الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسابقات الاكاديمية الجزائرية: حتى أنت يا بروتوس!؟

مزوار محمد سعيد

2015 / 10 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لن اضيف شيئا إذا ما سردتُ ما يجري في الاروقة الاكاديمية، لن اضيف سوى صياغة جديدة لعملية احراق غاليلي أو نكبة سنوية لابن رشد، وكأن ايام المآسي هي ما توارثها الجزائريون بكل ثقة؛ نعم! لن اضيف شيئا ابدا، سوى ان اضيف فصلا جديدا من التراجيديا الجزائرية الفائقة الدقة، والبالغة المكر، هذه المرة هي تراجيديا فلسفية بامتياز، في جنازة الجدية، قد يبكي الضمير ويقهقه العقل حتى درجة الجنون.

المشهد الأوّل: إدّعاء القبول بالاختلاف
عندما تدخل اروقة جامعة تلمسان، وفي شعبة الفلسفة بالتحديد، أول ما تصادفه هو شعار: الاختلاف، ربما هو مختلف كثيرا عن ما ورد لدى جاك دريدا، حيث اختلافهم هو أن تقبل بهم، رغم أنهم يجلدون روحك بكل ما يحملونه من حقد وغلّ، وكأنّ الأمر مقتصر على اختلافهم حسب مقاسهم، اختلاف حول الرأي عندما تتبع آراءهم الهمجية، لكنه يصبح خلافا إن ما أنت أردت أن تبني طريقا مستقلا لك، وعليه، يصبح الاختلاف مثل الدين عند المتدينين، دين جديد، هم أولياء الاختلاف على هذه الأرض، فيهمش كل مختلف بالفعل، كن رديئا مثلهم، لكي تصبح دكتورا مثلهم من ورق، وإلا ستصبح طرطورا عبر اقصائهم لك، تحت شعار: الاختلاف.

المشهد الثاني: لقطاء الفكر هم شاغلوا منابره
لقد قضيتُ خمس سنوات كاملة بين تلك الاروقة، وشاهدتُ أساتذة تغلغلت الكفاءة حتى اعماقهم يغادرون تلك الشعبة، عبر انقلابات بيضاء، مثلما حدث مع تشاوسيسكو-رومانيا، أو عبر ثورات الطلبة العشواء مثلما حدث في "الربيع العربي"، لكن لا هذا ولا ذاك كان سببا لرحيلهم، وبعد تدبّر عسير، وجدتُ أن من وراء شد احزمة حقائب الفاعلين من الأساتذة الصالحين، هو وقوفهم في موقف "إما تأكل وتشرب وتخرس، أو ترحل"، ففضلوا الرحيل، لأنّ أنفتهم لا تجعل منهم مجرّد كائنات بيولوجية، تدفعهم إلى التحرش بالطالبات وابتزازهن بالنقطة أو العلامة الدراسية، ولا أن يسمعوا هراء الفينومينولوجيا المشوّهة من أفواه سلالة الشواذ جنسيا وورثة حبيب ألكسندر الأكبر، والغريب أنّ حتى ذاك الدكتور الآت من فرنسا، المشهود له بالكفاءة والحماس للعمل الاكاديمي، والذي سبقته الينا اعماله قبل جسده، قيل فيه ما قيل، من "زملائه"، فتارة نسمع: "أنه يكتب ولا يفكّر"، وتارة أخرى يقال لنا: "أنه كان في مرسيليا يغلق الباب على نفسه ويكتب، في حين أن التفلسف هو اكتشاف"، ويقال لنا: " أنه فاشل في حياته العاطفية والشخصية"، ومعوق الفينومينولوجيا "زميله وصهره ولو من بعيد"، وصل به حقده وغيرته منه إلى أن قال لنا: "العبرة ليست بالكتابة الكثيرة، وإنما بنص مركّز" ثم أضاف قائلا: " من أين ياتي بما يكتبه؟"، في تشكيك منه في زميل له يعرفه أكثر من "ربع قرن!؟"... يا سلام على من ينسب نفسه لهورسل وهايدغر!!

المشهد الثالث: يقتاتون من أوهام الأفكار بدل انتاجها
أعترف أنني سايرت مرض السرطان ذاك المسمى "شعبة الفلسفة" لمدة طويلة، حاولتُ فيها ان اكتشف الفرق بين "تطابق الفكر مع نفسه والواقع"، لكن كانت دهشتي كبيرة، وأنا أجد "دكاترة" لا يجيدون ولا لسان اجنبي، ويحضرون منتديات وملتقيان وحتى يشرفون على بعضها وهي باللسان الفرنسي، بعضهم يحاضر في جامعات اجنبية "في فيينا وبرلين" وهو لا يتقن ولا كلمة بالالمانية، البعض الآخر يكتب عن فكر وفلسفة أميركا وهو فاشل في اللسان الانجليزي، (البعض كان يقتلني بسهام نميمته وأنا طالب بينهم فقط لانني اجيد الالسن الاجنبية)، حتى ان احدهم اقام جلسة صحفية مع احدى الاذاعات الفرنسية، وهو يتكلم بلسان فرنسي يخجل منه سامعه، تلميذ في الابتدائي يمكن ان يصحح له اخطاءه (أتكلم عن دكتور متخصص في الفلسفة السياسية وفلسفة التاريخ يا ماما)، فعلا فاقد الشيء لا يعطيه!

المشهد الرابع: نفاق على طريقة ميكيافيلي، لكن فتى ايطاليا اشرف منهم
عندما أنقل الحقائق العلمية وهي زائفة أكون مستحقا للطرد من مجمع العلماء، وعندما انشد انغاما من احدى سمفونيات فاغنر وانسبها الى نفسي، أكون سارقا، وعندما انسب آيات إلى الله أكون مثل مسيلمة الكذاب، لكن أن أرى "دكاترة أكادميين"، يكتبون مقالات فلسفية منسوخة ومسلوخة قلبا وقالبا من أعمال طلبتهم أو عن كتب ومجلات، أو عبر خلط معلومات بأخرى من سياقات متباينة جدا، أو أن أرى دكتورا متخصصا في "هيغل" يكتب فقط لمجرد الكتابة، الاكثار من المبنى بلا معنى، حتى وصل به الأمر أن اعاد نشر فصولا باكملها تحت عناوين مختلفة في عدة مقالات وكتب، من أجل تنميق اسمه فقط، هنا!! ماذا يمكن أن أسميهم؟ سارقين أم كاذبين؟؟
لنتجاوز الاسم إلى ما هو أخطر، البعض منهم حتى مذكرته مبنية على الخلط والنقل والسرقة الفلسفية الفكرية، التي يعاقب عليها القانون، ومع ذلك هناك تواطؤ خفي، يجعلهم بقدرة قادر يفوزون في المسابقات وينالون الشهادات والجوائز أيضا: فعلا هي عقلية قراصنة ليس أكثر.
أحد الدكاترة "المحترمين" هو شاعر، ضبط متلبسا في مكتبه مع طالبة ينسج معها منظرا فلسفيّا راقيا جدا من مناظر باريس، لن تجده سوى في اروقة كهذه، وبعد مدّة عاد إلى الشعبة وكأن الامر لم يحدث، لما علمتُ بالقصة بكيتُ كثيرا وأنا اتذكر حالة سقراط وهو يشرب السم فداء لروح رؤياه، أو نيتشه وهو يوقع على احدى رسائله عندما كان حبيس تلك المصحة العقلية: أنت لست ميتا يا سقراط وأنت لست مجنونا يا فريدريش.

المشهد الخامس والأخير: غوبلز النازي لم يقتل أبناءه
لطالما تعلقت النهايات بالبدايات، وكانت لكل بداية نهاية، هذه الفكرة هي التي جعلت عمر بن الخطاب خليفة المسلمين يبكي بكاء حارا يوم حجة الوداع، وهذا ما حصل معي أنا (مزوار محمد سعيد) أيضا.
في الأخير مثلت مسرحية "مسابقة الدكتوراه باتقان"، فقد كان "الدكتور الديموقراطي واللطيف" ينسج سيناريو رسوبي أنا وابن مدينة سطيف، وحتى لا نلومه تظاهر بالوقوف الى جانبنا بداية، ثم قبل ايام من المسابقة استدعانا حتى يشرح لنا ظروفها وتوقيتها، بعدها اتصل بنا ليسرب لنا موضوع المسابقة، ثم ادعى انه مبعد من الاشراف على المسابقة، لينتهي بنا المطاف إليها، ثم رسوبنا بطريقة تراجيدية، حيث ماذا يفعل الميّت أمام من يغسله سوى الامتثال؟
ما حزّ في نفسي أن أحد الناجحين "المتأسلمين" عزاني برسوبي واحتفل بالتشفي في شخصي والنتيجة لم تظهر بعد، لانه كان يعلم مسبقا انه فائز وانا راسب، لكنني اسأل هنا: أين هتلر اليوم أو قيصر يوليوس؟
بدت المسابقة تلك مسرحية مكتملة الفصول، سارت بظروفها الزمنية وملابساتها القانونية بشكل الدون كوليوني "الاب الروحي"، فالكل في شعبة الفلسفة بجامعة تلمسان خدّام لرب واحد، هو الدكتور: معوّق الفينومينولوجيا، وهو من اقصاني من النجاح في المسابقة، لا لامر سوى أنه أراد فشلي استجابة لنقطة سوداء اسودت من الحسد والحقد علي، بعدما لمس في نفسي عزيمة على طلب العلم والتفلسف لم يجدها في نفسيته المريضة.
ليس هناك ناجح، لان النجاح يكون في مسابقة عادلة، ومع ذلك مبروك للناجحين، وسحقا للفاشلين وأنا منهم لانهم كانوا مجرد أرقام في قوائم، ولم تكن لهم من الحظوظ سوى ان يجلسوا على مقاعد تلك البناية البائسة بفكرها قبل كل شيء، لكن دعوني أخبركم: أنا لم افشل، ولم أرسب، بل انتم من رسبتم وفشلتم في كسبي، لأنها كانت مسابقة لكم وليست للطلبة، أنتم من فشل في كسب احترامنا يا دكاترة الفنادق والخراف والنبيذ ومؤخرات الطالبات.
سيقولون أنني حاقد عليهم وأكتب هذه الكلمات لابرر فشلي، ويقولون أنني اروح عن نفسي لانني رسبت ولو نجحت سأقول كلاما آخر، لكنني انقل الوقائع كما حدثت، ولدي الكثير من الادلة على هذه الكلمات، بالتواريخ والوثائق، ومع ذلك أجدد التهنئة للناجحين، وأقول لكم: حتى وإن نجحتُ أنا أيضا، فإنني كنتُ سأقول نفس الكلمات، لأنها واقعية وموجودة، ولن يفهم ما أقول سوى من يدرس في شعبة الفلسفة بتلمسان.... وداعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط