الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الشعبي وقود المسار الثوري التونسي

محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)

2015 / 9 / 7
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


عديدة هي النكسات و العقبات التي واجهت المسار الثوري في تونس ، خاصة بعد بروز حركة رجعية قوية و متجذرة و تحالف بين اليمين الليبيرالي و اليمين الديني والمال الفاسد لاقتسام الحكم في المقابل قوى تقدمية و يسارية مشتتة وفي ظل تحول الاحتجاج في الدول المجاورة الى تطاحن مسلح و تدخل استعماري ومناخ عام يساعد على تسويق فكرة مفادها أن الشعوب العربية اما أن تخضع للاستبداد أو أن تقبل حكم الاسلام السياسي و التدخل الاستعماري ، هذه الظروف وضعت الحراك الشعبي في عدة مناسبات في خانة الفوضى و الدفع للمجهول وجعلت منه محل تجريم حتى في بعض التجارب الأكثر قدرة على النجاح مثل تونس .
غير أن القوى الحية في تونس وان انخرطت مع جهاز الدولة في حماية وحدة التراب الوطني و الحرب على الارهاب لم تغفل عن مهامها الرئيسية في استكمال تحقيق أهداف الثورة و حماية المسار الديمقراطي من الانتكاس ونحوالقطع مع الاستبداد السياسي و الاستغلال الاقتصادي و الحيف الاجتماعي فبدى الحراك الشعبي الضامن الاساسي للتعديل و التغيير والحامي من الردة مستندا الى قوة عمالية نقابية كانت الدافع و الحاضن و المؤطر للاحتجاجات الشعبية و صمام أمان في كل الازمات التي مر بها المسار الثوري وخزان لتراكمات النضال من أجل الحرية و العدالة الاجتماعية .
فقد راكم الشعب التونسي عبر ما يزيد عن قرن من الزمن تقاليد نضالية ترفض الاستكانة و الخضوع و تتمرد و تنتفض كلما زادت وطأة و ثقل و سطوة الدولة المركزية و النظام المسيطر على الحكم من الانتفاض ضد المستعمر الى الثورة المسلحة من أجل الاستقلال الى انتفاضة العمال أواخر السبعينات الى انتفاضة الخبز أواسط الثمانينات الى أحداث سليانة بداية التسعينات الى الحوض المنجمي 2008 و احتجاجات الثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 و ختاما باعتصام الرحيل و طرد الاخوان من الحكم سنة 2013 و اليوم عودة الاحتجاج ضد الفساد المالي والاقتصادي تحت عنوان قانون المصالحة و ضد التحالف الرجعي الحاكم .
هذا التراكم رافقته حركة تقدمية يسارية و عروبية طلائعية رغم تشتتها و تعرضها لضربات ممنهجة من النظام و حركة طلابية لم تخرج عن هيمنة اليسار منذ سنوات السبعين رغم صراعاتها الداخلية وتوجهها نحو التشتت في السنوات الاخيرة ، وحركة عمالية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل اختبرها النظام التسلطي لبورقيبة و الاستبدادي لبن علي و اختبرها الاخوان وخبروا مدى قوتها و تجذرها و تعرضها في عدة مناسبات لمحاولات الاضعاف و الاختراق ، بالاضافة الى حركة نسوية تقدمية خاضت معارك من أجل المساواة و أثرت على مسار صياغة الدستور وكانت في صدارة مقاومة الحركة الاخوانية في فترة حكمها ، صحافة مناضلة قارعت الاستبداد و الرجعية الدينية و لازالت وحركة أكاديمية من النخب الجامعية ناضلت ولازالت بالقلم و الفكر وحركة حقوقية نشيطة وفاعلة اضافة الى جزء من البرجوازية الوطنية التي ساندت في عدة مفاصل تاريخية نضالات الشعب التونسي و ساهمت في تحديثه .
هذا المخزون من تراكمات النضال من أجل تغيير الواقع وتثويره تمثل ضمانا لاستكمال المسار الثوري و بذورا مبثوثة في كل ركن من هذا الوطن يمكن أن تتحول الى قوة تغيير حقيقية في حالة تكثفها و تنظمها في مؤسسات سواء تنظيما يساريا واسعا قادرا على التأطير و التعبئة الشعبية لاخراج الاحتجاجات من طابعها العفوي ومن ردة الفعل الى التاثير المباشر في الشان العام وحمل مشروع وطني تقدمي اجتماعي جزء من كتلة أوسع من المجتمع المدني و المنظمات الحقوقية و الشبابية و النسوية و العمالية الاكثر صلابة و تنظيما ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل ، فلا مسار ثوري يتقدم بنجاح دون حراك شعبي نشيط حامل لمضمون اجتماعي تقدمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا