الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام الحكم .. وأعداه المتخفون

عبد الحسين العطواني

2015 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


نظام الحكم .. وأعـداءه المتخـــفون
د.عبد الحسين العطواني
إن من المسائل التي تشغل حيزا مهما في كل نظام سياسي , هي تحديد الأصدقاء والأعداء والتعرف على نواياهم , سواء أن كانوا داخل العملية السياسية , أو خارجها , وخاصة أولئك الذين يتظاهرون بالنصح والولاء , وهم يكنون الغدر والعداء خلف الستار, ويتربصون الفرص ويستغلون الأحداث لكي يلحقوا الإضرار بتلك النظام .
لذلك فان تمييز التيارات المنحرفة والفئات المناوئة التي ترقع الشعارات البراقة , وفي واقعها تهدف إلى تعطيل البناء المؤسسي , أمر يتطلب دقة وقدرة متناهية في إدارة المجتمع والنظام السياسي , حيث أن الاهتمام بهذا الجانب هو لكشف المنحرفين والمتآمرين , لأخذ الحيطة والحذر , ومن ثم وضع الاستعدادات اللازمة لتحجيم أو إبعاد الخطر الذي يمكن أن يمس حياة المجتمع ويهدد أمنه , وفي نفس الوقت أن لايكون الاهتمام بعيدا عن التسامح والتعايش السلمي بين أفراد الشعب , فمن الخصائص التي يمكن التأكيد عليها , أو الوقوف عندها والتي يجب أن تتوفر بالمسؤول الذي يندرج ضمن إدارة شؤون البلد منها : التخصص, والحزم , والعدل من اجل تجنب الاستبداد وإحلال الأمن وبسط السلطة المستندة إلى العدالة التي تضمن لجميع الإفراد حقوقهم , وتشعرهم بالطمأنينة , والاستقرار لإمكان إعداد الأرضية اللازمة لنشاط جميع إفراد المجتمع التي هي من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الدولة وسياستها الداخلية .
فالبعض لايؤمنون بالتغيير وبالوضع السياسي الحالي وغالبا مايحاولون العمل سرا على تقويض وتدمير كل ما أقامه النظام على كافة الأصعدة وبأي شكل من الأشكال, بهدف الانتقام المدمر ومن هؤلاء على سبيل المثال بما يسمى ( بالخلايا النائمة) التي تعرف بأنها : (مجموعات منظمة تعمل في الخفاء معظمهم من المدنيين ويمارسون أعمالهم العادية , وتستخدم من قبل الجهات المنتمية إليها أو التي تدين لها بالولاء الفكري , أو العقائدي , أو الإيديولوجي للقيام بمهام محددة داخل المجتمع الذي تعيش فيه ) , حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من خمسة ألاف شخص في بغداد يعملون في الخفاء كخلايا نائمة لصالح ( زمر داعش الإرهابية ), وفي أسماء وهمية وبدوافع غريبة من السلوك العدواني الذي يصبح أكثر وضوحا وبروزا لعامة الناس , عندما تنسنح ألفرصه لهم في مجال التعبير عن الرأي برفع الشعارات العدائية والقيام بإعمال تخريبية كنشر الفتن , وممارسة العنف باستغلال التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بتخطي العقبات التي تحول دون توفير الخدمات , أو الشروع بالإصلاحات , تمهيدا لتنفيذ مهامهم الأساسية كزعزعة الأمن , والتجسس , والتفجيرات .
ومما لاشك فيه أن توسع مثل هذه الأعمال العدائية دون أن تجد لها الحكومة معالجة حقيقية أمر يلفت أنظار الناس نحو ضعف السلطة , ويؤدي إلى تأثير سلبي على نظام الحكم والى جلب المزيد من التدخلات الخارجية في شؤون البلد , في خضم الصراع القائم بين القوى الإقليمية والدولية والإطماع الإستراتيجية التي مازالت تتآمر على تقسيم العراق وتفتيت وحدته الوطنية .
معنى ذلك أن مسار التغيير الذي حصل في العراق بعد 2003 لم يكن متبلورا في التحقيق التنظيمي والهيكلي في جهاز الدولة ونظامها السياسي , ولم يكن واضحا في وعي النخب السياسية والحزبية بما في ذلك النخب الحاكمة , كما إن قوى الحداثة صاحبة مشروع الدولة المدنية , والتحول الديمقراطي لم تكن جاهزة ومنظمة بحيث تدفع بمسار بناء الدولة , بل كانت ضعيفة التنظيم غير موحدة في مجموعها , اعتمدت تحالفات مع قوى تقليدية ضمن لعبة الصراع السياسي , فتمكنت القوى التقليدية منهم ومن المشروع السياسي الذي جرت السيطرة على ممكناته المؤسسية .
ونحن هنا عندما نشيرالى بعض التحديات التي تواجه الحكومة مع ضعف تشخيصها , والحد من نشاطها , ومنها الأعداء المتخفين , لانريد أن نقلل من شأن الجهود المبذولة بهذا الصدد , وإنما بقصد تصحيح المسارالامني وإحكام السيطرة على العابثين بأمن البلد , وإيجاد الحلول الناجعة لها , لان إبقاء الوضع على هذا الحال كمن يتغاضى عن معالجة قنبلة أو عبوة ناسفة موقوتة في منطقة مأهولة بالسكان, لذلك ومن باب أن المسؤولية تضامنية علينا أن نسلك بما هو أفضل , مع الحاجة إلى نظرة ثاقبة بعيدة الأمد وقوة في الإدراك والتعبير في عالم دأب على التحول والتطور , فان الواقع لابد أن يظهر من خلال البحث والاستقصاء , ومقياس الحكم ما صلح منه , وما استحسنه المجتمع , وخير الإحسان مايدرء الظلم عن الناس , ويبسط الحق , ويرفع مستوى الفقراء والمعوزين , لكي يتبع المجتمع خطاه , وتتضح خطواته , في وقت قلما ِتجد فيه مسؤول له الشجاعة في إظهار الحق ودفع الضرر, وليس من الحكمة لذوي النفوس الضعيفة إبعاد المصلح وإقصاء المدافع تكون البلاد بأمس الحاجة للإصلاح والقضاء على أعداء الشعب والمفسدين , فحقوق الشعب ومكتسباته دائما وأبدا لا تستجمع معالمها وتطمئن إلى أسباب انتشارها إلا بقيادة سياسية حاكمة تنشأ منها وفيها وتعمل من اجلها وتعيش واقع مآسيها .
إن الشعور بالمسؤولية والتخصص والكفاءة العلمية والمهارة الكافية , من الواجبات التي لايمكن الاستغناء عنها في إدارة الدولة , ولكنها لاتحظى بقيمتها إلا إذا تم توظيفها في خدمة قضايا الشعب وتحسين مستوياته المعيشية , وكذلك قيمه الإنسانية وأهدافه السامية , فالكثير ممن أساءوا إلى الشعب واستنزفوا أمواله ودماءه , وهكذا كل يرى الناس حسب ماهو فيه , ويعادي ما ليس فيه , وينصرم الماضي بالشكر على الباطل والقيام بمؤازرته بما تتسم به الحكومات ذات النزعة التسلطية , والمنافع الشخصية .
إن القانون بمجرده ودون أن تكون له دعامة معنونه , سيكون جافا وعاريا عن الواقع , وأن القوانين الجافة لا تكفي لوحدها تنظيم العلاقات بين الناس, ودحر المسيئين والمتورطين , بل أن الجوانب المعلوماتية والمتابعة الميدانية, فضلا عن الروابط العاطفية المفعمة بالمحبة والألفة أكثر تأثيرا في تعزيز الأمن , ودفع الإنسان نحو التفاني في الإخلاص , والدفاع عن استقرار الوطن ومكتسباته , وبالتالي بناء الروح المعنوية والاهتمام بإحياء القيم والمثل الإنسانية , فالوحدة والتلاحم بين جميع الإفراد تضمن أولا: قوة وتماسك المجتمع وفاعليته , وثانيا: تبث اليأس في نفوس الأعداء , فأن لنا من تاريخنا من إنسانيات رفيعة , ومواهب عظيمة , ونصائح فريدة , مالا تزيلها الحقوب , ولا تصرمها الأزمان , وان نعطي كل حسب قدره وحسب ما أوفى به أمته , لنخلص إلى نظام حكم يتقدم ويقرر فيه المخلصين , وينكشف ويجرم الأعداء المتخفين والمتآمرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ