الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات التحكيم من لندن .. ردا على تخرصات - سليم - الحسنى .... (( اليوم العاشر ))

محمود جابر

2015 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


صناعة الوهم المقدس :
الطريق الى صناعة ايديولوجيا حزب الدعوة الإسلامية ذو الوجه الشيعى، والقلب الإخوانى، والتنظيم الشيوعى؛ يتطلب عبارة ملغزة وتحليلات مركبة اللفظ والمعنى تحدث صدمة للقارىء من ضخامة اللفظ ورنين العبارات فيقع القارىء أو المتابع – المسكين – فى أثر هذا الكاتب أو ذلك الراوى وقبل أن تنتهى الحلقة – المتلفزة – أو الوصول إلى فهرست الكتاب يكون الشخص صريعا وأسيرا بين يدى حزب الدعوة ذو التاريخ العريق والنضال الباهر والشخصيات الرسالية .
وحتى يتمكن هذ الراوى وذلك المؤلف من تلابيب عقلك فهو يتبع نمط من السحر المعروف وهو العبث بالأحداث والتواريخ، فتجد نفسك فى النهاية كمركب يمر فى بحر لجى يرتطم بالموج العالى والثقافة المتعالية لشخصيات ثقافية وعلمية ومعرفية عاشت بين عواصم العالم تكتب وتؤلف وتحاضر وتناقش، ولم نرى أثرا لهذا المجهود العلمى على أرض الواقع .
وكثيرا من كتاب الدعوة يحاولون تأسيس البداية بعد الإطاحة بالحكم الملكي، ولمواجهة المد اليساري الذي غمر الحياة السياسية في العراق في ظل حكومة عبد الكريم قاسم، وليس قبل ذلك الوقت، حيث زحزح حزب الدعوة تاريخ تأسيسه المفترض إلى العام 1957، والجميع منهم يحكى روايات عن بعد ابطال الروايات الواحدة على أن الروايات اختلفت وتعددت حول تاريخ إنطلاقة الحزب، فى ظل هذا اللغط جاء نوري المالكي الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية مصرحا في مقابلته مع فضائية الميادين أوائل شباط الماضي بأنه لم يعلن عن الحزب إلا في 1980 بمؤتمر عقد في بيروت رغم أنه قد تأسس عام 1957 والكلام ما زال للمالكي، وحقيقة الأمر أن المؤتمر إنعقد في طهران1980.
ومن أجل هذا العبث بالعقول والتأريخ فإن الحزب حارب خصومة، ومن يخرج من قيادته كالشيخ الفضلى والسيد عدنان البكاء والسيد كاظم الحائرى ومهجى اصفى والشهيد عز الدين سليم وغيرهم الكثير، بشتى الإتهامات الباطلة ومحاولات التسقيط والإغتيال لمن ينتقدهم وهاهم يكتبون بأسماء مستعارة ليسقطوا كل من يعريهم أو ينتقدهم أو يطالب بحقوق الشعب المحروم.
من أجل هذا فالحزب محرف فى صناعة الأصنام وعبدتها من نوعية القائد الضرورة والأسطورة :" تقديس القائد وعصمته .وتقليد الدعوة للإخوان المسلمين في ثقافتهم .وتقليدها لحزب التحرير في تحليله السياسي .وتقليدها للحزب الشيوعي في شكله التنظيمي. وعلاقة الدعوة بالمرجعية ، واعتقادها بأن قيادة الأمة لقائد الدعوة ، لأنه المتصدي للقيادة ، وليس للمرجع القاعد بتعبيرهم .وعلاقة الدعوة بالتشيع ، وأن من الدعاة من هم شيعة مستوعبون للتشيع لكن بجهدهم ونشأتهم ، ومنهم متأثرون بفكر الإخوان قليلاً أو كثيراً ، ومنهم ابتعدوا عن التشيع فلم يبق منهم إلا الإسم ، وهم يشبهون السنيين لكن السنة لا يعترفون بهم ، فصاروا كالغراب ضيع المشيتين !".حزب الدعوة نسخة من الإخوان المسلمين على الكورانى شبكة هجرالثقافية .
القائد الاسطورة :
وفقا لما قاله على الكورانى عن حزب الدعوة والذى جاء فى معرض حديثه منتقدا سلوك وطريقة واداء حزب الدعو الذى خرج منه أو فصل منه والامر سواء، ولكنه – الكورانى – نفسه وقع فيما انتقد فيه الحزب عند الحديث عن ( أبو عصام) عبد الصاحب دخيل (1930 – 1973).
وسوف انقل ما قاله على الكورانى عن ( أو عصام) كأحد نماذج العصمة القيادية التى يؤمن بها حزب الدعوة سواء من بقى منهم أو من خرج عن الحزب، وارجو ان تدقق فيما كتبه على الكورانى الشيخ العلامة عن هذا الرجل لتدرك كيف هو اثر هذا الحزب فى اعضائه والذى يبلغ حد تأثير الخمر فى شاربه ....
قوي الفراسة
وكان أبو عصام قوي الفراسة نافذ النظرة في تقييم الأشخاص ، وقد لمست ذلك عدة مرات ، وثبت لي أنه صَرَّاف شخصيات . فقد كنتُ أعطيت مسؤولية الى شخص مثقف ذكي ، عملي ، من عائلة معروفة ، فقال لي أبو عصام: هذا لا ينفع ، إنه لِعْبِي ! فلم أقبل منه وقلت في نفسي: لعل انطباعه عنه خاطئ لأنه يناقشه كثيراً .
لكني بعد مدة اكتشفت صدق تقييمه ، وأن ذلك الشخص أهل لعب وليس أهل عمل ، فهو يهتم بالإشكال على الآخرين وعلى عملهم ، وينقدهم شخصياً لا ليصحح عملهم ، ويُقَيِّمُ الشخص والأمر بنقطة ضعف فيه ويترك مجموع جوانب قوته ! وكأن هدفه من عمله أن يثبت للآخرين أنه مصيب وغيره مخطئ ! وهذا هو اللعب والغرق في الذات !
كاتب ومنظر
وقد ظهرت قدرة أبي عصام على الكتابة ، فكتب موضوعات عديدة للنشرة الداخلية «صوت الدعوة» أولها عن المرحلية وأهمية المرحلة التغييرية ، وهي نظريته . وكان يراجع ما يكتبه أبو حسن السبيتي، والشيخ عارف ، وكاتب هذه السطور ، وكذا ما يكتبه السيد الصدر .وينبغي أن نسجل هنا أن المجلدات الثلاثة التي هي ثقافة الدعوة ، كتب قليلاً منها السيد الصدر ، وأكثر منه أبو عصام.
رجل العلاقات العامة:
وعندما انتقل السيد مهدي الى بغداد كان أبو عصام يزوره باستمرار ، ويتداول معه في الأمور ، وقد يكلفه بأمر فلا يرد له طلباً ، ولو طلب منه مالاً لأعطاه ، فقد كان السيد مهدي سخياً ، أميراً من أمراء بني هاشم ، لكن أبا عصام كان وقوراً عالي النفس كزعماء بني شيبان. وقد يكون طلب منه مساعدة لبعض الأعمال ، مثل مواكب طلبة الجامعات الى كربلاء ، الذي نظمه أبو عصام من مختلف المحافظات .
مثال في الصلابة والصمود:
وكان أبو عصام في معتقله وشهادته ، نموذجاً لصمود المؤمنين ، ثابت الجنان قوي الأعصاب ، عالي النفس ، وكان خبيراً بأمر أعدائه ، يستصغرهم ويحتقرهم !
ومن الثابت عنه أنه كان في السجن يتحدى مدير الأمن المجرم ناظم كزار ، وأنه أمر بتعذيبه تعذيباً وحشياً في حضوره ، وهو يقول له: إعترف ! فقال له أبو عصام: شوف يا ناظم كزار: كل أسرار الدعوة بصدري ، وشْما تسوِّي ما راح تعرف منها ولا حرف ! وعندما عجز ناظم كزار عن إجباره على الإعتراف بحرف ، اغتاظ من صموده وشموخه ، وأمر به فألقي في حوض (أسيد التيزاب) ! وهذا الفصل من حياته يستحق أن يكتب بالتفصيل ، ويصنع بفيلم .
أبو عصام هو الدعوة تأسيساً وقيادة
نسب بعضهم تأسيس الدعوة وقيادتها الى غير أبي عصام ، وهذا من سيئات التنظيم السري الذي يسهل فيه الادعاء والتسلق ، خاصة إذا استشهد عدد من قادته. ومما يكشف حقيقة الأمر: الكتابة للتنظيم ، وإدارة حلقاته ، وكسب الدعاة . فهذه الثلاثة مقياس لأولئك الذين ادعوا أو ادُّعِيَ لهم أنهم كانوا في قيادة الدعوة .
فإذا قيل فلان كان قيادياً ، فاسأل عن كتابته في النشرة الداخلية صوت الدعوة ، التي كانت تُدَرَّس في الحلقات ، واسأل عن الحلقات التي كانت بيده ، واسأل عن الذين كسبهم ونظمهم في الدعوة ! فإن لم يكتب سطراً ، ولم يُدر حلقة ، ولم يكسب شخصاً ، فلا يكون قيادياً نعم قد يكون صديقاً لقيادي ، أو يكون القيادي منفتحاً عليه ، أو يكون في جو تأسيس الدعوة ، أو في حلقاتها الأولى ، ثم لم يواصل العمل ، بسبب الخوف أو غيره .. الخ.
أما السيد الصدر فكان أبو عصام أو غيره يلتقون به بصفته صديقاً، ولم يكن في تنظيم الدعوة ، ولم أكن أعرف ذلك ، فقد كنت أجلس معه وأراجعه على أنه في قيادتها فلا يقول لا ، حتى عرفت أنه ليس معهم ، فتفاجأت واستنكرت ، وأشكلت على أبي عصام وناقشته طويلاً ! وكان يطمئنني بقوله إنا لا نترك السيد الصدر ولا يتركنا ، فنحن معه وهو معنا ! واستقصيت منه سبب خروجه . وليس هذا محل الكلام فيه .
وينبغي التنبيه الى أن جميع خطوط الدعوة كانت بيد أبي عصام منذ تأسيسها الى شهادته ، فكان هو الذي يعطي المسؤوليات ويشكل اللجان ، وينصب المسؤولين ، وكان يتشاور مع السبيتي والشيخ عارف ، بصفتهما عضوي قيادة ولم يكن معه أحد غيرهما . ثم أبلغوني بأنهم قرروا ضمي اليهم ، فكنت أجلس معهم جلسات متباعدة ، أو ثنائية مع أحدهم ، ويبلغني رأي الآخرين .وبعد شهادة أبي عصام صارت القيادة ثلاثة ، وانتقلت خطوط الدعوة التي كانت بيد أبي عصام الى الشيخ عارف .
كان السيد الصدر يستمع اليه باحترام ، ويعتبره عالماً خبيراً بالمجتمع والتنظيم والحركات الإسلامية ، وكان يقدمه أمامه إذا دخل الى مجلس. وكان السيد الصدر أصغر من أبي عصام بخمس سنين ، وكنت أنا أصغر من السيد الصدر بثلاث عشرة سنة .
أما التنظيم فكان كله بيده ، فبه يرتبط مسؤولوا الحلقات ، وهو الذي شكل اللجان المحلية وربط مسؤوليها به ، ثم اتخذ معاونين.
كان وحده يمسك كل خطوط التنظيم ويتابع أموره الداخلية والخارجية ، ومع ذلك يعمل في التجارة ، فيشتري ويبيع داخل العراق وقد يستورد . وقد سكن في بغداد ، وكان يهتم بأمر المناطق والوكلاء ويزور البصرة كثيراً .
إعجاب أبي عصام بالإخوان المسلمين
كان مؤسس الدعوة أبو عصام أكثر الأعضاء القياديين تأثيراً في الدعوة ، في الجانب الفكري والعملي . وكان أكثرهم إعجاباً بفكر الإخوان المسلمين وثقافتهم.
وأذكر أني يومها كتبت ملاحظات نقدية على كتاب معالم في الطريق ، فقد ألفتني فيه عنوان فصل: الانحراف التاريخي ، ورأيت أن سيد قطب أدرك الانحراف الذي وقع بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم، خاصة بملاحظة قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ. (البقرة:253).
وطرحت ذلك مع أستاذنا السيد الصدر فأجاب بأن سيد قطب ليس مكلفاً بالبحث عن ولاية أمير المؤمنين ع لأنه لا يحتمل في حق فلان وفلان أن يكونوا خالفوا النبي‘!
وأما أبو عصام و السبيتي ، فلم يرضيا بنقد كتاب سيد قطب وقالا: نحن بحاجة إلى نقد الفكر الجامد ، لا نقد الفكر الحركي !
أقول: طبعوا كتاب معالم في الطريق، وحذفوا منه هذا الفصل ! ويظهر أن الهوى الوهابي لفح الإخوان ، فحرفوا بعض كتبهم ليوافقوا هوى الوهابية .
كان أبو عصام معجباً بسيد قطب، لكنه معجب أكثر بشخصية حسن البنا فكان يقول: سيد قطب لا يصل إلى مستواه أبداً !

ختام :
من خلال محاربة النقد وصناعة الصنم، استطاع الحزب أن يصنع حوله هالات مقدسة، لا يستطيع أحد الاقتراب منها، ولا من نقدها حتى الذين خرجوا من عباءة الحزب التنظيمى لم يفارقوا الحزب وجدانيا ونفسيا كما هو حال سماحة الشيخ الكورانى الذى لم يبقى وصفا يمكن أن يصف به وليا معصوما الا ووصف به ( أبو عصام)، ورغم كل المتناقضات التى يستطيع كل عاقل أن يكتشف أسطورة أبو عصام التنظيمية والحركية والكتابية والفكرية وقربه من المرجعية وحبه للإخوان المسلمين وعشقه لسيد قطب وحسن البنا، كل هذا فى شخص واحد يطيعه كل المراجع والمفكرين من أمثلة السيد محسن الحكيم والسيد الخوئى والسيد الصدر والسيد الحائرى والسيد العسكرى !!
وهنا نضع أول علامة فى صناعة الوهم المقدس .....


رابط الحلقة السابقة : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=491235








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في