الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رثاء لتماثيل مهشمة .. وهاربة من معابدها

سعد محمد موسى

2015 / 12 / 5
الادب والفن


رثاء لتماثيل مهشمة .. وهاربة من معابدها

سعد محمد موسى

كانت بقايا لتمثال محطم فوق رصيف مهجور

اطلال جسد نخرته العذابات والغربة

والرأس الذي تهاوى في الفراغ الموحش

.... كان مليئاً بالتساؤلات

من الذي يعيد ليّ فرحي ومن يعيد أحلامي واغاني الفرات

بعد أن غادرتني الضفاف!!؟؟؟

في زيارتي الى المتحف البريطاني في لندن عام 1999 .. شعرت بحزنٍ عندما كنت اتشاطر مع ارواح أسلافنا من السومريين والبابليين والاشوريين .. وتساؤلاتهم عن سبب مصادرتهم لجذورهم ومملكاتهم ومعابدهم!!

لكني كنت على يقين انهم رغم حزنهم وفراقهم لكنهم شعروا بنوع من الامان وسلام بعيدا عن الدين وبعيداا عن الطائفية والتفجيرات وقد أنقذ الغرب بعض تماثيل وادي الرافدين المهمة فلو بقيت لحطمها اوغاد الدواعش أو باعها سفلة الفواحش في صفقات خسيسة الى المافيات والسماسرة.

ربما تلك السرقات التي قام بها الفرنسيون وقبلهم الانكليز والالمان.. هي سرقات نبيلة يستحقون عليها الشكر والامتنان في هذا الزمن الاحمق لاسيما انهم أنقذوا جزءاً عظيماً من أرث حضارات وادي الرافدين من غضبنا وصراعاتنا التي لاتنتهي ، فآثر الغرب ان يعرض تأريخنا في أعظم متاحف العالم، مثل المتحف البريطاني في لندن ومتحف اللوفر في باريس ومتحف البرغامون في برلين وغيرها من المتاحف الاخرى لتصبح ارثا للإنسانية وقبلة يؤمها القاصي والداني من اصقاع الدنيا. فلولا الغرب الذي نقب واكتشف ثم حمل تلك الاثار الانسانية العظيمة والخالدة الى متاحفه .. فلربما خسر العالم تلك التحف العظيمة في بلاد مابين الدمارين او ربما هربها او باعها أو حطمها الاوغاد.. مثلما يحصل اليوم في مدينة الموصل من تدمير كامل للحضارة الاشورية.

بالامس كان الهاجس والتوقع لخراب العراق هو بسبب السياسات الرعناء وهيمنة الدين واتساع عداء الطائفية وللاسف حصل ماكان مضموراً هذا اليوم بعد أن تفجر الشقاق والعداء وطفحت الكراهية بين ابناء البلد الواحد وزحف المغول مرة اخرى ليجتزوا الرقاب ويحطموا بمعاولهم الحاقدة بقايا ارث الرافدين .. عاد سفلة الدواعش الاكثر ظلامية واستبدادا من اسلافهم أجلاف الصحراء والتتار والعثمانيين .. ولكن جل مانخشاه ان تكون هذة الكارثة هي البداية لاندثار العراق وتلاشيه من الخارطة فياللهول!!؟؟؟


وايضا في احدى زياراتي للمتحف الوطني في ولاية فكتوريا قبل ايام تفاجأت بوجود رأس جدنا الاقدم كوديا الملك السومري العادل..فتوقفت باجلال أمام هيبته وامام أسفاره وغربته وحسرته على مصاب العراق اليوم ايضاً .. وكأنه أسد جريح واسير يتنقل قفصه وسط حدائق الحيوانات في هذا العالم ، وتتاجر به المتاحف كعروض للايجار مثل مهرج سيرك يتجمع حوله الفضوليين والزائريين.

مر الجميع دون أن يعرف احدا من هو كوديا وبقيت التقط صور فوتغرافية للرأس من وراء زجاج المتحف تمعنت في ملامحه وكأنه يعرفني .. فبكيت فيه ضياع العراق وبكى فيّ حفيده الزائر.

وأثارني شيء آخر وأنا كنت أتأمل برأس كوديا فرأيت ان ماكان يتوارثه العراقيين من اسلافهم في أزيائهم كان يحمل صفة التشابه
مثل لفة الغترة واليشماغ العراقي (الچراوية ) .. حول الرأس .. فهي مما لاشك فيه كانت امتداد وتوارث من كوديا الذي كان يلفها حول رأسه.

ثم غادرت المتحف بخطى متثاقلة تلتحفها الاحزان نحو ضفاف نهر (يارا) القريب من المتحف، فشاهدت الوز العراقي وهو يعوم في النهر حينما هاجر قبلي الى تلك الجزيرة النائية .. تاركاً خلفه مملكة الاهوار الغافية بين قصب البردي وحيرة المشاحيف.

فشعرت بانيّ لست اللاجيء الوحيد النازح قسراً من بلاد وادي الرافدين هنا فكان في مواساتي كوديا والآوز العراقي أيضاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا