الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسورهُنا هذه الكَرّة

رياض بدر
كاتب وباحث مستقل

(Riyad Badr)

2015 / 12 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


عادة ما تبتدأ المعارك بصيحات ترهيب وتخويف من قبل احد الاطراف او من قبل الطرفين قبل الاشتباك بالايدي وحسب قانون الملاكمة الذي لا اكن له اي احترام لكن قد اتبعه لقياس قوة المبادرة او المبادءة فيكون عندها ؛الضربة الاولى هي نصف الفوز. منذ مايقارب السنة ونصف السنة والاقتصاد الامريكي يتعافى بشكل مضطرد لا سيما بعد هبوط اسعار النفط الخام والذي لازال يتابع تدحرجه التاريخي بين اقدام المضاربين من درجة الغليان مافوق المائة دولار للبرميل نزولا الى الاربعين دولارا للبرميل الواحد تزامنا مع ذكرى الاربعينية لمقتل الحسين في العراق قبل تقريبا الف واربعمائة سنة , تستمر اسعار النفط بالتدحرج غير عابئه باي اجتماع لمنظمة اوبك المتعاركة داخليا ما بين اضلاعها الاثني عشر الذين يغطون مشارق الارض ومغاربها بسبب فيضان المطروح في السوق العالمية او بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في " مصنع العالم " الصين الشعبية. بدأت خطط الديمقراطين اللذين يمسكون دفة الحكم في البيت الابيض وليس في الكونغرس تؤتي أُكُلها حيث يستطيع المراقب ان يرى او يشاهد اظافة مئات الاف من الوظائف في السوق الامريكي كل شهر مع تقرير التوظيف الشهري. فكان خير مبشر بل لتعلن تراجع الكساد في اقوى واكبر اقتصاد في العالم بل الخروج منه تماماً, قابله دخول دول مثل روسيا وبعض الدول التي تسمى الاقتصادات الناشئة وايضا دول الخليج العربي النفطية في مرحلة ركود قد تكون نتائجه إذا ما استمر بكارثة مستقبلية وقريبة (خمس إلى عشر سنوات باقصى تقدير) وتاتي بنتائج لاتُحمد عُقباها على تلك الدول لاسيما ان اقتصاداتها هشة جدا ولازالت تعاني من بطالة عالية نسبياً (اخذ تعداد القوى العاملة بعين الاعتبار) والاعتماد على مصدر دخل منفرد او مصادر قليلة للدخل مما يعزز ضبابية بل خطورة مستقبل اقتصاداتها وخطط نموها. لكن السكوت السعودي على هذا النزول التاريخي لاسعار النفط بل والاصرار على عدم خفض الانتاج لاسيما ان السعوديين يدركون جيدا ان الاسعار ستنهار اكثر مع دخول النفط الايراني (إن قُدرَ له الدخول) للسوق العالمية الامر الذي سيجعل تصدير النفط وبال على إيران وروسيا سوية, هذه المعطيات تستطيع ان تكشف شيء من ضبابية الفعل الجيوساسي القادم على الارض فهل السعودية تتوقع ان الامر لن يطول كثيرا ! ولماذا تتوقع هذا الشيء !
بالتزامن مع خروج الاقتصاد الامريكي من حالة الركود بدأ تيار الصقور داخل البيت الابيض واروقة اتخاذ القرار الامريكي بالدفع نحو تعجيل التغير على الارض في منطقة الشرق الاوسط بدءاً من دخول تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وما جاورها اراضي بلاد مابين النهرين (العراق وسوريا ) وتمددها الى ليبيا واليمن ودول المغرب العربي ثم الصعود شمالا لفرنسا وبعض دول الاتحاد الاوربي ثم بعيدا الى داخل التراب الامريكي والقيام بعمليات هجومية نوعية في دول تنفق المليارات على استخباراتها وتسليح جيوشها وانظمتها الامنية. فبدأت تصريحات قادة حلف الناتو سواء على مستوى رؤوساء دول او قادة عسكرين تزداد غلظة وردة الافعال تكبر تجاه دول ظاهريا تحارب تنظيم الدولة الاسلامية وعلى الارض تساند انظمة مناوئة لحلف الناتو على سبيل المثال لا الحصر روسيا وسوريا وإيران. فكان اسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل تركيا جراء خرق الاجواء التركية الشرارة التي قصمت ظهر النقاشات الباردة والحذرة بين روسيا وتركيا وصعدت بفرط الحساسية بين البلدين لمستويات قد تكون غير مسبوقة لاسيما بعد وقوف تركيا ضد النظام السوري الذي تسانده روسيا الامر الذي جعل بوتن يفقد صوابه وهو يرى فلذة كبد روسيا السوخوي 24 تهوي محترقة ويُقتل طياريها اذ باشر حلف الناتو بكيل الصفعات لبوتن الواحدة تلو الاخرى في وقت قياسي لم تشهده روسيا في تاريخها فبعد اسقاط الطائرة بساعات ايد الناتو باجتماع طارئ موقف تركيا العضو من اسقاط الطائرة والتاكيد على حق تركيا في الدفاع عن سيادتها فوق اجوائها ولاننسى ان تركيا عضو في حلف الناتو وهو العضو الوحيد المسلم حيث تبلغ نسبة المسلمين فيه مايناهز الـ 99 بالمئة من تعداد سكانه ويحكم تركيا رئيس تلبس زوجته الحجاب الاسلامي , ثم تلته بعزلة بوتن في مؤتمر المناخ الذي عُقد في باريس والذي تجلى بعدم حضور الرئيس بوتن مع باقي الزعماء لالتقاط الصورة الجماعية للمؤتمر بعدع ان عول بوتن على حضوره للمؤتمر والظاهر انه كان يُعد لشيء ما لكنه لم يحدث, ثم باغت الانكليز بوتن بنقاشات في مجلس العموم طالت لعشر ساعات للموافقة على تدخل بريطانيا في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية الامر الذي له الكثير من النتائج المضادة لخطط روسيا في الانفراد داخل سوريا في محاربة التنظيم ثم جاء الالمان واكملوا عزلة بوتن بالموافقة على التدخل عن طريق دعم قوات الناتو لمحرابة تنظيم الدولة الاسلامية ناهيك عن دخول فرنسا الحرب بعد هجمات باريس الدامية ثم اعلان جمهورية الجبل الاسود (مونتنيغرو)عن نيتها الانضمام لحلف الناتو, فاذا ببوتن وهو يرى ان تدخله في سوريا محاولة منه مشاطرة الناتو واخذ نصيب من الكعكعة الشرق اوسطية القادمة قد اصبح كمن يريد ان يقضم شيئا من الكعكعة وهي داخل الفرن. اصبح المشهد العالمي لايبشر بسلام ابدا فبعض الامور تعيد الى الاذهان حالة العالم ماقبل احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وبالذات عندما كان بل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة الامريكية الذي قاد الاقتصاد الامريكي لاروع حالاته الانتعاشية في تاريخه اذا بلغ الدين الامريكي الخارجي صفر بجعله الولايات المتحدة مركز استقطاب رؤوس الاموال في العالم فكان العالم وخصوصا اسيا تعاني ازمة خانقة وحتى دول الخليج حينها اذا هبط سعر النفط لمستويات غير مسبوقة (تقريبا مادون الـ 30 دولار امريكي للبرميل) وجائت الازمة الاسيوية حينها فضربت اليابان في استثمارتها في ماليزيا وبعض دول شرق اسيا وانتشرت في العالم حينها الشركات الامريكية ذات التكاثر او البناء الهرمي والتي تعتمد على بيع منتجات شبه غير ملموسة او معنوية مقابل مبالغ نقدية وبالطبع تحول هذه الشركات نسبة عالية من هذه الاموال الى مقراتها في الولايات المتحدة الامريكية الامر الذي كان له الاثر الكبير على انتفاخ الخزانة الامريكية وانخفاض معدل البطالة لمعدلات متدنية جدا مع شعبية للديمقراطين قل نظيرها لاسيما قرار قبول كلنتون الانضمام لحلف شكله مجلس الامن الدولي وقادته الولايات المتحدة الامريكية للاطاحة بنظام ميليزوفيتش الحليف الروسي في يوغسلافيا السابقة في مايعرف بحرب البلقان هذه التخمة الاقتصادية استمرت حتى قدوم جورج بوش الابن الذي لم يأن لحظة في اقرار دخول الولايات المتحدة الامريكية الحرب ضد ما سمي حينها " الارهاب " ضد تنظيم القاعدة الممول سابقا من قبل الولايات المتحدة الامريكية نفسها وبدأت بقيادة حلف عالمي ضم روسيا ايضا للهجوم على طالبان وتنظيم القاعدة في افغانستان ثم اتجه لاحتلال العراق بعد سنتين ونيف رغم ان الولايات المتحدة صرحت علنا ورسميا ان لاعلاقة للعراق مع تنظيم القاعدة اطلاقا لكن هذه المرة ذهبت للعراق منفردة. فما اشبه اليوم بالبارحة! اقتصاد امريكي متعافي بل يبشر بخير الاكيد لاسيما بعد المؤتمر الذي عقد الخميس الثالث من ديسمبر كانون الاول في النادي الاقتصادي في واشنطن والذي اعلنت فيه رئيسة مجلس محافظي الاحتياطي الفدرالي الامريكي اليهودية جانيت يلين والذي قالت فيه ( ان الاقتصاد سيبقى محافظا على نموه المعتدل مع استمرارية ارتفاع معدلات التوظيف للوصول الى مستويات توظيف كاملة لجميع الايدي العاملة الامر الذي بات قريبا وانها توصي برفع سعر الفائدة تدريجيا لحين الوصول الى الاهداف المرجوة من رفع سعر الفائدة ). اذا ماعلمنا ان سعر الفائدة سيتم رفعه لاول مرة منذ اكثر من عشر سنوات حيث بقي معدل الفائدة مقاربا للصفر المئوي حيث ان رفع الفائدة هو دليل التعافي وايضا لجر التضخم الى مستويات متدنية رغم ان التضخم لا يزال عند مستوياته الحالية دون نزول يذكر لكن التضخم عادة هو اشارة على التعافي شريطة ان لايطول الامر حيث قالت (انها تتوقع بان التضخم سياخذ بالانحسار بدءا من العام القادم مع استمرار هبوط اسعار النفط لحين استكمال حركته التصحيحية).
جانيت يلين من الاقتصاديات الامريكيات المخضرمات حيث كانت رئيسة مستشاري المجلس الاقتصادي للبيت الابيض في عهد الرئيس الامريكي بل كلنتون اي انها على دراية وخبرة طويلة وعميقة في ادارة اكبر اقتصاديات العالم خصوصا تشابه ظروف ذلك الوقت (عهد كلنتون) مع ظروف اليوم قد يكون الامر الذي جعلها تحوز على تاييد وترشيح اعضاء مجلس المحافظين والتصويت لها لتكون اول إمرأة تعتلي رئاسة الاحتياطي الفدرالي الامريكي في تاريخه. بالعودة على مبدأ المبادرة او المبادئة فحلف شمال الاطلسي يعتنق هذه الخطة او الصفة فيبدأ هو بالخطط الدولية والافعال ولايجعل مجالا لاي خصم باخذ زمام المبادرة منهم اطلاقا ففي العلم العسكري وفلسفة المعارك فالمبادر او المباغت هو المنتصر دوما اظف الى ذلك اسلوب التوقيتات فهناك ملفات لازالت تنتظر الروس ومفتاح هذه الملفات بيد الناتو وحلفائه وحدهم منها على سبيل المثال لا الحصر ملف اسقاط الطائرة الماليزية فوق اوكرانيا والتي يشتبه بانها أُسقطت من قبل قوات موالية لروسيا اظف الى ذلك ملفات تبييض الاموال من قبل المافيا الروسية التي هي صلب نظام الحكم في روسيا واللذين عظم شئنهم في زمن بوتن لاسيما ان ملف تنظيم كاس العالم لعام 2018 في موسكو الذي لازال تحت الشك والتحقيق الدولي ايضا له خطورة بالغة خصوصا ان رئيس اتحاد كرة القدم الفيفا يقبع تحت رحمة تحقيقات دولية تشرف عليها الولايات المتحدة الامريكية ودول لا تكن لروسيا الكثير من الاحترام. بوتن في وضع لايحسد عليه فهو الذي قال قبل اربع سنوات انه لن يقع في المستنقع السوري كما حصل مع الاتحاد السوفيتي في افغانستان لكنه وجد نفسه في وسط هذا المستنقع وبكل قوته ولهذا المستنقع تكاليفه. ففي عام 1979 وضع الناتو كمين للاتحاد السوفيتي في افغانستان وبالفعل دخل هذا الكيان العظيم والذي كان من القوة ماتنوء به كتب التاريخ والادب والعلوم ولمدة عشر سنوات في حرب ضروس ضد تنظيمات جهادية منها القاعدة وطالبان وحلف الشمال فخرج منها الاتحاد السوفيتي مكلوم الفؤاد الامر الذي عجل بانهياره مباشرة بعد الانسحاب من افغانستان عام 1989 واعلان فك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وللابد. كثير من دول الاتحاد السوفيتي السابق باتت الان عضوة في حلف الناتو وعقارب الساعة اصبحت عقاربٌ لساعة على توقيت موسكو التي تصارع الزمن قبل نهاية عام 2016 وهو عام الذكرى المئوية لابرام اتفاقية سايكس – بيكو 1916 التي رسمت حدود كثير من الدول خاصة دول الشرق الاوسط بعد انهيار الدولة العثمانية وتقسيم تركتها بين الحلفاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست