الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك المدني اللبناني بين 8 و 14 آذار

فؤاد سلامة

2015 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


نقطة الضعف الأساسية للحراك المدني هي أنه رغم تنوعه السياسي والطائفي فإنه يبقى واضحاً ضعف تمثيل الكتلة الشعبية لجمهور 14 آذار التقليدي، مما أعطى الإنطباع الزائف بأن الحراك المدني موجه ضد تيار المستقبل وممثليه في الحكومة. يضاعف من هذا الإنطباع الرمزية التي يمثلها وسط بيروت في الوجدان "السني" باعتباره إرثا طائفياً حريرياً، بينما في الواقع فإن هذا الوسط يشكل مساحة مشتركة لكل اللبنانيين. تركزُ الحراك المدني في منطقة سوليدير أسيء فهمه، رغم الأسباب الموجبة كون "الداون تاون" هي مركز البرلمان والسرايا الحكومي ووزارة البيئة. السبب الأول لسوء الفهم هذا هو تحول الاعتصام الذي شل وسط بيروت خلال سنة ونصف في الماضي غيرالبعيد، إلى مثال فاقع على الاستهداف "المذهبي". وزاد الطين بلة مؤخرا تحرك مجموعة "بدنا نحاسب" من خلال "البيك نيك" الاستعراضي الذي نفذوه في "الزيتونة باي" من دون دون ضرورة واقعية، رغم التبريرات " اليساروية" من مثل أن "الزيتونة باي" هي تكثيف للازدراء الصارخ الذي تكنه الطبقة السوبر غنية والسوبر فاسدة للفقراء.

مجموع هذه الأعتبارات توج بالحملة المنظمة الموجهة ضد "المشنوقين" باعتبارهما مسؤلين عن ملفي البيئة والقمع ضد المتظاهرين في الحكومة التي صادف كون الوزيرين ممثلين فيها ل 14 آذار عن الطائفة السنية. سيكون من الصعب فهم الأسباب الموضوعية لهذه الحملة المطالبة باستقالة الوزيرين، من قبل جمهور محتقن ومعبىء بمشاعر المظلومية الناتجة بالأساس عن اغتيال الحريري الأب وتباهي المتهمين بالاغتيال ومن خلفهم، بالإفلات من العقاب وحمايتهم بل واعتبارهم بمثابة "قديسين" لا يجوز المس بهم. لم تعط قيادات الحراك المدني أهمية للحساسية الفائقة لموضوع الاشتباك السني ـ الشيعي، بسبب الحرب في سوريا وقتال حزب الله ضد السنة هناك، وبسبب تحدي 8 آذارالمستمر للوجدان العاطفي لجمهور 14 آذار الذي لا تقل محبته للحريري الأب والإبن عن محبة "الشيعة"للسيد نصرالله وللرئيس بري.

لن يكون مطلوبا من حراك شبابي وليد، تفتيت هذا الجبل المتراكم من الأحقاد وسوء الفهم بين الطوائف، وليس مطلوباً من جيل ما بعد 8 و14 آذار العمل الدؤوب على تذويب المخاوف والشكوك التي يغذيها الحراك المدني في نفوس أبناء بيروت ونفوس جمهور 14 آذار عموما. ولن يكون ذلك متيسراً الآن بسبب الدور الذي تلعبه الجماعة الحزبية الصغيرة المرتبطة ب 8 آذار، وظهورات بعض رموزها الإعلامية وخطاباتهم المستفزة لجمهور 14 آذار، ودور أحزابهم المعروف دفاعها الدائم عن الدكتاتورية الأسدية وعن محور إيران وروسيا. ما يجعلنا نعتقد بأن ثمة معركة أصبحت ضرورية مع أحد أهم أوكار الفساد المرتبط بالطبقة السياسية بمجملها وبالأخص بالطرف الذي يعتقد أنه سيستطيع النجاة بجلده وبفساد جماعاته. إنه قطاع الكهرباء الذي أدمى قلوب اللبنانيين وأفرغ جيوبهم واستنزف مليارات الدولارات من خزينة الدولة التي هي أموال المواطنين. سيكون ضروريا التحضر لخوض المعركة ضد فساد "حزب الكهرباء" في لبنان والذي يشمل إداريين وسياسيين ومافيات محروقات ومولدات مرتبطة بالزعامات الطائفية. تلك الزعامات التي لا تكتفي بنهب المواطنين بل وتبقيهم في العتمة وتتسبب بخسائر فادحة للصناعة وللمؤسسات الاقتصادية ينعكس سلبا على مستوى معيشة المواطنين وكلفة السلع، كما ينعكس بشكل كبير على صحة المواطنين وبالأخص صحة أطفالهم بسبب الإنبعاثات الكثيرة المؤذية ( والمسرطنة) الناتجة عن المولدات.

السؤال الذي لا بد من طرحه هو هل يتأهب ناشطو الحراك المدني لإستكمال معركة الخدمات بعد الانتهاء من معركة النفايات؟ لقد فرضت "الزبالة" نفسها على رأس جدول أعمال الحراك المدني لطابعها الصحي والحياتي الملح. ولكن قطاع الطاقة يمثل أهم مغارات علي بابا وفيها ألف حرامي يغرفون من تلك المغارة أموال الشعب اللبناني من دون خجل، وبدل أن يعطوا هذا الشعب الحد الأدنى من الخدمات مقابل ما ينهبونه فإنهم يبقونه في العراء الخدماتي غير مبالين بفضائحية سلوكهم الاحتقاري وجشعهم المتمادي. معركة قطاع الطاقة ستمثل تصحيحاً للانطباع الخاطىء بالاساس من أن المعركة ضد الفساد تستهدف فقط وزراء وسياسيي وإداريي 14 آذار. وستشكل تلك المعركة المدنية السلمية كشفاً ساطعاً لحقيقة عمومية الفساد الذي يجسده شعار "كلكن يعني كلكن". إذ سيصادف أيضاً أن المعنيين بملف الطاقة جميعهم من كتلة 8 آذارفي السلطة من دون استثناء طرف في هذه الكتلة.

معركة الخدمات الأساسية، والماء والكهرباء والأملاك البحرية والضمان الصحي للمعاقين وللكبار في السن، على رأسها، تلك المعركة التي بدأت تستشعر بها الطبقة السياسية والإدارية المعنية، يجب أن تكون "أم المعارك" المدنية السلمية والديمقراطية، ليس لأي اعتبار غير أنها تعني كل المواطنين الفقراء ومحدودي الدخل في كل المناطق ومن كل الطوائف. إنها معركة وطنية بامتياز ستلقى دعماً عارماً من كل المواطنين بسبب ما تولده من كلفة عالية ومعاناة وقهر مزمن عند اللبنانيين. ورغم كون الإجراءات المطلوبة لإصلاح قطاع الكهرباء، على سبيل المثال، متوسطة المدى كما قد يتبادر للذهن، فلا يجب أن يغيب عن بالنا أن الذين هم في موقع المسؤولية يكررون وعودهم للمواطنين منذ عشرات السنين من دون أن يمنعوا التراجع المستمر لتقديمات هذا القطاع على مر الوقت. هؤلاء المسؤولون جميعهم معروفون وما زالوا يتحدون مشاعر المواطنين بمظاهر الفساد والغنى الفاحش والمكشوف. هؤلاء يجب محاسبتهم في الشارع وفي صناديق الإقتراع عندما يحين الوقت، بعد أن عجز النواب الممدون لأنفسهم عن محاسبتهم في البرلمان، بسبب الشراكة المصلحية غير الدستورية القائمة بين مجلسي النواب والوزراء. ولا ننسى أن نتلقف عرض الميقاتي باستعداده لتأمين الكهرباء 24 على 24 خلال سنة، ولو من خلال الخصخصة التي ستكون كلفتها في جميع الأحوال أقل بكثير من الكلفة الحالية لفاتورة الكهرباء. ولا بد أن نذكر أن الميقاتي مكث رئيسا لحكومة لبنان ذات اللون الواحد لمدة 3 سنوات، في وقت لم يكن هناك طرف يعرقل مشاريعه التنموية. ومن لا يعرف كيف يتحجج كل طرف من أطراف السلطة بعرقلة الطرف الآخر لمشاريعه الوهمية، بينما نرى توافق المسؤولين على تنحية خلافاتهم الشخصية جانباً، واتفاقهم السريع على إفراغ جيوب المواطنين من خلال تقاسم المشاريع عالية الكلفة على خزينة الدولة، وعالية الأرباح لهم ولأقاربهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إدارة 14 آذار
مراقب غير لبناني ( 2015 / 9 / 21 - 11:03 )
أنا أرى أن قيادات 8 آذار ضد الحراك وحاولت جماعات من أمل ومن حزب الله تخريبه وحرفه عن مساره العام
أما 14 آذار فهي مؤيدة للحراك لكن لضعف قيادتها (غير السنيورة) تظهر خلافاً لما هي عليه
من علامات ضعف قيادة 14 آذار هي قبولها المحاورة على طاولة نبيه بري حليف حزب الله الذي يحارب شعب سوريا في سوريا ويقتل أطفال ونساء المسلمين

اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ