الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحوة الاسلامية وماأدراك ماالصحوة الاسلامية ؟

زاهر زمان

2015 / 10 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شاع بين المسلمين فى العقدين الأخيرين مصطلح ( الصحوة الاسلامية ) بشكل استعلائى واقصائى فى نفس الوقت ! فهل هى بالفعل صحوة اسلامية حقيقية أم أنها مجرد فورة شعبية شكلية فرضتها ظروف أخرى لا علاقة بها بما يمكن معه أن نسميها ( صحوة اسلامية ) ؟
الحقيقة أننا لكى نطلق لفظ ( صحوة اسلامية ) ، يجب أن نحلل مفهوم ومفردات تلك الصحوة ومظاهرها . فى رأيى الشخصى مفهوم الصحوة يتركز بصفة أساسية فى فهم المسلم لمفردات تلك الأيديولوجية التى تكمن وراء تلك الصحوة ؛ بمعنى أبسط أن يكون المسلم دارساً وفاهماً وملماً بأصول دينه وسيرة نبيه ظاهراً وفكراً وجوهراً ! أن يفهم المغزى الحقيقى من العبادات الطقوسية التى يمارسها يومياً بشكل فردى أو جماعى بعقل حر وفكر مستنير يستلهم الروح التى يجب أن تتسم بها الرسالة التى يقول عنها مؤسسها ومن بعده رجال الدين الاسلامى ، بغض النظر عن رأيى الشخصى فى الأديان كمشاريع سياسية فى المقام الأول ، أنها رسالة لا هدف لها سوى نشر الحب والأمن والسلام بين جميع البشر كما يردد دائما رجال الدين الاسلامى الذين يطلق عليهم ( المعتدلين ) ، والذين لا يملون من تكرار الآيات والأحاديث وقصص السيرة التى تحبب البسطاء والعوام فى دينهم الاسلامى ! نعم هناك أغلبية كاسحة من المسلمين لا يعلمون شيئاً عن الاسلام سوى مايبثه فى عقولهم ووجدانهم رجال الدين الاسلامى المعتدلين ! وذلك جهد مشكور لهؤلاء العلماء المعتدلين الذين يحاولون جهدهم عن ايمان واقتناع من أجل اظهار الدين الاسلامى بمظهر الشرع الربانى الذى يستوعب كل البشر على اختلاف ميولهم وعقائدهم وأديانهم ، وبالتالى يساهمون فى تربية أجيال تتقبل الآخر ! لكن فى مقابل هؤلاء هناك رجال دين أو هكذا يسميهم أتباعهم ومناصروهم يعمدون الى قولبة العقل المسلم فى نمط أصولى متعالى على كل من هو مخالف للدين الاسلامى كالقرضاوى والزندانى وحسن البنا وسيد قطب ! وأولئك وهؤلاء يتبارون فى السيطرة على عقول العوام والبسطاء من جموع المسلمين وظهير أولئك وهؤلاء هى دول البترودولار وبصفة خاصة مملكة آل سعود ودويلة ابن موزة !
تحضرنى هنا مقولة [ الناس على دين ملوكهم ] .. فى الستينات كنا نلاحظ انتشار أسماء محلات ودكاكين وشوارع ومدارس ، تمت تسميتها بأسماء لها علاقة بثورة 23 يوليو ستة 1952 ، مثل ( مقهى التحرير ) ، ( شارع الثورة ) ، ( مدرسة جول جمال ) ، ( نادى النصر ) ، وغيرها من الأسماء التى ارتبطت بفترة المد الثورى الناصرى فى مصر ! وكان ذلك مظهرا من مظاهر التأييد الشعبى الحقيقى لمبادىء ثورة 23 يوليو 1952 . ثم بدأ الوضع يتغير بعد رحيل عبدالناصر ومجىء أنور السادات الى أسماء ومفردات لها علاقة بالتراث الاسلامى أو المفردات الاسلامية أو الآيات القرآنية ، حتى انك لا تكاد تشاهد سيارة الا وكتب عليها صاحبها الشهادتين وتحتهما رسم السيف ! صارت أسماء الدكاكين والمحلات من نوعية ( طيور الرحمن ) ، ( جزارة عباد الرحمن ) ، ( حلاقة المتوكل على الله ) المذهل أن أصحاب تلك الدكاكين التى تحمل مثل تلك الأسماء ، هم أول من يسير عكس ماينادى به علماء الدين المعتدلين ، فتجد أغلب هؤلاء اما منخرطين فى خلايا تابعة لجماعة ابليس البنا الارهابية أو أنهم سلبيين فى مواجهة تلك الجماعات ! هل تلك صحوة اسلامية كما يحلو للتنظيمات والمليشيات المتطرفة أن تردد دائما ؟
طيب ! من وين جات الهوجة دى كلها ؟ هل هذه صحوة اسلامية حقيقية أم أنها شىء آخر ؟! فى رأيى الشخصى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التى مرت ولا زالت مصر وغيرها كتونس والسودان وسوريا واليمن يمرون بها منذ عقود مضت هى التى أدت الى ظهور مايطلق عليه المتطرفون – لغاية سياسية فى نفوسهم – مصطلح الصحوة الاسلامية ! الظروف الاقتصادية الصعبة دفعت أبناء الشعب المصرى وغيرهم فى الدول الغيربترولية الى السفر والعمل فى مملكة آل سعود ودويلة ابن موزة ! ماذا تنتظر من مواطن كان صدمان وعدمان ومش لاقى اللضا على رأى المثل ، وفجأة أصبح عنده بيت ملك وسيارة وفلوس فى البنك من عمله فى بيئة كل مظاهرها اسلامية بحته ! من الطبيعى أن يتسلل الى ذهن ذلك المواطن اللى كان عدمان وصدمان أن الله المحمدى هو الذى رزقه بكل ماهو فيه من خير ونعمة ! طيب ..ليش مارزقك الله المحمدى وانته فى بلدك سواء مصر أو تونس أو سوريا أو السودان أو اليمن ؟ وهكذا يحدث الارتباط الشرطى بين ماوصل اليه ذلك العدمان الصدمان وبين الرزق الذى كما يعتقد ساقه اليه الاله المحمدى أو اليسوعى لو كان مسيحياً أو اليهواه اليهودى لو كان يهودياً ! يهمنا مانحن بصدده مما يطلق عليه الصحوة الاسلامية ..خلونا فيها .. يرجع صاحبنا الى بلده سواء فى مصر أو تونس أو غيرهما ويبدأ فى المشيخة الظاهرية ..يشيل سبحة ..يرتدى جلابيب قصيرة .. يسمى دكانه أو مشروعه بأسماء مثل ( التوحيد والبازلاء ) ، ( فندام ابن الخطاب ) ، ( حضانة أحباب الله ) ...الخ ! وهو فى كثير من الأحيان لا يعلم حتى ماحقيقة تلك الأسماء وماهى الأهداف الخفية الحقيقية لمن يتعمدون نشرها فى الشارع المصرى أو التونسى أو السورى أو السودانى !
لقد ظل الحال على ذلك المنوال حتى فجعنا بماأطلقوا عليه الربيع العربى ، بينما هو فى حقيقته ربيع ارهابى متطرف تقوده من طرف خفى الامبريالية الامريكية وخدمها من الرجعية العربية فى دول البترودولار الخليجى ! هى اذن ليست صحوة اسلامية حقيقية بقدر ماهى مشروع سياسى رجعى تسلطى يهدف الى الحفاظ على القطعان داخل حظيرة الجهل والتطرف والديكتاتورية والتخلف ! مشروع سياسى محمدى رجعى تم فيه استغلال فقر الشعوب الغيربترولية بجدارة تامة !
بقلم / زاهر زمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هجمه مخطط لها
رافد رامز ( 2015 / 10 / 4 - 19:11 )
لاتنسى اخي زاهر زمان شعار( هذا من فضل ربي )الذي انتشر فجاه على جدران كل الشركات والمكاتب والدكاكين وحتى بنات الهوى علقوه عي عمليه سياسيه مدروسه ومنظمه انشر التخلف والافكار السوداء لتدمير شعوب منطقتنا باسم الدين ومن خلال مؤسساته
نعم في الستينات كانت الناس قد بدات تشم رائحه الحريه والتطور فجائت الثمانينات لتنتشر الافكار المقيته المتخلفه وما سمي بالصحوه الاسلاميه بل هي صحوه مارق مدمر
تحياتي


2 - حول الصحوة
عبد القادر أنيس ( 2015 / 10 / 4 - 19:26 )
شكرا على هذا الجهد التنويري الضروري لمجتمعاتنا. أحب أن أضيف، بمناسبة الحديث عن الصحوة الإسلامية، أن تاريخ الإسلام ظل يعرف مثل هذه الصحوات دائما حتى أيامنا. السبب يعود إلى أن الثقافة السائدة هي الثقافة الدينية. لاحظ ذلك ابن خلدون في أيامه، حين كانت كل محاولات التغيير تعتمد على تجييش الناس بوساطة الدين. ذلك أن التربية الدينية كانت ومازالت تساهم في بث وهم الفردوس المفقود الذي عاشه المسلمون في فجر تاريخهم بقيادة نبيهم وخلفائهم الراشدين. لا يتوقف رجال الدين عن شحن العقول بأوهام ذلك الزمان، حين كان الإيثار وكان العدل (عمر يحاسبه عامي على طول ثيابه) (يفضل التحادث في الظلام بدل تبذير شمعة)، حين كان الخليفة يبحث عمن يعطيه الزكاة فلا يجد (عمر بن عبد العزيز). وعندما تسوء أحوال الناس إلى حد لا يطاق يخرج بين الصفوف من يذكرهم بالجنة المفقودة ويقودهم للعودة إليها كحل لا حل غيره. وبهذا كانت كل صحوة تحمل مشروعا وحيدا: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. هو مشروع رجعي نكوصي مبني على الأوهام ولكنه مشروع يستهوي العقول المخدرة.


3 - أخ رافد رامز تعليق 1
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 4 - 21:55 )
انه الفقر ياعزيزى رامز..الفقر هو الذى يدفع شعوب كانت عريقة ومتحضرة للارتماء فى أحضان الخرافات والخزعبلات والتخلف ، مادام المتخلفون سيفيضون بالمال على هؤلاء المعوزين ، ولا مانع عند هؤلاء من الوقوف فى الطابور مادام ذلك الوقوف سيجعلهم من أصحاب الأملاك !!!


4 - أستاذ / عبدالقادر أنيس
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 4 - 22:03 )
الشكر موصول لكم على مروركم الكريم الذى أضفى على الموضوع اشعاعاتكم الفكرية القيمة . حقيقة أستفيد الكثير من تعليقاتكم على ماأكتب .
تحياتى لكم وللجميع


5 - 1الصحوة العاطفية
nasha ( 2015 / 10 / 5 - 00:33 )
الاستاذ زاهر زمان المحترم
نعم دول الخليج لها تأثير كبير على الصحوة الاسلامية ولكنها ليست السبب الرأيسي فيها.
في اعتقادي السبب الرأيسي هو الفراغ الايديولوجي السياسي الذي حدث بعد سقوط النظم الاشتراكية الشيوعية في اوربا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق.
تلاحظ ان كارثة الحروب الاهلية حدثت في الجمهوريات العربية حصراً لان الجمهوريات كانت مدعومة من النظم الاشتراكية عدا مصر التي فكت ارتباطها بالسوفييت منذ عهد السادات.
لقد شجع الرؤساء العرب مجتمعاتهم الى الاتجاه للدين والتدين لسد الفراغ الايديولوجي لظمان تماسك دولهم .


6 - الصحوة العاطفية 2
nasha ( 2015 / 10 / 5 - 00:35 )
الخطأ القاتل الذي ارتكبوه كان الاعتماد على العاطفة الدينية الهلامية البحتة المجردة من اية نظرية سياسية عقلانية. والخطأ القاتل الاخر كان السماح لمنظمات الاسلام السياسي (الفنكوشية) التغلغل في المجتمعات بدون اية ضوابط او منطق عقلي وكله اعتماداً على العواطف الدينية.
لقد اصطدمت هذه الصحوة العاطفية بالواقع العملي على الارض وحدثت الكارثة وتبين للناس شيئاَ فشيئاً انهم مخدوعون وان الدين هو اسلوب حكم بدائي لا يمكن ان يلبي المتطلبات السياسية الحالية.
التخبط الحاصل الان هو نتيجة التناقض بين ما تم شحن المجتمعات عليه على مدى عقود والواقع على الارض ( وخصوصاً منذ وصول ملالي ايران الى سدة الحكم ونجاحهم في تحفيز العالم الاسلامي الى تبني الدولة الدينية) .
تحياتي


7 - هو تقاسم أدوار عزيزى ناشا !
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 5 - 07:36 )
ماحدث ومايحدث هو تقاسم أدوار ياعزيزى ناشا بين السلطة السياسية والسلطة الدينية وخاصة فى دول الخليج البترولية دون مشاريع حقيقية للنهوض والتنمية ، مع الاعتماد على الريع الناتج من الأنشطة الاقتصادية الاستهلاكية . دورة رأس المال فى المنطقة العربية تفتقر الى التخطيط السليم الذى ينهض بشعوب تلك الدول نهضة حقيقية تمكنها من أن تصبح دولاً انتاجية تصديرية لا دولاً استهلاكية استيرادية ؛ أضف الى ذلك الكم الهائل من الفساد المستشرى فى الأنظمة السياسية العربية من اصغر رأس الى أكبر رأس فى تلك الأنظمة الديكتاتورية القمعية ، التى لا هم لها سوى الحفاظ على عروشها وكروشها.
تحياتى


8 - هل الصحوةالإسلامية أنتجت لنا مسمار أو رصاصة أو خبز
سامى لبيب ( 2015 / 10 / 5 - 23:19 )
تحياتى شيخنا الرائع زاهر
مقالك هذا يجلد ولكن هل تتصور ان الجلد يؤثر على الجلود السميكة ومن يدفنون رؤوسهم فى الرمال.
يحدثوك عن الصحوة الإسلامية ويملئون الدنيا صراخا منذ اربعين سنه لنسأل ماذا تعنى الصحوة الإسلامية هل هى تربية اللحى والنقاب وتقصير الجلاليب أم فى الشعارات التى تطلق بدون أن تقدم أى ملمح جاد ذو معنى أم فى إعتناء المسلمين بالشعائر أم فى الإسلام السياسى الذى يقدم كل يوم مفاهيم رجعية بشعة.
هل وجدنا الصحوة الإسلامية تنتج لنا علوم وتكنولوجيا وآداب وفنون أم مازلنا نعتمد على الغرب فى لقمة خبزنا وكل التكنولوجيا ومدفعنا ورصاصتنا .. هل منحتنا الصحوة الإسلامية القدرة على تصنيع مسمار أو رصاصة!
الصحوة الإسلامية كلام أجوف عاطفى كما قال الأخ ناشا لا يساوى قشرة بصله حاله كحال الشعارات القومية الناصرية والبعثية فهو عملية تلاعب ودغدغة مشاعر المسلمين فى أحلام القوة والتفوق بينما لا توجد بادرة واحدة تقدم أى ملمح لقوة أو تفوق وأنا لا أستغرب هذا فالخطاب والفكر الدينى نفسه لا يقدم إلا أحلام وأوهام .


9 - للأسف هى تعبير عن مشروع ظلامى بائس !
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 6 - 13:43 )
الصديق والفيلسوف الرائع / سامى لبيب
للأسف هى تعبير عن مشروع ظلامى بائس يتخيلونه منقذا للبشرية ، بينما هو فى حقيقته تدمير بشع وممنهج للحضارة الانسانية لحساب طموحات استعمارية بدوية همجية بدأت مع المشروع المحمدى منذ 1400 عام !
تحياتى لحضرتك


10 - الأستاذ زاهر
بارباروسا آكيم ( 2015 / 10 / 6 - 16:09 )
كان الاستاذ سامي الذيب قد وضع فيديو على صفحته لأُستاذنا حامد عبد الصمد يحكي فيه الاستاذ عبد الصمد قصة غريبة ، وهي أَنَّ اول جامع بني في المانيا في مدينة مونشن كان على ايام هتلر ( هدية من هتلر ) وكانت تديره جماعة الاخوان المسلمين الى اليوم .! وإِنَّ جماعة الاخوان ( رأس مايسمى بالصحوة الاسلامية ) نشطت في مجال الدعاية للنازية في مصر اثناء الحرب العالمية الثانية ، وقال ايضاً إِنَّ المودودي في الهند كان هتلر بالنسبة له المثل الأَعلى ، بينما كان موسوليني المثل الأَعلى لحسن البنا..وهنا نلاحظ ان بدايات كل الفصائل الإسلامية الحركية كانت فاشست .! وقد رتبت هذه الفصائل نفسها على غرار الحركات الفاشية وبثوب اسلامي ..ما أَحلى الصحوة الإسلامية ..فاشيست + اسلام https://www.youtube.com/watch?t=119&v=zkJGD4bMw8o


11 - شكرا رفيق بارباروسا على الفديو القيم
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 8 - 12:42 )
بالفعل هناك هناك ملامح عديدة شتركة بين المشروع الهتلرى النازى والمشروع المحمدى الفاشى الديكتاتورى الذى كان يهدف الى اقامة دولة عربية تضارع دولتى فارس والروم فى ذلك الزمان . كلا المشروعين قام على سحق الآخر واخضاعه والاستيلاء على مقدراته ومحمو هويته وكلاهما قاما على نزعات عنصرية بحتة .
تحياتى