الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الصورة التي قيل أنها في فلوريدا - قصة قريبة من الواقع -

ربحان رمضان

2015 / 11 / 1
الادب والفن


نخلة صغيرة وحيدة واقفة على شاطئ بحيرة بالقرب من المدينة التي يعيش فيها أبو العم ..
شجرة نخل صغيرة تبهر الانسان الشرقي وتدفعه لأخذ صورة إلى جانبها ..
من النخلة نسج " أبو العم " قصة أسماها : " فلوريدا ، وأصبحت فلوريدا اسما ً متداولا ً بين السوريين في المدينة التي يقطن فيها تخليدا لها .. ومدعاة ضحك على مسببها المخبول كما يقولوا الناس عنه .
في بداية الصيف خرج ثلاثة أصدقاء في نزهة على شاطئ بحيرة قريبة من بيته ، حيدر ويوسف وأبو العم ..
سبحوا، واكلوا ، وشربوا ماطاب من عصير الجعة ، وأخذوا صور تذكارية بهذه المناسبة .. لم يعد أبو العم يتذكر لماذا أحب أن يتصور بجانب هذه النخلة ..
النخل نادر في تلك المناطق الباردة من الكرة الأرضية مما دفعه أن يتصور إلى جانبها صورتان جميلتان ..
كانت صدفة غريبة حقا ، والصورتان الجميلتان نشرهما في صفحته الشخصية على صفحته للتواصل الاجتماعي المسمى بال " فيس بوك " ، وبسرعة البرق تناقل أصدقاءه وهم من رفعة القوم ومثقفيها و شخصيات وطنية تعرفه منذ سنوات النضال الأولى مما أشعل نار الحقد والغيرة بقلب شخص " يحبنه كثيرا ..!! " لكنه جبان لأنه لم يقل لأبو العم ولا مرة واحدة كلمة " أحبك " ، بل كان كلما رآه يطأطأ رأسه وينظر إليه بزاوية مقدارها 20 درجة مئوية .
بعد يومين من النزهة وصلت أبو العم دعوة من قسم الشرطة بالحي الذي يسكنه للتحقيق في قضية تهديد .
أي تهديد ، لم يعرف أبو العم ماهية هذا التهديد ، ولم يخطر على باله أن يهدد شخص يزديه ويحتقره .
ركب دراجته النارية وتوجه الى القسم إياه ، ولدى سؤاله عن السبب قيل له : انتظر المحققة تريد استجوابك .
قال في نفسه : خير الله اجعله خير ، انتظر في صالون الانتظار قليلا ، وإذا بشرطية جميلة شقراء لايتعدى عمرها الخمسة والعشرين عام تدعوه لمقابلتها .
فتحت له الباب ، دخلت في دهليز قصير ووراءها أبو العم مع صديقه الشاهد على غباء المدعي ، ثم أول غرفة على اليسار ، ثم وفتحت له الباب الثاني ، وقالت بلطافة غير معهودة : تفضل سيد أبو العم .
دخلت الأنسة أو السيدة ، دخل وراءها .. دخل صديقه الشاهد ، أغلقت الباب ، جلست خلف طاولة تحقيق لاتشبه أبدا طاولات التحقيق في غياهب فروع المخابرات بالمدينة التي ولد فيها أبو العم ، ويحنّ إليها ...
أشارت إليه بكل أدب واحترام أن يجلس ..
جلس ..
بادرته السؤال : متى كنت في فلوريدا ؟؟
فوجئ بالسؤال ، طلب منها أن تعيد السؤال .. استغرب تماما .. راجع نفسه ، تداعت اليه صورة (خوان بونسي دي ليون)أحد رفاق البحار الشهير (كريستوفر كولومبوس) ..
قال يحدث نفسه : ماهي العلاقة بين (خوان بونسي دي ليون) والحقير الذي ادعى علي .. غاب عن نفسه لحظات أفاقته الشرطية الشقراء بسؤالها ، أعادته .. كررته بلهجة كلها لطافة ولباقة : متى كنت آخر مرة في فلوريدا ؟
قال لها : لم أفهم السؤال آنستي ، أية فلوريدا تقصدين ؟
قالت : انت كنت في فلوريدا ، تكلم الصدق من فضلك .. قال لها وهو بحالة ذهول : لم أزر فلوريدا بكل عمري ، ولا عتبت قدماي أراضيها .. !!
لو انتظرت هذه الشقراء لفترة لاحقة لعرفت أن الأمريكان لم يسمحوا لأبو العم بزيارة بلدهم رغم أنه حجز بطاقة سفر ومنامة في في نفس الفندق المقرر أن تعقد حاله جلسات المؤتمر الذي انعقد بادارة الاشتراكية الدولية بدون أي مبرر ..
كان يقنع نفسه ويقول : " ربما لم يعتبروني صديق ... "
كررت الشرطية الشقراء سؤالها مجددا : متى زرتم أميركا آخر مرة ؟
قال لها مبتسما : لم ازرها البتة .
قالت : أعطني جواز سفرك .
ابتسم مرة أخرى ، قال وبلهجة من يعتذر : جواز سفري في البيت .
قالت : اذهب واحضره من فضلك ..
خرج امتطى دراجته النارية وبخمسة دقائق وصل البيت ، أخذ جواز سفره من مكانه المعتاد وعاد من نفس الطّريق الّذي جاء منه راكبا الدراجة التي تعود على سياقتها منذ ســــنوات .
فوجئت الشرطية الشــــقراء ، قالت وبهذه السرعة ؟؟
قال : نعم ، " عالدراجة والبيت قريب " .
حبست ضحكتها .. نظرت الى الجواز نظرت اليه ، قالت : ربما تكون قد سافرت بجواز سفر قديم قبل أن تجدده بهذا الجواز .
قال لها : صدقا لم أسافر فلوريدا ولا مرة في كل حياتي .
أخرجت " فوتو كوبي " ملون للصورتان اللتان أخذتا له على شاطئ البحيرة ، وقالت له مؤكدة : وهذه الصور ؟
ضحك أبو العم .. ضحك كثيرا لما عرف ماهو المقصود من دعوته لقسم الشرطة وعرف من ادعى عليه في هذه القضية ..
قلت لها : اسمحي لي بنصف ساعة فقط كي اذهب و أتصور ، وآتيك بعشرات الصور مع " المدموزيل نخلة خانم " ..
هذه النخلة الواقفة على شاطئ البحيرة تنتظر أبو العم ، و البحيرة ذاتها جارته تقع بالقرب من المدينة التي يقيم فيها .. والتي يقيم فيها الأحمق ذاته الذي ادعى عليه زورا ً وبهتانا ً في قضية كاذبة إرضاءا ً لحماقته اللامحدودة . ..
ابتسمت الشقراء أيضا َ ، وابتسم أبو العم ، وابتسم صديقه الذي جاء معه يستمع الادعاء .
ضحكوا جميعا على تصرف الأحمق ذو البلاغ الكاذب
استدركت الشرطية الشقراء ذاتها ، عدلت من جلستها وقالت : لكن شخصا له علاقة بك اتصل بهذا الذي ادعى عليك وهدده ..
جاوبها أبو العم ضاحكا : أية علاقة ؟
قالت الشخص الذي اتصل " بالمدعي عليك " يحمل اســــما مطابق لاســـم عائلتك ..!!
جاوبها أبو العم : هذا مثله كثير ..
العائلات تتشابه في الأسماء وربما هذا الذي جاءكم بالخبر الكاذب هو الذي اتصل بالأخر !!
اتصلت الشرطية الشقراء بزملاءها القريبيين من البحيرة تسألهم عن النخلة إن كانت موجودة فعلا على شاطئ البحيرة فأبلغوها عن صحة المعلومة ، وعلى أنها لا تزال واقفة بين مئات الناس القادمين إليها سواء بملابس أو بدون ملابس ..
نظرت بعيونها الناعسة إلى أبو العم نظرة فيها اعتذار وهي تحاول أن تكتم ضحكتها على المخبول الذي يدعي نفسه أنه دكتور وقالت لأبو العم أرجوك ، أرجوك سيد أبو العم لاترفع دعوى مماثلة عليه ، لأنه سيرفع دعوى بدوره ولا ينتهي مسلسل الدعاوي والمحاكمات ..
وعدها أن لا يرفع دعوى ، وأن ينساه .. أو بالأحرى أن " يزبله " كالقمامة ، ولما عاد إلى البيت اتصل به صديق ليخبره أن المخبول نشر تحذيرا للناس ، يحذرهم من شبيح مجرم يعني به أبو العم ، ثم وبعد أيام مقال مماثل آخر ، وثم تعليقات هزيلة ..
أصبح يقــرأ كتابات الأحمق ويضحك من كل قلبـــه لأن المعني بالحماقة يكتب مايجـول في خاطره ويحمـــله في طيات نفسـه ..
أبو العم رفع شعار " أن من يتكلم خلفك يعرف أنك في المقدمة" لذلك مازال أبو العم يمشي إلى الأمام بثقة منقطعة النظير ، ويمشي هذا الذي يحتقره خلفه يجر أذيال الخيبة والخذلان ..
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
• كاتب وناشط سياسي سوري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق