الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة البابا -التطبيعية- وتحليل المحرم وطنيا

محمود عبد الرحيم

2015 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


زيارة البابا التطبيعية وتحليل المحرم وطنيا

*محمود عبد الرحيم:
للبابا تواضرس ورجاله أن يبرروا ما قام به كما شاؤوا، مثل من سبقوهم لكن بكل تأكيد ، ما فعله رأس الكنيسة الارثوذكسية المصرية بزيارة الأراضي المحتلة تحت السيادة الصهيونية، خطيئة كبرى لا تقل جرما وفداحة عما فعله السادات ومبارك ومن جاءوا بعدهما، ويتساوي أن لم يزد مع ما فعلته قيادات دينية إسلامية كشيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف وغيرهما من الرموز الثقافية، ناهيك عن رجال الأعمال وفنانين ورياضين واكاديميين.
ولو تركنا الأمر للتبريرات فلن نعدم حيلة، خاصة ان كل منهم يجد شماعة يعلق عليها هذا الجرم فمن يسميها "زيارة رعوية" ومن يدعي أنها ل"دواعي الأمن الوطني" أو " متطلبات السياسة" أو دعما للفلسطينيين أو مجرد بيزنس، و"عقود تجارية"، أو من يسوق ان الصراع انتهى ولا شأن لنا والقضية أو الصراع لم يعد سوى "فلسطيني إسرائيلي" وليس عربيا، لكن واقع الأمر أن ثمة تفريطا يحدث وخروجا على ثوابت الأمة، وقبولا بالأمر الواقع الذي يفرضه الكيان الصهيوني العدواني الذي ليس له صفة دولة أو شرعية حقيقية، وليس سوى كونه أحط أنواع الاستعمار الاستيطاني الذي انتهى من العالم، فضلا عن أنه كان ولا يزال رأس حربة المشروع الإمبريالي الغربي الذي يستهدف استقرار المنطقة ويسعى طوال الوقت لاستنزافها كي لا تقوم لها قائمة وتعرف طريق الاستقلال والتنمية وبسط سيطرتها على مواردها والتحرر من الاستغلال والتبعية.
وجريمة البابا ليس في كونها سابقة خطيرة، ولكن لأنها تحلل محرما من المحرمات الوطنية وليست الدينية وتفتح الباب واسعا لقطاع واسع من المسيحيين المصريين لزيارة الأراضي المحتلة والاعتراف بشرعية وسيادة الكيان الصهيوني، بل وتنشيط سياحته ودعم اقتصاده، وتكسر جدارا جديدا من جدران مناهضة التطبيع الشعبية، وهو ما يضغط الكيان الصهيوني ويدفع باتجاه ليشعر بالأمان وبانتصاره الذي لم تحققه اتفاقية العار والاستسلام "كامب ديفيد"، حيث أن انبطاح النظام الحاكم سيأتي يوما وينتهي بزواله، لكن العبرة بانبطاح الشعوب وتسليمها للعدو، وهو ما يسعى إليه الصهاينة بتوسيع جبهة المطبعين من المثقفين والقيادات الدينية و المثقفين والفنانين والرياضيين والأكاديميين والشباب، فضلا عن رجال الأعمال، ليكتبوا نهاية للصراع الممتد على هواههم، ويأمنوا مواجهة حتمية مع أكبر شعب عربي له ثأر مع هذا الكيان العدواني المسئول في جانب كبير منه عن دعم الاستبداد والفساد والتبعية وفي إهدار حقه في الحياة الكريمة الآمنة المستقرة.
وزيارة البابا المشبوهة مع سير اتفاقات استيراد الغاز من الكيان الصهيوني قدما بعد نهب رصيد مصر منه سابقا بالتواطؤ والفساد الحكومي، مع هدية "المنطقة العازلة في سيناء" ما هي إلا تنازلات السلطة لتل أبيب لتضمن الدعم الأمريكي لها ولشرعيتها المفقودة ولحماية كرسى الحكم المهتز، عبر التفريط في الثوابت الوطنية وإهدار سيادة مصر وحقوقها وكرامتها.
لكن مهما تنازل البعض وركب قطار التطبيع والانبطاح والتسليم للمجرم بجريمته وشرعنة وجوده الدموي العدواني، فإن ثمة قطاع لا بأس به مازال يتمسك بالموقف الوطني الذي لا يرى في الصهاينة سوى عدو حقيقي وخطر على الأمن الوطني المصري والقومي العربي، وتهديد فعلي لمستقبل المنطقة كما حاضرها وماضيها، وسيظل يرفض التطبيع ويندد بالمطبعين أيا ما كانوا، ويضعهم في دائرة المفرطين والمتواطئين، بل والخونة الذي لا يراعون إلا مصالح انتهازية، ولو على حساب مصالح مصر وشعبها، ناهيك عن الإضرار الجسيم بالقضية الفلسطينية والالتزام المصري تجاهها كقضية أمن وطني ومسئولية تاريخية وقومية عروبية.
وسنظل نردد دائما في كل موقف، ومهما طال الزمن "لا تصالح" الذي ليس شعارا فقد صلاحيته ولا أثر من الماضي سقط بالتقادم، ولكنه قناعة وحد فاصل بين الوطني وغير الوطني، من يعرف من عدوه ومن يتواطأ معه بكل السبل.
*كاتب صحفى مصري
Email:[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقا؟ -1
السير جالاهاد ( 2015 / 11 / 27 - 20:39 )
من الصعب, بل من المستحيل, علي البعض الخروج بعقلهم من سجون الاوهام التي تعلموها وشربوها طوال حياتهم من خلال النظم التعليمية و الاعلام و الاديان

سأبدأ من حيث انتهي الكاتب بقوله

والالتزام المصري تجاهها كقضية أمن وطني ومسئولية تاريخية وقومية عروبية

من قال لك ان القضية الفلسطينية هي قضية امن وطني مصري؟

يبدو ان كثرة تكرار الاكاذيب يجعلها حقيقة في نظر البعض

الفحص المحايد العقلاني يوضح ببساطة بديهيات من الغريب أن تغيب عن البعض

أولها أن هناك معاهدة سلام منذ ما يقارب 40 عاما

احترمتها كلتا الدولتان ولم نري اسرائيل تخرقها كما لم نراها تصيد في الماء العكر خاصة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها مصر وكان بإمكانها ذلك بكل سهولة علي العكس من بعض بلاد العالم العربي (الشقيق!) المزعوم

ثانيها انه رغم كل السفسطة والتبريرات نري أن التهديد الحقيقي لأمن مصر القومي يأتي من نفس هؤلاء الذين ضحت مصر من اجلهم ومن اجل ما يسمي قضيتهم ( او بالاصح تجارتهم) بدماء الالاف من زهرة شبابها

قتلوا جنود مصر غيلة وغدرا وبدم بارد

تسللوا من الانفاق وخربوا وفجروا وقتلوا الابرياء وهاجموا المنشأت

للتعليق تكملة

اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي