الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة ثالثة ما لها وما عليها

سامي الاخرس

2015 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


انتفاضة ثالثة ما لها وما عليها
” إن فعلت نفس الشيء مرتين تحصل على نفس النتائج“ تشتعل الأرض المحتلة، الضفة الغربية منذ ايام بحالة كفاحية شعبية في وجه الاحتلال الصهيوني، وانطلق الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة مجتاحًا شوارع ومدن الضفة الغربية ملاحقًا قوات الاحتلال، حيث ذكرت في مقابلة مع راديو علم جامعة الخليل قبل الخطاب بيوم، وبعد الخطاب أن السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس لم يعد ملكان من أوراق الضغط سوى الحرّاك الشعبي المقنن والمُسيطر عليه، وذلك لعدة أسباب أن الرئيس والسلطة يؤمنون بالحرّاك أو المقاومة الشعبية إيمانًا مطلق، ثانيًا أن خيار السلام استراتيجية ثابتة في فهم وعقلية الرئيس السياسية، ثالثًا أنه لم يعد يمتلك من خيارات في مواجهة ” إسرائيل“ والولايات المتحدة الأمريكية سوى هذا الخيار الشعبي، رابعًا الضغوطات المحلية والإقليمية التي يتعرض لها الرئيس محمود عباس، خامسًا محاولة حركة فتح لملمة نفسها من جديد والتأكيد لشعبنا إنها لا زالت تقود الحالة الفلسطينية في السلم والحرب.
ما يحدث في الضفة الغربية وما حدث في غزة بالأمس يؤكد حقيقة واحدة أن شعبنا الفلسطيني لديه رصيد ومخزون نضالي وتضحوي لا ينضب. ورغم كل حالة القهر والاعتداء على حقوقه والممارسات ضده من الاحتلال ومن السلطتين إلا أنه لا زال يؤمن بالنضال والتضحية من أجل الحرية، وهو الدافع الذي دفع الأحزاب الفلسطينية لاستثمار هذه الدافعية، واستغلالها في أوقات الحاجة تحت غطاء وطني، في حين لا تحقق أي نتائج أو مكتسبات وطنية بل هي استثمارات لحظية لأهداف لحظية سريعًا تعود بشعبنا وقضيتنا لنقطة الصفر، وتزيد من الإحباط والقنوط لديه.
تمكنت الرئاسة وحركة فتح من استغلال حالة الرضا التي عمت شعبنا الفلسطيني من خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وأرادت أن تؤكد لـٍِ“ إسرائيل“ وللولايات المتحدة أن الرئيس لا زال يمتلك زمام الأمور، ولديه القدرة على تحريك الشارع الفلسطيني، وأن الرصيد الشعبي للرئيس لم يتأثر بالأحداث والمحددات الداخلية، ولديه ما يمكن أن يفعله، وأن تهديده لم يأتِ من فراغ أو مجرد تنظير وخطاب سياسي، بل لديه القدرة على تحريك الشارع ولديه أوراق يمكن له أن يلعب بها ويحرج ” إسرائيل“، وهي رسائل قوية للكيان وكذلك للقوى الفلسطينية المحلية.
حَركت الضفة الغربية من خلال شباب فلسطيني متحفز ومستعد للتضحية مع محاولات السيطرة على هذا الحرّاك في حدوده الشعبية أي في مصب واحد فقط، دون السماح له بتجاوز بعض الخطوط التي تخرج عن الإيمانيات العامة للسلطة وللرئيس محمود عباس، وحتى لا يفقد الحرّاك أهدافه، ومساره، ومن ثم السيطرة عليخ ، كذلك لسحب اذررائع من ” إسرائيل“. وهو ما إلتقطته حركة حماس سريعًا فأطلقت العنان بعد خطبة السيد اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي في صلاة الجمعة لتؤكد هي الأخرى أنها قادرة على تحريك الشارع، ولديها القدرة على المناورة، وهي رسائل للرئيس و“ إسرائيل“ معًا، وأيضًا تكسب موقف أنها ناصرت ووقفت بجانب اضفة الغربية في حرّاكها وانتفاضتها.
في ظل هذه الحالة وهذا التبارز بين القوى المتصارعة محليًا وبين السلطة و“ إسرائيل“ لا تجد باقي الفصائل مفر إلا الصلاة خلف الإمامين كلًا في محراب سياسته وترفع يديها للقول ” آميييييييييين“.
خاض شعبنا الفلسطيني مراحل نضالية متواصلة منذ عام 1967 حتى اليوم، وخاض انتفاضتين وعدة حروب في الأردن، في لبنان، في غزة، وفي الضفة الغربية كانت محصلة هذه الحروب وهذه الإنتفاضات في العرف الثوري(صفر) على الصعيد الوطني، وعلى صعيد القضية الفلسطينية. أما على الصعيد الجماهيري فكانت خسائر فادحة في الأرواح، والممتلكات، والأجساد، والمقومات الوطنية. ورغم ذلك فهي خسائر حميدة وواجبة في مسيرة التحرير، ولا يمكن لأي شعب يريد التحرر دون التضحية. لذلك فإن هذه الخسائر هي مكاسب في طريق التحرير، ولكن ما هي المكاسب التي حققناها على الصعيد الوطني مع هذا الكم من التضحيات؟
منذ تفجر الثورة الفلسطينية وشعبنا يقدم التضحيات، ويناضل بكل الوسائل والسبل إلا أن مقارنة هذه التضحيات مع ما تحقق على الأرض لا يخرج عن تقديم مزيدٍ من التنازلات والتراجع بالبرنامج الوطني للخلف، وان كل الحروب والإنتفاضات تم استثمارها لمصالح حزبية وشخصية تصب في خدمة جماعات وفئات فقط، فبدأنا بالتنازل باسم الواقعية بالبرنامج المرحلي، وانتهينا إلى سلطتين تقتسمان الشعب والجغرافيا في غزة والضفة الغربية، ويتأسسان على المحاصصة بكل مقومات الوطن وقدراته، وقهر المواطن الفلسطيني وملاحقته بالفساد والعصا والقمع.
إذن فكل مراحلنا النضالية تنتهي باستثمار سلبي، وتقديم مزيدًا من التنازلات على حساب دماء الشهداء وآنين الجرحى وعذابات الأسرى، قهر من دمرت منازلهم وممتلكاتهم،لخدمة قيادة حزب أو قيادة سلطة، نخسر جيل تلو جيل وكل شيء يتغير إلا قيادتنا الرسمية والحزبية ثابته على رأس الأشهاد.
فما المطلوب ؟
المطلوب أن يستمر نضال شعبنا الفلسطيني، ومواصلة اندفاعيته التحررية لأن شعبنا يهدف للتحرير ونيل حقوقه، ولكن هذا الاستمرار يتطلب مقومات تساعده وتقوده للتحرير، هذه المقومات غير متوفرة حاليًا في النظام السياسي الفلسطيني، وعليه قبل المطالبة بانتفاضة ثالثة لابد من:
أولًا: تغيير شامل وجوهري في الفهم السياسي والاستراتيجيات السياسية والأهداف السياسية الفلسطينية.
ثانيًا: تغيير جوهري وعميق في القيادات الفلسطينية، والقيادات الحزبية التي أدمنت الرفاهية والترف، والفندقة والسياحة والسفر والاستمثارات، فالقيادتين الرسمية والحزبية لا تتمعان بأي مواصفات (ثيادة تحرير) بل هي قيادات تمرير وبساط أحم.
ثالثًا: عدم السماح للاحتلال التفرد تارة بغزة وأخرى بالضفة الغربية كما فعل في مفاوضات السلام حيث تفرد بكل محور عربي على حدة حتى أضعف جميع المحاور واستفرد بالمحور الفلسطيني متنكرًا له ولحقوقه، وعليه علينا الاصتفادة من هذه التجارب وتوحيد جهدنا النضالي الحقيقي وعدم السماح بالتفرد بكل ساحة فلسطينية على حدة وترك ( مفهوم كبر الروس).
أخيرًا هل ما يحدث في الضفة الغربية هو انتفاضة ثاثة؟ باختصار شديد إن ما يحدث وما حدث في غزة بالأمس استثمار باندفاعية وتضحيات جماهير شعبنا دون أي احتمالية لاحداث اختراق فعلي في جدار الاستثمار سيصب في نهايته مزيدًا من التنازلات ولنا في الانتفاضيتني 1987، 2000 ، وحروب غزة الثلاثة قراءة وأسوة.
د. سامي محمد الأخرس
العاشر من سبتمبر (أيلول) 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير