الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف وجدت نفسي مدافعا عن الحركة الإسلامية؟

شاهين خليل نصّار

2015 / 11 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تستعر نقاشات الفيسبوك وتويتر في هذه الأيام في فلسطين الداخل حول مسألة حظر الحركة الإسلامية الشق الشمالي كليا في إسرائيل، ‏وخصوصا حول مسألة الجدال والسجال بين دعم الخطوة الإسرائيلية وبين دعم الحق الفلسطيني بوجود حراك سياسي داخلي شرعي ‏وإن كان لا يتفق مع آرائنا السياسية أو رؤيتنا الاجتماعية ولا حتى الدينية.‏
اعتبر العديد من المغردين والمعلقين أنه يجب بالفعل حظر الحركة الإسلامية التي تتماشى وآراءها مع حركة الإخوان المسلمين ‏المصرية، في ظل الهجوم المشابه على الإخوان في مصر وحظر الحركة هناك ومنع تحركاتها واعتقال مسؤوليها، الأمر الذي لم ‏يحدث بعد في إسرائيل، فقط لمجرد أن النظام القضائي يختلف قليلا بل وربما لأن الوقائع والواقع مغايرين، ولكننا لسنا في هذا الصدد ‏الآن. ‏
وقد أعلن المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر في ساعات الصباح الباكر أمس الثلاثاء عن إخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن ‏القانون، وذلك بسبب "تحريض نشطاء الحركة الإسلامية على العنف والترويج للكذب من خلال شعار الأقصى في خطر، والادعاءات ‏المستمرة بأن إسرائيل تعمل على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى". وجاء في قرار المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي أن ‏‏"الحركة الإسلامية في شقها الشمالي "حرضت على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى من خلال الرباط في المسجد الأقصى ‏الأمر الذي أدى الى استفزازات دفعت الى زيادة التوتر في الحرم القدسي الشريف مما أدى الى موجة من أعمال العنف بسبب ‏التحريض والدعاية التي روجوا لها".‏
أكتب هذه المقالة ليس دفاعا عن الحركة الإسلامية، التي برأيي تشكل خطرا على جماهيرنا العربية في الداخل وعلى مشروعنا ‏العلماني اليساري، ولكن القضية هي ثنائية المعايير والتلون الاسرائيلي في تعاملها معنا كعرب فلسطينيين من مواطنيها.‏
القضية هي كالتالي، طالبت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية العربية في إسرائيل، ومؤسسات حقوق الإنسان الإسرائيلية عموما، ‏وبينها مركز مساواة لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، مركز عدالة، الائتلاف لمناهضة العنصرية في إسرائيل (والذي يضم 37 ‏مؤسسة وجمعية حقوق انسان في إسرائيل، والذي عملت كمنسق إعلامي له في السابق)، والمركز الإصلاحي للدين والدولة (مؤسسة ‏تضم ناشطي حقوق إنسان من اليهود المتدينين الإسرائيليين)، وغيرهم بإخراج جمعية "لهافا" العنصرية الفاشية اليمينية الإسرائيلية ‏التي تعمل بحسب قولها على "منع اختلاط النسب" (بين اليهود والعرب) ومنع الزواج المختلط، ولكن نشاطاتها تتعدى ذلك بكثير بل ‏وباتت منبرا للتحريض الأرعن على مجتمعنا العربي في الداخل والفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ومعظم أعضاءها ‏وناشطيها هم من أتباع اليمين المتطرف وجماعة كهانا وحزب "كاخ" الذي حظرته محكمة العدل العليا في الثمانينيات من القرن ‏المنصرم. ناشطو هذه الجمعية يحرضون على العرب الفلسطينيين بشكل دائم، ان كان عبر مناشيرهم العنصرية التي يدعو بعضها ‏لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي الثالث على أنقاضه أو لطرد الفلسطينيين العرب من موطنهم الأصلي أو عبر تنفيذ ‏اعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية، أو تخريب ممتلكات وثقب اطارات وشتى الجرائم العنصرية تحت مسمى "تدفيع ‏الثمن". يذكر أن اثنين من أتباع كهانا أقدموا على احراق منزل آل دوابشة وقتل أفراد العائلة في قرية دوما شمال الضفة الغربية قبل ‏شهرين تقريبا.‏
الحكومة الإسرائيلية ولا المؤسسات القضائية قبلت بإخراج هذه الحركة وأعضاءها عن القانون، بادعاء حرية التعبير عن الرأي. ‏ورغم علم الشرطة الاسرائيلية والشاباك بخطورتها فقد رفضت حتى الآن حظرها. ‏
لا أتفق مع الحركة الاسلامية بأي شيء ولن أتفق معهم، فأنا ملحد وهم متدينون بشدة، بل إن بعض أعضاءها متطرفون ويرفضون ‏تقبل الآخر وأفكاره وحرية معتقداته. هذه الحركة لا تؤمن بالمساواة بتاتا، وترفض حقوق المرأة وتعادي حقوق الإنسان التي نطالب ‏بها كأقلية فلسطينية مقموعة. وفقط في العام الجاري قتلت عشر نساء بحجة "شرف العائلة" في الداخل الفلسطيني، وأطلقت النيران ‏على ناشطات نسويات دعون لتنظيم سباق ركض نسائي في الطيرة وهي بلدة عربية داخل إسرائيل. كما أنهم يرفضون حق الانسان ‏في ان تكون له ميوله الجنسية الخاصة وإن كانت لا تنطبق مع رؤيتهم للأمر، ويرفضون حتى الاختلاط بين الشاب والفتاة، وفي أيام ‏دراستي الجامعية حتى غادروا قاعة مؤتمر عندما نظمت لجنة الطلاب العرب حدثا بمناسبة ذكرى النكبة بداعي أن فتاة كانت تغنّي ‏علما أنهم كانوا ضمن المسؤولين في لجنة الطلاب العرب التي نظمت الحدث بذاته.‏
بغض النظر عن ذلك، فإن التطرف الإسلامي في مجتمعنا آخذ بالازدياد في الآونة الأخيرة مع صعود حركات إسلامية في سوريا ‏كداعش والنصرة وغيرها، والتي بدأت طريقها في كنف حركة الاخوان المسلمين السورية. ‏
انتفضنا للنساء والمرأة وللمثليين وحقوقهم كبشر مثلنا مثلهم متساوون في كل شيء.‏
بنظري لا فرق بين لهافا وجماعة كاخ الفاشية وبين الحركة الإسلامية – الشق الشمالي على الأقل.‏
ولكن عندما يأتي الأمر للدفاع عن حقنا في الوجود وحقنا في المعتقد في الداخل الفلسطيني، فتجد نفسك تصارع نفسك، كيف لي أن ‏أدافع عن حركة أعتبرها ظلامية كهذه؟ بكل بساطة عندما يوجد خطر أكبر يرزح على مجتمعنا الفلسطيني من المؤسسة الاسرائيلية ‏الحاكمة، فالواجب هو الوقوف يدا واحدة، فاليوم يستهدفونهم وغدا يستهدفوننا.‏
بعيدا عن السياسة، تلقيت مؤخرا دعوات بالقتل من داعشي سوري عبر تويتر، بسبب كوني فلسطينيا علمانيا وهؤلاء لا حديث معهم، ‏لكن الحركة الإسلامية في الداخل لا تزال جسما شرعيا في مجتمعنا الفلسطيني وإن كنا لا نتفق واياه. ‏
هكذا وجدت نفسي أدافع عن حق الحركة الإسلامية بالوجود والنشاط، مع كل التناقضات في الأمر.‏
في الختام لا بد من التنويه له هو أن مطلب بعض أعضاء الحركة باستقالة أعضاء الكنيست العرب من الكنيست بسبب حظر الحركة ‏لهو مطلب حقير ودنيء ببساطة لمجرد أنها لا تعترف أصلا بحق تواجد ممثلينا العرب في الكنيست.‏
‏* كاتب فلسطيني من حيفا

‏ ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد