الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاضي والسفاح وهيبة المحكمه

مصدق الحبيب

2005 / 10 / 23
حقوق الانسان


تخيبت الامال, ونزف القلب دماً اثناء متابعة الجلسه الاولى من محاكمة الجرذ واعوانه من حثالات الارض الذين خطوا في تأريخ الخسه اسمائهم لامعة ً حين حققوا بجداره عاليه مهماتهم في تدمير العراق وقتل وتعذيب وتشريد واذلال شعبه الكريم, عربا واكرادا وقوميات وطوائف اخرى, طيلة اربعين عاما!! فرغم كل الصعوبات والاشكالات التقنيه المخزيه في النقل التلفزيوني والتي لايجد اي عاقل لها اي مبرر, لم يكن اداء القاضي الذي ترأس الجلسه بالشكل الذي نأمله ونطمح فيه! ولاادري فيما اذا كان ما شهدنا من تساهل وتراخ ونعومه من قبل المحكمه هو الخوف او اللطف او الخلط بين الديموقراطيه والفوضى؟؟او بسبب من مؤامرة اخرى لانعرف ابعادها!!

لقد كان, فيما كان, على القاضي ان لايسمح للسفاح ان يعكس الايه ويستبدل الادوار فيستجوب المحكمه ويسال القضاة "من انتم?وماهي هوياتكم؟"!! وكأنه هو الدكتاتور الذي لايزال يصول ويجول دون رادع ولارقيب !! فلا يمكن ان يحدث هذا في اي محكمه, لافي الماضي ولاالحاضر, ولافي اعراف البلدان الديمقراطيه ولا في الاستبداديه, ولافي اي مكان اخر. فهيبة وقدسية المحاكم , وسلطه القضاة المطلقه في ادارة شؤون الجلسات هي من المسلمات, ولها قواعد واصول معروفه في كل مكان, فلا يحق للمتهمين نهائيا ان يستجوبوا القضاة او يضيعوا الوقت او يغيروا من سير برنامج الجلسه. كان من الاجدر بالقاضي ان ينتهز الفرصه من البدايه لوضع النقاط على الحروف, وتوضيح مالذي سيجري في الجلسه, ومالذي يتوقعه ان ينجز, وماهي القواعد والاصول التي يجب مراعاتها من قبل الجميع, وكيف يستوجب على الكل مراعاة قيمة الوقت وضرورة الالتزام بماهو مرسوم! وكان عليه تاكيد ادارته المطلقه للجلسه بتذكير الطاغيه واعوانه من انهم مجرد متهمين يمثلون امام محكمة العدل, وليس لشخصياتهم او مناصبهم السابقه اي مفعول , ولايحق لهم مطلقا كاشخاص الادلاء بالخطابات السياسيه والتصريحات والتعليقات او الاسئله او الاستفسارات لان من شان ذلك ان يضيع الهدف الاساسي ويسوف الفرصه ويحوّل المحكمه الى منبر للتهريج والمهاترات السياسيه البذيئه. كل الذي يحق لهم كمتهمين بموجب اصول العداله هو الامتثال امام المحكمه والالتزام بنظمها وشروطها متمثلا ذلك بالاجابه المباشره لاسئلة القضاة , دون تطويل ولاتسويف , خاصة وان الجلسه الاولى كانت مخصصه لقراءة الاتهامات وتسجيل اجابات المتهمين على التهم الموجهه ضدهم بكلمه واحده فقط لاغير, مذنب ام بريء !! واذا كان بودهم ان يفصحوا باي شيئ اخر , فسيلزم ان يكون من خلال محاميهم , الذين يتوجب عليهم ايضا التماس اذن المحكمه قبل التفوه بأي كلمه. وكان من الضروري جدا على القاضي ان يؤكد بان اي مخالفه لتلك القواعد والاصول, مهما كانت بسيطه, ستعتبر كونها "اهانه للمحكمه" , والتي ستفضي عن التطبيق المباشر لشكل معين من اشكال العقوبه للمتهم او محاميه, كأن تكون فرض الغرامه المباشره او الغاء حقوق المتهم وسحب امتيازاته , او فرض القوه عليه من قبل شرطة المحكمه .

وكان على القاضي ان لايسمح للسفاح مطلقا ان يشير على القضاة ملوحا باصبع السبابه القذر وبطريقته المتغطرسه المعهوده التي تكاد تبعث على التقيؤ لمجرد مشاهدتها مره اخرى لما تسكب من ذكريات اليمه , وتعيد الى الاذهان ايام الاستبداد السوداء حين كانت صور الجلاد الكريهه تطالع الناس من على شاشات التلفزيون طوال اربع وعشرين ساعه وُتقحِم نفسها في الاذهان عنوةً, مضيقةً على خناقهم, ومزكمةً لانوفهم.

وكان على القاضي ان لايسمح للطاغيه مطلقا ان ينهض او يجلس كيفما يشاء ودون اذن من المحكمه, فحركة المتهم مرهونه بسيطرة المحكمه لان المتهم غير طليق حتى في حيز الغرفه.

وكان على القاضي ان لايسمح للسفاح مطلقا ان يرفض التعاون مع الحرس ويدخل في مشادة معهم. وينتصر اخيرا بفرض مشيئته وانتزاع رغبته بالسيرالمستقل الحر امام الحرس . فمن المعروف بان اقتياد المتهم من قبل الشرطه هو اجراء عدلي مألوف وضروري ولالبس فيه

وكان على القاضي ان لايسمح للسفاح مطلقا التحاور مع بقية المتهمين ومبادلة العبارات الكريهه مثل "الله بالخير سيدي" وكانهم يجلسون في مقهى حسن عجمي!! كان من المفروض ان يحل هذا الاشكال بوضعهم في اقفاص اتهام فرديه معزوله لا يتسنى لهم من خلالها الاتصال والمحادثه, وتبادل التحايا والابتسامات, وكانهم يسخرون من الشعب برمته.
وكان على القاضي ان لايسمح للطاغيه بتاتا بمناقشة مايجوز اولايجوز قبوله من ادله وتسجيلات خاصة وقبل ان يصار للمحكمه معرفة فيما اذا كان الطاغيه عازما على تمثيل نفسه ام توكيل محام عنه.

وكان على القاضي ان لايسمح مطلقا للجلاد الجزراوي ان يضّيع نصف ساعه من وقت المحكمه الثمين ويصهر اعصاب العراقيين بمطالبته بجلب عقاله المبجل!! وبالرغم من انه ليس هناك قوانين تفرض على المتهمين اي لباس محدد, لكن الاعراف العامه تشير الى ضرورة ارتداء الملابس المعقوله والمقبوله, وقبل هذا وذاك فمن المتوقع ان يرتدي المتهم ملابسه الاعتياديه المألوفه. كان على القاضي ان ينتهز الفرصه لكشف نوايا المجرمين وتعرية زيفهم عندما ان الاوان ان يتحدث بهذا الموضوع في سياق الاجابه على طلب الجزراوي, فيؤكد على ان هذه هي محكمة عدل لها حرمتها, ونحن في خضم جلسه رسميه للنظر في جريمه كبرى وهي جلسه ُتبث على الهواء لكل العالم. انها ليست حفله تنكريه ترتدون فيها مايروق لكم من ازياءربما كان "لكم فيها مآرب اخرى"!! فحقيقة الامر ان كل العراقيين يعرفون ان ارتداء الازياء الشعبيه من قبل هؤلاء الجرذان ماهي الا محاولة رخيصه لكسب العواطف العشائريه الهوجاء, وتهييج خواطربعض العربان المرضى الذين قد يعتبروا مقاضاة هؤلاء المجرمين اهانه للعروبه البائسه!! فلم تكن الازياء التقليديه اللباس الاعتيادي للمتهمين , فقد كانوا يرتدون اما بزز الجنرالات المدججه بالاوسمه او البدلات الباذخه المستورده من ايطاليا وفرنسا وانكلترا في وقت كان اطفال العراق الابرياء ويتامى الشهداء ينامون دون عشاء!! كان من الضروري جدا ان لاتفوت الفرصه لاثارة هذا الموضوع الذي يتضمن معاني عميقه وذلك من اجل اعلام المجرمين ان هذه الالاعيب الخبيثه لايمكن ان تنطلي على الشعب العراقي.
فيا ترى, هل يتعظ المسؤولون عن ادارة المحكمه؟ وهل يتعلموا من الاخطاء؟ وهل سيتم معالجة هذه الهفوات الفادحه في الجلسات القادمه؟
سنكون يانتظار الجواب في الثامن والعشرين من نوفمبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون ويشعلون النيران أمام منزل نتنياهو ليلة ع


.. شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد




.. تقرير أميركي.. تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة


.. واشنطن تدين انتهاكات حماس لحقوق الإنسان وتبحث اتهامات ضد إسر




.. الأمم المتحدة: الأونروا تتبع نهجا حياديا وإسرائيل لم تقدم أد