الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار التقسيم والخيارات الفلسطينية

ماهر الشريف

2015 / 11 / 30
القضية الفلسطينية




بدأ يبرز تفكير جدي لدى زعماء الحركة الصهيونية في فلسطين باعتبار ترحيل الفلسطينيين، أو معظمهم، عن أرض وطنهم حلاً ضرورياً لـ "المسألة العربية" قبل عشر سنوات من صدور قرار تقسيم فلسطين الدولي في مثل هذا اليوم من سنة 1947، وتحديداً منذ قيام "لجنة بيل" البريطانية، للتحقيق في أحداث ثورة 1936، بطرح أول مشروع لتقسيم فلسطين في 8 تموز 1937. وفي خريف سنة 1947، وبعد أن تبيّن للقيادة الصهيونية أن الدولة اليهودية التي ستقوم بناء على قرار التقسيم الدولي رقم 181، ستضم أقلية عربية كبيرة يصل حجمها إلى 42 في المئة من تعداد السكان، انتقلت من حيز التفكير بمشاريع الترحيل إلى حيز العمل على تنفيذها. وفي 30 كانون الأول 1947، حذر دافيد بن غوريون، في الخطاب الذي ألقاه أمام اللجنة المركزية لاتحاد النقابات-الهستدروت، من أن دولة تضم هذه النسبة الكبيرة من العرب "ليس ثمة ما يؤكد بصورة مطلقة أن الحكم سيبقى فيها في أيدي الأغلبية اليهودية"، ودعا إلى التعامل مع هذه المشكلة "الخطيرة" من خلال "مقاربة جديدة في الوقت المناسب".
ويشرح المؤرخ الإسرائيلي المناهض للصهيونية، إيلان بابه، في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" [بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2007]، معنى هذه "المقاربة الجديدة"، التي دعا إلى تبنيها بن غوريون، وذلك عبر تحليله خطة التطهير العرقي المنهجية التي وضعتها القيادة الصهيونية، في مقر قيادة "الهاغانا" في تل أبيب يوم 10 آذار 1948، وعُرفت باسم الخطة "د" أو "دالت". وهي الخطة التي استغرق تنفيذها ستة أشهر، ونجم عنها اقتلاع نحو 800000 فلسطيني من أرض وطنهم وترحيلهم خارجه، وتدمير 531 قرية، وإخلاء 11 حياً مدينياً من سكانه.
ملاحظة 1: ما زلت مقتنعاً اليوم بسلامة الاعتبارات التي دفعت الشيوعيين، في عصبة التحرر الوطني، إلى الموافقة على قرار التقسيم الدولي في سنة 1947؛ فضرورة مراعاة الحقائق الجديدة التي ولدتها الحرب العالمية الثانية، والخلل في موازين القوى في ذلك الحين، والحاجة إلى كسب تأييد الرأي العام العالمي لنضال الشعب الفلسطيني، كلها اعتبارات كانت تتطلب قبول ذلك القرار... لكن هل كان ذلك القبول الفلسطيني سيغيّر الوقائع ويحول دون وقوع النكبة؟ جوابي هو لا قاطعة... فمشاريع الترحيل الصهيونية كانت معدة، والذريعة توفرت وبخاصة بعد دخول الجيوش العربية إلى فلسطين في 15 أيار 1948. وما يزكي هذه الـ "لا" القاطعة، هو أن القيادة الصهيونية اليوم لا تزال، بممارساتها الاحتلالية، تحول دون أن يكون للشعب الفلسطيني دولة مستقلة ليس في الحدود التي رسمها قرار التقسيم الدولي، وإنما في حدود 22 في المئة من فلسطين الانتدابية.
ملاحظة 2: إن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي بنشر مستوطناتها على نطاق واسع، وتهويد القدس، وتقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة، وتكريس انفصالها عن قطاع غزة، يجعل من الصعب في الظروف الراهنة، إن لم يكن من المستحيل، قيام دولة فلسطينية مستقلة سيدة ومتواصلة جغرافياً، الأمر الذي دفع كثيرين، من مثقفين وسياسيين فلسطينيين، إلى إحياء خيار الدولة الواحدة، بصيغة دولة ثنائية القومية أو دولة كل مواطنيها. وتشهد الساحة الفلسطينية اليوم احتداماً لهذا النقاش بين أنصار كل واحد من هذين الخيارين.
وفي ظني أن هذا النقاش لا طائل منه حالياً... فالخيار اليوم، في ظل موازين القوى القائمة على الأرض وفي ظل الواقعين العربي والدولي، ليس بين دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وبين دولة واحدة، وإنما الخيار الحقيقي، في غياب شريك يصنع الفلسطينيون السلام العادل معه، هو أن تركز الحركة الوطنية الفلسطينية على توفير مقومات صمود الشعب الفلسطيني فوق أرض وطنه، وتأمين مقومات العيش الكريم للاجئيه في منافيهم، وأن تعمل على تعزيز وحدة مكونات هذا الشعب في أماكن تواجدها المختلفة، والتفافها حول منظمة التحرير الفلسطينية، مع الاستمرار في السير على طريق تنفيذ استراتيجية المنظمة الجديدة القائمة على تطوير المقاومة الشعبية وتدويل القضية الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا