الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون والعمى الفكرى الاختيارى

بيتر ابيلارد

2005 / 11 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعليق على مقال د. العوا في الأسبوع http://www.elosboa.com/elosboa/issues/449/0401.asp
لم يكن من المستغرباً عندي أن يكتب شخص بمكانة الدكتور محمد سليم العوا في موضوع أحداث الإسكندرية والتي أرفض أن أسميها فتنة طائفية أو أي من المسميات التي صُدعنا بها في العقود الأخيرة.
لكن الغريب عندي هو ما كتبه الدكتور العوا وهو الخبير القانوني الدولي، وهو أيضا أستاذ التشريع الإسلامي.
أما أسباب إستغرابي فهي عدة ولكن قبل عرضها دعني أوضح أولا ما أنا لست بصدده هنا:
أنا لست بصدد الدفاع عن المسرحية أو الهجوم عليها حيث أني لم أشاهدها وما نقل عنها هو في مصادر غير موثوقة عندي كالأسبوع، الميدان، وغيرها. أم سبب عدم ثقتي بهذه المصادر فهو أنها تكلمت في الماضي عن أمور أعرفها شخصيا وكنت حاضرا فيها وعندما تناولتها هذه الجرائد وغيرها كانت تتناولها بكذب صُراح وفج.
الأمر الثاني أنا لست بصدد الدفاع عن البابا ولا الكنيسة القبطية لأني أولا لست من رعيته ولا من أعضاء كنيسته، فأنا مصري المولد، ولدت مسلم الديانة وأخترت المسيحية بكامل حريتي دون ترغيب ولا ترهيب ولم أنتمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ثانيا أعتقد أن البابا أقدر على أن يدافع عن نفسه لو أختار؛ أو أن يُلزمنا باحترام صمته لو أختار الصمت.
والآن نأتي إلى مقال الدكتور العوا ويعنيني في هذا المقال أمرين أهم من غيرهما.
أولا: يعرض الدكتور العوا مفهوماً إسلاميا على أنه هذا هو الإسلام وهو كرجل قانون، وأستاذ شريعة يعلم جيدا أن هذا رأيه الشخصي، وأنه ليس هناك كثيرون يتفقون في طرحه. بل هناك من يكفره بسبب هذا الطرح.
الثاني: هناك في المقال إما تدليس واضح، أو إخفاء للرأس في الرمال. وهما إتهامان أوردهما الدكتور للبابا وشيخ الأزهر وغيرهم دون دليل ولكنه سقط فيهما إلى شحمة أذنية وبالدليل.

المفهوم الأسلامي للعوا:
يعلم الدكتور جيدا أن فكرة المواطنة التي ما دأب هو وشيخيه القرضاوي والغزالي على طرحها ليست من المتفق عليه بين علماء المسلمين حتى يعرضها علينا وكأنها أمر مُسلم به. فلم يتفق معه المسلمون على أن أهل الكتاب والمسلمين سواء لا في الأعراض ولا الأموال ولا في أي شيء. وهو يعلم أن هناك أدلة في الجانبين. وأنا لا أحاول ترجيح كفة على الأخرى لكن كان يجب عليه وهو من هو ألا يلقي الكلام جزافا وبصيغة مريبة مثل: "المسلمين والأقباط الذين يعيشون في هذا الوطن إخوانا فيه لا يميز بينهم سوى صلاة هذا في المسجد وصلاة هذا في الكنيسة" و "وأحكام الشريعة الإسلامية التي لا خلاف فيها بين المسلمين" فالدكتور يعي جيدا الخلاف الفقهي الإسلامي في هل أن مسيحيي اليوم من أهل الكتاب أم لا وهل دمهم ومالهم معصوم أم لا وهل تٌقبل منهم الجزية أم أن خياريهم هما الإسلام أو القتل وغيرها من القضايا الفقهية التي يعيها هو جيدا كرجل قانون. وهو يعلم أيضا أن أحكام الشريعة الإسلامية لا يوجد إتفاق فيها بين الفقهاء فما باله يتكلم وكأنه لا خلاف بين عامة المسلمين.
يا دكتور
ماذكرته إما أن يُعتبر تدليسا على القاريء لا يجب أن يصدر عن شخص في مكانتك العلمية، أو وهو الأدهى يعتبر مصادرة لكل من يخالفك في الفكر وإعتباره من غير المسلمين.. لأنه إذا قرأنا كلامك باتفاق المسلمون على أحكام الشريعة ثم يرى أي دارس للإسلام هذا الكم من الخلاف.. ألست معي في أنه سيحكم بإحدى ثلاث؛ إما كذبك أو جهلك أو عدم إعتبارك للمخالفين معك مسلمين؟؟!!

وهل كانت الفتنة نائمة

يخبرنا الدكتور بأن الجماعة الوطنية المصرية "لا يطغى فيها أحد على أحد، ولا يستكبر فيها جانب على الأخر" و أنه يكفر المنتمي لدين الإسلام إذا "أساء إلى دينهم، ولا يتم إيمانه بدينه الإسلام إلا إذا آمن بنبيهم ورسالته وصديقية أمه البتول" و أن تعامل المسلمين مع المسيحية يلتزم بـ"منتهى الآدب والتوقير للنبي عيسى" ويقول "والإسلام لا يقر العدوان على الأنفس والأموال..."
يادكتور مرّة ثانية هذا الكلام لا يخرج من رجل مثلك له دراية واسعة بالكتابات الإسلامية ولكن ربما هو السن فدعني أنشط ذاكرتك قليلا حول هذا الإحترام، ولن أفعل ذلك باقتباس عوام المسلمين بل علمائهم وليس المتطرفين فقط بل المعتدلين أيضا ولنبدأ بأكثرهم إعتدالا والذي أعتبره البعض مدافعا عن قضايا المسيحيين ولننظر ما يقول سيد القمني في أحد كتبه (إسرائيل التوراة التاريخ التضليل) عما يأخذه المسيحيون ككتاب مقدس لهم وكيف يصفه:
"الخرافة في العهد القديم" ص 35 "وسنحاول هنا ضرب بعض الأمثلة التي تدخل روايات التوراة في عداد الخرافات البسيطة" ص37 " فإن النص التوراتي من وجهة نظرنا ليس أكثر من وثيقة أسطورية" ص 40 " "في الكتاب المقدس سفر كامل لا يمكن تفسيره إلا في ضوء العبادات الجنسية" ص49 "ولكن هذا الإله الصحراوي (إله اليهود والمسيحيين) أصبح على يدي الأنبياء أمثال أشعيا وعاموس وميخا إلها عالميا يأمر بالمحبة والعدل" ص68 "ولنبدأ بنص التوراة الذي يحكي نصا فجاً من الخرافة" ص 185 "والمعتاد على قراءة ذلك الكتاب –يقصد الكتاب المقدس – لن يجد غرابة في تناقض الرب" وغير هذا الكثير الكثير فهل هذا يدخل يادكتور في أساليب النقد الملتزم ومنتهى الأدب والتوقير لمعتقدات الآخر؟ ولكن ربما قلت لنا أن القمني لا يُحسب على الإسلاميين ولك في ذلك حق فما رأيك بالشيخ الإخواني – وأحسبك إخوانيا – محمد عبد الله الخطيب في فتواة المنشورة في مجلة الدعوة لسان حال الإخوان في عدد ديسمبر 1980 ص 40 (لاحظ قُرب التاريخ من أحداث قتل المسيحيين في الزاوية الحمراء) والسؤال كان حول حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام؟ وأجاب الشيخ بقوله: حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة.
الثاني: ما فتحه المسلمون من بلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا فهذه أيضا لايجوز بناء هذه الأشياء وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها بلاد مملوكة للمسلمين
الثالث: ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس"
هذا هو الفكر الإعتدالي الإخواني والسؤال طبعا ما حكم من حرق كنائس المعادي أو الإسكندرية يا دكتور؟ وهل ترى أن في كلام المفتي الإخواني وحدة رائعة بين المسلم والقبطي؟ لنستمر ونأتي على ما قاله الإمام ابن القيم الجوزية في كتاباته ووصفه للمسيحية: "دين أُسس على شفا جرف هار فانهار بصاحبه في النار، أسس على عبادة النيران وعقد شركة بين الرحمن والشيطان، دين أسس على عبادة الصلبان والصور المدهونة في السقوف والحيطان" ... "المثلثة أمة الضلال أو عُباد الصليب" ... "فدينهم شرب الخمور وأكل الخنزير وترك الختان والتعبد بالنجاسات واستباحة كل خبيث..."الذين أختاروا صلاة يقوم أعبدهم وأزهدهم إليها والبول على ساقه وأفخاذه فيستقبل الشرق ثم يصلب على وجهه ويعبد الإله المصلوب ويفتح الصلاة بقوله ‘يا أبنا الذي في السماء...‘ ثم يحدث من هو إلى جانبه وربما سأله عن سعر الخمر والخنزير وعما كسب في القمار وعما طبخ في بيته وربما أحدث في صلاته وهو لو أراد لبال في موضعه" (من كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى)
إن هذه الإقتباسات لم أتعد فيها الصفحات العشر الأولى من الكتاب ويمكنك الحصول عليه من أي من مكتبات مصر التي تتعامل مع الآخر بمنتهى الأدب والإحترام. فهل هذا هو أسلوب التوقير الذي تريدنا أن نخاطب به المسلمين يا دكتور؟ وهل ياتُرى هذه أيضا صفة صلاة أصدقائك من المسيحيين؟!
ولكن ماذا عن مقولتك أنكم تحترمون نبينا !!؟؟
إن ما تسميه أنت إحتراما بالنسبة لنا هو إهانة لماذا؟ تخيل معي إذا تفضلت أنت وناديت على القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية بقولك يا سعادة اللواء مبارك! هل تتخيل أنه سيجد في هذا اللقب تكريما له؟
عندما تقول لمسيحي أن ما تعتقد أنت أنه الله الظاهر في الجسد لا أعتبره أنا إلى نبي فهل تظن أننا نرى هذا تكريما؟
ولكن لنترك لك هذه ونطلب منك كما طلبت أنت من غيرك أن يبحث بنفسه أن تحاول الحصول على أي من كتابات القدياني ديدات والتي تطبع وتوزع في مصر وإقرأ ماذا يقول عن المسيح. فهل ترى أن جملة مثل "أن المسيح لن يجلس مثل البطة" "أن المسيح أفشل نبي في التاريخ" هل هذه الجمل هي من جمل التعظيم والتكريم؟
ولنأتي أخيرا إلى ما أعتبره أنا أهم جزء في مقالك وهو قولك عن القانون المصري أنه يجب أن يطبق على غير المسلم وعلى المسلم سواء بسواء.
- وأسمح لي أن أطرح بضعة نقاط بما أنك تقول لنا أن القانون ينبغي المساوة بين الجميع أمامه فهل ترى أن القانون يجب أن يكفل للمسيحي حرية الدعوة العلنية لدينه في وسائل الإعلام بما إنه مساوٍ للمسلم في الحقوق والواجبات؟ دعني لا أثقل عليك ولأنقل لك جوابك الذي قلته في قناة الجزيرة " إذا كان الهدف من هذا الطلب هو أن تتم الدعوة من خلال وسائل الإعلام المصرية إلى المسيحية فهذا أمر لا يجوز لأن مصر دولة إسلامية بموجب دستورها"
- http://www.al-araby.com/articles/939/041219-939-dlg01.htm
فهل هذه هي المساوة في نظرك يادكتور؟
وياليتك تخبرني كم مسيحي حُبس لأنه تحول للإسلام؟ ويمكنك الرجوع لتقارير منظمات حقوق الإنسان في العشرين سنة الأخيرة فقط لتعرف العدد الذي ألقي به في السجون من المتنصرين.. بعدها حدثني عن المساوة.
وأعتقد من المساوة بما أنك إلتمست العذر لمن أحرقوا الكنائس بأنهم كانوا في ثورة لدينهم فأعتقد أنه يجب أن تلتمس العذر لمن يقرأ كتب المسلمين بأن يقوم بحرق الأزهر على رأس من فيه، فهو أيضا يُلتمس له العذر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح