الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو صار غاليلي رئيسا للجزائر؟

مزوار محمد سعيد

2015 / 9 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحكم كما يشاء، يصنف الوزارات ويعدّلها، يسن القوانين والشرائع، يشكل البرلمان، ويراقب الصحافة، يضع برامج التعليم والصحة، يسيّر التصدير والاستيراد، يضبط العملة، يقف على سير تقدّم الأشغال والمشاريع، ويعكف بنفسه على مراقبة مخزوننا من الذهب والمعادن، يكرّم الناجحين والمتفوّقين ويعاقب الفاشلين والفاسدين، يقوّم الدولة ويعدّلها، يحكم بحكم الجماهير، ويقدّم مشاريع التنمية للانتخابات والاستفتاءات كلما جدّ طارئ ما، يسوس الساحة السياسية، وينظم القواعد العسكرية، والبرامج السيادية من ديبلوماسيا، أيديولوجيا وبعض الجوانب الثقافية، فإنّ بلدنا يصبح ذا هوية فزيائية فلكية، بعيدا عن عبودية الأديان والخرافات الميتافيزيقية.
يشهد العالم والتاريخ وقفة غاليلي أمام الكهنة، وقفة الفيلسوف العالِم المتشبث بالحقيقة الانسانية أمام أوهام الايمان الساذج، وقفة احتراق أمام الحق، تلك التي يقفها كل مرة في كل يوم جزائريّ من أبناء هذه الأرض في وجه العالم، أبناء أحياء بضمائرهم لكنهم مقيدون بقوانينهم العرفية التقليدية؛ هناك بعض الأحياء من الجزائر، بعض أبناء غاليلي بالتبني، وهم يطالبونه أن يكون رئيسا عليهم وصاحب السلطان.
ما يحزّ في النفس أنّ الكلمة التي تعبّر عن العمق الإنساني قد ماتت بموت غاليلي، ولم يعد لها وجود سوى في الأرشيف الذي لا يطلع عليه سوى القليل من الباحثين عن الحقيقة على طريقة سلمان الفارسيّ، وهذا أمر جلل عبّر عنه محمد الغزالي بحيرته الشهيرة تلك من شباب مطفئ العقل؛ هذه الأمور جعلت الإنسان يسترخي على قمم التناقض والتضاد، فتعيش الروح البشرية في عالم مضطرب، يكون للفلسفة السبق في الانهيار، انهيار المعنى، انهيار الثقافة، وبناء الانهيار في كافة الميادين الوجدانية، لتسيطر على العالم الجزائري مبادئ مادية صلبة مستوردة من الصين أو مخلفات آثار أوربية وفي أحسن الأحوال تقنيات أتت من وراء الاطلنطي لتغزوا العقول والأفئدة بدل أن تحرّك الأرواح.
قد يرسل العقل بعض الاشارات إلى المدى الغائر في النفس من أجل ايقاظ جزء ما من الطرف الحيّ، وهذا ما يجعله المناضل الواقف في وجه المتقلبات من كافة الموجودات التي تحيط بالإنسان، قد يكون غاليلي ميّتا حتما، لكن روح غاليلي لا تزال تسري في جسد الإنسانية، وهذا بالذات ما يجعل الذات حيّة تصارع كل ما يدعوها إلى الجمود، لا أتحدثُ هنا عن موت الأفراد، ولكنني أتحدث عن أحياء بأرواح ميتة، وللأسف هم أكثرية، في ظل طغيان الديموقراطية.
"... إذن القضية، وهذا ما ألح عليه، أنّ أنانيتنا إذا ما فرضناها لنحقق شروط حياتنا وربما على حساب المجتمع، فإننا لا نستطيع هذا كما يتوهم البعض إلاّ في حدود ضيقة؛ لأن المجتمع نفسه يفرض علينا أوضاعا لا قبل لنا بردها... " (مالكـ بن نبي، مجالس دمشق، ط: 2، 2006م، دار الفكر دمشق، ص: 56)
حتى ولو جاء غاليلي إلى الجزائر، فإنه سيصبح جزائريا، يدخل المسجد وهو ينافق رياء، يذهب إلى العمل وهو طامع بالراتب قبل الأداء، يجلس على مقعد الدراسة وهو ينظر إلى الساعة رغبة منه في انقضاء وقت الدروس، يدخل السوق بحثا عن احتيال اقتصادي في صورته المصغّرة، يستغل الخرافات تحت راية التقاليد والعادات، يدّعي أنه ليس كما هي أناه، فيصبح غاليلي بلا روح غاليلية، وإن صار رئيسا للجزائريين فإنه سيصبح أكثر جزائرية من الجزائريين أنفسهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف