الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبعات حرب فرنسا على الإرهاب في سوريا

المعانيد الشرقي
كاتب و باحث

2015 / 11 / 16
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تبعات حرب فرنسا على الإرهاب في سوريا
عادت أيادي الغدر من جديد لتضرب بلد الأنوار، الجمهورية الخامسة (فرنسا) و الذي رسم بفعل رجالاته طريق العلم و المعرفة و العرفان بكل وضوح، كل سكان المعمور دون استثناء، و فور سماعهم هذا الخبر المشؤوم، أبوا إلا أن ينددوا بهذا العمل الإجرامي المقيت، و لو تطلب ذلك الأمر منهم تعليقا بسيطا، لأن الكائن البشري واحد ويتقاسم مع غيره نفس المحددات و الخصائص الوجودية مهما كان انتماؤه، لونه، لسانه... فالوجود الإنساني كوني بالأساس، كما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكما ذهب إلى ذلك الفيلسوف الألماني إمانويل كانط في كتابه "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" و من خلال القاعدة الأخلاقية التي تحمل المبدأ القبلي للفعل الأخلاقي " تصرف على نحو تعامل فيه الإنسانية في شخصك، كما في شخص غيرك كغاية ، و ليس مجرد وسيلة بتاتا" فالإنسانية جاثمة بدواخل كل فرد فينا ، و على هذا الأساس وجب العمل بقيم التسامح و نبذ العنف بكل أشكاله. إن هذا التطور الذي بلغته الإنسانية في جميع المجالات، يضاهيه بالمقابل بدل مجهود أخر مضاعف للتصدي لكل من سولت له نفسه التنكيل بالناس مهما كان انتاؤهم . فالعنف صفة مذمومة و لا أحد منا يقبلها. لهذا فالعالم المتنور و رجالاته مدعوون أكثر من أي وقت مضى لشجب هذا العمل الإجرامي المقيت، و الدخول في حوار أممي بين شعوب المعمور مستحضرين بذلك مقولة" المهاتما غاندي" و التي تقول:" علي أن أفتح نوافد بيتي كي تهب عليه رياح كل الثقافات ، شريطة ألا تقتلعني من حذوري". فالتسامح هو القيمة التي تؤسس و لا تهدم .
إلا أننا سنبقى حبيسي المادة التنظيرية إن نحن لم نعمل على تقليب القضايا و تمحيصها من أجل سل شعرة الصواب من خليط عجيب غريب الأطوار، تتداخل في تركيبــه العوامل الإجتماعــــــة و الإقتصادية و السياسية، التي تعتبر حجر الزاوية في معادلة الصراع الدولي و الإقليمي على حد سواء بين دول المعمور و ما تعرفه من تغيرات و أحداث متسارعة ، فعندما نستحضر مشاركة فرنسا في الحرب التي تشنها على سوريا بقادفاتها و راجماتها فوق رؤوس أطفال رضع و جياع و أمهات تكالى و شيوخ و مباني ، زاعمة بأنها تحارب الإرهاب، فهي بذلك واهمة بالأساس ، لأن الأزمة السورية تشابكت خيوطها و اختلط الحابل بالنابل داخل ترابها، الأمر الذي كان يستدعي من فرنسا أن تعمل مثل ما عملته الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و غيرهم من الدول الرأسمالية بأن لا تتخذ خيار الحرب في المقام الأول ، لكن ما وقع لها اليوم ، فهو نتيجة تصرفها الذي لم يكن محسوب الخطوات ، ذلك أن الإرهاب الذي تزعم محاربته فهو ليس دولة أو كيانا واضحا او جماعة تحتل موقعا جغرافيا بعينه له حدود و سيادة ، إنه تنظيم أعمى و مجهول، بحيث لا يستطيع المرء المتخصص فك طلاسمه ، فالخيار التي اتخذته أمريكا بعدم التدخل في سوريا حربيا على سبيل المثال، كان صحيحا و صائبا إلى أبعد الحدود ، لإن إعلان الحرب أمر يسير، وغاية في البساطة و كأنك تضغط على زر تحكم عن بعد لتشغيل آلة، فبكلمة من أصحاب القرار تندلع الحرب داخل ساحة الوغى فور الإعلان عنها ، لكن على أصحاب القرار السياسي أن يعوا تمام الوعي بنتائج هذه الحرب ، إننا نتذكر جميعا الخسارة التي منيت بها أمريكا من حرب الخليج، بحيث أنها خرجت منهوكة القوى ، و خلف ذلك أزمة اقتصادية تضررت من جرائها جل دول العالم و التي لازالت اعتى اقتصاديات العالم تعاني ويلاتها.
فعندما تغيب التصورات الحقيقية لتغيير العالم ، أقصد بلوغ السلام الذي ينشده كل إنسان يقدس الحياة و يتمتع بقيم أخلاقية كونية أساسها التسامح و احترام ذلك الغير المختلف ، و ذلك من خلال إرادة قوية ، وطالما العالم بيد الرأسمالية ، فلا فكاك من الإرهاب، فهو بمثابة تلك الشوكة التي تتقوى يوما عن يوم و من خلال تصرفات الرأسمالية و جشعها وراء تحصيل الأرباح و مراكمة رؤوس الأموال مهما كان ثمن ذلك ، و لا يجب أن يفهم من خطابي بأن الدين و التطرف بعيدين عن هذه الأحداث الإجرامية ، بل يلعبان دورا أساسيا في تغيير معادلة التوازنات السياسية على المستوى الدولي و الإقليمي ، الشيء الذي يجعل التباعد بين الفعل السياسي و القيمي يطرح إشكالية التوفيق بينهما لتضييق الهوة بين الرسمالي الجشع و البروليتاري الكادح، و خلق حوار مع أولئك الذين يغادرون بلدانهم بسبب استلاب كينوناتهم و ضياع حقوقهم ، علاوة عن انهم يمتلكون وعيا قطيعيا يجعلهم غير قادرين على فك شفرات هذا الواقع المرير و الإندماج داخله ، فتجدهم متوجهين نحو عوالم التطرف و المنظمات الإرهابية ، لأنهم وجدوا الطبق المقدم لهم أكثر إغراء ، مما يتبين معه بجلاء حضور التطرف بقوة و في جميع مناحي الحياة ليهدد البشر أينما حل و ارتحل .
لا أحد منا كيفما كان انتماؤه و لونه و عرقه و لسانه، يحب و يرغب في العنف، بشتى أشكاله و أنواعه، و ليس ذلك إلا لأن السلام قيمة مطلوبة لذاتها و ليس لأي شيء آخر، فبواسطته يتم البناء و تتطور الأمم و تبنى الحضارات ... لذلك عندما يغيب نداء العقل يحضر العنف ، و بالتالي تضحى معه الموت صناعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب