الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النساء في خدمة الرجال انتخابيا !! ... قراءة أولية في الحضور النسائي على مستوى انتخابات 4 شتنبر 2015

محمد امباركي

2015 / 12 / 7
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


النساء في خدمة الرجال انتخابيا !! ...
قراءة أولية في الحضور النسائي على مستوى انتخابات 4 شتنبر 2015 (*)

محمد امباركي

قبل مقاربة مسألة" الحضور النسائي في انتخابات 4 شتنبر 2015 " لابد من تسجيل ملاحظتين منهجيتين نعتقد أنهما أساسيتين:
الملاحظة الأولى هي أن هذه القراءة تظل أولية في ظل عدم تقاسم المعلومة الانتخابية لتحليلها خاصة المعطيات المتعلقة بما يمكن أن نصطلح عليه سوسيولوجيا ب "الخريطة الانتخابية النسائية " أي نسبة النساء على مستوى التسجيل في اللوائح الانتخابية وغير المسجلات، المشاركة، الترشيحات، التصويت، التمثيلية المؤسساتية و طبيعة هذه التمثيلية ثم التوزيع السوسيومهني و المجالي لكل هذه المستويات.
الملاحظة الثانية ترتبط بمنهجية مقاربة الموضوع والتي ستلامس ثلاث مستويات متداخلة ومترابطة من خلال استقراء بعض المعطيات الإحصائية المتوفرة للوقوف عند الحصيلة والمعيقات. والمستويات الثلاث هي التسجيل في اللوائح الانتخاب، الترشيحات ثم التمثيلية على مستوى المجالس المحلية والجهوية.
إذن ما يهمني في الموضوع هو استنطاق البعد النسائي أو ما يصطلح عليه بمقاربة النوع في المشهد الانتخابي الأخير على المستوى الوطني.
فما هي أهم معالم هذا المشهد من حيث الحضور النسائي خاصة في سياق تدابير تشريعية و مؤسساتية لتشجيع المشاركة النسائية في إطار استراتيجية تعزيز المساواة و المناصفة من خلال دستور 2011 ( الفصلين 19 و 46 )، إحداث صندوق لتقوية قدرات النساء التمثيلية ثم تعديلات في الميثاق الجماعي 2009 لتقوية مشاركة المرأة في العمل التنموي المحلي، القوانين التنظيمية الخاصة بالبرلمان بغرفتيه و المجالس المحلية و الجهوية..
على المستوى الأول أي التسجيل في اللوائح الانتخابية، نلاحظ أن هناك أزيد من 14 مليون تسجيل باللوائح الانتخابية تشكل فيه النساء نسبة 45% من مجموع الهيئة الناخبة الوطنية، و هذا رقم مهم لكنه يثير بعض التساؤلات المتعلقة أولا بمسألة هل يعكس هذا الرقم الواقع الديمغرافي لبلادنا الذي تشكل فيه النساء نسبة 56,8% أي بحولي 16,8 مليون نسمة من أصل 33 مليون و 848 ألف نسمة؟ ، طبعا الجواب بالنفي و هذا الواقع هو الذي دفع المجلس الوطني لحقوق الإنسان الى اعتبار الرفع من عدد النساء المسجلات في اللوائح الانتخابية العامة تحديا مهما (1)، و ثانيا هل يعبر هذا الرقم عن وعي سياسي متنامي لدى النساء و بالتالي تقدم نحو تمثيلية أفضل أم أنه خاضع لاعتبارات أخرى قد تقترب من التسجيل تحت الطلب أو الاندراج في إطار ما يمكن نعته ب " القوة الانتخابية الضاربة "؟..
لا شك أن الجواب عن هذه التساؤلات يقتضي تفحص تأثير نسبة التسجيل على صعيد الترشيح والتمثيلية...لكن هناك أسئلة مسكوت عنها لدى الجهات الرسمية ومنها خاصة، ما هو عدد النساء غير المسجلات من أصل أكثر من 11 مليون غير مسجل(ة)؟ من هن سوسيولوجيا ولماذا لم يسجلن؟
أما المستوى الثاني المتعلق بالترشيحات النسائية، فرغم غياب معلومات عن حجم مشاركة النساء في التصويت فمن الراجح أنها مشاركة قوية، كما أن الترشيحات النسائية عرفت تصاعدا ملموسا بشكل ربما يجعلنا نحلم بقيادة نسائية للوائح!.. وهكذا شكلت النساء وطنيا نسبة 21.94% من مجموع الترشيحات للانتخابات المحلية و 38.64% بالنسبة للانتخابات الجهوية.
بشكل عام و في سياق مقارن تطورت الترشيحات النسائية المحلية بشكل إيجابي حيث انتقلت من 5% سنة 2003 الى 16% سنة 2009 ثم 21.94% خلال 2015..إلا أنه بقدر ما يعكس هذا النمو الملحوظ الأثر الإيجابي للتدابير التشريعية و المؤسساتية لتعزيز المشاركة النسائية وتزايد القناعة داخل الأحزاب السياسية لتشجيع تواجد المرأة، بقدر ما يستجيب في نفس الوقت لإكراهات قانونية مفروضة على الأحزاب السياسية و خاصة الكوطا النسائية بالنسبة للترشيحات (27%) و لضرورات انتخابية يمليها التكتيك الانتخابي المحض الذي لا يترجم في غالب الأحيان انشغالا استراتيجيا بقضية المرأة و مشاركتها الفعلية في صنع القرار و تصريفه.
وفيما يخص المستوى الثالث المرتبط بالتمثيلية النسائية في المجالس المحلية و الجهوية، فمن الراجح أن التمثيلية تعتبر من المعايير الأساسية لقياس نجاعة الاليات التحفيزية للتمييز الإيجابي و مدى قدرتها على ترجمة حضور نسائي ملموس في المجالس و قيادتها، أو على الأقل تبوؤ مناصب المسؤولية داخلها، كما تشكل اختبارا حقيقيا لمدى استعداد الفاعل السياسي الذكوري لاقتسام سلطة القرار و التدبير داخل المؤسسة الحزبية.
لقد شهدت التمثيلية النسائية نموا متواصلا حيث انتقل عدد مقاعد النساء على الصعيد الوطني من 127 مقعد عام 2003 الى 3428 عام 2009 ثم 6673 عام 2015. و يترجم هذا النمو التأثير الإيجابي - كما سطرنا سابقا - للتدابير التحفيزية لمشاركة النساء منذ 2009 بشكل أخص حيث تطورت التمثيلية بين 2009 و 2015 بضعفين.
لا شك أن الخلاصة الأساسية هي حدوث حراك كمي للتمثيلية النسائية يعكس المفعول الإيجابي للقوانين و التدابير الانتخابية المشجعة لمشاركة المرأة لكنه لم يرقى الى قفزة نوعية تؤشر على تحول مجتمعي نحو المناصفة بمدلولها السياسي و السوسيوثقافي الأمر أحال على " جمود كيفي " تزداد معه القناعة بأن سن القوانين و الإجراءات مسألة غير كافية..
قد تبدو هذه القراءة الأولية مدعاة للتشاؤم و السودادوية...لماذا بالظبط؟
إن الحراك الكمي لحضور المرأة في المشهد الانتخابي بين 2003 و 2015 كان في خدمة السلطة الذكورية على قيادات المجالس المحلية و الجهوية و احتكار مناصب المسؤولية و القرار داخلها مما ترجم انهيار ملموسا للتمثيلية النسائية على مستوى المجالس المحلية ( العمودية، الرئاسة، نائبات الرئيس، رئاسة اللجان...الخ ) اللهم بعض الاستثناءات القليلة و المحسوبة على رؤوس الأصابع، و كذلك المجالس الجهوية ( صفر امرأة في الرئاسة! ) ..
لنتأمل هذه اللوحة الانتخابية لاقتراع 4 شتنبر 2015 قصد تأكيد مصداقية ما اخترناه عنوانا لهذه القراءة الأولية " النساء في خدمة الرجال انتخابيا !!" ..
تقدر الديمغرافية النسائية بحوالي 56.8% من مجمل عدد السكان (بنية سكانية فيها هيمنة النساء)، 45% امرأة ناخبة، 21.94% من الترشيحات النسائية للمجالس المحلية و 38.64% للمجالس الجهوية ثم 21.17% هي نسبة عدد المقاعد المحصل عليه، فما هي الحصيلة؟ أو بمعنى آخر كيف كانت طبيعة التمثيلية النسائية ؟...
حصلت النساء على حوالي 6673 مقعد من أصل 31508 مقعد أي بنسبة 21.17%، و خلال عملية انتخاب مكاتب المجالس روعي إشراك المرأة المنتخبة تحت ضغط الإكراه القانوني ( الكوطا النسائية ) لكنه كان فقط في قاعدته العامة إشراكا شكليا حيث ظلت مراكز القرار و المسؤولية محتكرة من طرف الرجال حيث لم يصل الى رئاسة المجالس الجماعية سوى 5 نساء أي بمعدل 0.33%و ظلت نسبة 99.67% سلطة محلية ذكورية!!!، من هنا فالبعد النسائي في انتخابات 4 شتنبر 2015 ظل يشهد طيلة المسار الانتخابي بدء من الترشيح الى غاية خريطة التمثيلية سقوطا مدويا و لم يتحرر من قيود استراتيجية إعادة إنتاج الهيمنة الذكورية.
و مع ذلك لا أعتبر شخصيا هذه المقاربة تشاؤمية إزاء تعزيز المشاركة السياسية للمرأة و مساهمتها الفعلية في تدبير الشأن العام المحلي لأن المسألة تتجاوز اللحظة الانتخابية لتسائل المجتمع برمته، فحتى حكومة بنكيران لم تضم سوى امرأة واحدة في نسختها الأولى ثم 6 نساء وزيرات في النسخة الثانية.. و برلمان 2007 ضم 34 امرأة منهن فقط 4 نساء فزن عن طريق اللوائح المحلية و الثلاثون الباقية عن طريق اللائحة الوطنية!!، , هذا يعني أن الخلل بنيوي يرتبط ببنيات سياسية و سوسيوتاريخية بطريركية تؤطرها تمثلات اجتماعية تنتصر لسلطة ذكورية يعاد إنتاجها من طرف الأسرة و المدرسة و الإعلام و المؤسسات الدينية الرسمية و غير الرسمية على اعتبار أن " الفتاة نسخة من أمها "(2) و بالتالي تكربس الدونية النسوية، و هذا ما يفسر لماذا كلما طرحت للنقاش العمومي قضية لها صلة مباشرة بالمرأة كالمساواة في الإرث و الإجهاض و تزويج القاصرات و الأراضي السلالية...الخ إلا و شهد المجتمع تجاذبات من هنا و هناك كأن هناك إصرار ما على جعل المرأة قضية فقهية أولا و أخير " لا تتجاوز الأحوال الشخصية من زواج و طلاق و ولاية و حضانة " (3) مما يكرس الآليات الحيوية "لإعادة إنتاج التمثلات السوسيوثقافية السلبية إزاء النساء و مقاومة كل تواجد لهن بالفضاء العمومي "(4) .

إجمالا لابد من الإقرار بأن هيمنة المقاربة الكمية و لغة الأرقام على حساب المعالجة النوعية لا تعكس حقيقية المشاركة السياسية للنساء و التي يعتبر الحقل الانتخابي إحدى تجلياتها في ظل أنماط ثقافية سائدة لا تعترف بالوجود المستقل للمرأة و شخصيتها و قدراتها الذاتية و كذلك هشاشة الوعي المساواتي داخل الأوساط النسائية ذاتها. لكن الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي عدم تجانس فئة النساء حيث " لا يشكلن شريحة اجتماعية موحدة على الصعيد السوسيولوجي و الاديولوجي إذ هن منقسمات حسب التوجهات الاديويلوجية المعتملة في الساحة و أغلبية النساء مناصرات للتيارات السياسية المحافظة ( حزب العدالة و التنمية، حزب الاستقلال..) بينما يبقى الانتماء الى اليسار و قوى الحداثة ضعيف عدديا لكنه مؤثر نوعيا لأن أغلب المكتسبات الحقوقية للمرأة المغربية في مجال المساواة و عدم التمييز و المشاركة حققتها حركة نسائية منتظمة في إطارات مدنية يسارية أو قريبة من اليسار...(5) لكن من الناحية السوسيولوجية هناك أغلبية صامتة من النساء تكابد القهر و التهميش و الإبعاد الاجتماعي غير مكترثة بقضايا المشاركة في ظل حركة نسائية ديمقراطية ولدت و ترعرعت سياسيا و تنظيميا في أحضان اليسارثم لجأت الى نوع من " الفرار الجماعي!" نحو المجتمع المدني وبالتالي ينتظرها مجهود جبار للتجدر الاجتماعي في الهوامش والقرى والمداشر...


هوامش

(*) نص المداخلة التي ساهمت بها خلال اللقاء التواصلي حول "حصيلة مشاركة النساء في المسلسل الانتخابي بالجماعات الترابية." لمنظم بوجدة من طرف الفضاء الجمعوي بوجدة بتاريخ 7 نونبر 2015.
(1) الانتخابات الجماعية والجهوية ل 4 شتنبر 2015.تقرير أولي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ، ص 5
(2) " مقاربة النوع والتنمية " كتاب د. العربي وافي. منشورات رمسيس. دجنبير 2008. ص: 123
(3) و(4) " المرأة ليست قضية فقهية ". محمد امباركي. موقع http://www.aljoussour.com/.
(5)"المشاركة السياسية للمرأة المغربية. مكتسبات ومعيقات" عصام العدوني.موقع minbaralhurriyya.org








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف منين إن عملك اتقبل في رمضان؟..الداعية عمرو مهران: نجاح


.. Danai Gurira on preventing conflict-related sexual violence




.. تفاعلكم | جديد عجائب إيران.. -سفراء للمحبة- يعتدون على النسا


.. #تفاعلكم | -سفراء المحبة- بإيران يعتدون على النساء في الشوار




.. ولادة طفلة من رحم امرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة | بي