الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفانا بكاءً

مصطفى غازي فيصل
(Mustafa Ghazi Faisal)

2015 / 9 / 11
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


أنا لست من الناس الذين يمكن جرّهم إلى البكاء بسهولة لأيّ من موروثاتنا البكائية أو ما شابهها ،إلى درجة جعلت بعض المقرّبين لي يصفونني بقسوة القلب ,وأنا على العكس من ذلك تماماً ،لكنّها (المكابرة يا أعزائي). أما اليوم فإننا (نحتاج إلى أن نبكي أحياناً) إذأصبحت هناك الكثير من الأسباب الداعية للبكاء ,سواء على حالنا ،أو على حال الآخرين من حولنا.
غالبية العراقيين يمتازون بالعاطفة الجيّاشة ومن السهولة أن يبكيهم أي موقف إنساني يسمعون عنه أو يشاهدونه ,وهذه ليست نقطة ضعف وإنما هي قمّة الإنسانية.
اليوم كالمعتاد قلبت حائط الفيس بوك لصفحتي الخاصة,لأرى ما أّلّمَّ بحال البلاد والعباد ،فإذا بي أُصدم بصورٍ شتّى لعراقيين وسوريين أطفالٍ وشبابٍ ونساءٍ ورجالٍ ,جثثهم طافية على سواحل بحر الموت (الأبيض المتوسط)،وشرطة السواحل الأوربيّة تجاهد لانتشال أكبر عدد من تلك الجثث ,بسبب غرق مراكبهم التي استقلوها هرباً من واقع بلدانهم المرير ,في أكبر عملية هجرة إلى أوربا يشهدها العالم في العصر الحديث ؛مما دفعني إلى البكاء بحرقة. مشهد يهزّ كيان أصحاب أجلد القلوب وأقساها (إلا الحكام العرب). وما زاد من حسرتي هو صور(أنجيلا ميركل) المستشارة الألمانية وهي تبكي بغزارة على اللاجئين من المسلمين الذين لايمتّون لها بأية صلة كانت لا من قريب ولا من بعيد ؛مما يدل على نزعتها الإنسانية قبل السياسية ،إذ شدّدت على محاسبة من يتعدى عليهم ،أو يضايقهم بحركة عنصرية ،أو كلمة متطرفة بأي شكل من الاشكال,وبالمقابل حكامنا العرب لم يصدر عنهم أي موقف،أو دعوة لاستقبال اللاجئين العرب في بلدانهم.الانسانية لا تعرف حدوداً ،ولا أدياناً،ولا ألوانَ بشرة ,وهذا ما يدعو ديننا الإسلامي الحنيف إلى العمل به ,إذ يقول نبيّ الرحمة محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام "أيها الناس إن ربكم واحد،وإن أباكم واحد،وكلكم لآدم وآدم من تراب" صدق رسول الله ,وبالرغم من هذا إلا أنّ المسلمين من العرب لم تهتز لهم شعرة لِمَا يطال اللاجئين العرب إلى أوربا هرباً من الدول المبتلاة ،العراق وسوريا وغيرهما ،بالحروب والتهجير والطائفية وبلاء داعش وأخواتها من الفصائل والمليشيات المتطرفة التي تقتل وتذبح بأسم الدين ،وتغتصب بأسم الدين ,وتهجر كذلك بأسم الدين. فطوبى لأرواح الغرقى من اللاجئين الذين أصبح (البحر الأبيض المتوسط) قبرهم الأكبر الذي يجمعهم ,فيا أسماك القرش كوني رحومة بجثثهم بالرغم من غريزتك المفترسة التي تستثار لرائحة الدم. أنت حتماً ستكونين رحومة بهم.
ومن المضحك المبكي ما يتداوله الإعلام لبعض تصريحات جهابذة السياسة العراقية حول سرقة أوربا للطاقات العراقية الشابة!! إذ نقول لهم كما قالها الكثيرون غيرنا: أين كنتم منهم قبل أن يغادروا البلاد؟ لماذا لم توفّروا فرص العمل لكل تلك الطاقات الشابة بدون استثناء وبدون محاباة وبدون محاصصة وبدون طائفية؟!كفى ،لقد أبكيتم الشعب كثيراً دماً ودمعاً وسيأتي اليوم الذي فيه تبكون ,إن الله يمهل ولا يهمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا