الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفسير وتأويل النص الدرامي

حيدر الحيدر

2015 / 9 / 18
الادب والفن


تفسير وتأويل النص الدرامي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر
ــــــــــــــــــــ
* مقدمة :
التأويل والتفسير مفردتان متقاربتان في القاموس اللغوي ، فقد ورد في المنجد:
تأوَلَ الكلام : أي فسرهُ وقدّره ُ.والقُدرة هنا هي القوّة على الشيء والتمكن منه ،
وقدّرَهُ : تعني نظر اليه ودَبّرهُ وقاسهُ وحكم َ به
والتفسير في اللغة : تعني التوضيح والبيان والكشف ، ومصدر التفسير هو التأويل .
ـ إنتهى كلام المنجد ـ (1)
ومن هنا نستطيع القول أن تأويل وتفسير أي نص درامي يعتمد على التحليل والتركيب ، فالتفسير يستند الى التحليل ، والتأويل يحتاج الى تركيب .
* التفسيرهو تحليل بنية النص الدرامي والتأويل هو البناء التركيبي الجديد للنص وفق رؤية جديدة من قبل المخرج المسرحي .
والتفسير من قبل المخرج المفسّر فيما عناه القاموس اللغوي هو الكشف والتوضيح والبيان لعناصر القوّة ، وتحليل ابعاد الشخصيات المسرحية ، او ما نطلق عليها المحاور السياسية والتاريخية والاجتماعية والسايكولوجية والثقافية ، وفك رموز واشارات النص وتحديد منطلقاتها الفكرية .
* والتأويل هو هو الانتقال بالنص ومفردات النص او وحداته من الواقع الذي كتبه المؤلف الى عالم او عوالم اخرى غير تلك التي ارادها المؤلف .
ومن هنا جاءت قدرة المخرج في تركيب النص الدرامي وبناؤه بناءً تركيبياً جديداً تعتمد على ثقافة المخرج وقراءاته وتعمقه في فهم كل صغيرة وكبيرة في النص الدرامي .
( ان النص الدرامي هو نسق رمزي من الكلمات والاشارات الحركية يسعى الى تكوين دلالة من خلال تبادل حواري حركي يفترض وجود مفسّر ، اي ان العمل الدرامي هو شكل يتكون من وحدات لغوية واشارية يسعى الى انتظام معنى .
واذا اتفقنا على ان الرمز اللغوي المكتوب او المنطوق قد يظل ثابتاً ، بينما تختلف دلالاته من عصر الى آخر ، بحيث تتراكم الدلالات ويصبح الرمز على مرّ الزمن متنوّع الدلالات ، يمكننا ان نتفق على ان المعنى الكلي للعمل الذي قد يختلف من عصر الى عصر ـ اي انه نسبي ـ
لذا فان اي نص درامي مكتوب يبحث عن ـ مفسّر ـ
وان النص الدرامي اكثر انواع الآداب الحاحاً في طلب التفسير عن طريق القراءة ) (2)
...................................
أولاً : التفسير والتحليل :
قد يختار المخرج ان يتناول العمل الفني في علاقته بالمؤلف وفي هذه الحالة يستطيع ان يفسّر ويحلل العمل من احدى الزوايا التالية :
1ـ اذا اعتبر العمل الفني تعبيراً عن نفسية المؤلف او حياته فسيكون منهجه هو منهج التحليل النفسي ( التركيبة النفسية للمؤلف ) .
2ـ اذا اعتبر المخرج المؤلف فيلسوفاً وصاحب رؤية متفردة ومتكاملة فيستخدم اعمال الكاتب الفنية في محاولة تفسير هذه الرؤية .
3ـ اذا كان النص تعبيراً عن موق الكاتب ( كالوجودية وسارتر ) مثلاً ،فسيكون لزاماً عليه ان يتأمل هذا الموقف في علاقته بحياة الكاتب واقواله ، ومدى التزامه بفلسفته .
4ـ اذا كان النص نتاج عصر او ظروف اجتماعية، في هذه الحالة على المخرج دراسة النص دراسة اجتماعية تاريخية، فيركّز على الخلفية الاجتماعية للأعمال الفنية .
* وقد يختار المخرج ان يركّز على العمل الفني في ذاته وانفصام تام عن اي شيء خارجه،
ففي هذه الحالة عليه ان يدرس تاثير العمل الفني على المتلقي .

* وقد يختار المخرج ان يتناول العمل الفني في علاقته بالحياة ، فاذا نظر الى العمل الفني باعتباره محاكاة للحياة لغرض ترسيخ قيّمها الثابتة الدائمة ، فانه ينضم الى زمرة الكلاسيكيين ،واذا اعتبره اعادة تشكيل للواقع ، للكشف عن حقائق مطبقة لا تتكشف الا لعبقرية الفنان ، فانه ينضم لزمرة الرومانسيين .(3)

* واخيراً ان المخرج المفسّر حين ينقل تفسيره الى المتلقي ، فانه يهدف بصورة واعية الى نقل وجهة نظره الايديولوجية ،وتدعيم رؤيته للعالم .
وعلى هذا فان لكل تفسير هدف في نهاية الأمر .
.................................
ثانياً : التأويل والتركيب :
وهو ما يطلق عليه الدكتور صلاح القصب ( تهشيم اللغة في حدود استبعاد النص) (4)
والتأويل هو ان يقوم المخرج بإتباع منهج المدرسة التفكيكية أولاً ليدلل على تقديم تفسيرات جيدة تتعارض مع التفسيرات التي قدّمت من قبل ، وقد يركّز على مقارنة التفسيرات المختلفة السابقة للنص الدرامي ، أي ( على المخرج اكتشاف رؤى جديدة تختلف عن الرؤية القديمة و ((من خلال تفكيك العناصر )) المكونة للنص الدرامي خارج حدود التصوّر التاريخي ، منطلقين في هذا من رؤيا فلسفية تأخذ النص بمعزل عن حدود المكانية والزمانية ،
باعتبار نتاج له خصوصية يمكن من خلالها تحويل الدال التي تتشظى الى مساحات تأويلية خارجة عن نطاق تصور النص ، لخلق منظومات شعرية تتمثل فيها اللغة الشعرية المحسوسة في تفعيل قدرة الحواس على تلقي وتحويل المعنى تبعاً للمنهج النقدي الذي توجهه تلك العلاقات الدالة الى نظام علاقات زاخرة بأفعال التشكيل المرئي ) (5) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
ـــــــــــــــــ
1ـ فؤاد افرام البستاني / منجد الطلاب ـ ط11 /صـ 18 و551
2ـ نهاد صليحة / المسرح بين الفن والفكر /صـ 109
3ـ المصدر السابق / صـ 112ـ113
4ـ الدكتور صلاح القصب / من محاضرة في الإخراج المسرحي
5ـ المصدر السابق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا