الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترانيم علويّة

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2015 / 12 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ترانيم علويّة
لو أزحت نفسك الأمّارة بما تحويه، ووضعتها بإرادة صلبة في مكان السكون الأصيل لكنت في حال من الإرتقاء نحو الكمال فتنال منه ماتنال. ففي السكون الفيزيائي ذاك، سعي روحي رفيع نحو مراتب الكمال حيث الجمال واللذّة الغالية. والسعي الروحي سياحة قربة! حيث كان الأنبياء والأولياء والصلحاء يسيحون تلك السياحة، فقد كان المسيح عليه السلام (مثلاً) يسيح سياحة القربة لا سياحة الغربة ولا سياحة التربة، وسياحته كانت سياحة طولية لا عرضية فتجلى بعد ان تخلى.
وكان النبي الكريم نبي الرأفة والرحمة محمد صلى الله عليه وآله يسيح في النفوس والارواح فيحيلها نبعا صافيا في قناة الحق والسداد فيكون (محمد رسول الله والذين معه اشدّاء على الكفّار رحماء بينهم). فكانت الرحمة من صفاته المعروفة والمشار إليها في كتاب الله الكريم وفي نفوس المؤمنين لا في نفوس القاسية قلوبهم الذين نشروا الرعب في نفوس الخلق مسيئين للدين وللأديان التي كانت ومازالت رحمة للناس ورأفة بالعباد!
من المراتب والجوائز التي يكسبها الفرد السائح تجاه السكون الأصيل هو بلوغ مرتبة من مراتب الجمال، والخير والإدراك فإن كنت سائحاً من هذا النوع فستكون روحك جميلة وحينها لن يكون قبح فيك البتّة! فكما يقال: إن كانت روحك جميلة فلا قبح فيك! وفي ذلك نقول: سرّ في طريق الخير تنجو! وفي الإدراك تكون قد توسّعت خطاك نحو العقل الراجح لتختصر المسافات! وإذا إختٌصِرت المسافات إلتقت نفوس ما بينها كما تطوى السجادة وتقترب أطرافها لتكون بعد طيّها نقطة واحدة تذوب فيها كل الإحداثيّات وتضمحلّ، فتصير حينذاك نقطة الإنطلاق للسعي الطولي وبلوغ المرام! هي النقطة التي لا نستغني عنها ولكنّ المولى الكريم مستغن عنها! حيث هو تعالى إسمه له الصفات الجماليّة كلها والنقطة ليست موصوفة وهو واجب الوجود لذاته فلا يحتاج الى النقطة.
غاية الوغول بلوغ المرام ولقاء الحبيب:
لقد قالها بلغته المحكيّة:

تمَنّيْت أطِشّ(1) بجدومْكُمْ(2) عِطِرْ روحي
وأحضِنْ ذولاك(3) الأجْوادْ(4) بليّه(5) نوحي
وأگول (6) يا عطور المحبّة ظلّي فوحي
تره(7) بجيتهم(8) ندگ (9) صبح(10) ومسيّه(11)

حينها لا يمكن لك إلاّ أن تقول يا ليتني كنت مذّاك في هذا الحال! إذا أردت تلك فعليك بالترانيم النابعة من الروح الصادقة (كما قلنا سابقاً: ترانيم الروح تتفاعل مع كلّ فعل منسجم معها وتتدارك لتكون في ذاتها ألقاً للآخر لتنقله من مرتبة إلى مرتبة أعلى.
إنّ الزاد الأمثل والأنقى هو زاد العروج الذي يفتح طريق الروح ويقصّر المسافات لترتقي وتتسامى على كلّ آلامها، وكلّما عرجت برقيّها أصبحت أنقى وأرقّ. وهنا لا تأثير للجاذبيّة الماديّة التي تسحب الأشياء إلى الأسفل، إلى الأرض والأرضيّة المتهالك عليها. إنّما تعمل الجاذبيّة إلى الأعلى، عندما تنجذب الروح بهذا الفعل إلى أعلى عليين، وكلّما إرتفعت أكثر زادت الجاذبيّة أكثر فأكثر).
دمت بعزّ العروج الغامر! أيّها الغالي

د.مؤيد الحسيني العابد
ــــــــ
أطِشّ(1):أنشر أو أرمي،
بجدومْكُمْ(2):بقدومكم،
ذولاك(3):أؤلئك،
الأجْوادْ(4):أهل الجود والكرم،
بليّه(5):بلا
وأگول (6):وأقول،
تره(7):أراه، أو أرى ذلك
بجيتهم(8):بمجيئهم،
ندگ (9):ندقّ أو نعزف لحناً،
صبح(10):صباحاً
ومسيّه(11):ومساءً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة