمال الجزائري اليس له دور مهم في الساحة الجزائرية
الشكر على الرد مقدما


18 - رد الى: احمد الساعدي
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 18:49 )
شكرا سيد أحمد الساعدي على التعليق من أجل إثراء الحوار. حول سؤالك: -ماذا عن حزب العمال الجزائري؟ أليس له دور مهم في الساحة الجزائرية-.
مع الانفتاح على التعددية (1989) تشكل حزبان عماليان تروتسكيان. حزب العمال الاشتراكي (PST) وحزب العمال (PT). الأول بقيادة شوقي صالحي الذي انسحب قبل عدة سنوات من قيادة الحزب لصالح قائد آخر، والثاني بقيادة لويزة حنون التي مازالت تقود حزبها منذ تأسيسه.
حزب العمال الاشتراكي حافظ على سياسة يسارية (القريبة من توجهات الأممية الربعة). أما حزب العمال بقيادة لويزة حنون فقد راهن منذ البداية على معارضة شرسة للنظام القائم أدت به إلى تأييد حق الإسلاميين في الحكم لتخليص البلاد من حكم العسكر حسب رأي زعيمته وقد كافئوها بأن انتخبوا حوالي 20 من مرشحيها للبرلمان قبل أن ينشق الكثير عنها. وما عدا الإسلاميين الذين انتخبوها انتقاما من النظام لا أرى أن لهذا الحزب أي وجود شعبي. أيدت لويزة حنون حق الإسلاميين في تولي السلطة بعد (فوزهم) في الانتخابات التشريعية رغم أنهم كانوا يكفرون الديمقراطية وكل قيم الحداثة باعتبارها بدعا غربية مسيحية يهودية. بعد وقف المسار الانتخابي تحالفت مع أحزاب إسلامية ومع حزب القوى الاشتراكية (FFS) (عضو في الأممية الاشتراكية) ومارسوا ضغطا رهيبا وألَّبوا المجتمع الدولي ضد العسكر ليعيد الإسلاميين على الحكم.
شعارات حزبها حول التصدي للإمبريالية والدفاع عن القطاع العام وحقوق المرأة كانت مهزلة المهازل عندما نرى استماتتها في الدفاع عن حق الإسلاميين بحجة أن الشعب اختارهم. وكأن الشعب اختار فعلا.
لويزة حنون أيدت بوتفليقة بقوة طوال العهدات الثلاث رغم الإدارة الكارثية لشؤون البلاد بحجة الخطر الإمبريالي على البلاد. مؤخرا بدأت تبتعد عنه بحجة التفريط في مصالح البلاد لصالح الإمبريالية.
أحمق من حزب العمال في الجزائر ما فيش: حزب يساري تروتسكي بوعاء انتخابي إسلامي متطرف.
تحياتي


19 - الجزائروخطرالخطابين الايديولوجيين البعثي والوهابي
الشهيد كسيلة ( 2015 / 8 / 31 - 19:40 )
اولا احييك سيد عبد القادر أنيس وأرحب بعودتك إلى رحاب الحوار المتمدن الذي وجدنا فيه حسن الاستقبال ورحابة الصدر ... لقد كنتَ الجزائري الوحيد في ساحة الحوار المتمدن ولكن وجودك يعدل وجود مئات بقلمك السيال وفكرك العميق ... لقد أسهمت في نقل الصورة الحقيقية للجزائر إلى القارئ المشرقي الذي لم يكن يرى بلدا بحجم الجزائر إلا من خلال الإعلام الوهابي وصنوه الإعلام البعثي هذا بفتاواه الظلامية وذاك بعروبته الشوفينية الاول يتباكى على ضياع الإسلام في الجزائر والآخر يشاركه العويل والنحيب على ضياع عروبة الجزائر وبقدر اختلاف الوهبنة مع البعثنة في المشرق إلا أن الجزائر التي ليست فيها طوائف لم تكن في حاجة إلى عروبة علمانية فاتحدت البعثنة الشوفينية مع الوهبنة الدوغمائية الظلامية وأشعلتا الحرب الأهلية في بلد جريح من استعمار بشع إذا ارتفع فيه صوت وا إسلاماه تجتمع الملايين في لحظة

لقد كان تراث النضال السياسي للحركة الوطنية الجزائرية قويا وغزيرا وكان رجال الرعيل الأول للثورة التحريرية الجزائرية في تمام قواهم في تسعينات القرن الماضي فهبوا لانقاذ الجزائر من الذين يدّعون انقاذها وفشلت الثورة المضادّة التي كان العالم العربي ينتظر أن تستولي على السلطة لطلبنة الجزائر ودعشنتها

جاء البترول خلال العشرية الأولى من القرن 21 وعالج الكثير من القضايا ومسح دموع الثكالى وتم شراء السلم لكن في ظني أن المسألة بالنسبة لكهنة الحرب الأهلية لا تعدو أن تكون استراحة محارب وهم يستثمرون في الوقت خاصة وأن جيل الثورة آخذ في الانقراض وهم أنشأوا جيلا على الحقد والضغائن وقواعدهم لا تزال تشتغل والمدرسة في أيديهم وكذلك المساجد ... ولا خطاب يعلو على خطابهم

فهل تكون نهاية الحكم البوتفليقي منعطفا خطيرا نحو المواجهة من جديد بين الحشود الاسلاموية المدعومة من الاسلام السياسي والحركات الجهادية قس العلام العربي ام ان سقوط الاخوان في مصر وحصار النظام البعثي في دمشق الذي يواجه خطر السقوط وغرق السعودية في مستنقع اليمن في صالح الجزائر في وقت بدأت فيه قيادات الاسلام السياسي في الجزائر تفهم الواقع ولا يمكن ان تندفع مرة اخرى نحو العنف
لكن ما نراه من عودة التيار المغامر الذي يقوده ارهابي سابق وامّي هو مدني مزراق وتيار اخر يقوده المتطرف جاب الله يمكن ان ينزلق بالبلد الى العنف مرة اخرى فهل لا يزال في البلد رجال في حجم ومستوى الجنرال خالد نزار ودكتور القانون علي هارون ورجل الاستخبارات الفذ الجنوال تواتي لحماية الجزائر مرة اخرى من عصابات الاسلام السياسي ام ان الساحة تدعشنت والخطابان البعثي والاسلامي يسيطران والدولة الاسلامية على وشك القيام والمسالة مسالة وقت لا غير




20 - رد الى: الشهيد كسيلة
عبد القادر أنيس ( 2015 / 8 / 31 - 23:52 )
شكرا للصديق الشهيد كسيلة على تفاعله مع الحوار. إضافتك قيمة جدا. طبعا ما كان بمقدوري الإحاطة بكل جوانب الموضوع. لهذا أعتبر كل التعليقات إضافات تنويرية مهمة.
شكرا على لفت الانتباه للدور الذي أداه مجاهدو حرب التحرير، رغ أعمارهم المتقدمة، في مواجهة الإرهاب. لقد عاد هؤلاء المواطنون لحمل السلاح والمشاركة إلى جانب قوات الأمن لحماية المنشآت العمومية وحماية كل ما كان عرضة للتخريب الإرهابي. وقد قُتِل الكثير منهم غدرا أو في مواجهات، بعد أن نجوا من رصاص الاستعمار وسجونه.

حول تطرقك لـ(شراء السلم)، فقد شاب عملية المصالحة عيوب كثيرة مثل هروب الدولة من مواجهة الحقيقة عبر الإعلام والحوار والكشف عن الأسباب التي كانت وراء وقوع البلاد في هذه الكارثة، ومنها العفو عن الإرهابيين بدون محاكمتهم كما تنص القوانين، ومنها العمل على طمس ذاكرة الجزائريين بحجة عدم تحريك الجراح ونسيان الأحقاد وتعطيل مساعي المصالحة، ومهما كانت النوايا فإن هذا ليس حلا. المأساة قد تتكرر إذا لم يعِ الناس حقيقة الأمر وتتعلم الأجيال كيف تحمي البلاد من المتسببين فيها.
لهذا لم يتعلم الناس من هذه المحنة، ومازال هناك من يشكك وينشر البلبلة ويخلط بين المجرمين والضحايا، بل ظهر خطاب يشبه ذلك الخطاب الإسلامي التكفيري الذي سبق الحرب الأهلية ومهَّد لها، على غرار ما يقوم به حماداش وعلي بلحاج ومدني مزراق وغيرهم.
ولهذا أيضا مازالت البلاد لم تخرج من عنق الزجاجة، وكل الاحتمالات ممكنة، ليعيد التاريخ نفسه ويلدغ المؤمن الساذج من نفس الجحر مرتين ومرات.
تحياتي


21 - غريب كم تتشابه المشاكل في الجزائر والمغرب.ء
عبد الرحمان النوضة ( 2015 / 8 / 31 - 21:30 )
1) باعتباري من المغرب، وباعتبار الفصل المفروض بين المغرب والجزائر من طرف النظامين معًا، لا أعرف جيّدا الأوضاع المجتمعية القائمة في الجزائر، ورغم ذلك أحس بأن هذا التحليل الذي قدّمه السيد عبد القادر أنيس حول الجزائر هو تحليل جيّد. وما يهمني فيه، هو أنه يؤكّد لي ما ظللتُ أعتقده منذ قرابة أزيد من عشر سنوات. وهو أن المجتمعان الجاران، سواءً في جمهورية الجزائر، أم في ملكية المغرب، هما مجتمعان يتشابهان كثيرًا من زاوية الاستبداد السياسي، والفساد الاقتصادي، والانحطاط الثقافي المنتشر داخل الشعبين. هذان المجتمعان مريضان بشكل عميق وخطير. وقواهما السياسية هي أيضا مريضة جدّا. ورغم عدد من الثروات المادية الشخصية والعائلية التي تتكوّن وتتراكم في كلّ من الجزائر والمغرب، فإن مستقبل هذين المجتمعين لا يبشّر بأي خير. والجماعات الإسلامية الأصولية تستغلّ هذه الأوضاع المريضة، دون أن تكون لها أية مؤهّلات للإتيان بأي إصلاح مجتمعي جدّي. بل إن هذه الجماعات الإسلامية الأصولية تزيد في تأزيم الأوضاع المجتمعية المريضة، وتدفعها أكثر فأكثر إلى هاوية الحرب الأهلية.
2) كتب الكاتب السيد عبد القادر أنيس: خاصة في ظل حياد الجيش بعد التجربة المرة. لم أفهم. فهل جنيرالات الجيش في الجزائر هم حقيقةً محايدون في النظام السياسي القائم؟
3) كتب الكاتب: أهم هذه العيوب تمثلت في التخلف العام الذي كان السمة الغالبة على الحياة السياسية والفكرية والدينية والاجتماعية والثقافية لدى شعبنا. أتّفق مع الكاتب، وأضيف: نفس الشيء تماما موجود في المغرب.
4) كتب الكاتب: ليس بوتفليقة هو المريض فقط (في الجزائر)، بل الوضع السياسي والاجتماعي والفكري برمته مريض. أتفق تماما مع الكاتب، وأضيف: نفس الظاهرة موجودة في المغرب.
5) والمغرب، مثله مثل الجزائر، فشل فشلا مطلقا في تكوين الأجيال الحديثة. وربّما الفارق الوحيد بين المغرب والجزائر، هو أن تجهيل أو تبليد الأجيال الحديثة كان في المغرب سياسة واعية، وإرادية، ومنظّمة، من طرف نظام الملك المستبد الحسن الثاني، بهدف ضمان ديمومة نظامه السياسي. وعلى خلاف بعض المزاعم، تستمر نفس السياسة في عهد خلفه محمد السادس.
6) وكتب الكاتب: التصويت (في سنة 1991) قد انتهى إلى يقظة أحزاب ونقابات وجمعيات كثيرة شعرت بالخطر على وجودها وعلى وجود البلاد برمتها، فراحت تطالب الجيش بالتدخل لوقف المسار الانتخابي . وعليه، نجد نفس المشكل يطرح في المغرب وفي الجزائر (وفي غيرهما من البلدان المسلمة): كيف تتعامل قوى اليسار مع الجماعات أو الأحزاب الإسلامية التي تنشأ وتتكاثر باستمرار؟ كيف نمنع على جميع القوى السياسية استغلال الدّين في السياسة؟ كيف نوصل المجتمع إلى مستوى الوعي بالضرورة الحيوية، أو المصيرية، للفصل بين الدّين والدولة؟ ألا يُرجعنا هذا المشكل إلى المسألة العامة أو الأصلية التي تتجلّى في المستوى الثقافي المتخلّف لعامّة الشعب (بما فيه المستوى الثقافي لأعضاء مجمل الأحزاب السياسية)؟ ومنع التيارات الدّينية التي تستغلّ الدّين في مجال السياسة قد يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، لكن التساهل مع هذه التيارات، أو السماح لها بالرّكوب على جهل جماهير الشعب، والسّماح لها بالوصول إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية، سيؤدّي بالتأكيد، على مدى متوسّط، إلى حرب أهلية تدمّر كل شيء في البلاد (مثلما حدث وتكرّر في كل من أفغانستان، وباكستان، والصومال، والسّودان، واليمن، وسوريا، والعراق، وليبيا، ولبنان، إلى آخره). وكتب الكاتب: قد يكون التساهل مع اعتماد أحزاب دينية جريمة نكراء في حق الديمقراطية. نعم، لكن كيف تتعامل إذن قوى اليسار مع التنظيمات التي تستغل الدّين في السياسة؟ خاصة وأن مجمل القوى السياسية (بما فيها قوى اليسار)، ومجمل الشعب، لا يستوعبون مبادئ الديمقراطية، ويرفضون تطبّقها أو الالتزام بها. هذه الموضوعات تستوجب دراسات جدّية.
7) وكتب الكاتب: لم تتمكن القوى الديمقراطية من توحيد صفوفها وتشكيل بديل قوي مقنع، بل العكس هو ما حدث ويحدث. وأضيف: نفس الظاهرة موجودة في المغرب. القوى التقدّمية واليسارية دون المستوى المطلوب، إن لم نقل أنها هي أيضا متخلّفة. وعليه، يظلّ سؤال ما العمل مطروحا بإلحاح. أي أننا في حاجة إلى إبداع فكر سياسي ثوري من نوع جديد، وليس تقليد وتكرار الفكر السياسي الثوري لسنوات 1960.
8) بهذه المناسبة الطيّبة، أدعو قرّاء الحوار المتمدّن المحترمين إلى المساهمة في توقيع عريضة مهمّة (على شبكة أفاس). وهذه العريضة تطالب بفتح الحدود بين المغرب والجزائر. ولتوقيع هذه العريضة أو معرفة المزيد عنها، يُرجى النّقر فوق الرّابط التالي:
https://secure.avaaz.org/ar/petition/Hkwmty_lmGrb_wljzyr_nTlb_bftH_lHdwd_byn_lmGrb_wljzyr/?nklxcbb


22 - رد الى: عبد الرحمان النوضة
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 1 - 00:54 )
شكرا سيد عبد الرحمن النوضة على المشاركة في إثراء الحوار.
نعم تتشابه المشاكل في بلداننا لأننا ننتمي لنفس الثقافة ونشترك في تاريخ واحد وتعرضنا لنفس الاستعمار، كما نعاني من نفس الهجمة الأصولية الوهابية التي تسببت فيها نفس الأنظمة السياسية الاستبدادية.
مجتمعاتنا مريضة، وهي كأي مريض لا بد أن يفرز جسمُه دمامل وقروح قد تودي بحياته إذا تُرِكت تتعفن طويلا.
حول سؤالك: (هل جنيرالات الجيش في الجزائر هم حقيقةً محايدون في النظام السياسي القائم؟)
جنرالات الجزائر ليسوا محايدين وهم يتحملون قدرا من المسؤولية عما حدث إما بسبب محدودية فكرهم أو بسبب انتهازيتهم. لكن ماذا نتوقع من جهات لها سلطات كبيرة سواء كانت من الجنرالات أم من السلطات المدنية المختلفة في مجتمع متخلف يعشش فيه الاستبداد في كل المستويات من الأسرة إلى المدرسة إلى المؤسسات؟ مشكلتنا ليست في الجنرالات فقط، بل هي في المجتمع بأسره الذي عجز عن إحداث القطيعة مع الموروثات المتخلفة والبنى الاجتماعية والدينية القائمة على الاستبداد: قبلية، طائفية، قومية، عنصرية. إذا كان أصغر موظف، أبسط معلم، أصغر شرطي أو دركي أو حتى أبسط أب أو أخ في أبسط أسرة لا يفوّت أية فرصة لممارسة استبداده على من هو أضعف منه، فكيف نتوقع أن يتصرف من له سلطات أكبر تجعل تصرفاته فوق المحاسبة؟ أنا أعرف فلاحين قد يتعاطف معهم الحجرُ نظرا لحالتهم المزرية وذل وضعهم ومع ذلك فهم أقسى من الحجر نفسه عندما يتعاملون مع ذويهم من النساء والأطفال.
الاستبداد ثقافة رائجة عندنا، وإلقاؤها على الجنرالات هو هروب من المسؤولية التي يتحملها الجميع، خاصة النخب والمتعلمين؟ مقولة: -كما تكونوا يولَّ عليكم- صحيحة مائة بالمائة. دليلي أن الناس صوّتوا على أحزاب فاشية كانت تَعِد المختلفين معها بالإبادة. يمكن بسهولة أن نرى عبر أنترنت في سوريا وفي العراق وفي الصومال كيف كان الناس يلبون نداء داعش لحضور (حفلات) الرجم والجلد وقطع الرؤوس.
حول سؤالك: (كيف تتعامل قوى اليسار مع الجماعات أو الأحزاب الإسلامية التي تنشأ وتتكاثر باستمرار؟)
شخصيا لم أعد أرى فارقا بين يمين ويسار. في الجزائر وقفت قوى مختلفة تتألف من نقابات عمالية، أحزاب يسارية، أحزاب يمينية، أرباب العمل من الخواص والقطاع العمومي، مواطنون من شتى الطبقات، وقفوا جنبا إلى جنب لمواجهة الأصولية الفاشية. وفي نفس الوقت وقفت قوى مختلفة تتألف من نقابات عمالية إسلامية، أحزاب يسارية، أحزاب يمينية إسلامية وغير إسلامية، أرباب عمل من الخواص مع الإسلاميين مؤيدة ومدافعة عن حقهم في حكم البلاد رغم تكفيرهم للمعارضة وللديمقراطية والحريات. الفئة الأولى فرقت بين الدولة ونظام الحكم القائم. دافعت عن الدولة حتى لا تسقط، بينما الفئة الثانية خلطت بين الدولة وبين السلطة وفضلت إسقاط الأخيرة ولو سقطت الدولة في جهنم.
حوال سؤال: ( كيف نمنع على جميع القوى السياسية استغلال الدّين في السياسة؟)
لا بد من دستور علماني ينص على منع تشكيل الأحزاب الدينية واستغلال الدين. على القوى الديمقراطية إذا عجزت عن فرض هكذا دستور أن تقاطع كل انتخاب يتم خارج هذا الدستور، ويبقى الشعب الواعي هو الضمانة.
حول سؤال: ( كيف نوصل المجتمع إلى مستوى الوعي بالضرورة الحيوية، أو المصيرية، للفصل بين الدّين والدولة؟ ....)
عندي، لا غنى عن التنوير. تحرير العقول قبل تحرير الأبدان. يجب أن يفهم الناس أن حل مشاكلهم لن يكون أسهل إلا في ظل الحكم الديمقراطي الذي يتمكنون فيه من الدفاع عن أنفسهم سلميا عبر استغلال كل وسائل الضغط والنضالات العصرية السلمية: إضرابات، مظاهرات، التصويت على الأحزاب القريبة من مصالحهم، استغلال وسائل الإعلام، اللجوء إلى المحاكم، ...
هل (منع التيارات الدّينية التي تستغلّ الدّين في مجال السياسة قد يتنافى مع مبادئ الديمقراطية)؟
الإسلاميون يركبون قطار الديمقراطية ليحرفوا مساره نحو دولتهم الإسلامية الفاشية. هل نركب معهم؟ هل نترك لهم القيادة؟ لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية. لا حرية لأعداء الحرية. ولنا في التجارب السياسية الغربية خير الأمثلة. حتى في فرنسا العريقة ديمقراطيا مازال اليمين واليسار يتحالفان لهزيمة اليمين المتطرف، ويعتبران أي تحالف معه فضيحة، فما بالنا نحن نتساهل مع الإسلاميين رغم أنهم أسوأ مائة مرة من اليمين المتطرف الفرنسي مثلا.
من يدعوننا لقبول الإسلاميين كمن يدعوننا لتجريب الموت، رغم أنه مرة واحدة فقط.
انتخاب شعوبنا على الإسلاميين لا يجب أن يكون حجة لقبول الإسلاميين كشريك (ديمقراطي) لأن الديمقراطية ليست مجرد صندوق اقتراع ثم يحق للفائز أن يفعل ما يشاء بالبلاد والعباد. عدم نقد الشعوب وتنبيهها إلى الأخطاء جريمة. أما إذا جرى تنبيهها ومع ذلك أخطأت فربما تتعلم من خطئها في المرة القادمة ولا تلوم إلا نفسها. إذا كانت (القوى التقدّمية واليسارية دون المستوى المطلوب، إن لم نقل أنها هي أيضا متخلّفة) فالمصيبة أعظم، ولا تلام الشعوب إذا أخطأت.
رأيي أنه لا مجال اليوم للحديث عن يمين ويسار وكأننا في بلدان أنجزت مهمة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية. هو تقدمي كل من يعمل على هذا الهدف سواء وقف يسارا أو يمينا. بلداننا قد تنهار ولن يبقى لا اليمين ولا اليسار..
تحياتي


23 - المقال به معلومات تاريخية جيدة لكن سوء تقدير
Abdelbassit Elbeik ( 2015 / 9 / 1 - 05:40 )

مقتل مقال السيد عبد القادر انيس حين يتحدث عن دور المؤسسة العسكرية في عهد بوتفليقه فيصفه اوصافا تثير استفراب اي باحث يعرف حقائق الاوضاع...هذا كله لان تلك المؤسسة استطاعت ان تقضي على خصم العلمانين بالحزائر و همزالتيار الاسلامي الفائز باوصات الشعب بانتخابات حرة و نزيهة....مثل هذه السلوكيات تخرج البحث و الباحث عن الحياد الاكاديمي و تصنفه بالمتحيز...المقال به معلومات تاريخية جيدة لكن سوء تقدير دور العسكر عن قصد كما يبدو هوى بقيمة المقال....


24 - رد الى: Abdelbassit Elbeik
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 1 - 09:22 )
عبد الباسط البيك
شكرا على المساهمة في إثراء الحوار.
أنا أرى أنك لا تريد فهم حقيقة ما حدث، إما لأن تأييدك للإسلاميين غير مشروط، وإما لأنك لا تريد أن تبذل الجهد الكافي لمعرفة الحقيقة واكتفيت بالجاهز مما روجته وسائل الإعلام المعادية للديمقراطية والحريات وكل قيم الحداثة النبيلة، وهي وسائل جبارة ساهم النفط الخليجي المسموم فيها عبر نشر الوهابية ماليا وإعلاميا، حتى بلغنا هذه الدرجة من الانحدار.
في كلتا الحالتين أنت غير معذور.
سؤالك مهم لأنه سيتيح لي العودة للمرة الألف لتوضيح ما حدث باعتباري شاهد عيان، وما راءٍ كمن سمع، كما يقول المثل.
أنا عارضت الإسلاميين قبل الانفتاح على التعددية (1989) بسنين طويلة لأسباب تتعلق بأيديولوجيتهم الإسلامية الفاشية التي نرى عينات منها في ما فعلته وتفعله حركات الإسلام السياسي والوهابي الإرهابية في بلداننا. فإذا كنت لا ترى أن الإسلاميين غير خطيرين ومن حقهم أن يحكمونا فهذا رأيك لكنه رأي أراك لم تبنه على قناعة تستند إلى تشخيص علمي ونزيه لفكرهم وتاريخهم وتاريخ الإسلام، بل ونصوصه أيضا كلما أمكن وضعها رهن التطبيق. أما أنا، وسواء فاز الإسلاميون في الجزائريون (بأصوات الشعب بانتخابات حرة ونزيهة) كما حكمتَ أم فازوا بالتدليس والتخويف واستغفال السذج وإيهام الناس بحلول وهمية وتوجيه أنظارهم خطأ نحو أعداء وهميين للإسلام والمسلمين، كما وقع بالفعل، فلن يجدوا مني أي تأييد أو مهادنة. الشيطان، إن وجد، أولى بتأييدي منهم، وهذا يعني لو خُيِّرْتُ، لاخترت أي نظام سياسي غيرهم مهما كان: عسكري، قومي دكتاتوري استبدادي يميني أو يساري، بل حتى استعماري أجنبي، لا يهم، لأن فاشية الأيديولوجيات الدينية لا تضاهيها أية فاشية في التاريخ (عرفت الجزائر في تلك الفترة هروب عشرات الآلاف من الكفاءات نحو فرنسا، عدو الأمس بالإضافة إلى من جرى ذبحهم فقط لأنهم لا يؤيدونهم، وهي خسارة مدمرة لا يمكن تعويضها، ولا يمكن أن يرتكبها إلا مجنون). مع هذه الفاشية لا مكان حتى للأنفاس الحرة، بينما كنتُ دائما في ظل الحكم الاستبدادي الجزائري السابق أتمكن من شراء كتاب مفيد، من شراء زجاجة خمر أو اصطحاب زوجتي للتنزه أو حضور مسرحية أو الذهاب إلى شاطئ البحر بحرية أو الالتقاء بربعي حول مائدة حافلة بما لذ وطاب في مختلف المناسبات ودون خوف. هذه المطالب البسيطة لن أجدها في ظل الحكم الإسلامي الداعشي الذي لا يكتفي بالحكم من فوق، بل سوف يمارس سياسة تفتيش الضمائر المعروفة لدى رجال الدين في كل زمان ومكان، ولن أفرط في هذه الحرية البسيطة التافهة عند البعض، حتى لو رأيت بأمي عيني أن الشعب الجزائري صوت بأغلبية 99.99 الشهيرة المعروفة في الحكم الاستبدادي، فما بالك بخطرهم على أسمى القيم الإنسانية النبيلة التي أبدعتها البشرية بعد قرون من الصراع المرير الدامي ضد قوى الظلام وأثبتت جدارتها في التقدم، بينما يسففهها الإسلاميون ويعتبرونها بدعا غربية يهودية مسيحية كما يعتبرون المنادين بها خونة وأعداء الإسلام.
لكني أعرف كشاهد عيان أن الإسلاميين في الجزائر لم يفوزوا (بأصوات الشعب بانتخابات حرة و نزيهة). أعرف أن هذه الانتخابات كانت أبعد ما يكون عن أن تكون حرة ونزيهة، بما فيهم لجوؤهم للتزوير على أوسع نطاق بعد أن حاصروا مكاتب الاقتراع وأرعبوا خصومهم فتركوهم يعبثون بأصوات الناس.
فما حقيقة الأمر التي أرى أنك تجهلها تمام الجهل؟
أحيل القارئ الراغب حقا في معرفة حقيقة الإسلام السياسي في الجزائر وفي غيرها إلى مقالاتي السابقة لأنه ليس من السهل التعرض لهذه الحقيقة هنا في رد محدود الحجم:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=480685
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270588
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=267126
وهناك عشرات المقالات حول الموضوع نفسه يمكن للقارئ أن يطلع عليها في موقعي:
http://www.ahewar.org/m.asp?ac=1&st=2&r=40&i=2611&fAdd=
لا يمكن أن نتفق في الحكم على مدى نزاهة الانتخابات التي شارك فيها الإسلاميون عام 1991 و(فازوا) فيها، إلا اتفقنا على مفهوم هذه النزاهة بالذات، وهو ما يقتضي منا التفكير الجدي في هذه التساؤلات:
هل الديمقراطية هي مجرد صندوق اقتراع ثم يحق للفائز أن يفعل ما شاء بما في ذلك إلغاء أسس الديمقراطية كما كان يقول الإسلاميون ويكتبون، وكما فعلوا في كل مكان وصلوا فيه للحكم (في إيران والسودان مثلا) وفي الجزائر بعد أن تولوا شؤون البلديات؟
هل تشكيل أحزاب دينية تقوم (فلسفتها) على الحل الإسلامي الإقصائي لكل القيم الحديثة من حريات وديمقراطية وحقوق إنسان مقبول حتى لو فازوا في انتخابات ديمقراطية بنزاهة؟
هل إجراء انتخابات يشارك فيها أعداء الديمقراطية والحريات، ومهما كانت نزيهة وشفافة في نتائجها، يمكن أن يجعل الديمقراطيين يقبلون بها؟
هل انتخب الشعب الجزائري في مناخات ديمقراطية حقيقية؟ كلا. كان الإسلاميون يسيطرون على الشارع ويهددون الخصوم ويشوشون على الاجتماعات ويحتلون الساحات ويكفرون كل من ينتقد برامجهم باعتبارها هي الإسلام، ومن يشكك في الإسلام كافر؟
بل حتى الأحزاب الإسلامية الأخرى كانت تتعرض لنفس الاستفزازات والحصار باعتبارها تشق صفوف المسلمين، فما بالك بـ (أعداء الإسلام الديمقراطيين).
من يطالبنا بالرضا باختيار الشعب، رغم أن الشعب لم يختر على بينة من أمره، وتعرض لعملية تجهيل كبيرة تواصلت سنين طويلة بمباركة من نظام الجهل الذي كان يقوده الشاذلي بن جديد، من يطالبنا بهذا كمن يطالبنا بتقديم رقابنا للجز من طرف سيافي الإسلاميين مثل النعاج تماما. وهذا ما وقع في إيران بعد وصول الخميني للسلطة.
هنا بوسع القارئ أن يتساءل: إذا كان الإسلاميون بهذا السوء والبشاعة، فلماذا جرى التعامل معهم بهذا الغباء من طرف الطبقة السياسية في الحكم وفي المعارضة؟
هذا أهم سؤال في نظري: الإجابة عنه طويلة وسبق أن تطرقت إليها في مقالاتي المشار إليها أعلاه. لكن لا بد أن أقول، في عجالة، بأن الطبقة السياسية غير الإسلامية في الحكم وفي المعارضة كانت من الإجرام والجهل والتخلف والانتهازية والنظر إلى الآخر الشريك في الوطن كعدو يجب إقصاؤه وليس كخصم سياسي يجب التعامل معه حضاريا، حتى غفلت عن الخطر الحقيقي المهدد للديمقراطية (لأنها أصلا لم تكن ديمقراطية حتى في حياة أحزابها الداخلية). انتشار ظاهرة الإسلام السياسي المتخلفة لم يكن فلتة ولا مؤامرة خارجية بل كان نتيجة لتراكم طويل من التجهيل والاستبداد والحقد والرفض المتبادل للسير بالبلاد نحو العيش المشترك والإدارة السلمية لجميع المختلفين.
لكن هذا لا يعني أنني أكتفي بتحميل الشعب أو الآخرين المسؤولية ثم أرحل بعيدا كما فعل البعض، ولا أنني لا يجب أطالب بوقف هذه المسخرة وتصحيح الأخطاء قبل استفحالها، ولا يعني أنني لا أؤيد أي جهة تساهم في استدراك الأمر قبل الكارثة. إذا كان يجب مواجهة الإسلاميين الإرهابيين فلنواجههم في الوقت الذي نختاره لا الذي يختارونه: الموت في المواجهة أفضل بكثير من الموت مطأطئي الرؤوس لسيافيهم. المثل الفرنسي يقول:
Mieux vaut tard que jamais
تحياتي


25 - الاعداء
سليم الاغواطي ( 2015 / 9 / 1 - 12:42 )
تحية كبيرة للمبدع الاستاذ عبد القادر انيس المحترم ارى ان الجزائر يتربصها اعداء كثر اهمهم الاسلاميون بشتى اصنافهم باستثناء الصوفيين والذين باعتقادي سهل انقيادهم وهضمهم للحياة الديمقراطية والعلمانية والعدو الثاني هم العنصريون الشوفينيون من الامازيغ والعرب كأمثال كسيلة وغيره والذين مازالوا في غيهم القديم يعلون من قيم العرق والدم مع ان العالم المتحضر اليوم اصبح قرية واحدة الانسانية وحدها هي العرق والامة والوطن


26 - رد الى: سليم الاغواطي
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 1 - 23:07 )
شكرا لك سيد سليم الاغواطي على إثراء الحوار
نعم الإسلاميون ساهموا في إفشال التجربة الديمقراطية الأخيرة. ولكن الإسلاميين ليسوا جسما غريبا عنا. المدرسة الجزائرية، المسجد، وسائل الإعلام، الأداء الإجرامي للأحزاب، للسلطة، النمو السكاني المجنون، النخبة الواهمة. كل هؤلاء ساهموا في تعفين الأوضاع وتهيئة التربة المناسبة للإسلاميين، تماما مثل الجسم المريض الذي يفرز دمامل وقيوح. ولا يعقل أن تعالج القروح سطحيا مادام الجسم في حالة صحية متردية.
ظهور النعرات العنصرية والجهوية يجب أن ننظر إليه كعرض من أعراض المرض أيضا، مع ضرورة التمييز بين مطالب الاعتراف بالهوية ومختلف التعابير الثقافية واللغوية وضرورة تصحيح انحرافات التاريخ الرسمي الذي قهرها. أفضل حل لمواجهة هذه المطالب مهما كانت هو الاعتراف بوجودها وفسح المجال للجميع ليعبروا بحرية عن خلافاتهم ومطالبهم والعمل على مواجهتها وحلها بالحوار وليس بالإقصاء. الإقصاء لا يجب أن يُوَجَّه إلا ضد الإقصائيين باسم الدين والأيديولوجية والقومية ويتخذون العنف وسيلة لفرض (حقائقهم المطلقة).
تحياتي


27 - هي وتلك وعالم اليوم
سلام فضيل ( 2015 / 9 / 1 - 15:51 )

ِالسيد عبد القادر انيس ان الجزائر مثلها مثل بلدان الشرق التي منها العراق ومصروسوريا واليمن وليبيا وتونس والسودان التي تحولت مابعد الحرب العالميه الثانيه الخمسينات الستينات القرن العشرين(تحولت) من نمط النظام البائد الى منهج نظام مغايروسط وذا شعبية كبيرة جدا في كلا منها
وصارت ضمن اطار الدول البلدان الناميه ومن خلال سعة مواردها اخذت سريعا بالنمو التقدم ولكنها وللاسف اهملت الارتقاء لنظام المواطنه واشياء الديمقراطيه والعدالة والحريات وشيئا فشيئا بدل الارتقاء راحت تنحدر الى سطوة ذات ما كانت عليه زمن تلك التي كانت ومثلها توحشت وحولت البلدان الى معتقلات ونظام القطيع والطغمة واكثرها وحشيه النظام الماضي في العراق انذاك وكلها تحولت الى انظمة وحشيه وعقائد جامدة
مثلما التي كانت بذات افغانستان التسعينات تلك التي كانت تعادي العداله والديمقراطيه والحريات وتقدس الطغمة وادارة القطعان ومنها في العراق التي كانت زمن الباشا والمندوب السامي العشرينات حتى الخمسينات القرن العشرين ومثلها التي في مصر واليمن وليبيا وسوريا وتونس... لمابعد الثانيه حيث انظمة منحطة واخذتا بالتحوش كانت ومن ثم اخذت بالردة اي انظمة ما بعد تلك التي كانت الى النظام الديني القرون الوسطى والخامس التاسع عشرمابعد منتصف السبعينات الثمانينات وبدايه التسعينات القرن العشرين
ومن خلال الاكثر تأثيرا في العالم العربي وهي البلدان التي تحولت من تلك انظمة الزمن البالي والمندوب السامي والباشا المنحطة جدا كانت وبدايه التسعينات وعرض نموذجها انحدار الجزائر الى البدائية بكل ما فيها من خلال عرض النظام الديني بتلك الازمان التي تعني الحرب والطائفيه والغاء الفكر وتكفير نظام العدالة والديمقراطيه والحريات وفرض النقاب والردة الى البدائيه
وهي من خلال سعة انغلاق النظام الذي كان تحول الى نظام الصنميه في كلا من تلك والعقائد الجامدة التي منها الديني ومحاولة اعادة ذاته من خلال دفع التردي والانحدار بتلك التي
من خلال افضل مما توصل اليه سائد عالم حضارتنا اليوم النظام التداولي الديمقراطي ومن خلال الذي لايحق له في النظام الديمقراطيه تلك التي تكفر الانتخابات وهوالذي تم عبوره منذ القرن الثامن التاسع عشر وعرضه بدايه التسعينات القرن العشرين
حيث مرحلة وبدل الاصلاح اخذوا بما يرفضه الناس ولاتقره العداله والديمقراطيه والحريات الذي هي كلها تعد كفرا في منهجها اي النظام الديني ولحظتها هم قالوا اي النظام الديني من انها كفرااي النظام الديمقراطي إذ الذين استخدموا بذاتها الخطيئة تلك الازمان والتسعينات حيث افغانستان وافريقيا والهوتو والتوستي...وكل هذا كانت مرت به الشعوب
وعالم اليوم وتداخل مابعد الحرب البارده والسؤال لماذا سمح بتلك انفلات الردة الى البدايئه واحتقار معرفة الناس حيث الكل يعرفون انه غير مسموح بالنظام الديني لانها تعني الحرب والتقسيم والطائفيه والقول على انها عرض بحجة الاخذ بالديمقراطيه
وهي بما ليست مسموحا فيها في النظام الديمقراطي والمواطنه والعدالة والحريات غير مسموح بشكل خاص مابعد الثانيه غير مسموح للردة الى النظام الديني
والاخذ بالنظام المدني الذي يضمن للكل بذات القدر
والسؤال لماذا لم يؤخذ بما يرتقي بها البلد بدل دفعه للانحدار والتردي وتلك الوحشيه التي مرت فيها الجزائر التي مازالت منها تعاني؟
لماذا لم تكن اخذت بمراجعة الذات إذ النظام الديني وصفة حرب وانقسام طائفي عرقي ومعادي للديمقراطيه والعداله والحريات ذاتها نظام الكنيسه ومشترك تكفيريه الخطئية تلك الازمان
ولماذا بعد كل ذاك الذي مرت به الجزائر مازالت بعد لم تتوصل لعبور تلك ذاالزمن البالي الذي كان؟


28 - رد الى: سلام فضيل
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 1 - 22:02 )
شكرا سيد سلام فضيل على المشاركة في إثراء الحوار.
أسباب الانسداد التي تعرضتُ لها في افتتاحية هذا الحوار تجيب عن تساؤلاتك في آخر مداخلتك. باختصار شديد: نحن نعاني من تخلف حضاري شديد وهو سبب كل هذا العجز عن مواجهة متطلبات بناء دولة حديثة يتعايش فيها الناس كمواطنين ويديرون كل أنانيتهم سلميا، بدل ممارسة الإقصاء المتبادل.
خالص تحياتي


29 - ثغرات في المقال
محمود جديد ( 2015 / 9 / 1 - 16:37 )
بداية الشكر لكاتب المقال لتعرّضه للتجربة الجزائرية ، ولكنّه كان من المفروض التمييز بوضوح بين مرحلة بومدين وإنجازاتها الكبيرة في مجال البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية وبين الحقب التي تلتها ، والتي لا تزال متميزة في القارة الإفريقية علماً أنّها ابتدأت من الصفر .. كما نسي دور التيار الفرنكفوني في إفساد التجربة وأهمل العوامل الخارجية والفرنسي على وجه الخصوص ، وأخيراً ، إنّ التوصيف الوارد بصيغته هذا فيه الكثير من التجنّي على كوادر جزب جبهة التحرير وخاصة خلال مرحلة بومدين ، وكلامي هذا ليس تغطية على الفاسدين او الذين أفسدتهم السلط وعن دور قوى نافذة في السلطة آنذاك في استخدام التيار الديني لضرب تجربة حزب جبهة التحرير ،..


30 - رد الى: محمود جديد
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 1 - 22:31 )
شكرا سيد محمود جديد على المساهمة في إثراء الحوار.

حول ملاحظتك: -... كان من المفروض التمييز بوضوح بين مرحلة بومدين وإنجازاتها الكبيرة في مجال البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية وبين الحقب التي تلتها-.
أنا لا أتقاسم معك نفس التقييم لمرحلة بومدين. بومدين كان يقول: -نحن نبني دولة لا تزول بزوال الرجال والحكومات-. بعد رحيله انهارت الدولة بكل (منجزاتها). لماذا؟ لأن بناء الإنسان أولى قبل بناء الاقتصاد. بومدين كان يقود قطيعا من البشر يتكاثر كالفئران. حتى منجزاته الاقتصادية والاجتماعية انهارت لأنها كانت تدار بيروقراطيا من طرف عديمي الكفاءة والنزاهة بعد أن أبعد نظامه كل الأكفاء.
أيضا لا أتبنى موقفك من -التيار الفرنكفوني- ودوره -في إفساد التجربة-. التجربة التنموية في الجزائر فشلت كما فشلت كل التجارب التي تأسست على الاستبداد والتوجيه البيروقراطي وهيمنة حزب واحد تحول مناضلوه مع الزمن إلى مجرد حراس لسجن كبير يسمى الجزائر أو الاتحاد السوفييتي أو الصين أو كوبا وغيرها، بينما تحول القائد الأعلى إلى رب معصوم لا يجوز نقدُه أو حتى نصحُه. -لا يُسْأَلُ عَمَّا يفعلُ وهم يُسْأَلون-.
حزب جبهة التحرير الوطني شأنه شأن كل الأحزاب الواحدة الوحيدة في مختلف البلدان كان يحمل في أحشائه سبب تعفنه. غياب التعددية، غياب الحريات، غياب المنافسة، غياب النقد والنقد الذاتي، غياب حياة سياسية نظيفة داخله، كل هذا أدى في النهاية إلى تحوله إلى مجرد عملاق بأرجل من طين. تقزم الحزب إلى لجنة مركزية وهذه إلى مكتب سياسي وهذا إلى قائد وحيد أوحد مهمة الجميع التصفيق له وتزكية كل ما ينطق به.
المشكل إذن ليس في الحزب بل في تجربة الحزب الواحد أينما وجد.
تحياتي


31 - سياسة مفروضة
مالكة عسال / المغرب ( 2015 / 9 / 1 - 22:02 )
حين تتوالى الولايات لشخص واحد ،فلا يكون إلا تكرار البرامج السياسية بنفس الحدة والأسلوب ،تأتي بنفس النتائج السلبية الفاشلة ، لأنها تستفرد بالقارارات ـ وتعتمد الرأي القطبي الأوحد ، مع إلغاء الآخر ، وهذا يفضي إلى سياسة إجبارية مطلقة تغتال الديموقراطية في عمقها ، مما يؤدي إلى تقليص السبل الإبداعية الخلاقة للبناء والتنمية ، وهذا النوع من السياسة تتحكم فيها أهداف شخصية واضحة ، كالاستفراد بالكراسي ، واهيمنة على الثروة التي يدب أن تكون ملكا للشعب كافة ...وعليه أطرج أسئلتي كالتالي :
ـــ ألن يأتي يوم تطلع الشمس فيه من جديد على شعبنا الجزائري ليعيش بكافة حقوقه وكرامته ؟؟؟
ـــ هل شحت الجزائر من السياسة والسياسين حتى يصبح الوضع السياسي في الجزائر بهذه الدونية والحقارة ؟؟؟
ـــ ماهي الطرق الممكنة التي قد تجعل شعبنا يستفيق من هيمنة الضبابية السياسية القامعة ليحقق مايصبو إليه ؟؟؟؟؟


32 - رد الى: مالكة عسال / المغرب
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 1 - 23:10 )
شكرا سيدة مالكة عسال على إثراء الحوار. تشخيصك صحيح. الانسداد السياسي في بلداننا كلها هو نتيجة لعجزنا كشعوب عن استيعاب قيم الحداثة باعتبارها شروطا لا بد منها للخروج من هذا الانسداد. الاستبداد ليس خاصية الرئيس أو الملك أو قيادات الجيش بل هو ثقافة عامة سارية في كل شرايين وعروق المجتمع والدولة من الأسرة في أسفل الهرم إلى أعلى الهرم، انسياق شعوبنا وراء الإسلاميين رغم أنهم من ألد أعداء قيم الحداثة دليل على الخلل وتعبير عن حالة القصور التي نعانيها. في النهاية علينا مواصلة أهم مهمة لم نقم بها أبدا وهي التنوير. التنوير لا بد أن يبدأ من تشخيص صحيح للمرض قبل أن يصف الدواء. لحسن الحظ أننا لا نشق طريقا مظلمة. شعوب كثيرة سبقتنا وأنارت لنا الدروب. فلنجلس بتواضع، إذن، جلوس التلاميذ النجباء للتعلم على من عنده العلم. هذا هو الطريق الوحيد للخروج من قصورنا المزمن.
تحياتي


33 - الجزائر - اسلامية اجهدت وديمقراطية اجهضت
taha malek ( 2015 / 9 / 1 - 23:58 )
هناك تعميم في قولك : - أما الشعب فكان في عالم آخر تنهشه الأمية والفقر والبؤس، كانت قيم الحرية والمواطنة والديمقراطية والعلمانية آخر مطالبه أو هواجسه. ا- - ساترك لك المجال للرد طبعا ،احييك على المقال الرائع ،لكن لو يتفضل شخصكم الكريم ان كنا فعلا نؤمن بالديمقراطية والعلمانية : هل تعترف ان الانقاذ كحركة اسلامية او جزب اسلامي سياسي مارس الاسلام لاجل - الغنيمة - فالشعب حركه الوجدان وتعاطف مع ذلك تعاطفا بليغا ،المقابل السلطة او النظام الذي بقي هرمه لا يتراجع ولا يتداول السلطة اطلاقا ،اجد من حق الطرف الاسلامي والتيارات الاخرى الوصول الى هناك ،لكن وجب ان نقول : نتاج الصناعة الاغترابية والاستلابية ان صح وضع امامنا اقوام مارسوا التغليط ،التبلعيط على الشعب وبالمقابل كان الشعب وهذا يرجع الى الوعي مع انه كان في فترات الصحوة ؟ الصحوة التي كان من صحى استيقظ ولكن لم ينهض ،لايهم هنا ،انما الحاكم وماحوله وما حول ما حوله الى اخر مواطن بسيط لا يتجاوز عمره يوما واحدا ،كلهم ابناء شعب ،لما تمرر المغالطات والتلفيق ويسكت الشعب عنها يكون المقابل تحمل النتائج لا تداركا ولا محاولة للسعي الى تهافتها ،النتيجة : الشعب تجربته مع كلا التيارين قصمت ظهره ،الديمقراطيين انفسهم ضد بعضهم ،مثلما حصل الايام الفارطة مع الاحزاب الاسلامية ومحاولة جاب الله ؟ .الجزائر اليوم يمكن القول بمنطق الرشدية او بالاحرى الجابرية : تحكمها عصبة من قبيلة لاجل الغنيمة ،والعقيدة الواحدة - الحزب الواحد - سيدي مشكلتنا اننا : ننظر ولا نجسد ،الكل مفسد فيها ،اللهم قلة غيورة ولا ندري ابقوا كذلك ؟ بل ركنوا الى زوايا بعد تهميشهم وتهديدهم ،تجربة بن فليس الاخيرة مثلا توضح بعض الامور ،شعبنا عاطفي مثل عاطفته مع المنتخب الوطني ،نعم عاطفي على الاسلام ولا يتنكر للموروث الديني يؤمن بالغلط والصحيح كلاهما ،نحن نريد من اعلى الهرم الى اخره التشييد فعلا لا الوعود ،ديمقراطية الوعود استوعبنا درسها ،الديمقراطية هي ان تجهد نفسك كما تجهد - الام لتلد مولودها - ان اردنا سنحقق والا نفشل ونسحق ،بضم النون .اشكرك كثيرا سيدي الفاضل


34 - رد الى: taha malek
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 2 - 08:48 )
شكرا للسيد طه مالك على المشاركة في إثراء الحوار.
حول ملاحظتك: (هناك تعميم في قولك : - أما الشعب فكان في عالم آخر تنهشه الأمية والفقر والبؤس، كانت قيم الحرية والمواطنة والديمقراطية والعلمانية آخر مطالبه أو هواجسه).
أنا هنا أتحدث عن فترة مبكرة من تاريخ الجزائر المستقلة، أعني السنوات الأولى بعد الاستقلال. سنوات الأمية والفقر والبؤس المطلقة. كان الناس يعانون من مشكلة توفير الخبر اليومي (أين نحن اليوم من ظاهرة الخبر المرمي في الطرقات والمزابل)؟ لكني مازلت مقتنعا أن قيم الحرية والمواطنة والديمقراطية والعلمانية مازالت لَمَّا تتحول بعد إلى مطالب شعبية مثل مطالب الشغل والسكن والتظاهر وقطع الطرق من أجل إيصال الغاز والكهرباء والماء إلى البيوت، بل ومن أجل إقامة ممهلات للحد من سرعة السيارات (dos d’âne) !!!.
حول قولك: (أجد من حق الطرف الإسلامي والتيارات الأخرى الوصول إلى هناك)، يعني الوصول إلى الحكم.
لا أتقاسم معك هذه القناعة. لماذا يجب إزاحة المستبد الذي هو في الحكم ثم نأتي بمن هو مثله بل أسوأ؟ الوصول إلى الحكم من حق جميع الأحزاب السياسية إذا توفر في الطامحين إليه عدة شروط أهما: القبول بالآخر المختلف كشريك اجتماعي وسياسي من حقه الوجود والتحرك والتعبير والطموح للوصول إلى السلطة مثله، ثم القبول بالتداول على السلطة والعودة إلى الاحتكام إلى الشعب في ظل قوانين وضعية يخضع لها الجميع، ثم القبول بالفهم العصري للانتخابات كما تمارسها الدول المتحضرة الناجحة، باعتبار الانتخابات مجرد آلية يكون فيها الشعب هو الحكم بين الفرقاء لينصب هذا في السلطة إذا اقتنع ببرامجه ويحرم هذا، لكن الانتخابات وحدها لا تكفي، بل هي خطيرة إذا لم يقبل الفرقاء السياسيون بأسس الديمقراطية الأخرى: العلمانية كشرط يحقق المواطنة للجميع مهما اختلفوا دينا أو مذهبا أو عرقا أو جنسا. الحريات المختلفة: في التعبير والنقد والإعلام والاعتقاد والتنقل. قبول مواثيق حقوق الإنسان كما صاغتها الأمم المتحدة حتى لا يبقى الناس أسرى القيم الموروثة من أديانهم وعادتهم وتقاليدهم الهمجية.
هل الإسلاميون في الجزائر كانوا يقبلون بهذه الشروط؟ كلا، بل مازالوا يراوغون ويخادعون وبالتالي لا حق لهم في الوجود كأحزاب دينية معادية للديمقراطية كأعلى قيمة إنسانية. كان (الفيس) يقسم الناس بين أخ في الإسلام وعدو كافر لا مكان له في دولته. القبول به يعني القبول بزج البلاد في فوضى لا أول لها ولا آخر. أمثلة الحكم الديني المفلس كثيرة لا داعي لذكرها.
عدا هذا فنحن متفقان. تقبل خالص تحياتي


35 - العقلانية سؤال حول الحكم ،هل مورس وفقها ؟
taha malek ( 2015 / 9 / 2 - 00:26 )
ثم اود فعلا تحديد او محاولة حصر المشكلة الاساسية في الممارسة السياسية ،بعد الاستقلال الحزب الواحد والمرحلة المعاصرة تعددية تبقى تقبع في شعار -التعددية - نفسه ،ساس يسوس انقلابا ثم تملكا ؟ .ادرك تماما ان تفهم ما ارمي اليه لهذا استعمل الفاظا يراد منها الايحاء والاشارة فقط ،بصمات الاستعمار لا يشك المواطن او الفرد ان اثرها لا يزال بل انه يمارس كما يمارس التراثي فهم التراث ،السؤال الذي يطرح واجده منطقيا جدا : هل الممارسة السياسية تمت او تتم وفق عقلانية ؟ .لنسال المواطن ومهما كانت درجته سيجيبنا مباشرة : المشكل الاجتماعي اضحى الهاجس الوحيد للدولة ،فان عكفت الاحزاب على المطالبة بممارسة الفعل - ساس - فهل يمكن للشعب ان يعيش وفق شعار : بلد العزة والكرامة ؟ شتى المجالات تعاني التقهقر وهذا يرجع لسياسة حاميها ... اني اصر على ان دور الجيش مفروغ منه بل هو الواجب باتم معنى الكلمة او اللفظة ،جدلية الصراع الاسلامي الديمقراطي اظن ان فخامته اقر بها مع انتخابه لاول مرة .دفع الشعب فاتورة صحوته ولكن هل منح -بضم الميم - حرية : دينية سياسية اجتماعية ...كل ما توجه نظرك يؤلمك الوضع ،لانه كارثي .التوجهات تبقى دائما لها مرجعيات والدولة كباقي الدول لها ايديولوجيات ،نحن نطالب بنهضة حقة على صعيد الواقع لا الاحلام ،نريد لاننا نريد وليس كل من هب يريد ،الارادة تصنع المعجزات لكن ارادتنا تقع تحت - الممنوعات - المعارضة جريمة والتصفيق لعبة جميلة ،الوعي ،نعم انه العقلانية التي يمكن لها فقط تجاوز مشاكلنا بالتفكير فعلا في واقعنا والعمل على النهوض ،العلمانية ترجمة خاطئة ،واظنها قطرية تمس المشرق العربي ،نحن في غنى عن صراع اسلامي علماني ،لان الدولة ذاتها تسمح بالممارسة الدينية .وجب ممارسة تمر عبر اعين اجهزة الدولة والدولة يحق لها ان تحمي نفسها ،وجب ان يحل الاسلام مكانته لنتجاوز مشكلة التطرف والارهاب : التطرف وليد السياسة - لهذا يحق للاحزاب كلها ممارسة الحق السياسي المشروع دون اقصاء طرف .كما انه يجب على العلمانيين ممارسة فكر عقلاني لا يقصي ما - يصب في دائرة الوجدان - الدين طبعا ،الرجال موجودة والخيرات محمودة ،مشكلتنا التنظير والوعود ،التجسيد غائب تماما ،لكن وهذا اهم : عندما نلغي حدود الجهوية و العنصرية بشقيها في ثنائية العرب والامازيغ ،ونقضي على القبلية في الحكم وتقريب اهل القربى ومحاسبة برلمان لا يحاسب ،ومسؤول يخاطر ،....عندما نقلب ذهنية : -الله غالب - الى : قل اعملوا فسوف يرى الله ...هناك لنا امل ولما لا طموح لن يقف عند هدف واحد .اشكرك امتعتنا فعلا احييك تقبل سيدي كل الود والاحترام .


36 - رد الى: taha malek
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 2 - 09:09 )
تعليقك الثاني فيه محطات في حاجة إلى توضيح.
حول قولك (العلمانية ترجمة خاطئة، وأظنها قطرية تمس المشرق العربي)، فأنا أرى أن الأهم هو ما نفهمه من العلمانية. إذا اتفقنا أنها تعني إبعاد الدين ورجاله عن التدخل في شؤون السياسة، يؤيدون ويكفرون ويجيشون الشعب لصالح هذا أو ذاك ويستغلون المساجد التي هي مرافق عمومية مفتوحة للجميع من أجل تأليب البعض ضد البعض ومن أجل بث الفرقة بين الناس والانتصار لمذاهب على حساب مذاهب، إذا تفقنا على هذا الفهم فلا مشكلة، بالإضافة طبعا إلى ضرورة الاتفاق على إبعاد تدخل الدولة في شؤون الدين ومؤسساته كما فعلت كل الدول الاستبدادية التي حكمت باسم القومية واليسار والشيوعية وغيرها حين حولت الدين ورجاله إلى موظفين عندها مهمتهم حشد الناس لتأييد البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحشدهم لمحاربة الخصوم السياسيين الذين يتحولون إلى أعداء للدين والوطن وخونة يجب إبادتهم.
إذا اتفقنا على هذا فسوف نتجاوز مسألة المصطلحات.
حول قولك: (نحن في غنى عن صراع إسلامي علماني، لان الدولة ذاتها تسمح بالممارسة الدينية).
في الحقيقة، العداوة بدأها الإسلاميون شأنهم في ذلك شأن رجال الدين في كل زمان ومكان، وهم يحرصون على محاربة كل جديد وكل مختلف باعتبارذلك بدعة وضلالة. في الجزائر، كان الإسلاميون البادئين بالشر. والبادئ أظلم. دليلي هو أن القوى الديمقراطية (العلمانية) قبلت بهم شريكا في (اللعبة) الديمقراطية) لكنهم كفروها وقطعوا الغصن الذي يجلسون عليه. الممارسة الدينية في جانبها التعبدي لا أحد مس بها. الجزائر بنت 18000 مسجد. مناهج التعليم تعج بالدين. معاهد وجامعات تخريج رجال الدين كثيرة. الدين الإسلامي إذا تجاوز جانب التعبد فهو إقصائي وفاشي يقسم المواطنين إلى مؤمنين وكفار، ولا تعايش بينهم.


37 - استاذي عبد القادر انيس المحترم
رويدة سالم ( 2015 / 9 / 2 - 03:09 )
أولا سعيدة بعودتك

ثانيا أستاذي الفاضل سأنطلق من تعليق السيدتين المحترمتين سناء وليندا حول التجربة البورقيبية وتونس
تونس كانت مختلفة اجتماعيا عن الجزائر حتى قبل مقدم بورقيبة أليس كذلك؟
بورقيبة لم يضع مجلة الأحوال الشخصية من عدم بل هي قواعد مجتمعية وقوانين كان متعاملا بها خلال حقبة الاستعمار وقبلها أيضا ففي المجتمع التونسي لا يوجد تعدد الزوجات مثلا بالشكل الموجود في الجزائر منذ البداية
وبالتالي وجود قائد رمز ليس ضرورة حتمية لإحداث التغير في مجتمع ما إن لم تتوفر البنية الحاضنة لهذا التغيير في المجتمع ذاته. هل توافقني في ذلك؟
تتخوف الأستاذة سناء من القادم في تونس نظرا لإمكانية إغراق التونسي في التدين الوهابي ودعمه للإرهاب لكن الا ترى ان تخوفها هذا ليس مدعوما بأدلة منطقية فبنية المجتمع لن تسمح بتواجدهم وان تواجدوا فسيكون ذلك بصورة ضيقة سرعان ما سينفيها المجتمع فتجربة حركة النهضة أثبتت فشل التيار الديني في تسيير دواليب السلطة وان تدثر بالعلمانية والديمقراطية وعجزه عن إشعاع الأمان في البلاد والأعمال الإرهابية التي طالتنا تجعل الناس عامة يخشونهم وبالتالي لا يدعمونهم على الأقل ان لم يسارعوا للتبليغ عن اية خلية نائمة يكتشفونها سواء بمقابل مادي أو بوازع وطني ثم ما حصل في الجارة الجزائر في التسعينات كان درسا مهما جدا في عزوفهم عن التسليم لهم والانسياق في مسارهم وبالتالي ألا يمثل الإرهاب الذي طال تونس السلاح الملائم للظرف العربي العام والذي يحاول عبره بارونات التهريب والمخدرات والسلاح إرباك البلاد كلما تعرضوا للتضييق والمحاصرة ؟
هل الشعب الجزائري أكثر تدينا من نظيره التونسي فكل من نعرفهم ونقابلهم من السياح الجزائريين هنا هم مثلنا تماما أم أن الفساد المالي والسياسي هو السبب الرئيس في كل ما عرفته الجزائر منذ الاستقلال وإن كان هذا هو السبب فكيف السبيل لتغيير الواقع والتصدي لهذه اللوبيات ونحن نعلم يقينا أن أي عمل إصلاحي يمكن أن يقوم به المجتمع المدني أو الأفراد وان امتلكوا الصلاحيات المخولة لذلك مواجهة للموت المحتوم ؟
قرأت كل روايات الطاهر وطار وعرفت الجزائر عبره وعبر واسيني الأعرج وغيرهم ممن تحدثوا طويلا عن الواقع الجزائري وأجدني انساق مع وطار في ذات المسار فمع الصدمة لما نرى أن كل ما ناضلنا لأجله ينهار ولا احد يمتلك القدرة على الإصلاح او الإنقاذ ماذا يبقى لنا لنقف ونقول أننا على حق وما آمنا به ممكن التحقق وإن في عصور أخرى قادمة؟
أرجو أن لا أكون أثقل عليك
مودتي


38 - رد الى: رويدة سالم
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 2 - 09:37 )
شكرا صديقتي رويدة على هذه الطلة اللطيفة والمشاركة الهامة في الحوار.
بدوري أشكر لك ترحيبك.
تعقيبك على تعليقيْ سناء وليندا أتبنى معظمه. ولقد سبق لي أن قلت نفس الشيء تقريبا في مناسبات كثيرة.
حول سؤالك (هل الشعب الجزائري أكثر تدينا من نظيره التونسي فكل من نعرفهم ونقابلهم من السياح الجزائريين هنا هم مثلنا تماما).
الشعب الجزائري أصيب بحمى التدين، ولم يكن هكذا من قبل، وقد سبق أن كتب مصطفى لشرف (كاتب ووزير سابق، توفي) عن الجزائر بأنها مريضة بتدينها. كتب هذا منذ السبعينات. فقامت عليه الدنيا. لم تعرف البلاد، حسب شهادة الطاعنين في السن عندنا، إقبالا على أداء شعائر الدين (ولا أقول تدينا) ولو مظهريا على الأقل، مثلما تعرفه اليوم. لكن حتى المتدينين أنفسهم إسلاميين وغير إسلاميين غير راضين عن هذا التدين. العقلاء يصفون ذلك بقولهم: (المساجد عامرة والقلوب فارغة)، رجال الدين يصفون الناس بالمنافقين والناس يصفونهم بالمنافقين أيضا. المهم أن هذه الظاهرة أثبتت أن ضررها أكثر من نفعها. في طفولتي كان عدد شاربي الخمور أكثر من عدد المصلين في حيي. كان عدد الحانات أكثر بكثير من عدد المساجد، كان الناس في غالبيتهم لا يصلون إلا في رمضان والأعياد. اليوم المساجد في كل مكان والحانات قليلة جدا لكن المتجول في الطرقات الريفية البعيدة عن الأنظار يندهش من كثرة زجاجات الخمر المرمية على جانبي الطرق، حتى شكلت تلويثا حقيقيا للبيئة !!!
كما أن هذا التدين الذي عوّل عليه الإسلاميون وأوهموا الناس بأنه السبيل الوحيد لرفع مستوى الأخلاق والمعاملات، لم يأت بالنتائج المنشودة. المعاملات بين الناس منحطة: التجار غشاشون، الموظفون مرتشون، المعلمون مدلسون، الطلبة لا يهمهم إلا الحصول على علامات مرتفعة ولو بالغش. ظاهرة الحجاب مرتفعة لكنه تحول إلى مجرد خمار على الرأس وباقي الجسم استعراض حقيقي لمفاتن الأنوثة، يحدث هذا جنبا إلى جنب مع ظاهرة جديدة تتمثل في حجاب متطرف يستر كامل جسم المرأة بما فيها عيناها، وحتى اليدان مستورتان بقفازين أسودين والقدمان بجوارب سوداء.
الفساد المالي والسياسي هو تحصيل حاصل لفشلنا في الانتقال للديمقراطية باعتبارها السبيل الوحيد لمراقبة الدولة والتنبيه للأخطاء في وقتها مع وجود قضاء عادل وإعلام حر وحريات واسعة تمكن الناس من التنظيم والدفاع عن حقوقهم وعن نظافة بلادهم سياسيا واجتماعيا وبيئيا. الفساد لا يمكن القضاء عليه بالوعظ.
حول ذكرك للطاهر وطار أحب أن أحيلك إلى وجه آخر له (مقالتان لي):
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228975
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=229410
سررتُ بالتحاور معك.


39 - الانسداد السياسي في الجزائر وعواقبه الوخيمة.
mimiya mimi ( 2015 / 9 / 3 - 14:47 )
لقد تناولتم تحليلا كرونولوجيا للمسيرة السياسية للجزائر والتي لا يخفى على أحد أنها شكلت منعراجات خطيرة للدولة الجزائرية، في رايكم هل ان الاتجاه العلماني الذي تروجون له قادر ان يفي بمتطلبات الشعب الجزائر؟ وكيف يمكن فصل دين الدولة وهو الاسلام على تسيير كافة الحياة الاجتماعية وتمظهوراتها؟


40 - رد الى: mimiya mimi
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 3 - 17:39 )
شكرا على المشاركة في إثراء الحوار.

حول سؤال: (في رأيكم هل إن الاتجاه العلماني الذي تروجون له قادر أن يفي بمتطلبات الشعب الجزائر؟
أولا ما هي متطلبات الشعب الجزائري؟ لا أزعم أن بوسعي أن أقول هذه هي متطلبات الشعب الجزائري حصرا. يمكن أن أعدِّد لك بعض المتطلبات التي يراها الناس ضرورية لحياة محترمة مثل توفير مستوى من المعيشة يحفظ كرامتهم: السكن ومستلزماته العصرية، العمل، الأمن، العناية الصحية، قدرة شرائية محترمة.... الخ. وأنا أزعم أن الغالبية من الناس عندنا حققوا الكثير من هذه المتطلبات بفضل نعمة المحروقات وليس بفضل جهودهم الخاصة. لكني ألمس أيضا من خلال تواصلي اليومي مع الناس أنهم غير راضين عن حياتهم: عن الوضع السياسي، عن الأمن، عن الأداء الحكومي المتردي، عن الفساد الذي تتناقل وسائل الإعلام أخباره. باختصار يشعر الناس أن هناك ما يهدد مستقبل البلاد، مستقبلهم، بل ما يهدد ما تحقق لهم من مستوى معيشة محترم.
عدا هذا فالجزائريون لا يربطون بين ما يقتضيه الحكم الراشد من شروط وبين المشاكل التي يشتكون منها. لا يربطون بين الحكم الراشد وبين الديمقراطية والعلمانية وإطلاق الحريات. بل، ورغم المحنة التي عاشوها في العشرية السوداء، فقلما أسمع من يربط بينها وبين عجزنا عن الانتقال بالبلاد إلى الديمقراطية، بل لا يربطون بين تفشي الإرهاب وبين هذا العجز. لا يربط الناس بين التقدم الذي تشهده دول العالم المتقدم (والتي يتمنى الكثيرون العيش فيها) وبين الديمقراطية والعلمانية باعتبارهما شرطين ضروريين لإقامة دولة عصرية يحتكم الناس، فيها، في السراء والضراء إلى دساتير حديثة تحقق المواطنة بما تعنيه من مساواة بين الجميع مهما اختلفوا من حيث الدين والعرق والجنس وغير ذلك من المنغصات التي مازالت شعوب كثيرة تعاني منها في العالم المتخلف خاصة، كما تحقق حكمة التعايش السلمي والاحتكام إلى آليات عصرية في الإدارة والحكم. بل أنا أرى أن المأساة التي عشناه هي نتيجة كوننا مازلنا نرتبط بأنماط حياة وفكر وبنى اجتماعية تقليدية، خاصة توهم الناس أنه يمكن أن يجدوا الحلول في موروثهم الديني مما جعلهم ينساقون وراء الإسلاميين أعداء الدولة الحديثة.
وعليه فالعلمانية، بما تعنيه من ضرورة إبعاد الدين ورجاله عن إدارة شؤون الدولة والعكس صحيح أيضا، مطلب حضاري. ولا يمكن أن نجد دولة راقية، مجتمعا متقدما، شعبا حيا، لم يأخذ بالعلمانية وبالديمقراطية كشرطين لا ينفصلان. نحن عندما نطالب بالعلمانية، فنحن لسنا مغامرين نريد أن نخوض بشعبنا طرقا مجهولة، بل نحن نستنير بتجارب الشعوب التي سبقتنا والتي جربت، كما جربنا، كل الحلول العتيقة: جربت الدولة الدينية، الدولة القومية العنصرية، الدولة الاشتراكية الاستبدادية، وفشلت جميعها. نحن نؤمن أن كل منجزات الحضارة بما فيها أنظمة الحكم هي ميراث كل الإنسانية، ساهم الجميع فيه.
بما أن المواطنة (citoyenneté) تعني حق الناس في وطنهم، في المشاركة في إدارته، في الرقابة على مسيريه، في انتخابهم وعزلهم، في تساوي الجميع في كل الفرص دون أن يحتج أحد بتميزه على الآخرين فقط لكونه من عرق أسمى أو دين أفضل من الأديان الأخرى، أو كونه رجلا لا يرى في المرأة ندا له... بما أن هذه هي المواطنة، فهي لا تتحقق بدون العلمانية. لا تتحقق في ظل الحكم الديني ولا الحكم الاستبدادي.

حول سؤالك: -وكيف يمكن فصل دين الدولة وهو الاسلام على تسيير كافة الحياة الاجتماعية وتمظهوراتها؟)
أولا الدين ليس ملكا للدولة. الدين للشعب مارسه طوال القرون، حتى عندما كانت الدولة غير موجودة والناس عشائر وقبائل وطوائف. والقول بأن الإسلام دين الدولة مهزلة. الدولة لا دين لها لأنها ليست كائنا يؤمن ويصلي ويصوم ويؤدي مختلف الفرائض. فصل الدين عن الدولة إذن لا يعني فصل الدين عن الشعب. لا يعني منع الناس من التدين. فصل الدين عن الدولة يعني باختصار منع الدين ومؤسساته من التدخل في إدارة شؤون الدولة والعكس صحيح، كما رأينا في تجربتنا الحديثة حين سخرت الدولة الدين ورجاله لحشد الناس لتأييدها وتأييد برامجها وترويض نصوص الدين حتى تستجيب لسياسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. كان الدين ورجاله في خدمة الدولة فصار اشتراكيا مع الاشتراكية ولبرالية مع اللبرالية واستبداديا مع الاستبداد. صرفت الدولة الملايير لبناء المساجد والمعاهد والزوايا ووضعت عليها رجال دين في خدمتها يباركون من باركها ويكفرون من كفرها، يخَوِّنون ويفسّقون ويبدّعون بلا حساب.
ثم خرج علينا الإسلاميون ليقولوا للناس بأن دين الدولة ليس هو الدين الصحيح. فأدخلوا دينا آخر مسيسا استوردوه من السعودية الوهابية ومن حركة الإخوان المسلمين المصرية. وهكذا راح الصراع على السلطة يتخذ شكل حرب دينية انقسم الناس فيها إلى كفار ومسلمين ومنافقين. ومن الطبيعي أن تتطور الأمور نحو الإقصاء المطلق المتبادل بين المختلفين فكان التكفير وكان الإرهاب وكان الذبح وكان التدمير وكان ... وبالطبع كان الجميع يجدون في نصوص الدين ما يبرر أفعالهم. الاختلاف في الدين ليس مثل الاختلاف في السياسة.
فصل الدين عن الدولة يعني إبعاد كل هذا العبث. يعني أن يتقدم الفرقاء، الأحزاب، السياسيون، للشعب ببرامج وضعية لا قداسة فيها، قابلة للنقد والتعديل والتجريح. عدم فصل الدين عن الدولة لا يحقق هذا المطلب: كان من يعارض الإسلاميين يعتبر معارضا للإسلام ولله مثلما كان من يعارض الدولة الاستبدادية خائنا. تماهى هؤلاء الناس مع الدين حتى صار هو هم وهم هو. من ينقدهم كأنما انتقد الدين والعكس صحيح.
أرجو أن أكون قد وضحت قصدي. الحوار يبقى مفتوحا لمن رغب.
تحياتي


41 - الحداثة والعم كوكل .. كفيلان بحرث الأجيال
س . السندي ( 2015 / 9 / 5 - 05:54 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي عبد القادر وتعقيبي ؟

1: مشكلة الانسداد السياسي في الجزائر هى مشكلة عموم بلداننا من مشرقه إلى مغربه وإن فلت تونس ولبنان بعض الشيء منه فسببه يعود للفكر التنويري الشجاع الذي يمتلكه التونسيون ولولاه لما إختلفت تونس مصر وليبيا ؟

2: كل إنسداد لابد وأن يودي في النهاية الى مستنقع سواء كان ذالك في العقل أو المجتمع ، وهذا الانسداد لابد وأن تكون السباحة فيه أو السير محفوفة بالمخاطر والكوارث ، وهذا لم يتأتى من فراغ بل له جذوره ومسبباته والكلام فيها طويل ؟

3: علة العلل في مجتمعاتنا ومنها الجزائر هى الدفاع عن حق ألأنا وليس ألأخر ، وكثيراً مايكون حق ألأنا مبني على باطل رغم المقولة { الساكت عن الحق شيطان أخرس } والذي يفهمه الكثيرون بالمقلوب ، فالمقصود ليس حق ألأنا بل حق الاخر ؟

4: تعامي البعض عن مفاهيم الديمقراطية الحقيقة عن عمد سببه أيضا ألانسداد الفكري والخلقي ، لأن من يمتلكون الفكر والخلق لا يخشون الحقيقة ، فالديمقراطية لا تعني أبدا حكم الأغلبية بل حكم الشعب ، وشتان ما بين حكم الشعب والاغلبية ؟

5: يقال ( الأحجار المتدحرجة يستحيل أن تستوطنها الطحالب والفطريات ) ؟

6: وأخيرا خير من يصف واقعنا هو نيتشه في كتابه هكذا تكلم زرادشت ؟
بحماس متوقد يقودون قطعانهم على دروبهم ، وبأثار دماء يخطون دروبهم التي يسلكونها وبتعاليم جنونهم ، بالدم يريدون إثبات الحقيقة والدم أسوأ شاهد عليها ،لأن الدماء تسمم أنقى التعاليم ، سلام ؟


42 - رد الى: س . السندي
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 5 - 15:55 )
شكرا للصديق السندي على المشاركة في إثراء الحوار. ملاحظاتك في الصميم. شكرا على إتحافنا بقول نيتشه. هذه هي مأساة شعوبنا. لم تبلغ بعد سن الرشد لهذا يجري التعامل معها على أنها قاصرة. المفكر السوري الكواكبي بدوره أبدع في هذا خاصة في كتابه طبائع الاستبداد: (ما أشبه المستبد في نسبته إِلى رعيته بالوصي الخائن القوي، يتصرف في أموال الأيتام وأنفسهم كما يهوى ما داموا ضِعافاً قاصرين، فكما أنه ليس من صالح الوصي [الفاسد] أن يبلغ الأيتام رشدهم، كذلك ليس من غرض المستبد أن تتنور الرعية بالعلم. لا يخفى على المستبد، مهما كان غبياً، أن لا استعباد ولا اعتساف إِلاَّ ما دامت الرعية حمقاء تخبط في ظلامة جهل وتيه عماء، فلو كان المستبد طيراً لكان خفاشاً يصطاد هوام العوام في ظلام الجهل، ولو كان وحشاً لكان ابن آوى يتلقف دواجن الحواضر في غشاء الليل، ولكنه هو الإنسان يصيد عالِمَهُ جاهِلُهُ.)


43 - الإنسداد الهواياتي في الجزائر
الطيب آيت حمودة ( 2015 / 9 / 6 - 06:19 )


°°°الإنسداد في الجزائر إنسدادات ، والإنسداد الأكبر المرافق للإنسداد السياسي هو الإنسداد الهوياتي ، فمجتمعنا الجزائري مشروخ الهوية تترصده و تتجاذبه تيارات عدة أرغمته على التبعية للغير ، وأكثر الضرر جاءنا من تيار ( العروبة والإسلام ) .
فبالرغم من أن رجالات جمعية المسلمين الجزائريين جلهم من [ أرومة الأمازيغ] إلا أنهم تخندقوا في صف ( العروبة ) بأن جعلوا الأمة الجزائرية عربية أصيلة بمصوغات واهية ، فإن كان ابن باديس قد نسبنا للعرب من ضيق أفق ، فإن البشير الإبراهيمي بحكم ضلاعته في اللسان العربي أراد أن يجعل لسان الجزائريين عربيا بلا ضرة ؟ أما ثالثهم الذي هو الفضيل الورثلاني فقد أنكر أصلا وجود الأمازيغ في شمال إفريقيا ، بقوله لا وجود ( للبربر) في هذه الديار.
من هنا كبرت على الجمعية وأعضائها الأمازيغ ثلاثا ، وسايرت فكر مالك (ابن نبي ) الذي أغلظ عليهم غلظا في كتابه ( العفن ) .
الدولة الجزائرية تبنت الطرح ( اليعقوبي ) في الهوية والإنتماء بتغذية إسلاموية ناكرة لكل تنوع لا من حيث الجنس ولا اللسان ،فكان النتاج دولة تقتل أبناءها لأنهم قالوا (بأننا لسنا عربا ؟) كما حدث في أحداث ما يسمى بالربيع الأمازيغي 1991الذي صيروه أحمرا .
°°°فالدولة مترددة بشأن الهوية لأن هناك طيف من مفكرينا أبدعوا في جلد الذات الواهنة ( كالطائفة العروبية البعثية) الذين هم أمازيغ في الأصل لكنهم شهروا سيوفهم المؤدلجة لطمس كل ماهو أمازيغي ، بدأ بتلوين الدماء ، وقتل اللغة ، وتعريب الطوبونيميا المكانية .
°°°أنا وإن كنت لا أنكر وجود جنس عربي بيننا ، لكنه طيف من مجتمع يتأثر ويؤثر ، ولكن ليس بهذه العدوانية التي نشاهدها ضد القبائل سابقا ، أو ما يحدث في القرارة حاليا ، ولا في عدوانية سد الأبواب على اللسان الأمازيغي حتى لا يلج المدرسة أو الفضاء العام بعده كلغة وطنية ورسمية ، تلكؤ النظام في ترسيم الأمازيغية لسحبها من المتاجرين بها كالماك MAK كثير الضرر ، وترسيمها سيخلق دينامية انسيابية في الشأن الهواياتي في دولة مدنية تنظر لجميع مكوناتها العرقية واللسانية والثقافية بمنظار عادل لا يشعر أحد فيها بالحيف الهوياتي .
تقديري لجهدكم التنويري



44 - رد الى: الطيب آيت حمودة
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 6 - 16:12 )
رأيي أن تماهي الإسلام مع الجنس العربي واللغة العربية عندنا تسبب في كوارث لا حصر لها. لقد كان للغزو العربي من أجل (نشر الإسلام) آثار مدمرة على الشعوب التي ابتُلِيَت به خاصة ما تعلق بالجرائم التي تسببت فيها الغزوات الإسلامية من استعباد واحتلال وتهجير ونزوح. لكن الدمار الأكبر لحق بهويات الشعوب المغزوة وأسفر، في أماكن كثير، عن القضاء على أديانها ولغاتها وثقافاتها وإبداعاتها الحضارية.
لكن هناك حقيقة تاريخية يجب أن نعترف بها نحن في شمال أفريقيا (المغرب العربي) ولا يجب أن نتهرب من واجب التأمل فيها: أغلب الدول التي قامت وحكمت في (المغرب العربي) كان على رأسها نخب أمازيغية سعت إلى الاستقلال باكرا (في العصر العابسي الأول) عن المشرق عبر الثورات ومع ذلك ليس بين أيدينا محاولة واحدة سعت إلى الاستقلال عن اللغة العربية واتخاذ الأمازيغية لغة (رسمية) في الإدارة والتعليم وتشجيع إنتاج الآداب والفنون والمعارف في هذه اللغة، بل حتى حروف التيفيناغ الأمازيغية اندثرت في الشمال لولا احتفاظ الأمازيغ التوارق بها في أقاصي الصحراء الكبرى. السبب أو الأسباب غامضة. لكني أرجح سببا هاما أراه معقولا، وهو أن الأمازيغ كانوا أكثر براغماتية في التعامل مع لغتهم ومع اللغات الغازية. كانت النخب المثقفة تتثاقف بسرعة مع الثقافات الغازية (الفينيقية، الرومانية، ثم العربية الإسلامية) أو الراقية (اليونانية). كتبوا بهذه اللغات التي كانت يومئذ لغات حية. وحديثا مع الاستعمار الفرنسي، حين تبنى المثقفون الأمازيغ اللغة الفرنسية وأبدعوا فيها أكثر من سواهم خاصة في منطقة القبائل (Kabylie). فهل نؤيد أم هل نخوِّن من طالب غداة الاستقلال (1962) اعتبار الفرنسية (غنيمة حرب (كاتب ياسين)) ودعا إلى اتخاذها لغة تعليم وعلم وإدارة وأدب وفن وثقافة؟
ما أنا متأكد منه لأني عايشته أن التعريب الذي صار سياسة رسمية للدولة المستقلة عبر تعريب التعليم حتى في أغلب أطواره العليا خاصة العلوم الإنسانية، وتعمُّد طمس الهوية الأمازيغية والتنكر للمطالب المرفوعة حتى كان الربيع الأمازيغي الدامي (1980) وبداية الاعتراف التدريجي (يعترف دستور البلاد اليوم بالهوية الأمازيغية ولغتها كمقوم من مقومات الأمة إلى جانب الإسلام والعربية...)، بالإضافة إلى محاربة اللغة الفرنسية ونخبتها وإحلال العربية محلها كمهمة مقدسة لاستعادة مقومات الأمة والتحرر نهائيا من الاستعمار ومخلفاته، كان هذا التوجه مدمرا للبلاد، لأن النخبة القديرة كانت مفرنسة تخرجت من المدارس الفرنسية العصرية وامتازت في شتى العلوم والتخصصات، (بل حتى أغلب قادة حرب التحرير كانوا من هذه الفئة)، واضطر الكثير من هذه النخب للهجرة وآخرون تواطئوا مع تعريب متسرع ورجعي وظلامي اتُّخِذَ مطية لبث الفكر الرجعي البعثي والإسلامي، عبر التعليم الإجباري والمساجد والإعلام. (بحيث ادعى أحد الكتاب بأنه كان منفيا في لغته (مالك حداد))، كما دعا آخر إلى إبادة مثقفي اللغة الفرنسية (الطاهر وطار) باعتبارهم عملاء لفرنسا، كما رأى آخر أن تاريخ الجزائر يبدأ فقط من عقبة بن نافع (عبد الله سعد الله)، وآخرون استماتوا في البحث عن أصول مزعومة عربية للأمازيغ ولغتهم (عثمان سعدي، بن نعمان...).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228975
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=229410
ما أنا متأكد منه أيضا أن هذا الفرز اللغوي لا علاقة له بالمسألة اللغوية إلا كمتراس، بل هو فرز أيديولوجي بين التقدم والتخلف، بين الديمقراطية والاستبداد، بين الحداثة والتقليد، بين مضامين اللغة لا اللغة... الصراع كان دائما بين معسكرين: بين معسكر التخلف المتمترس بالدين الإسلامي واللغة العربية والارتباط بالعالم العربي المتخلف وبين معسكر التقدم وتبني قيم الحداثة الغربية. أنصار معسكر التخلف يتخنقدون وراء اللغة العربية والإسلام، لكنه لا يعني أن أنصار التقدم هم بالضرورة مفرنسون وأعداء اللغة العربية والإسلام. الصراع اليوم لم يعد بنفس الوضوح السابق. أعداء التقدم موجودون في كل الطبقات والشرائح الاجتماعية واللغوية والدينية، والعكس صحيح، وهذا ما لمسناها في الحرب الأهلية التي تسبب فيها الإسلاميون للبلاد.
تحياتي


45 - بوعلام صنصال وكتابه
محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين ( 2015 / 9 / 6 - 22:14 )
بوعلام صنصال مفكر سياسي جزائري شجاع يحتفل العالم بكتابه الجديد (2084)
اسم الكتاب قصد منه التذكير بكتاب جورج أورويل الشهير (1984) وهو على صورة رواية ويتحدث عن توتاليتارية الاسلام السياسي وخطورتها على الحضارة الانسانية

وهذا رابط لحوار منشور من هذا المفكر لمن أراد الاستزادة:
http://www.lefigaro.fr/vox/culture/2015/09/04/31006-20150904ARTFIG00401-boualem-sansal-du-totalitarisme-de-big-brother-a-l-islamisme-radical.php

ما رأيكم في اطروحته يا أستاذنا الكريم؟


46 - رد الى: محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 6 - 23:52 )
شكرا للفت نظري للحوار الذي أجري مع بوعلام صنصال. كما أشكرك على إثراء الحوار.
كمحاولة للرد على سؤالك، فأنا أرى أن الكاتب يبالغ في تشاؤمه وتضخيمه للخطر الأصولي، ولعله جائز في العمل الروائي. لكنه هو بالذات يتراجع عن هذا التشاؤم بقوله (مترجما):
-تاريخيا، وجدت البشرية دائما حلولا لمشاكلها، بما فيها تلك التي كانت تبدو أكثر استعصاء على الحلول. في بعض الحالات، يتسبب الخوف في ظهور ومضات من العبقرية. كان يبدو أن هتلر قد ربح الحرب العالمية الثانية، لكن الخوف من أن تعم الهتلرية العالم بأسره بعث يقظة مخلِّصة. الذكاء هو الذي هزم هتلر. عندما دخل الأمريكيون الحرب، كان عليهم أن يزودوا المحاربين الأوربيين بالأسلحة والتموين بالأغذية. ولقد جرى إغراق قوافل السفن الأولى المكونة من خمسمائة سفينة من طرف الغواصات الألمانية. بدا أن أوربا في ورطة، بينما فهم الأمريكيون أنه بدون أوربا، فالموت سيطالهم. وحينها زادوا من وتيرة البحث حول القنبلة النووية واخترعوا البحث العملياتي في الرياضيات الذي مكن السفن من بلوغ وجهتها. في رواية 1984، يموت بطل رواية أورويل، ونستون سميث. في رواية 2084، هناك نهاية أكثر تفاؤلا. لقد مكنت بطلي، أَتِي، من الخروج من المأزق عبر الخروج من عالمه. فبعد أن اجتاز الحدود، سواء أكانت حقيقية أو رمزية، انفتح أمامه أفق جديد من الإمكانيات-.
نعم تسبب ويتسبب الإسلام الذي يغزو العالم حاليا في مشاكل كثيرة، لكن لا بد للذكاء أن ينتصر على الغباء، ولا أرى الذكاء في صف الأصوليين. بل أرى أن هذه الأزمة في بلداننا لا بد أن تنتهي بخسارة كبيرة للدين ورجاله.


47 - تشويه الواقع في الجزائر
محمود جديد ( 2015 / 9 / 6 - 23:24 )
من خلال ما قرأته من ردود الكاتب عبد القادر أنيس أرى به محامياً جيّداً عن أفكار وآراء التيار الفرنكفوني في الجزائر


48 - رد الى: محمود جديد
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 7 - 00:08 )
شكرا سيد محمود جديد على القراءة والمشاركة في الحوار.
كتبتَ تحت عنوان -تشويه الواقع في الجزائر-: -من خلال ما قرأته من ردود الكاتب عبد القادر أنيس أرى به محامياً جيّداً عن أفكار وآراء التيار الفرنكفوني في الجزائر-.
طبعا أنت تعرف أن -البينة على من ادعى-. المقال أمامك، وعليك أن تقتبس منه ما ترى أنه تشويه للواقع في الجزائر من قبلي للدفاع عن التيار الفرانكفوني بغير وجه حق، وحينها يمكن أن نتناقش بالملموس.
مع ذلك بوسعي أن أقول لك بأن ما يعنيني هنا ليس من يكتب بهذه اللغة أو تلك. أنا أهتم بالمضامين. والمضامين تقول بأن المثقفين الذين يكتبون بالفرنسية في الجزائر أقرب إلى قناعاتي. أقرب إلى ما أناضل من أجله. أقرب إلى قيم الحداثة التي لا أرى بلادي في غنى عنها، ولا أرى أي مخرج لانسدادها الشامل دون السير على هداها. للأسف أغلب أعداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان نعثر عليهم في صفوف المعربين، خاصة أولئك الذين يتبنون الأيديولوجيا الإسلامية الرجعية. لكننا لا نعدم في صفوف هؤلاء وألئك من يكنون عداء مرضيا لهذه القيم أو يناضلون من أجلها. أنا هنا أتحدث عن الغالبية. الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
تحياتي


49 - استفسار
حامد حمودي عباس ( 2015 / 9 / 7 - 21:01 )

الاستاذ عبد القادر أنيس .. مع اخلص مشاعر الود .
حزنت كثيراً لأنني تخلفت عن الاستفادة من حوار يحمل في طياته ما يحمله عادة من ثقافة تتسم بسعة المحاور ، ووعي رفيع من ناحية الطرح الموضوعي ، كما هو دائماً عندما تكون أنت طرفاً فيه .. على كل حال فقد دخلت انا من الخلف على ساحة الحوار ، ولو متأخراً ، كي انهل منه ما ينفعني في فهم ظروف بلد ذاع صيته بيننا نحن في العراق ، منذ كنا شباباً يافعين ، نركب امواج السياسة ( المراهقة ) في جل صورها يومذاك .
ما ذهبت اليه أخي عبد القادر ، من ابحار وصفت من خلاله بعضاً من تاريخ الجزائر ، لا مجال لنقاشي فيه لكونك اقرب مني الى فصوله .. غير انني اتذكر جيداً ، بان الحركة اليسارية في العراق ، والمتمثلة بالحزب الشيوعي العراقي ، قد سوقت لنا شخصية احمد بن بلة ، على انه الشخصية الوطنية الاكثر قرباً للتعبير عن النية الحقيقية لبناء جزائر يعمها الرخاء ويسودها التقدم ، وعلى انها الاكثر قرباً من الاتحاد السوفيتي والفكر الماركسي تحديداً .. وقد اصبحت صوره ملازمة لاغلب الاحتفالات الوطنية المحلية الى جانب صور رموز الحكم والسياسة في العراق خلال الستينات من القرن الماضي ، وسؤالي هنا .. ما حقيقة الصورة التي كان عليها بن بلة ، من وجهة نظرك الاكثر واقعية كجزائري ، قياساً لما تم طرحه في الاوساط اليسارية في بلادنا حينذاك ؟ .
تقبل ثانية ، احترامي وتقديري .


50 - رد الى: حامد حمودي عباس
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 7 - 22:25 )
تحية حارة أخي حامد. شكرا على هذه الإطلالة اللطيفة التي أتمنى أن تتواصل كما عهدناها قبل انقطاعي وانقطاعك عن الكتابة.
حول سؤالك:
-ما حقيقة الصورة التي كان عليها بن بلة، من وجهة نظرك الأكثر واقعية كجزائري، قياساً لما تم طرحه في الأوساط اليسارية في بلادنا حينذاك؟-
بن بلة خدع الكثيرين مع أن التاريخ أثبت أنه مجرد سياسي بائس بلا مبادئ، فيه كل عيوب السياسيين الرديئين: الغرور، الاستبداد، الحربائية، تغيير المواقف حسب الظروف. يحكي عنه محمد بوضياف، وكان رفيقه في السجن في فرنسا، أنه شديد الغرور والنرجسية حد المرض، بحيث كان لا يقبل أن ينافسه أحد أو يعارضه. بعد الاستقلال، وخلافا لكل السياسيين قبل بن بلة التحالف مع جيش الحدود وغزوا العاصمة واستولوا بالقوة على السلطة بعد عزل السلطة الشرعية التي تمخضت عن مؤتمرات جبهة التحرير أثناء الحرب وقادت الحكومة المؤقتة حتى الاستقلال. بن بلة تقدم للانتخابات الرئاسية عام 1963 كمرشح وحيد لحزب وحيد، بعد أن عارض، مع بومدين، التعددية الحزبية وقمع المختلفين معه وسجنهم رغم أن بعضهم كانوا رفاقه في السجن مثل محمد بوضياف وحسين آيت أحمد. بن توليه الرئاسة تبنى هذا الرجل موضة العصر يومئذٍ، وهي اليسارية التي كانت تبرر الاستبداد بالسلطة على طريقة البلدان الاشتراكية. كان يتبجح بشعارات غوغائية مثل محاربة البرجوازية (التي لم يكن لها وجود يومئذ)، حتى جرى في عهده تأميم الطواحين والحمامات وقاعات السينما. كان أقرب إلى دونكيشوت بائس. وسرعان ما راح يكشف عن مخططاته لضمان الاستفراد بالحكم نهائيا. شكل ميليشيا موازية قريبة منه لأن الجيش لم يكن مضمونا. لكن بومدين عاجله بالانقلاب (1965)، فعزله وفرض عليه الإقامة الجبرية. بعد موت بومدين وتولي الشاذلي السلطة أطلق سراحه (1980). بعد المصادقة على دستور 1989، ظهر الرجل على رأس حزب كان يعمل في السرية (الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائري MDA). نتائج الانتخابات التي جرت في 1991 أظهرت أن حزبه لا وزن له شعبيا.
مواقفه كانت غاية في الانتهازية. اتصل بالقذافي وبصدام حسين وأشاد بهما. تلقى أموالا طائلة من هذين الدكتاتوريين. روّج لنظام صدام حسين وحرّض الجزائريين إلى جانب الإسلاميين من أجل التعبئة الشاملة لنصرة عراق صدام والدخول في حرب ضد القوى (المعتدية) ولو أدى ذلك إلى انهيار البلاد. أيد (حق) الإسلاميين في تولي السلطة رغم أنهم كانوا يكفرون الديمقراطية. قام بمساعٍ مسعورة جنبا إلى جنب مع الأحزاب الإسلامية وجبهة القوى الاشتراكية (FFS) (الأممية الاشتراكية) وحزب العمال (تروتسكي) بقيادة لويزة حنون في الخارج وفي الداخل للضغط على الجيش الذي كان يحارب الإرهاب وتخويف قادته بالمحاكم الدولية، من أجل تمكين الإسلاميين من العودة إلى السلطة. وختم حياته السياسية بتأييد بوتفليقة تأييدا كاملا مقابل امتيازات سخية. مات سنة 2012 وحظي بجنازة رئاسية.
هذا رأيي كشاهد عيان. بوسعك أن تعرف تفاصيل أكثر في ويكيبيديا:
http://urlz.fr/2nFO
تحياتي


51 - الثقافة الصافية مصابة بمرض التوحد ومصيرها الانقراض
ليندا كبرييل ( 2015 / 9 / 8 - 02:26 )
مرة أخرى، تحياتي للكبير القدير الأستاذ عبد القادر أنيس

ردك على سؤال الأستاذ محمود جديد ت48 أوحى لي بهذا التعليق

أستاذ

ليست الثقافة الصافية دليل قوة كما يظن، فهي تحكم على نفسها بالفناء بيدها، فالثقافة تعيش وتنمو كالإنسان في بيئة الشمس والهواء الطلق، والرياضة، الرياضة أي الحركة، والحركة أعني بها التطاحن والتلاقح مع كل الثقافات

أصلاً الثقافة العربية بحد ذاتها ليست صافية أبدا
من أول حرف فيها حتى آخر فكرة حركت عقل صاحبها

الترجمات التي تمت في العصور الإسلامية الأولى عن الفلسفة اليونانية والفارسية معروفة، وكانت المنطقة تعج بفكر الشعوب الأصلية الأولى وثقافاتها، كالآراميين والأمازيغ والعبرانيين والأقباط والبابليين.....
كلهم لهم الفضل الأكبر والأعظم على الثقافة واللغة العربية، بل على العالم كله
ولولاهم لما كان شأن للعرب ولا لحضورهم

في تلاقح الثقافات تتحرر العقول من سطوة التطرف، وتتجدد الدماء في عروق الأجيال المتعاقبة التي ستزيد وتضيف
لا أن تستجرّ ثقافة الماضي كما يفعلون اليوم

المتشددون المتطرفون من ينزعون إلى تبنّي الانغلاق على نفسنا والادعاء أن الغرب لم يأتِنا إلا بالعهر والانحلال، هذا مع العلم أن العهر والانحلال موجود في ديارنا منذ أقدم الأزمنة قبل أوروبا وأميركا، ومع الكمّ الكبير من الأنبياء والمقدّسين والكتب المقدسة وكان الله إلى جانبهم دوماً في كل المحن، ومع ذلك فإن أدياننا لم تعصم الإنسان من الانحلال

الثقافة الواحدة التي لا تعرض نفسها لشمس الحرية تصاب بأخطر الأمراض: العنصرية، والفاشية
شكرا لكل قلم نقل لنا الفكر الأجنبي وفتّح عقولنا على منابع جديدة

تحياتي أستاذ أنيس


52 - رد الى: ليندا كبرييل
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 8 - 20:40 )
شكرا للصديقة ليندا على هذه الإضافة القيمة التي أتبناها قلبا وقالبا. بودي فقط أن ألاحظ أن الصراع بين الفرانكفونيين والمعربين في الجزائر هو أصلا صراع من أجل السلطة والنفوذ في البلاد أو بعبارة أصح صراع على تقاسم الغنيمة المتأتية من المناصب التي تدر على أصحابها جاها ونفوذا وسطوة. صحيح هو، في العمق، صراع بين دعاة الحداثة ودعاة الأصالة، لكن اللغتين العربية والفرنسية تُتَّخَذان مطية لتصفية الحسابات. المعربون يريدون اختزال الخلاف في مطالب استكمال مقومات الشخصية الوطنية التي يعدون اللغة أحد أهمها، خاصة عندما تكون اللغة الفرنسية لغة المستعمر السابق، لكنهم يتغافلون أن النخبة التي بادرت لرفع مطالب الاستقلال والحرية وبادرت إلى حمل السلاح كان أغلب عناصرها مفرنسين. لكن هذا الفرز سرعان ما ينفضح عندما يشتد الصراع حول مسائل لا علاقة لها باللغة مثل الديمقراطية والعلمانية والحريات وقضايا المرأة وغيرها، وحينها نرى الاصطفاف الحقيقي بين أنصار التقدم وأغلبهم مثقفون بالفرنسية أو باللغتين وأنصار الرجعية وأغلبهم لا يحسنون سوى العربية، وهم في الغالب غير منفتحين على الثقافات العالمية الحديثة ومنغلقين أكثر في الموروث الديني.
تحياتي


53 - ماهو مصير البلاد
Matroshia ( 2015 / 9 / 8 - 20:12 )
ماهو مصير الجزائر كبلد إسلامي عربي فيه جذور فرنسية بسبب الاستعمار الفرنسي بعد وفاة أو سقوط النظام الحاكم الآن في الجزائر


54 - رد الى: Matroshia
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 8 - 20:58 )
شكرا (Matroshia) على التواصل والمشاركة في الحوار.
حول سؤالك -ما هو مصير الجزائر كبلد إسلامي عربي فيه جذور فرنسية بسبب الاستعمار الفرنسي بعد وفاة أو سقوط النظام الحاكم الآن في الجزائر):
مصير البلاد، كما بينت في مقالتي، لا يتعلق فقط بالنظام الحاكم. ولو كانت مشكلتنا تنحصر في هذا لهان الأمر. مصير الجزائر تضمنه أو لا تضمنه مختلف مكونات المجتمع الجزائري: النخبة الحاكمة، المعارضة السياسية، الشعب في عمومه، الاقتصاد.. الخ. في إيطاليا مثلا، تعاقبت على البلاد من الحرب العالمية الثانية حتى اليوم 62 حكومة بحيث يقدر معدل البقاء في السلطة أقل من عام (361 يوما بالضبط). ومع ذلك فالبلاد تسير إلى الأمام اقتصاديا وثقافيا واجتماعية بسبب استقرار الدولة ومؤسساتها وأيضا، وهذا هو المهم، بسبب مستوى الوعي العام الذي جعل الناس في هذا البلد يختلفون كثيرا دون أن يفضي الخلاف إلى صراع قاتل يهدد وجود الدولة، كما هو الوضع في العالم الثالث.
مصير الجزائر معرض لكل الاحتمالات، خاصة إذا عرفنا أن اقتصادها ريعي يعتمد أساسا على المحروقات، وأي خلل فيها قد يهدد الاستقرار العام مثلما حدث في الثمانينات وأدى إلى حرب أهلية. غلبة عنصر الشباب في بلد يعرف نموا سكانيا كبيرا يمثل الخطر الأكبر، إذا عرفنا ضعف مستوى التكوين واستعداد الشباب للمغامرة وتجذر الفكر الأصولي الإرهابي. لكن هناك جانب آخر قد يساعد على التعقل وهو ارتفاع مستوى حياة الناس الذي قد يجعلهم أكثر محافظة على المكاسب والاستعداد للتضحية حتى لا يخسروا كل شيء وقد تكون أحداث ليبيا وسوريا والعراق واليمن والصومال وغيرها درسا وعبرة.
تحياتي


55 - مذابح الجزائر
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 9 / 8 - 23:02 )
الاخ عبد القادر انيس المحترم
شكرا لك على هذا المقال المليء بالتفاصيل الدقيقة والتي اوضحت الصورة التي لم تكن بذلك الجلاء عندي بالنسبة للوضع السياسي في الجزائر
لفت نظري في المقال الاسلوب الذي اتبعته الاحزاب الاسلامية في كسب الاصوات الانتخابية وذلك عن طريق تزويد الناس بالخدمات والبيع باسعار رخيصة لايهاهم بان الحكم الاسلامي سيكون مثل السمن على العسل حلو وطيب المذاق
هذه التجربة هي نفسها التي اتبعها الاخوان المسلمون في مصر حيث وفروا العديد من الخدمات المعاشية والطبية والتعاونية، فزادت اعدادهم وقوى تاثيرهم على المجتمع وخاصة طبقاته الفقيرة
الحقيقة ان الحكومة تعكس عند الناس الواقع المزري الذي تتجرع مرارته الناس ، بينما المعارضة،وخاصة الاسلامية فانها تعطي الناس املا زائفا بالتقدم والطور الحلال..ـ وهي نفس الطريقة التي تبعها علي صالح في اليمن عندما اراد ضم اليمن الديمقراطية الى اليمن الشمالية، وقد نجح في ذلك، وعندما افاق اليمنيون من غفلتهم قالوا لقد كانت وحدة بسكويت وعصير وليس وحدة مصير.. يبدو ان هذه الطريقة في الضحك على ذقون الفقراء له من يدعمه ويغذيه.
لكن دخول الحمام مش زي خروجه، حسب ما يقول المصريون، ففي العراق صحوا العراقيون من كابوس صدام ليعيشوا كابوس الاسلام .ـ
بودي ان تتطرق ولو بايجاز حول تلك المذابح المرعبة التي عاشتها الجزائر في التسعينات على ما اظن، والتي لا تختلف عن المأسي المفزعة التي ترتكبها عصابات التحرير الاسلامية في سوريا مثل داعش والنصرة وجيوش الفتح الاسلامية وغيرها، ان هذا التشابه يدعوني الى الاعتقاد بان داعش والنصرة والفصائل الارهابية هي جيوش احتياطية للارهاب كانت موجودة حتى قبل ما يعرف بثورات الربيع العربي الدموية.
لقد كان في ذلك الوقت من يتهم الحكومة في الضلوع في هذه المذابح، وكانت الاخبار تشير الى ان بعض المجازر ارتكبت على مقربة من مراكر ومعسكرات الجيش والشرطة، خاصة في القرى والمناطق التي يسكنها الامازيغ، ان الاسلوب واتساع المذابح والاستمراية على القتل في الجزائر تتشابه مع ما يحدث في مصر هذه الايام على ايدي الاخوان المسلمين
تحياتي


56 - رد الى: مالوم ابو رغيف
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 9 - 08:50 )
شكرا سيد أبو رغيف على المشاركة وفي إثراء الحوار.
حول (تزويد الناس بالخدمات والبيع بأسعار رخيصة لإيهامهم بأن الحكم الإسلامي سيكون مثل السمن على العسل حلو وطيب المذاق) كما لاحظتَ.
أحب أن أضيف أن الأموال التي تمكن الإسلاميون من إنفاقها بهذا (السخاء) كان معظمها من بلدان الخليج، وقد صرح مسئول سعودي بذلك عندما ساءت علاقتهم مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر التي فازت بالانتخابات، خاصة بعد تحولها من الهجوم على صدام إلى تأييده في حرب الخليج الأولى بسبب ميل العامة عندنا إلى صدام باعتباره (البطل) الذي تحدى الغرب. بالإضافة إلى التمويل المتأتي من تبرعات الناس في إطار الجمعيات (الخيرية) وغيرها من التحايلات. وقد انكشف فيما بعد أن الكثير من القيادات الإسلامية صاروا أثرياء، بعضهم هاجروا مع أسرهم ليتركوا المخدوعين ينالون جزاء غفلتهم.
الآثار المدمرة التي تسبب فيها الإسلاميون على البلاد كبيرة جدا. هناك من يقدر القتلى بـ 200 ألف. بعضها كان يتم بطرق بشعة: ( الذبح، قطع الرؤوس، التفجيرات، حرق البيوت، ...). أجهزة الأمن بدورها، بعد أن مُنِيَت في البداية بخسائر كبيرة، واجهتهم بوحشية (الاختطافات والإعدامات بدون محاكمات للمحرضين والممولين والقادة... بالإضافة إلى القضاء على عشرات الآلاف من الشباب الإرهابيين الذين جرى التغرير بهم وتحويلهم إلى آلات قاتلة، حين لجئوا إلى الجبال ومن هناك نظموا جماعات (مجاهدة) عاثت في البلاد فسادا..)
الخسائر على الاقتصاد كانت هائلة: حرق المصانع، المدارس، تدمير الجسور، والمنشآت العمومية، وسائل النقل، بما فيها تفجير مطار العاصمة، وقد استُهْدِف كل ما يرمز للدولة سعيا إلى انهيارها..)، بالإضافة طبعا إلى نزوح كبير من مناطق الإرهاب لعشرات الآلاف من السكان نحو المناطق الآمنة بعد أن تعرضوا للابتزاز والعنف وانتهاك الأعراض، حتى بلغ الأمر حد سبي نسائهم.
لكن أهم خسارة تمثلت في هجرة عشرات الآلاف من الجزائريين نحو البلدان الغربية، وخاصة الكفاءات في شتى التخصصات.
لا شك أن قوات الأمن مارست إرهابا مضادا، لكن ماذا نتوقع منها عندما نعلم أنها وقعت ضحية جرائم منكرة في صفوفها بعد أن تمكن الإسلاميون من استمالة بعض عناصرها. كثيرا ما حدث أن جرى تذبيح جنود من طرف زملائهم وهم نيام.
لكن يجب أن نعترف أن القوى الوحيدة التي حافظت على قدر كبير من الانسجام والتلاحم هي الجيش ولهذا أمكن هزيمة الإسلاميين.
لا مكان لأي شك. الإسلاميون هم سبب الإرهاب أولا وأخيرا. لكن النظام الحاكم، المعارضة السياسية، النخبة، الشعب في عمومه، ساهموا عبر غفلتهم، سكوتهم، تواطئهم، تعاملهم مع الإسلاميين في إطار قيم حداثية هم أصلا لا يؤمنون بها مثل السماح لهم بالنشاط السياسي والجمعوي كتشكيل أحزاب والمشاركة في الانتخابات، وهم أعداء الديمقراطية، ولا يخفون هذا العداء. ولا يبرر هذا كون النظام الحاكم قد أساء إدارة شؤون البلاد وخنق الحريات وحال دون وجود معارضة جادة ووطنية. كل هذا لا يبرر استهداف الدولة والشعب بكل هذه الإرهاب البشع، رغم المنجزات الكثيرة التي تحققت. مع العلم أن الحكم الإسلامي الظلامي الذي كان يريد الإسلاميون إقامته هو أسوأ بكثير من أي حكم استبدادي حديث حكموا عليه بأنه كافر.
تحياتي



57 - البيّنة المطلوبة منّي
محمود جديد ( 2015 / 9 / 9 - 09:14 )
البيّنة على تهمتي للسيد عبد القادر أنيس بأنّه محامٍ جيد للتيار الفرنكفوني هو ماجاء في أحد ردوده :
- رأيي أن تماهي الإسلام مع الجنس العربي واللغة العربية عندنا تسبب في كوارث لا حصر لها. لقد كان للغزو العربي من أجل (نشر الإسلام) آثار مدمرة على الشعوب التي ابتُلِيَت به خاصة ما تعلق بالجرائم التي تسببت فيها الغزوات الإسلامية من استعباد واحتلال وتهجير ونزوح. لكن الدمار الأكبر لحق بهويات الشعوب المغزوة وأسفر، في أماكن كثير، عن القضاء على أديانها ولغاتها وثقافاتها وإبداعاتها الحضارية .........
تبنى المثقفون الأمازيغ اللغة الفرنسية وأبدعوا فيها أكثر من سواهم خاصة في منطقة القبائل (Kabylie). فهل نؤيد أم هل نخوِّن من طالب غداة الاستقلال (1962) اعتبار الفرنسية (غنيمة حرب (كاتب ياسين)) ودعا إلى اتخاذها لغة تعليم وعلم وإدارة وأدب وفن وثقافة؟ ...
ما أنا متأكد منه لأني عايشته أن التعريب الذي صار سياسة رسمية للدولة المستقلة عبر تعريب التعليم حتى في أغلب أطواره العليا خاصة العلوم الإنسانية، وتعمُّد طمس الهوية الأمازيغية والتنكر للمطالب المرفوعة حتى كان الربيع الأمازيغي الدامي (1980) وبداية الاعتراف التدريجي (يعترف دستور البلاد اليوم بالهوية الأمازيغية ولغتها كمقوم من مقومات الأمة إلى جانب الإسلام والعربية...)، بالإضافة إلى محاربة اللغة الفرنسية ونخبتها وإحلال العربية محلها كمهمة مقدسة لاستعادة مقومات الأمة والتحرر نهائيا من الاستعمار ومخلفاته، كان هذا التوجه مدمرا للبلاد..الخ ... -
إنٌه طعن بالهوية الجزائرية ومقوماتها التي اختارها الشعب الجزائري بأكثريته الساحقة .. وتمجيد بالتراث الثقافي للاستعمار الفرنسي ، ويزيّن لغته ، في عصر تراجعت فيه اللغة الفرنسية إلى حد كبير ، وأصبح الفرنسيون الذين الذين ينشدون علوم الطب والتكنولوجيا الحديثة مضطرين لتعلّم اللغة الإنكليزية ...
وبالتأكيد السيد عبد القادر أنيس من دعاة الديمقراطية فلو عرضنا أفكاره على الشعب الجزائري
للاستفتاء عليها لما حصلت إلّا على نسبة ضئيلة من بين صفوفه -..


58 - رد الى: محمود جديد
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 9 - 11:11 )
شكرا على المشاركة في الحوار وإثرائه.
حول قولك: -إنٌه طعن بالهوية الجزائرية ومقوماتها التي اختارها الشعب الجزائري بأكثريته الساحقة-.
التاريخ هو التاريخ. وشخصيا لا أرى نقد وقائع التاريخ طعنا بأية هوية. الغزو العربي الإسلامي قاومه سكان شمال أفريقيا بقوة. ومن العار أن نسكت على ما يقوله بعض المؤرخين الجزائريين بأن ذلك الغزو كان (فتوحات). ابن قتيبة (وهو فقيه ومؤرخ مشرقي) في كتابه -الإمامة والسياسة- تعرض لهذا الغزو وذكر فضائح كبيرة، منها الإبادة الجماعية ومنها ترحيل عشرات الآلاف من النساء كجوارٍ. فيما بعد اعتنق السكان الإسلام وشاركوا بدورهم في استعمار أسبانيا مدة سبعة قرون.
الإشادة بهذا التاريخ الإسلامي الاستعماري فقط لأننا مسلمون وشيطنة الاستعمار الفرنسي فقط لأنه مسيحي، هو بالنسبة لي خطأ جسيم.
الإشادة بعقبة بن نافع وإهمال كسيلة والكاهنة هو من قبيل انفصام الشخصية عندنا، رغم أن الأول غازٍ بينما كان كسيلة والكاهنة يقاومان الغزو.
تبني الكتاب الجزائريين للفرنسية لا يقلل من قيمتهم. هؤلاء لم يكتبوا لفرنسا، بل كتبوا للجزائر وللجزائريين، كشفوا مساوئ الاستعمار وساهموا في اليقظة الوطنية. هناك شعوب أخرى اختارت لغات أجنبية منها أغلب شعوب أفريقيا التي اختارت الفرنسية أو الإنجليزية ومنها الهند التي اختارت الإنجليزية. اللغة يمكن أن تكون أداة للعصرنة والتقدم كما يمكن أن تكون أداة لربط الشعوب بماضيها المتخلف كما هو شأن العربية.
أما عن تهمة (تمجيد التراث الاستعماري) فهذه تهمة مجانية. اليوم، مثلا، لا يجد السائح ما يتفرج عليه إلا التراث الروماني والفرنسي. عدا ذلك لا شيء يسترعي الانتباه. يجب أن نتحلى بنظرة إنسانية للثقافة بعيدة عن الشوفينية والعنصرية.
المؤسف أن فرنسا لو فتحت حدودها لتنقل إليها كل شبابنا وتركوا لك كل مقومات هويتك القاتلة. منظر مئات الألوف من المسلمين وهم يخاطرون حتى الموت للانتقال إلى أوربا وليس إلى البلدان العربية (الشقيقة) أبلغ رد عليك.
أما قولك: -تراجعت .. اللغة الفرنسية إلى حد كبير، وأصبح الفرنسيون الذين ينشدون علوم الطب والتكنولوجيا الحديثة مضطرين لتعلّم اللغة الإنكليزية-، فهو من قبيل السذاجة. خاصة إذا عرفنا أن الناس وراء المتوسط قد طلقوا بالثلاث كل الهويات القاتلة، فلم تعد لغاتهم مقدسة إلا بقدر ما تتيحه لهم من تقدم، ولهذا فهو لا يَخْضَعون لها بل يُخضِعُونها، عكس ما نفعل. بعض المعربين عندنا يقولون كلامك في صالح الإنلجيزية وكأننا بلغنا من التقدم بحيث صارت الفرنسية عاجزة عن التعبير عن إبداعاتنا وعجزت عن تزويدنا بالمصطلحات الجديدة مثلما هي العربية، ويجب أن ننتقل إلى الإنجليزية.
حول قولك: بأنني: -من دعاة الديمقراطية فلو عرضنا أفكاره على الشعب الجزائري للاستفتاء عليها لما حصلت إلّا على نسبة ضئيلة من بين صفوفه-.
فهذا حديث أعداء الديمقراطية الذين لا يؤمنون بحرية الاختلاف وبحق الأقليات في الوجود والتعبير. حجة أن الشعب الجزائر يمكن يصوّت ضد أفكاري في حاجة إلى برهان. ومع ذلك وحتى في حالة التصويت ضدي فهي حجة واهية. فقد صوّت الألمان مع هتلر العنصري، وصوت الجزائريون مع بومدين المستبد ثم مع عدوه الجبهة الإسلامية رغم أنها تكفره وتكفر الديمقراطية والتصويت كما تكفر حتى حق الأغلبية. رأي الشعوب ليس دائما على صواب. أنا متيقن مثلا أنه لو أتيح للرجال العرب أن يصوتوا على عودة التعامل مع المرأة مثلما كان يتم في القرون الخوالي، لصوتوا بالأغلبية. فهل هم على حق؟
تحياتي


59 - تكوين الإنسان الجديد يحتاج إلى ثورة من الجذور
سامح ابراهيم حمادي ( 2015 / 9 / 9 - 14:43 )
سيدي الفاضل الأستاذ عبد القادر أنيس

رحّبت بك في مقال العودة، وأرحب اليوم بحضورك المتألق، وأرجو أن تقبلني مشاركاً في صالونك الثقافي

جاء في مقالك القيم ما يلي

أهم جانب فشلت فيه البلاد فشلا ذريعا، هو جانب تكوين الإنسان، الطامة الكبرى . السبب لا يعود إلى قلة الإمكانيات المادية التي رُصِدَت له ... أو إلى تقصير الدولة في الإسكان والرعاية الصحية.....
السبب الرئيسي يعود إلى عدم تحكم الدولة في النمو السكاني

عملت في الجزائر لمدة سنتين، ولمست عن قرب الأسباب التي تفضلت بها .
ليس في الجزائر فحسب يا سيدي أنيس
البلاد العربية متشابهة الظروف والتكوين، كلنا خضعنا للاستعمار ، وكلنا تركَنا الاستعمار مهيّئين لدخول الساحة الدولية، فقد أعطانا من الأسباب ما يكفي ، ولو توفرت هذه الأسباب لبلاد أخرى لوصلت بها إلى الفضاء

الآن يهمنا واقعنا فأسألك أيها الفاضل وأنا مهنتي التدريس

كيف نصنع الإنسان إذا كان العقل الصانع يساهم بكل فعالية بتغييب الإنسان، إما عن جهل حقيقي، أو عن وعي خبيث ؟

هل تتصور أني قادر على الوقوف في وجه الطغمة العسكرية، أو الطغمة الدينية؟
لا أنا ولا غيري من الأساتذة، نحن عاجزون سيدي أنيس
صدقني حتى لو انخفض معدل المواليد، وتحكمت الدولة في شأن النمو السكاني، فإنه برأيي إن لم تتغير الظروف والأوضاع يصبح كل حديث عن صناعة الإنسان لا معنى له

العالم يتغير من حولنا ونحن كما نحن، هذا يعود لثقافتنا المصابة بال ( ألزهايمر ) فلا تستطيع تجاوز الماضي ، ولا تستطيع أيضا أن تتطلع إلى حاضر جديد
لا البيت يرضى بك، لا المدرسة لا جارك لا صديقك، لا رئيس عملك، مع منْ نتواصل؟

برأيك ما دورنا ونحن مقيدون من أرجلنا وأيدينا وألسنتنا؟


آمل أن يكون حضورك متواصلا فما أقل أمثالكم يا سيدي أنيس، من المحيطين بكافة زوايا الأمور بطريقة تعبر عن عقل مرن وعين ذكية ترصد الأمور بكل أستاذية

ولست مع من رأى أنك تتألق في تعليقاتك أكثر من مقالاتك

فالواقع أن مقالاتك هي توسّع لتعليقاتك
وتعليقاتك هي إيجاز لمقالاتك
بلغة سليمة نقية لا تشوبها شائبة
طروحاتك السوية لا تختلف لغتها بين تعليق ومقال ، الذي يختلف هو العقل القارئ فحسب.

والسلام على شخصك الكريم


60 - رد الى: سامح ابراهيم حمادي
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 9 - 18:40 )
شكرا أخي سامح على القراءة والتعليق والمشاركة في الحوار، وعلى ترحيبك اللطيف. كما لا يفوتني أن أشيد بأسلوب الأخّاذ ولغتك الجميلة، ما يؤيد رأيي بأن اللغة رهينة بين أيدي من يستخدمها. ولا مجال عندي لأعطي صكا على بياض لشخص فقط لأنه يكتب بهذه اللغة أو تلك.
جاء في عنوان تعليقك: (تكوين الإنسان الجديد يحتاج إلى ثورة من الجذور).
شخصيا لم أعد أحب كلمة (ثورة). رغم أن كل تغيير ننجزه هو ثورة في حد ذاته. لا أحب الثورة كما عرفناها في الماضي. جميع الثورات تقريبا تحولت إلى كوارث حين استولى الثوار على مقاليد السلطة واستبدوا بها وأنتجوا أنظمة سياسية لا تقل سلبية عما ثار عليه الناس.
إذن أنا مع التغيير. التغيير جارٍ على قدم وساق ولو لم نحس به. علينا فقط أن نتحلى بالصبر وبالمثابرة والعناد. فلنؤد ما علينا، ولنضع ثقتنا في التاريخ وفي الشعوب. علينا أن نتجنب التسرع والدونكيشوتية التي مارسها الثوار اليساريون والقوميون والإسلاميون رغم أنف الناس وبدون توكيل منهم، فحلوا محل الشعوب وساهموا في بقائها قاصرة، كما هو ديدن كل مستبد.
حول سؤالك: (كيف نصنع الإنسان إذا كان العقل الصانع يساهم بكل فعالية بتغييب الإنسان، إما عن جهل حقيقي، أو عن وعي خبيث ؟)
لحسن حظ أنصار التغيير، في أيامنا، أنهم لا يسيرون في أنفاق مظلمة ولا في طرق غير مطروقة. الخبرة الإنسانية المتراكمة عبر العصور، خاصة ما تعلق بأساليب التغيير في الأزمنة الحديثة، متاحة للجميع وكفيلة بمساعدتنا وتصويب أخطائنا وتجنيبنا المطبات التي وقعوا فيها.
لهذا فالسؤال الذي أفضل طرحه دائما، ليس سؤال (كيف)، بل سؤال (لماذا). لماذا لم نقم بالتغيير المطلوب؟ لماذا فشلت الجهود المبذولة من أجل التغيير؟
ورأيي أن أنصار التغيير حاولوا حرق المراحل، حاولوا التغيير بدون الشعوب، أو بشعوب لا تفهم جدوى التغيير بل لا تريده لأنها رهينة ثقافات بالية نكوصية، خاصة الأديان، هي بالأحرى تتشرب أفكارا تجعلها مكتفية ذاتيا في غنى عن أي تطلع نحو الأفضل (القناعة كنز لا يفنى. قصة الملياردير الأمريكي والصياد المكسيكي (مقالي)). لهذا فأنا أركز أكثر على نقد الشعوب وثقافاتها بدل نقد الأنظمة التي هي تحصيل حاصل لهذه الثقافات.
حول سؤالك: (هل تتصور أني قادر على الوقوف في وجه الطغمة العسكرية، أو الطغمة الدينية؟)
أنا أيضا في التعليم، ولقد لمست أن المعلم الذي يتقن مهنته (وهذا المعدن نادر للأسف) وينجح في نقل الناشئة من الأمية اللغوية والسياسية والفنية والأدبية، إنما يساهم في تخريج مواطنين بأتم معنى المواطنة (ولا يحتاج إلى - الوقوف في وجه الطغمة العسكرية، أو الطغمة الدينية-)، خلافا لذلك التعليم الذي مورس ولا يزال، ويساهم في تخريج (مواطنين) ضعيفي التكوين، مستعدين لقبول كل التسويات والتنازلات جبناً أو انتهازيةً ووصولية. لا داعي ليكون المعلم عنترا أو دونكيشوتا. يكفيه فخرا لو خرّج مواطنين يتعرّفون بسهولة على أعدائهم وأصدقائهم فيحسنون التصويت والاختيار وانتهاز الفرص التي يجود علينا بها التاريخ بين الفينة والأخرى. شعوبنا، مثلا، صوّتت مؤخرا في عديد البلدان، ورغم توفر مستوى محترم من حرية الاختيار، على أعداء الحرية. هذا هو الخلل: أن يأتي الحل إلى بابك وترفضه.
التحكم في النمو السكاني ضرورة ملحة. وقد شرحت عواقبه الوخيمة عندما ينفلت من عقاله. لكن قبول الناس لتحديد النسل هو في حد ذاته فعل حضاري يعبر عن وعي عال. هل نحن هنا أمام قصة البيضة والدجاجة؟ لا، الناس في محيطي، مثلا، (ورغم محدودية تعليمهم) صاروا اليوم أكثر استعداد لتحديد النسل. الأسرة كثيرة العدد (عشرة أبناء فما فوق) كما كان الحال في طفولتي، اختفت اليوم. لم يعودوا يستمعون إلى نعيق الغربان. عرفت في شبابي من كان يمارس تحديد النسل خفية، ويشتري حبوب منع الحمل وكأنه يشتري مخدرات. هذه الظاهرة اختفت اليوم (صار الناس يسافرون مئات الكيلومترات إلى تونس وإلى فرنسا لإجراء عملية الإجهاض القسري). ولكن، بعد تفويت فرص كبيرة على مسيرة البلاد.
خالص مودتي


61 - عند ابن خلدون الخبر اليقين
محمود جديد ( 2015 / 9 / 9 - 22:08 )

يستشد الأستاذ عبد القادر بالمؤرّخ ابن قتيبة وتجاهل ماكتبه الأمازيغي ابن خلدون النابغة في علم الاجتماع عن هوية القبائل الجزائرية ومن أتت وكيف ، وافتخار أمراء البربر في شمال أفريقيا شعراً بانتمائهم العربي .. ويتجاهل السبب الحقيقي لبقاء اللغة العربية حيّة في الجزائر وازدهارها في في عهودهم ، والسبب حسب رأيي لأنّ العربية والأمازيغية من جذر واحد ، والأمازيغية هي في جوهرها إحدى اللهجات العربية قبل الإسلام الذي وحّدها لاحقاً بلهجة قريش ، وهذا يفسّر وجود قبائل في اليمن تتكلمها حتى الآن ، وتقاطع اللغتين بكثير من المفردات ، وبطريقة التصريف ، وتتطابق في الأعداد باستثناء عدد واحد .. وكيف كانت جامعة بيجايا على الخصوص مقصد الكثير من الطلاب الأجانب ومنهم فرنسيون للتعلّم بها .. وأكثر الناس كان محباً للغة العربية هم الأمازير باستثناء بعضهم بعد مجيء الحقبة الاستعمارية الفرنسية .. وبأنّ الجزائريين وكافة العرب بمعظمهم يمجّدون طارق بن زياد الأمازيغي أكثر من تمجيد عقبة بن نافع ، وإنّ العرب تركوا حكم أقطار شمال أفريقيا لأبنائها الأصليين ، والإرث الحضاري المتميّز في المغرب العربي هو ما أشيد وأنجز في الحقبة التي تلت الفتح الإسلامي


62 - رد الى: محمود جديد
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 10 - 13:41 )
جاء في عنوان مداخلتك: - الطعن بالهوية واللغة يساوي الفرنكفونية-.
شخصيا، لا أعرف ما ذا تقصد بالطعن في الهوية. وبما أن الحديث عن الهوية في الجزائر غالبا ما يدور حول الإسلام والعربية؛ فمتى يكون التعرض لهذين العنصرين بالنقد طعنا في الهوية؟ برأيي لا وجود لهوية مقدسة متعالية على النقد.
إذا كان التصدي للمذاهب التي تتخذ من الإسلام متراسا لمحاربة كل المواقف التقدمية مثل تحرير المرأة، خاصة قانون الأسرة الذي تأخر صدوره عشرين سنة بسبب معارضة القوى التقليدية المتمترسة بالإسلام لإدراج أي تشريع يحرر المرأة والأسرة من غبن الماضي، وحتى عندما صدر فقد صدر أعرج، بينما تطالب القوى التقدمية بإلغائه تماما والاحتكام إلى قانون مدني علماني تماشيا مع مطالبهم بضرورة بناء دولة علمانية. كذلك إذا كان التصدي لمعارضة الإسلاميين للاختلاط في المدارس باسم الدين (وكانوا من قبل ضد تعليم المرأة أساسا قبل أن يتراجعوا تحت ضغط حركة التطور) بعدها أعادوا التخندق وراء الهويات فقبلوا بتعليمها (ما يكفي لتكون زوجة وربة بيت صالحة !!!) ثم عارضوا عمل المرأة واعتبروه بدعة وتعديا على حقوق الرجل، كما عارضوا التأميمات باسم الدين وليس باسم النجاعة الاقتصادية وشيطنوا البنوك (الربوية) وابتدعوا خرافة الاقتصادي الإسلامي ثم راحوا يؤسلمون كل شيء حتى الأسواق. ولقد نجحوا في تلويث مناهج التعليم ومحتويات الكتب المدرسية، وكانت ظاهرة الإرهاب تحصيل حاصل لكل هذا. فإذا كان التصدي لهؤلاء يعتبر مساسا بالهوية، فبئس الهوية هي.
وإذا كانت المطالبة بالاحتفاظ باللغة الفرنسية كلغة تعليم ونافذة للتفتح على الحضارات والثقافات المتقدمة، خاصة مع توفر الإطارات الكفؤة غداة الاستقلال، بينما طالبت القوى العروبية والإسلامية بالتعريب ولو على حساب النوعية، وكان لها ما أرادت، فإذا كانت هذه المطالبة مساسا بالهوية فبئس الهوية هي، خاصة عندما نعرف كيف وصلنا مع الإسلام والعربية بعد أن تمت أدلجتهما وشحنهما بالفكر الظلامي.
القداسة الحقيقية يجب أن نوليها لحقوق الإنسان فقط مهما تعارضت هذه الحقوق (وهي تتعارض فعلا) مع هذه الهويات.
حول قولك: (يستشهد الأستاذ عبد القادر بالمؤرّخ ابن قتيبة وتجاهل ما كتبه الأمازيغي ابن خلدون النابغة في علم الاجتماع عن هوية القبائل الجزائرية ومن أين أتت وكيف، وافتخار أمراء البربر في شمال أفريقيا شعراً بانتمائهم العربي .. ويتجاهل السبب الحقيقي لبقاء اللغة العربية حيّة في الجزائر وازدهارها في عهودهم، والسبب حسب رأيي لأنّ العربية والأمازيغية من جذر واحد..).
أولا ابن خلدون ليس أمازيغيا، على الأقل حسب ما يزعمه لنفسه بأنه -حضرمي- ومن -سلالة الصحابي وائل بن حجر-.
وثانيا، هناك أساطير كثيرة نسجت حول أصول الأمازيغ ولغتهم وكأنه لا بد عليهم أن يرتبطوا بغيرهم. هذه الأساطير كثيرة، البعض ينسبهم إلى اليونان وآخرون إلى الفرس، بل وحتى إلى الهند. ثم إلى الكنعانيين، أو هم آخر سكان أطلنتيد الخرافية، وآخرون ربطوهم بحام بن نوح. بل هناك من ربط نسبهم بآدم حتى اضطر هذا الأخير إلى الاستنكار(!!!):
رأيتُ آدمَ في نومي فقلتُ له ** أبا البرية إن الناس قد حكموا
إن البرابرَ نسلٌ منك، قال إذن ** حواءُ طالقٌ إن كان الذي زعموا
الأبحاث الجادة حول تاريخ وأصول الأمازيغ بدأها الغربيون في العصور الحديثة. هؤلاء اعتمدوا على الفتوحات الجديدة التي تحققت في علوم كثيرة أهما الأنثروبولوجيا، الأركيولوجيا، الإثنوغرافيا، اللسانيات، وخاصة وخاصة علم المتحجرات (الباليانتولوجيا) ودراسة الجماجم على وجه الخصوص.
الحفريات دلت على أن هذه المنطقة كان الإنسان قد أقام فيها منذ مليوني سنة على الأقل (حفريات عين لحنش بالجزائر). كما دل تحليل الجماجم على علاقة أكيد لفصيلة من البشر سكنت هذه المنطقة بالإنسان العالم (هومو سابينس) تعود إلى أكثر من مائة ألف سنة. الآن أغلب الدراسات تتفق على وجود أمازيغي يعود إلى حوالي 9000 عام في هذه المنطقة. بينما بينت تحاليل أخرى على الجماجم أن هنا أصول مشتركة بين من سكنوا الضفة الجنوبية للمتوسط وأخيرا حظيت دراسات م. كوهين بتأييد واسع حول ربط لغات الأمازيغ والمصريين والساميين ضمن أصول لغوية مشتركة. شامبوليون نفسه قرر أن هناك علاقة بين اللغة الأمازيعية واللغة المصرية القديمة.
بهذا فنحن بعيدون جدا عن أساطير ابن خلدون حول الربط بين العرب والأمازيغ وبين الأمازيغية والعربية. ذلك أن العربية لم تكن قد ظهرت بعد، ولا حتى الجنس العربي المنفصل عن أجناس المنطقة.
ما تجدر الإشارة إليه أن أغلب الباحثين من المعربين عندنا عن أصول مشرقية للأمازيع لا يقومون بذلك من أجل الحقيقة التاريخية، بل من أجل ربط هذه المنطقة بأيديولوجيا شرق أوسطية رجعية بشقيها القومي العروبي البعثي والإسلامي الأصولي الوهابي، وهذا لكي يستمدوا منها شرعية لنزعتهم الهيمنية على مصير البلاد.
تحياتي


63 - أنيس يكتب فيما لا علم له فيه
فؤاد النمري ( 2015 / 9 / 10 - 11:52 )
أنا أشارك الصديق عبد الباسط البيك رأيه فيما كتب السيد أنيس
فبغض النظر عن كل الوقائع التاريخية التي يقفز عنها السيد أنيس أو التي لا يعرفها لربما بسبب صغر سنه في وقتها إلا أن كاتباً له قراؤه وأنا منهم لا يجوز له أن يقول بحال من الأحوال أن الشعب الجزائري الذي قام بثورة كانت أكبر ثورة وطنية آنذاك وقدم أكثر من مليون شهيد على مذبح الحرية والاستقلال لم يكن يهتم بالحرية وبالديوقراطية !!
إذاً بماذا كان يهتم يا أنيس !!!؟
تفسير أنيس لانقلاب بومدين على بن بللا لا يفسر شيئاً ولا يقبله متثاقففو السياسة
أنيس يقول كان سبب الانقلاب هو إلغاء الآخر وهو ما يعني أن ليس هناك فرق في السياسة
لربما كان أنيس صغير السن في العام 1965 ولم يدرك الفرق

كان بن بلا قبل الانقلاب بأيام قليلة قد خطب في اجتماع جماهيري مؤكداً أن حكومته ستباشر بتطبيق الاشتراكية العلمية، الاشتراكية الماركسية
بومدين يعارض الاشتراكية الماركسية بطلب من المخابرات السوفياتية التي كانت تعمل ضد الاشتراكية منذ ظهور خروشتشوف ولذلك كان لبومدين كرسي عالٍ في الكرملين
نفس الشيء كان في سوريا وكان انقلاب حافظ الأسد على صلاح جديد الذي انتصر للاشتراكية العلمية وها نحن نرى المخابرات الروسية تدعم بقوة ابن الأسد حتى بعد أن قتل أكثر من 300 ألف مواطن وشرد 12 مليون

كان الهم الأول للمخابرات السوفياتية ضرب الثورة الاشتراكية بامتداداتها خارج الاتحاد السوفياتي فأتت ببومدين في الجزائر وبالأسد في سوريا وهي التي سمحت لإسرائيل وأميركا بإنهاء مشروع ناصر وربما شاركتهم في ذلك
لن يفلت العسكر عملاء المخابرات الروسية الأمور في الجزائر وفي سوريا حتى ولو كلف ذلك مئات ألوف القتلى حتى ولو كلف روسيا الدخول في حرب عالمية نووية كما أوشك أن يكون ذلك عندما وصل الجيس الاسرائيلي حواف دشق في اكتوبر 1973 نحن عايشنا كل هذه الوقائع ولا يجوز أن نسكت عمن يتجاوزها


64 - رد الى: فؤاد النمري
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 10 - 14:22 )
شكرا للأستاذ فؤاد النمري على المشاركة في إثراء الحوار.
تعليقك حمل عنوان (أنيس يكتب فيما لا علم له فيه). وحجته في هذا صغر سني. وأنا هنا سأعيد إليه بضاعته: لو كان صغر السن حجة لما قبلنا منك أي حرف عن ماركس ولينين وستالين والثورة الاشتراكية في روسيا وغيرها.
حول قولك عني: (لا يجوز له أن يقول بحال من الأحوال إن الشعب الجزائري الذي قام بثورة كانت أكبر ثورة وطنية آنذاك وقدم أكثر من مليون شهيد على مذبح الحرية والاستقلال لم يكن يهتم بالحرية وبالديوقراطية)!!
أولا، أنا أقوم بهذا من أجل الشعب الجزائري وليس ضده، ولا نية لدي لتجريده من هذا الفضل.
وثانيا، يجب أن نفهم أن الحرية مستويات. صحيح أن الشعب ثار من أجل التحرر من الاستعمار بسبب نظام الميز العنصري الذي أقامه هذا الأخير على أرضه. لكن هناك مستويات أخرى من الحرية كانت غائبة عن شعبنا، بل عن شعوبنا كلها، وظهر ذلك مباشرة بعد الاستقلالات عندما عادت الشعوب لتستكين إلى خرافاتها وقناعاتها الدينية الحافلة بكل أنواع الانحطاط.
حرية الاختلاف، حريات التعبير والرأي والإعلام، حرية المرأة، حرية الاعتقاد، كلها لا يمكن أن تتحقق قبل إقامة دولة ديمقراطية علمانية، وهذا المطلب كان ومازال أبعد ما يكون عن مطالب الشعب الجزائري، ولعله في ذلك يتقاسم هذه (المأثرة) مع كل الشعوب العربية التي أفرزت لنا كل هذا الإرهاب... الخ.
والشعب الجزائري نفسه صوّت على أحزاب إسلامية كانت تكفر الديمقراطية والعلمانية والحريات، وقبل ذلك سنوات كان يصوت بأغلبية ساحقة على بومدين رغم أن الإسلاميين كانوا يكفرونه. بل إن الشعب الجزائري نفسه مازال يحن لشخص بومدين رغم استبداده وخنقه للحريات، بل وعجزه، أمام ضغوط الرجعيين، عن تشريع قانون عادل للأسرة ينتشل المرأة من دونيتها. بينما نجح في ذلك بورقيبة اللبرالي العلماني.
حول قولك: (كان بن بلا قبل الانقلاب بأيام قليلة قد خطب في اجتماع جماهيري مؤكداً أن حكومته ستباشر بتطبيق الاشتراكية العلمية، الاشتراكية الماركسية).
لعلمك سيدي، فلا فرق بين بن بلة وبومدين. شعارات بن بلة الجوفاء حول الاشتراكية العلمية كانت وسيلة لممارسة الاستبداد على الطريقة السوفييتية. كانت هذه الحيلة خدعة لجأ إليها كل مستبدي العالم الثالث. والتاريخ أثبت فيما بعد كل الأكاذيب. بن بلة لا يفقه شيئا في الاشتراكية العلمية، إن كان هناك فعلا اشتراكية علمية. كان الرجل متواضع الثقافة، رغم أنه استورد منظرين ماركسيين كانوا يسدون له النصح وهم مقيمون في أفخر الفنادق. صحيح، كانت الفترة التي حكم فيها قصيرة، لكن انتهازيته كانت تفقأ العيون. تحالف، دون سائر، السياسيين المحترمين، مع العسكر واستفردوا بالسلطة وقمعوا الثوار الحقيقيين، بل أعدموا بعضهم.
دليلي على هزال فكر بن بلة أنه ختم حياته قوادا لصدام والقذافي والإسلاميين، ولم نسمع منه موقفا إنسانيا ضد الإرهاب الذي كان يفتك بالشعب الجزائري. بل كان من المحرضين عليه سعيا إلى تصفية حسابات قديمة مع النظام المنقلب عليه والذي ساهم هو بالذات في إرساء دعائمه عندما تحالف مع العسكر وأقاموا (جمهورية) استبدادية قضت على كل ما أنجزته الحركة الوطنية المكافحة.
تقبل خالص تحياتي


65 - الخلط بين الهوية وما يجري في المنطقة
محمود جديد ( 2015 / 9 / 10 - 22:57 )
يقول الأستاذ المحترم عبد القادر أنيس في ردّه : - المؤسف أن فرنسا لو فتحت حدودها لتنقل إليها كل شبابنا وتركوا لك كل مقومات هويتك القاتلة. منظر مئات الألوف من المسلمين وهم يخاطرون حتى الموت للانتقال إلى أوربا وليس إلى البلدان العربية (الشقيقة) أبلغ رد عليك -
يدعو للأسى والدهشة أن يخلط الأستاذ المحترم وبعصبية واضحة بين الهوية وبين مايجري في وطننا العربي من مآسٍ نتيجة الاستبداد والفساد ، وموروث التخلّف من طائفية ومذهبية وغيرهما ، ومن تركة استعمار طويل غاشم جثم على صدرأمتنا عشرات السنين ، وبقي بعضها مئات السنين ، ذرع خلالها بذور الفتنة والصراعات بين أبنائها ، ومزّقها ونهب خيراتها ولا يزال ..وزرع الكيان الصهيوني في قلبها ، ونصّب أتباعاً له في أقطارنا العربية ، وخاصة في مناطق ثروتها النفطية .. فهجرة الشباب القسرية ، أو الطوعية مرتبطة أيّها المحترم بصراعات وأوضاع اجتماعية واقتصادية داخلية ، وعوامل خارجية .. ومن جهة أخرى ماجرى عندنا جرى في العديد من بقاع الأرض...وسيجري في غيرها ....
-


66 - رد الى: محمود جديد
عبد القادر أنيس ( 2015 / 9 / 11 - 12:38 )
شكرا، مرة أخرى، سيد محمد جديد، على المشاركة الجدية في إغناء الحوار.
حسب رأيك، فإنني أخلط (وبعصبية واضحة بين الهوية وبين ما يجري في وطننا العربي من مآسٍ نتيجة الاستبداد والفساد، وموروث التخلّف من طائفية ومذهبية وغيرهما، ومن تركة استعمار طويل غاشم جثم على صدر أمتنا عشرات السنين..).
شخصيا لا أرى الأسباب التي ذكرتَها، ورغم وجاهتها، كافية لتفسير هذا الانسداد الحضاري المزمن الذي يتواصل منذ عشرات السنين. الاستعمار، مثلا، رحل عن الجزائر، منذ أكثر من نصف قرن. بينما لم تعرف أغلب البلدان العربية استعمارا أو عرفت استعمارا قصيرا في شكل وصاية، وهي اليوم مستقلة أو شبه مستقلة منذ مدة طويلة. فما منعها من الخروج من التخلف؟ ما منع مصر مثلا وهي البلد الذي لم يعرف استعمارا استيطانيا مدمرا (مثل حالة الجزائر) مع أنها كانت سباقة للاحتكاك بالغرب والتعرف على قيمه؟ ما منع سوريا والعراق؟ ما منع السعودية التي لم تُسْتَعْمَر؟ ما منعهم من بناء دولة ديمقراطية حديثة؟
هناك، كما ذكرتَ، (الاستبداد والفساد، وموروث التخلّف من طائفية ومذهبية وغيرهما). لكن هذه الأسباب ما كان لها أن تتواصل قرونا من الزمن، لولا تشبث مجتمعاتنا بهوياتها المعرقلة، لولا تحالف دعاة الهوية مع حكام الاستبداد لوأد كل محاولة تحديثية. كل الجهود التي بذلها المفكرون العلمانيون منذ أكثر من قرن ونصف القرن اصطدمت بدعاة الهوية. هؤلاء الذين ظلوا يخوِّفون الناس من كل دعوة للاستفادة من منتجات الحضارة الحديثة بحجة أن هذا يهدد هوياتنا بالذوبان في الآخر الذي يوصف عادة بالعدو أو بالكافر أو بالمختلف، آخرها احتجاج السعودية وتضامن جامعة الدول العربية معها عندما تعرضت لنقد السويد حول حقوق الإنسان، بحجة أن للسعودية دستورها المؤسس على الإسلام (الذي لا يقيم وزنا لحقوق الإنسان).
حتى مطالب حقوق الإنسان كانت تُواجَه بقوى رجعية تتمترس وراء الهويات، خاصة الدين، مثلما حدث لكل الدعوات لتحرير المرأة وإخراجها من الغبن المزمن، والدعوات المنادية بإرساء أسس المواطنة حتى يتساوى جميع الناس مهما اختلفوا دينا أو عرقا أو مذهبا.
هكذا جرى، في الجزائر، إفشال أول محاولة جادة للخروج من الاستبداد عندما سُمِح بتشكيل أحزاب دينية وأخرى قائمة على مطالب الهوية، وانساق الناس حولها رغم أنها كانت مناقضة لكل قيم الحداثة.
وبنفس الطريقة جرى العبث بالتعليم عندنا عندما نجح أنصار الهوية الجامدة في فرض تعريب متسرع وشُحِنَت مناهج التعليم بالفكر الرجعي الديني والقومي.
الدعوة إلى تجاوز الهويات المعرقلة لا علاقة له بمطالب حرية الاعتقاد والتعبير، باعتبارها من حقوق الإنسان الواجب الدفاع عنها.
شخصيا، لم تعد تستهويني الحجج القائمة على تحميل الاستعمار والاستبداد مسؤولية تخلفنا. مالك بن نبي الجزائر، ورغم ميوله الإسلامية، فقد انتبه باكرا إلى الأسباب الحقيقية التي صنفها تحت بند (القابلية للاستعمار). وأنا أضيف القابلية للتخلف، القابلية للجمود، القابلية للإرهاب، وكل أنواع القابليات بسبب هيمنة كوابيس الهويات على عقول الناس.
مشكلتنا، أو فلنقل مشكلة النخب، هي أنها لا تزال تبث الأوهام في عقول الناس على أساس أنه من الممكن التقدم بشعوب جاهلة مرتهنة لهذه الهويات القاتلة (الدينية، الطائفية، المذهبية، القومية...)، أو تنصب نفسها وصيةً على الجماهير (مثلما يفعل اليسار، فيوهم الناس أن كل مشاكلهم سوف تجد حلولها مع انتصار الثورة الاشتراكية، رغم كل الخيبات).
خالص تحياتي

اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة