الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لنتائج زيارة الرئيس الفرنسي الى موسكو

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2015 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة لنتائج زيارة الرئيس الفرنسي الى موسكو
د. جاسم الصفار
لو تجاوزنا الحفاوة التي قوبل بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في زيارته الاخيرة الى موسكو، والاهتمام الرسمي الذي أضفي على مشروع الرئيس الفرنسي بتكوين تحالف دولي واسع ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). فان الطرفان، الروسي والفرنسي، كانا يدركان جيدا صعوبة تحقيق هذا المشروع، خاصة بعد زيارة هولاند الى واشنطن ومباحثاته مع نظيره الامريكي براك اوباما وبعد العمل العدواني الذي ارتكبته تركيا بإسقاطها للطائرة الروسية.
فمع تأييد الرئيس الروسي لفكرة التحالف ضد الارهاب والتي دعت اليها موسكو مرارا منذ ما يقارب الشهرين، الا ان المتغيرات السياسية والعسكرية التي حصلت في الفترة الاخيرة جعلت لكل من طرفي التحالف المفترضين، أمريكا وحلفائها من جهة وروسيا وحلفائها من الجهة الاخرى، نهجه الخاص في حربه على داعش، تفرق بينهما ثلاث عقبات رئيسية.
اول تلك العقبات، هي ان موسكو ترفض الدخول في تحالف مع دول، مشكوك في علاقتها بالإرهاب، وتصنف بعضها على انها راعية وممولة له. وخاصة تلك الدول التي تشتري النفط المهرب من حقول تسيطر عليها داعش، وتزود الارهابيين بالسلاح والذخيرة. فموسكو تعتبر ان من اولويات مشروعها في الحرب على داعش، هو قطع الطريق عن وصول الذخائر والعتاد الحربي الى داعش ومنع صهاريج النفط المهرب من الوصول الى تركيا. وأن روسيا لا تنوي اعلان تفاصيل انشطتها في هذا المجال لكل اطراف التحالف، كما يتطلب ذلك سياق العمل في اطار التحالف المفترض.
أما العقبة الثانية، فهي ان روسيا ترفض تحديد عملياتها الحربية بضرب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا وحده، وتصر على ان تشمل في ضرباتها الجوية المنظمات الارهابية الاخرى المتعاونة مع داعش، خاصة في المناطق الشمالية من سوريا، وذلك للسيطرة على الحدود مع تركيا اولا وللتخفيف من الضغط الذي يتعرض له الجيش السوري في تلك المناطق ثانيا. فروسيا تؤمن ان لا جدوى من الحرب على داعش دون تجفيف (فعلا لا قولا) منابع امداده بالمال والسلاح والمقاتلين.
والعقبة الثالثة، تخص الاطراف التي يتعين على التحالف الاعتماد عليها في خوض المعارك البرية ضد داعش. ومع قناعة فرنسا بأن الحرب على الارهاب لن يكلل بالنصر عن طريق الضربات الجوية وحدها، وانه لابد من التنسيق مع قوى حقيقية تقاتل على الارض، ولكنها ترفض التنسيق في الحرب البرية مع الجيش السوري النظامي والقوات الايرانية المتحالفة معه ولا مع مقاتلي حزب الله وغيرهم من المتطوعين القريبين من النظام السوري. ولم يبقى من مقاتلين حقيقيين على الارض تستطيع فرنسا التنسيق معهم غير المقاتلين الاكراد، الذين ترحب موسكو بالتعاون معهم، بينما ترفض ذلك تركيا بشدة.
من الواضح انه ليس بوسع فرنسا، التي لا تملك قرارها المستقل بصورة كاملة، تجاوز تلك العقبات لإنجاز مشروع التحالف الدولي الموحد ضد داعش. خاصة وان الآمال التي عقدها الرئيس الفرنسي على نتائج مباحثاته مع نظيره الامريكي في واشنطن تبددت بعد لقائه بأوباما. فقد بين الرئيس الامريكي بوضوح، في نهاية زيارة هولاند للبيت الابيض ان امريكا ليست راغبة في تغيير خارطة التحالفات القائمة في سوريا، وانه من الصعب، حسب تصريح الرئيس الامريكي، تصور علاقة تعاون مع روسيا قبل ان تغير هذه الاخيرة استراتيجيتها في الحرب على داعش.
ما الذي كان ينتظره اذا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من موسكو بعد فشله في الحصول، ولو على تفهم جزئي من قبل الرئيس الامريكي براك اوباما لمسعاه. خاصة وان الشعب الفرنسي يطالبه بتحقيق انجازات فعلية لها اثر على الارض في حرب فرنسا على الارهاب. وهل من معنى لزيارة موسكو بعد تصريح اوباما المحبط، بأن " الاعمال الارهابية التي تعرضت لها باريس، ليست بالحدث الذي لأجله يتعين على امريكا مراجعة سياستها في سوريا".
ما هو اكيد اليوم، هو ان فشل الرئيس الفرنسي في مسعاه لتشكيل تحالف دولي موحد في الحرب على الارهاب، مرتكزا على الارادة الوطنية الفرنسية المستقلة، سيكون في مصلحة المعارضة اليمينية التي تتهمه بالعجز عن اتباع سياسة وطنية هادفة في بناء التحالفات، التي يشترط فيها ان تقوم على وقف اي انشطة للتعاون مع الدول التي ترعى الارهاب واقامة علاقات متينة مع روسيا في الشأن السوري.
وأخيرا، فبعد ان فشلت فرنسا في تحقيق اختراق دبلوماسي يغير من مجريات الحرب على الارهاب. لم يعد امامها، في الوقت الراهن، غير الاكتفاء بتنشيط التعاون العسكري مع موسكو ورفع مستوياته، لحين اتمام روسيا وحلفائها عملياتهم الحربية، في جزئها الخاص بقطع خطوط الامداد عن داعش والمنظمات الارهابية المتعاونة معها. وبعدها سيكون لكل حادث حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل