الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة فى النرجسية الدينية

رمسيس حنا

2015 / 12 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فى البداية أود الإعتراف بفضل أدبيات كاتب الحوار المتمدن الأستاذ السامى اللبيب بمواضيعها الغزيرة و الثرية فى إستفزاز العقل للبحث عن أسباب التناقضات و النسيان (ألزاهايمر) و الإزدواجية أو الكيل بمكيالين فى التعاملات البشرية التى تطيح بأمل البشرية فى حياة أفضل و خربشاته على جدران الخرافة و الوهم و إنتهاك الأديان لإنسانية الإنسان و رؤيته الإستشراقية فى موروثاتنا الثقافية و الإجتماعية و تأملاته فى ماهية الحياة و الإنسان و الوجود و حججه فى تفنيد و جود إله. و فى بؤرة أدبياته يبرز الإنسان كهدف أسمى للسامى اللبيب. فقادنى إستفزاز أدبيات السامى اللبيب الى البحث أولاً فى حالات المتبوع و التابع النفسية حتى يمكن إنصافهم للوصول ليس لتبريرهم و لكن لمحاولة إيجاد طريق أو سبيل لعودة العقل الى مكانته و وظيفته الأصلية و الأصيلة و هى التقد و الإبداع الإيجابى فى خدمة البشرية على الأرض فى معمعة الحياة و ليس بعد إنفضاض مولدها و عدم العودة مرة أخرى إليها؛ فكان هذا البحث فى بدايتة بالنرجسية أو إضطرابات الشخصية النرجسية لمصدرى النصوص الدينية بقصد الحياة الكريمة للإنسان أو على الأقل تخفيفاً من معاناته فى هذا الوجود.

كيف تحول النصوص الدينية بعضاً (و نقول بعضاً حتى ننفى التعميم) من المؤمنين بها أو التابعين لها – كل حسب إستعداده النفسى و العقلى – الى أحد شخوص الإسطورة الإغريقية صَّدَى و نارسيسس (Echo and Narcissus) التى ربما يستنكرها و يمقتها و يدينها المؤمنون أو التابعون للأديان رغم إسطوريتها لمجرد أنها تتعلق باَلهة غير الإله الذى يتخلق و يُوجد فى عقل المؤمن أو التابع؛ و هذا هو أساس التتناقض فى شخصية التابع للأديان و الكيل بمكيالين. فهو يمجد سلوك متبوعه النرجسى و ينتقد نفس السلوك لو مارسه غير متبوعه. و بمعنى اَخر فأن النرجسية الدينية تظهر جلية واضحة عندما يتقبل التابعون سلوك و تصرفات المتبوع النرجسية و ينبطحون لها رغم وضوح عدم سوية العلاقة بين المتبوع سواءاً كان هذا المتبوع يندرج تحت مسمى نبي أو رسول، قائد أو زعيم، داعية أو مبشر، شيخ أو واعظ أو كاهن – نقول عدم سوية العلاقة بين هولاء – و بين التابعين الذين بداية يتحولون الى مجرد رَجْعُ صّدَى (echo) – بدون فهم – لمُصَدّرى النصوص الدينية و يعشقون مصادرها و مُصَدّريها فيقتل الوله و الوجد عقولهم و يُذهِب تفكيرهم فيعجزون عن إبداع أو إبتكار حلول جديدة غير نمطية و غير تقليدية لمشاكلهم فى الدنيا فى إنتظار تحقيق الوعود لهم بحلول لها بعد الموت بجنات تجرى من تحتها أنهار خمر و لبن و عسل مُصّفى فيتكئون على سرر مصفوفة يضاجعون حوريات العين و الولدان المخلدين الذين يطوفون عليهم بأباريق موضوعة على نَمَارِق مصفوفة. أضف الى ذلك تشفى صدور التابعين التى ستظل مملؤة بالغل و الحقد و الكراهية على غير التابعين (الكفار) وهم يعانون العذاب الواناً فى نار جهنم.

و عندما ظهرت الأديان الإبراهيمية كانت النرجسية قد تمكنت من ألإنسان و هو فى حالة صراع ليس فقط مع مفردات الوجود و لكن أيضاً مع البشر أقرانه. و أمتد مرض إضطرابات الشخصية النرجسية – إن لم يكن قد تحول – الى ممارسة فعلية جاسمة على عقول و صدور البشر الضعفاء الذين أغرقتهم الإنهزامية و إبتلعتهم دوامة النرجسية فركنوا الى الإستسلام و التنازل لها و أصبحوا تابعين فى فلك هذه الدوامة يدورون معها خيث تدور حتى تبتلعهم نهائياً. فجاء مصدرو الأديان الإبراهيمية فى الواقع نتاج هذه النرجسية و نتاج هذه الإضطرابات النفسية المُتأصلة فى الشخصية لكى يؤكدوا هذه النرجسية و يلبسوها ثوب المقدس لتصبح مرضاً جمعياً يتفاخر بها المؤمنون أو التابعون. فالخطايا النرجسية السبعة القاتلة التى حددتها المحللة النفسية ساندى هوتشكيس (Sandy Hotchkiss) تصبح مفخرة للتابعين على المخالفين فيكون فخرهم فى خزيهم.

فيوهم الاعتقاد السحرى (magical thinking) التابعين بأنهم شعب الله المختار و أنهم خير أمة أُخرجت للناس فيمارسون غطرستهم (arrogance) على الاَخرين حيث أن متبوعهم لا ينطق عن الهوى بل هو و حى يُوحى علمه شديد القوى و ينظرون على الاَخرين المختلفين معهم بنظرة فوقية إستعلائية رغم التقدم و الإنجازات فى جميع ميادين الحياة التى حققها و ما زال يحققها الاَخرون المختلفون معهم. بل و تزيد الغطرسة من إنتفاخيه و أجوفيه المتبوع و التابعين لتبتلع المزيد من ضحاياه البشر.

إن تقدم الاَخرين و إنجازاتهم تثير الحسد و الحقد (envy and malice) فى قلوب التابعين على الاَخرين فيحولوا هذا التقدم و هذه الإنجازات الى مسبة و فسق و فجور و يصبوا عليهم جامات الغضب و اللعنات و يطلبون من متبوعهم (إلههم) فى صلواتهم له أن ييتم أطفالهم و يرمل و يسبى نسائهم و يخرب بيوتهم و يجمد الدم فى عروقهم و يقطع السنتهم. و هذا أقل ما يفعلونه اذا لم تتيح لهم الفرصة لتطبيقه عملياً و اقعيا. فإذا ما أُتيحت لهم الفرصة فيقومون هم بإرتكاب ذلك بدم بارد فيتبادلوا الأماكن مع الههم. و إن دل ذلك على شيئ فإنه يدل على أن النرجسى (التابع) هو الإله ذاته (المتبوع) الذى يعتمل داخل نفسه.

و رغم محاولة التابعين لفرز و عزل أنفسهم عن الاَخرين و تجنبهم و إنجازاتهم و لكنهم يرون أن لهم أحقية و إستحقاقية (entitlement) فيها فيستخدمونها و يستفيدوا بها ذلك لأنهم يرون أن إلههم (متبوعهم) سخر المختلفين معهم ليقوموا بهذه الأنجازات ليستخدمها التابعون (سبحان الذى سخر لنا هذا) و بذلك تتحقق إستغلالية (exploitation) الاَخرين من جانب التابعين.

و تابعو النرجسية الدينية لا يشعرون بالخزى و العار لتكاسلهم و عدم مساهمتهم بأى إنجاز فى الحضارة الوجودية الإنسانية فتدفعهم هذه الوقاحة و عدم الشعور بالخزى و العار (shamelessness) للتقليل من شأن الاَخرين و إنجازاتهم العلمية و الحضارية فى جميغ الميادين الفلسفية العلمية و الفنية سواءاً القديمة و الحديثة منها فيسفهون العقل المنطلق و نتاجه من كل الحضارات و تتملكهم رغبات شديدة فى تدميرها بل تصل بهم هذه الوقاحة بالمفاخرة على الاَخرين بأمور مخزية بل منافية للعلم و المنطق و متصادمة مع الذوق و الحس العام و الأدب و الأخلاق: فبول البعير فيه شفاء و دواء لكل داء وليس دواء إنترفيرون ( Interferon) أو هارفونى (Harvoni) الخاص بعلاج مرض واحد فقط إلتهاب الكبد الوبائى؛ و غمس الذبابة كلها فى طعام التابع النرجسى يعقمه بدلاً من إستخدام أى مواد حافظة أو القضاء على الذباب بالنظافة؛ و مضاجعة الرجل للمرأة بعد موتها مادة دسمة للنقاش أهم من مناقشة الصدمات النفسية (trauma) التى تحدث بين أفراد العائلة نتيجة لفقدان أحد أعضائها؛ و إرضاع الكبير كأنجع حل لمشكلة الإختلاط فى العمل أهم من التفكير فى كيفية جعل علاقة العمل و الزمالة علاقة تعاونية ودية تهدف الى نقل الخبرات و إبتكار أساليب جديدة لإنجاز مهام العمل و زيادة الإنتاج؛ و مناقشة إتجاه أو وجهة المؤخرة و عدد الجمرات عند التغوط فى الخلاء أهم من تعليم الإنسان كيفية معرفة إتجاهاته الثمانية على خريطة المكان أو كيفية عمل الـ(جى بى إس) أو (Global Positioning System) و هو جهاز عالمى لتحديد المواقع للمسافر براً و الذى لا أعلم هل تم تعريبه أو إعطاء إسماً له فى مجمع اللغة اللغة العربية.

أن النرجسية الدينية لا تعرف حدوداً شخصية بين النرجسى و أتباعه فهى شمولية متعدية لكل الحدود (boundlessness) أو (bad boundaries) فهو يريدهم أن يتماهوا فى شخصيته فيرون ما يرى و يسمعون ما يسمع و يرددون ما يقول فلا إعتراض على قوله و رؤيته و يرى من حقه عليهم أن يعلم بكل كبيرة و صغيرة فى حياتهم. فالمتبوع النرجسى يتدخل فى العلاقات الشخصية بين التابع و الهه فالواقع أن المتبوع هو الإله عينه فيجبره على ترك العمل ليقيم صلاته لهذا المتبوع و جميع الطقوس و الممارسات الدينية هى فرض عين فالجهاد المتمثل فى قتال الاَخر هو فرض على كل تابع إن لم يكن بشخصه و حمل سلاحه فبماله و كل ما يملك، و لا يغنى عن ذلك القول بأن ليس كل التابعين مجاهدين أو أن المقصود بالجهاد هو مجاهدة النفس فالنرجسى يناور تابعيه بإضافة معانى و إستبعاد أُخر فى نصوصه.

و كنتيجة للمناورات الكلامية فإن النسيان و التناسى و الكذب و الخداع و الغش هى سمات أصيلة و أصلية فى النرجسية الدينية حيث الكلمة الواحدة تحمل معانى كثيرة و متناقضاتها فى نفس الوقت مما يعلل تناقض النصوص الدينية و عدم منطقيتها و إرتباكها و ما على المفسر أو الشارح إلا محاولة التبرير و التوفيق لهذه المتناقضات و اللجؤ الى الإستثناءت فلا يعلم و لا يستطيع التابع التمييز بين خصوصية و عمومية النص لحفظ ما و جه النرجسى المتبوع و كأن التابع البسيط يحتاج معه مفسر و شارح (متبوع) لكى يفهمه النص فى كل مرة يريد قرأته أو يكتفى بترديده كرجع الصوت أو الصدى دون فهم و دون تفكير فيقتل التابع ما تبقى له من عقل – إذا كان هناك بقية – و هذا كل ما يصبو اليه المتبوع النرجسى لتسهل سيطرته و إحكام قبضته على تابعيه.
منذ بداية ظهور الأديان الإبراهيمية كسلطة و قوة و نفوذ حدث تحول خبيث فى العلاقة النرجسية بين الإنسان و الكون من ناحية و بين عامة الناس و النُخب (elites) الدينية المتبوعة وهى طبقة الأنبياء و الكهنة و الشيوخ و رجال السياسة من ناحية أخرى. هذا لا يعنى أن النُخْبة الدينية و النُخْبة السياسية كانتا فى حالة إنسجام أو توافق (harmony´-or-agreement) على طول الخط بل كان الصراع ينشب بينهما أيضاَ ا فلم يعد الإنسان بصفة عامة (أى أكثرية أو غالبية الناس سواءاً كانوا من طبقات عاملة و كادحة أو عامة الناس بما فيهم من فقراء أو فلاسفة أو فلاحين أو مفكرين أو حرفيين أو مبدعين) هو محور الكون و الطبيعة بل تحول الله أو الإله (المُخترَع – أى الذى إخترعته نُخَب السياسة و الدين) ليكون هو محور الكون و تطلع العامة و العوام بما فى ذلك البشر الغلابة و المساكين و حتى الصعاليك؛ و تحول هذا الإله الذى هو أصلاً وليد اضطرابات الشخصية النرجسية ليتربع على قمة هرم النرجسية و يستوى على عرشها؛ فبدلاً من أن يكون الإله صانع للكون من أجل خدمة و توفير إحتياجات الإنسان نرى أن الكون المادى و ما فيه من الجماد و الحيوان و الإنس، و عالم الميتافيزيقا أو عالم الغيب و الشهادة أو عالم المطلقات و ما فيه من الجن و الملائكة و العفاريت و الشياطين و الأشباح و الأرواح مخلوق لأجل هذا الإله و من أجل تعظيمه و تمجيده و تسبيحه و طاعته. و بالتالى فإن هذا الإله سيسلك مسلك أى نرجسى فى المواقف المستجدة أو المستحدثة و من ثم ينتفى عنه كلية العلم التى يدعيها و كلية الصفات الإيجابية؛ و لذلك فهو يشعر بالعار لعدم كماله و لعدم مطلاقيته و عدم مصداقيته و سلوكياته التى هى غالباً ما تكون ردود أفعال و لكنه يسقط كل هذا النقص و كل هذا الخلل على التابعين الغلابة و المساكين و يبدو و كأنه أول مرة يعرف أن فى تابعيه ضعفاً فيتفضل عليهم بالعفو و المغفرة و الرحمة.

و عالم الميتافيزيقا أو عالم الغيب أو عالم المطلقات يظل حبيس خيال الإنسان حسب درجات و عيه و إدراكه و هنا بعض من مكامن التناقضات التى تعانى منه النصوص الدينية. و على أقل التقديرات فإن عالم الميتافيزيقا أو عالم الغيبيات أو عالم المطلقات الذى خلقه العقل بملكة خياله و إبداعه لا يمكن التعامل معه أو فهمه إلا من المنظور النسبى فقط الذى يمثل قمة الحالة الصحية العقلية المنطقية والذى يُمَّكن الإنسان من التعامل مع الموجودات المادية بطريقة صحية و صحيحة. و بهذا المنظور النسبى تعامل الأنسان مع المطلقات فوقع فى حمأة التناقض. فالعقل يتعامل مع الوجود المادى بمنظور نسبى و لكنه لم يستطع أن يتعامل مع ما أخترعه من مطلقات بمنظور مطلق كما كان يريد لأن العقل يتسم بملكة الإبداع و عليه تتعدد منظوراته لكى كمقاطع يحددها بنفاط بداية و نهاية حتى يستطيع فهمها لأنه لا يستطيع أن يستوعب الـ"لامالانهائية" (endlessness) أو (infiniteness) التى تخيلها بعقله الجامح فى مطلقاته. و نتيجة لذلك كان هناك إحتمالان: إما أن يمطلق الإنسان (النبى أو رجل الدين) نفسه لكى يتمكن من تصور و فهم المطلق الذى إخترعه فلا يقف عند حدود أو منطق حسب إمكانياته فإخترع الأساطير الأدبية التى دعم بها نصوصه الدينية فيما بعد و الإحتمال الثانى أن يجعل هذا المطلق نسبياً. و لذلك فإن النصوص الدينية تبدو متناقضة؛ و مربكة و غامضة و مثيرة لكثير من الأسئلة لأنها تلبس المطلق ثوب النسبى و تلبس النسبى ثوب المطلق، مما يجعلها فى حالة تأرجح و تذبذب بين النسبى و المطلق فإتسمت بغموض الرؤية و عدم الوضوح. فكان الحل هو تحريم السؤال (لا تسألوا عن أشياء) فالتابعون حُرِم عليهم أن يسألوا عن أشياء لأن مصدر النص لا يمكنه الأجابة عليها؛ و من ثم لم يكن غريباً على مصدر النص أن يلقى بهذا العجز على تابعيه فى صورة تبرير هذا التحريم الذى جاء فوراً بعد النهى و الذى يمثل مقدرة النرجسي على مناورة تابعيه لتجعل أنتهاك التابعين لهذا التحريم يرد عليهم بالوبال و سؤ الحال (إن تُبدى لكم تسؤكم).

كل هذا جعل النصوص الدينية فى أحتياج دائم و ملح الى شروحات و تفسيرات يقوم بها رجال السلطة الدينية زادت من أرتباك فهم الأنسان العادى ذى التفكير السوى للنصوص الدينية لأن أغلب هذه الشروحات و التفسيرات هى محاولات لتبرير النصوص و أسقاطها على زمكان و أشخاص هم ليسوا نفس زمكان و أشخاص النص. و لم يستطع المتبوعون أن يتعاملوا مع المطلق بما هو مطلق و لا مع النسبى بما هو نسبى بل خلطوا فى تعاملاتهم مع النصوص بين النسبى و المطلق؛ و مما زاد الحالة سوءاً أن تتحول هذه التفسيرات و الشروحات الى مقدس فنتج عن هذا الخلط حالة من التشويش العقلى و الفكرى أورثته التخلف و التراجع عن مواكبة عصره و زمانه و جعلته فى حالة إرتباك مستديمة و مستدامة. و كانت النتيجة هى على التابعين أن يتبعوا المتبوع فقط و يريحوا أنفسهم من التفكير و إعمال عقلهم فى النصوص و أصبحت الإتكالية هى الثقافة السائدة فى مجتمعاتنا فالتابعون يطلبون من المتبوع الصلاة من أجلهم و من الطبيب كتابة قائمة مأكولاتهم المسموح بها أو المحرمة عليهم فى حالات المرض، و من المدرس إعطائهم المعلومة بدلاً من البحث عنها بأنفسم فتحولت عقول التابعين الى مجرد أوعية ليصب فيها المتبوع ما يريد من أفكار.

فهل يتقبل العقل السوى مثلاً أن إبليس له فى أحد جنبيه فرج و فى الجنب الاًخر فرج اَخر فأدخل فرجه فى فرج نفسه فباض خمس بيضات؛ فهذا أصل ذريته. و قيل أن الله تعالى خلق له فى فخذه اليمنى ذكراً و فى اليسرى فرجاً؛ فهو ينكح هذا بهذا؛ فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطاناً و شيطانة، فهو يخرج و هو يطير. و قد يتقبلها العقل السوى على أنها صورة من صور الخيال الإنسانى الجامح فى محاولاته لمعرفة الميتافيزيقى الغيبى و هى محاولة جميلة و مسلية لتكشف كيف كان يفكر أسلافنا. فهل سوف يتغير تفكيرك – و سؤالى هذا موجه للفارئ العزيز – إذا علمت أن هذا هو تفسير العلامة العظيم القرطبى فى كتابه (تفسير القرطبى) للاَية الخمسين من سورة الكهف.

و من خلال التسمية (عالم الميتافيزيقا أو المطلقات أو الغيب و الشهادة) يكشف الأنسان (سواءاً كان متبوعاً أو تابعاً) عن جهله التام المطلق بهذا العالم الذى – حتى مع إفتراض و جوده سواءاً مادياً أومعنوياً خيالياً – أصبح مقر إله النرجسيية الدينية الذى يظل إلها غيبياً غير مُستعلن لا يراه ولا يحس به أحد و لا يكون على إتصال بأى أحد. فالإله دائم العجز عن إعلان نفسه بنفسه و دائماً يتخفى (camouflage) فى أو وراء شخصية رجل الدين الذى يدعى بأنه هو الوحيد العارف و العالم به و المستعلن له دون سواه من البشر الذين لا علم و لا معرفة لهم بهذا الإله و من ثم يجب على التابعين أن يصدقوا و يؤمنوا بكل ما يقوله لهم و إلا يكونوا خارجين على الجماعة و خارجين على الملة. فالنرجسي لا يقبل أن يعترض أحد على رؤيته أو يختلف معه. فلكى يسهل عليه الوصول الى ماَربه و لكى يسهل عليه التعامل مع تابعيه فإنه يريدهم جميعاً شخصاً واحداً فيلغى شخصياتهم ليسهل عليهم التماهى فيه و من ثم يذيبهم فى شخصيته؛ فالنرجسى لا يؤمن بالتعددية خوفا من أن يكون فيها مفارقة له و إنفضاضاً من حوله.

إن طبقة الكهنوت (رجال الدين بصفة عامة) ليست مستحدثة فى الأديان الإبراهيمية بل هى صناعة مصرية قديمة مئة فى المئة و منها إنتقلت هذه الصناعة الى الديانات الإبراهيمية اليهودية و المسيحية و الأسلام؛ و لا تعنينا مقولة رجال الدين الإسلامى أنه لا كهنوت فى الإسلام فالمقولة شيئ و الواقع شيئ اَخر تماماً، فالأمر هو مجرد إستخدام مصطلحات مختلفة ذات مضمون واحد. فنحن فى الإسلام لدينا مصطلحات العلَّامة و العالم و الفقيه و الإمام، و كلها تدل على ممارسة السلطة الدينية و التربع على عرشها و التماهى فيها. و لا تعنينا مقولة التابعين المسيحيين أن الكهنوت فى جوهره خدمة فهو على الأقل ليس خدمة للناس و ريما يكون خدمة للمتبوع و لكنه سلطة على التابع. فنحن نرى موسى نبياً و فى نفس الوقت هو القائد و الزعيم السياسى لشعب بنى إسرائيل. و من بعده أتى يشوع و دأود و سليمان. و بعد أن جعل قسطنطين المسيحية الدين الرسمى للدولة الرومانية أصبح هو من القديسين و فرض سلطثه و أراءه على قانون الإيمان المسيحى و الذى يتعبد به و يردده التابعون (المؤمنون) حتى اليوم. و لقد وصل الحال فى أوربا العصور الوسطى أن طقوس تجليس أو تتويج الملك لا تتم إلا بطقوس كهنوتية دينية؛ و على الجانب الاَخر نرى محمداً كنبى و رسول و فى نفس الوقت رجل سياسة و رجل دولة من الطراز الطاغى لتصل مكانته الى مكانة الإله الذى أرسله؛ و من بعده أتى الخلفاء الذين أُطلق عليهم مسمى (الخليفة و الإمام) فهو الذى يحكم الرعية (التابعين) سياسياً و دينياً و لا مزاحم أو منافس له.

إن تعطش النرجسى للسلطة كدلالة على و سمة من سمات إضطرابات الشخصية النرجسية (NPD) تبيح له أن يفعل أى شيئ لكى يروى ظمأه و تعطشه لإعتلاء هذه السلطة و الركوب على موجتها و لكنه هو لا يدفع أى ثمن لذلك، فالذى يدفع الثمن هم التابعون المؤمنون. فالنرجسى (narcissist) يأخذ و لا يعطى و إن أعطى يكون عطاءه مجرد وعود و لا يضمن هو تحقيقها لأنه لا يريد أن يلتزم بشيئ نحو الاَخرين. فهو يرى نفسه فوق كل إلتزام نحو أى شخص و لكن يجب على الاَخرين أن يكونوا ملتزمين نحوه. هو يطلب من الاَخرين أن ينفذوا أوامره و يستجيبوا لطلباته ... و يغضب و يتضجر عندما يطلب منه أحد شيئاً ما ... حتى لو إستجاب لطلب ما يعلم أن المقابل الذى سوف يحصل عليه أضعاف الأضعاف لإنتفاخ (لتضخيم) شخصيته. إن كل ما يحصل عليه النرجسى أو كل ما يتنازل عنه هو من أجل غرض واحد فقط ألا و هو تضخيم و تعظيم نفسه. و عندما يتنازل النرجسى الدينى عن شيئ أو عن رأى له تأبى عليه غطرسته أن يعترف بأنه هو الذى تنازل بل يظهر أن الذى تنازل هو إلهه.

و تأتى وعود الشخصية النرجسية الدينية من سلطة عليا – هى فى الواقع شخصيته هو – ليتماهى فيها و تتماهى فيه و يتخيل – فى الحقيقة هو لا يتخيل بل يعتقد و يؤمن إيماناً راسخاً – أنها قد أعطته النيابة أو الوكالة لكى يتحدث باسمها فهو يكذب حتى على نفسه و هو أول من يصدق كذبته بل أطاذيبه و فى الواقع يكون هو عادة هذه السلطة العليا. أن وعود النرجسية الدينية يأتى تحقيقها بعد الموت و فى الحياة الاًخرة التى لا يعلم الواعد و لا الموعود أى شيئاً عنها سوى خبراته الحياتية الوجودية و ما أضفاه إبداعه و خياله عليها و هو يستخدم هذه الوعود لكى يداعب (يناور) بها خيالات الموعودين بها. إن كل مايستطيع أن يحصل عليه التابع للنرجسى أو النرجسى التابع فى الدنيا هو مقدار إشتراكه فى تنفيذ أوامر و تلبية رغبات المتبوع النرجسى أو النرجسى المتبوع من السطو المسلح و الغزو و الإحتلال و السبى. فإن حدث و قُتِل التابع فموته يتحول الى شهادة أو إستشهاد (فى عالم الغيب و الشهادة) كتأشيرة دخول الى الجنة ليس لأجله هو بل لأجل الناجين من بعده بغرض الأستمرار فى اللعبة و جذب و أنضمام و ضم اَخرين اليها. و إن نجا تابع النرجسى من القتل أو الموت فى دفاعه عن المتبوع بمريض (NPD) فله أجر من نتاج السلب و النهب و السطو على ممتلكات من تخيلهم أعداءاً له. إن المتبوع و التابع النرجسيين لا يهمهم أن يكونوا طبقة منتجة فهم فوق و أرقى من ذلك فالعمل بالزراعة – على سبيل المثال لا الحصر – عمل لا يليق بنبالة و علو مكانة المتبوع النرجسى و لأن الاَخرين مسخرون للقيام بهذا العمل من أجل توفير إحتياجاته هو.

و تلعب الوعود بالحياة الاًخرة على و تر الحرمان الذى يعانيه المؤمنون أو التابعون فى الحياة الدنيا. و كلما أستمر الحرمان و اشتد كلما تكررت الوعود و كلما زادت طلبات النرجسى من المؤمن أو التابع و لا يهمه معاناة التابع أو المؤمن فى تنفيذ أوامره و متطلباته لدرجة أنه يشترط على تابعه أن يدفع حياته ثمناً لمجرد تلك الوعود. و النرجسى يحرم أشياء كثيرة على تابعيه و يستبيحها لنفسه كنوع من التميز أو التمييز بينه وبين الاَخرين. و بنفس درجة الهاجس الذى يدفع النرجسى لجذب الاَخرين اليه و الإلتفاف حوله يرتعب النرجسى خوفاً من إنفضاض الناس من حوله و الرغبة عنه، و لذلك فهو ينصب شِباك اللين و المناورة و الإغراءات لجذب التابعين الضحايا و فور سقوط الضحية أو الضحايا تحت سلطته و تبعيته فإنه يُحكم قبضنه و يشددها على تابعيه مستخدما فى ذلك العقاب الدنيوى بداية من الجلد و تقطيع الأعضاء و الرجم و القتل و نهاية بعذاب القبر و جهنم و نارها التى لا تطفأ و دودها الذى لا ينام إذا ما حاولوا أن ينفضوا عنه. و فور دخول الشخص دائرة التبعية النرجسية لا يمكنه الإرتداد عنها لأنه مسلوب الإرادة أولا،ً و خوفه من الضياع الدنيوى و الأخروى ثانياً، و لجهله التام بهذا المرض الخبيث (إضطرابات الشخصية النرجسية) و تأثيره على التابعين ثالثاً، و أخيراً لتنازله عن عقله و تسليمه للمتبوع كلية يفعل به كما يشاء.

إن سبيل النرجسية الدينية لتثبيت و إحكام قبضتها على تابعيها هو تكرارية النصوص لنفس المفهوم و نفس القصد حتى تسيطر هذه الأفكار على عقل التابع تماماً و يصبح أسيرها فلا يستطيع الفكاك منها. بمعنى اَخر أن تكرارت الوعود بالجنة "أو الجنات" و بممارسة الملذات الجسدية التى كانت محرمة أو غير متاحة للمؤمنين أو التابعين على الأرض – نقول أن تكرار هذه النصوص و ترديد التابع لها تقيم فى مخه – أقصد المخ كعضو جسدى و ليس كناية عن العقل – سدوداً منيعةً (محرمات) تحجب عنه أى رؤية مخالفة و تشل حركة و حراك العقل (reason) عن إتخاذ منظور اًخر غير ذلك الذى أوقرته تكرارات النصوص فى مخ و عقل التابع لها بإنبطاح و تسليم؛ فهو مسلوب الإرادة أمام النص و مُوقِف عقله عن التفكير فيه بتفحص، و متهيب فى رهبته ومستسلم فى خيالات عالم ما بعد الموت الذى لا يوجد له أى دليل مادى أو معنوى؛ و هنا تكمن قيمة المثل المصرى "الزن على الودان أشد من السحر" بمعنى أن تكرار الكلام و سماعه "الزن على الودان" له مفعول السحر على سامعه أو مردده. بل مما يزيد الطين بلاً أن هذا التابع يكون مستعداً لأن يدمر الوجود و الموجودات التى به بالقتل و الخراب و المحو من الوجود لكل ما يخالف ما وقر فى عقله. فها هى الجنات ذات الأنهار من الخمر و اللبن و العسل المصفى يتردد ذكرها فى كثير من النصوص للتحول الى هاجس (obsession) فى عقل التابع لا يوجد لديه أى صورة بديله لها فى مخيلته فى مقابل جهنم و عذاباتها لغير التابعين رغم أن هذه الأشكال المادية لحياة ما بعد الموت هى مجرد تصورات و خيالات تتجزر اصولها من المفردات المادية الوجودية و بالتالى فهى ليست وليدة عقل الأنسان المتمرد على الموت و الفناء (تحوله الى صورة أخرى من صور المادة) و لكنها مناورة خبيثة من المتبوع يستعيض بها عن فشله الزريع فى تحقيق الخلود و الذى يطمح فيه من أجل بقاء أو خلود صورته الحية كأكمل و أجمل صورة بين الموجودات المادية فكانت هذه بداية إضطرابات الشخصيه النرجسية الجمعية و التى دعمها الإنسان فيما بعد بنصوصه الدينية بداية بأن الله خلقه على صورته و كمثاله (تكوين 1 : 26) و نهاية بوعده بـ"ما لم تره عين و ما لم تسمع به أُذن و ما لم يخطر على قلب بشر ما أعده الله للذين يحبونه" (1 كو 2 : 9).
دمتم بخير و سلام
رمسيس حنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إنت الأستاذ يا أستاذ رمسيس
سامى لبيب ( 2015 / 12 / 16 - 13:29 )
بدون أى مجاملة أنت أستاذ رائع ياأستاذ رمسيس وكاتب متميز على صفحات الحوار لم يأخذ حقه
أعجبنى جدا تحليلك النفسى والغوص فى أعماق الفكر والشخصية الدينية لتقدم الأبعاد النفسية والنرجسية التى أنتجت النبى والفكر والقداسة.
هناك فقرات فى مقالك ومنها(عالم الميتافيزيقا أو عالم الغيب أو عالم المطلقات يظل حبيس خيال الإنسان حسب درجات وعيه و إدراكه وهنا بعض من مكامن التناقضات التى تعانى منه النصوص الدينية)إلى نهاية هذه الفقرة والفقرة التى تليها من أفضل التحليلات التى تفسر سبب التناقضات فى النصوص الدينية وسبب حالة التذبذب والتيه التى يعانى منها المؤمن وعليه قررت أن أقتبس تلك الفقرتين فى مقال قادم وهذا ما لم أفعله من قبل بإقتباس حرفى لفكر أحد ولكن أرى أننى لن أحلل أفضل منك لتكون مهمتى هى إضافة نماذج وأمثلة تؤكد هذه الرؤية التحليلية وهو ما أمتلك منه الوفير.
شكرا على جهدك وفكرك ورؤيتك الفلسفية والنفسية التى تبحث فى العمق والجذور لتعتنى بها فلا يشغلها التعاطى مع البهارات والإثارة , كما أنت تؤكد نفس رؤيتى بمزج الفلسفة مع علم النفس .
إستمر يا أستاذ رمسيس فى تقديم هذا الفكر والنهج الراقى وإنا لمننتظرون


2 - شرح مستفيض واسلوب ممتع فشكرا استاذ رمسيس
رويدة سالم ( 2015 / 12 / 16 - 18:01 )
منذ البدء يعني حتى قبل ظهور الهوموسابيان الذي نتتمي اليه حاول انسان النيونتردال عبر رسوماته خلق عالم مفارق يحميه ويضمن له الاستمرار وفي كل ما وصلنا من نصوص مكتوبة منذ ان امتلك الانسان القدرة على خط افكاره وملاحظاته حول ما يدور حوله نستشف أنه كان دوما كائنا متدينا محتاجا الى الايمان بشيء ما يحميه من الطبيعة ومن غموضها ومن ثوراتها ويشرح له ما يدور حوله من احداث عجز عقله عن فهم اسبابها وكنهنا ويقدم له اجابات للاسئلة التي ظلت معظلة بالنسبة اليه ككيف اتى ومن اين والى ان سيرحل بعد الموت الذي مثل عقدة الخوف الازلية التي لا يمتلك اي وسيلة لمحاربتها
هذا الايمان خلق الالهة والدين والذين تطورا على مر العصور مع بقائهما دوما وسيلة سيطرة يتحكم من خلالهما القادة والملوك في الحشد التابع له
إن الالهة ما هي الا صورة للساسة الاوائل تحكموا عبرها بالجماعة التي يحكمونها وتوارثت البشر ذلك لهذا كانت دوما تُعنى اساسا بتقديس راس الجماعة وبالتمايز والافضلية ببتابعين فلا مكان للمختلف في نسيج الجماعة ما لم تتوفر مصلحة من ذلك
استمر استاذ رمسيس فمقالاتك ثرية ومفيدة وان لم توجد تعليقات فذلك لان القراء لا يجد شيء ليق


3 - بعض من ردود الفعل على أدببات الأستاذ السامى اللبيب
Ramsis Hanna ( 2015 / 12 / 17 - 21:26 )
شكراً جزيلاً الأستاذ الفيلسوف السامى اللبيب لمرورك و كتابتك لهذه المداخلة. و صدقاً أقول إن أدبياتك و نقدك الراقى و دفاعك عن أعز ما يملكه الأنسان (العقل) جعلنى أتوقف كثيراً و أسأل -... لكن لماذا؟؟؟-. وهذا ما دفعنى لأن أبحث ... فأنا لست كاتباً محترفاً و لكننى قارئ مثابر أريد أن أفهم ما يدور حولى خاصة عند قراءاتى لطريقة و كم الجدل فى الردود و التعليقات على مقالاتك. أما بخصوص -عالم الميتافيزيقا- الذى خلقه العقل البشرى فهو – كما كتبت أنت – صورة و إعادة ترتيب مقابلة لعالم المادة و الوجود المحسوس المختزن فى العقل. لأن العقل – و الكلام أيضاً هو لك – لا يستطيع أن يتصور أشياء لا وجود لها. و لكن لماذا لجأ الإنسان الى إختراع هذا العالم الميتافيزيقى و أفرد له نصوصاً كاملة يقوم بتقديسها و عبادتها فحلت محل -الله نفسه- الذى ينشد فيه الإنسان كل الكمال. فالقضية هى عجز الإنسان عن بلوغ الكمال لنفسه و فى نفسه فنسبه الى شخصية منفصلة عنه و لكنها تأخذ و تتبنى مواقفه من أمور و أحداث سواءاً كانت لصالحه أو ضد مصالحه. فالإنسان هو ذاته المشروع الفاشل للشخصية الكاملة كما سنرى فى مقال قادم. دمتم بخير.


4 - الأستاذة رويدا مداخلتك أعمق و أكثر تجزيراً
Ramsis Hanna ( 2015 / 12 / 17 - 21:32 )
كل إمتنانى و جزيل شكرى استاذة رويدا سالم لمرورك و لمداخلتك التى غاصت أعمق من المقال فى بدايات نفسية الإنسان لكى تكشف عن الخوف من غموض و ثورات عناصر الطبيعة حوله فعاش فى حالة توتر و قلق بإستمرار فعز عليه أن يكون موته هو نهاية المطاف. و لذا نتج عن هذا الخوف الكامن فى شخصية الأنسان منذ بدأ كننتردال مروراً بالهوموسبيان و و صولاً الى نسختنا الحالية محاولاته لمعرفة أسباب هذه الظواهر فعزاها الى قوى ميتافيزيقية لكى يحتمى بها. و لكن للأسف الشديد فإن هذه القوى الميتافيزيقية إغتصبها رجال السلطة لتصبح كحجر الرحى فى أعناق التابعين. وعند محاولتى للربط بين فكرتك الرائعة لتجزير الخوف فى أعماق الإنسان و النرجسية و جدت أن هناك علاقة مطردة بينهما فكلما زاد خوف الإنسان زادت نرجسيته و زاد إحتياجه لمن يلتفون حوله ومن ثم فهو يتنازل عن أشياء كثيرة (حريته مثلاً) لهذه السلطة ضماناً لحمايتها له. هذا التنازل مقابل الحماية و ضمان تسيير مصالحه هو ما عرفه بعض الفلاسفة أمثال توماس هوبز و جون لوك و جان جاك روسو بنظرية العقد الإجتماعى. دمتم بخير.


5 - الأستاذ إبراهيم الثلجى
Ramsis Hanna ( 2015 / 12 / 19 - 18:48 )
شكراً جزيلاً الأستاذ إبراهيم الثلجى على مررك و كتابتك لهذا التعليق على صفحة الفيسبوك الذى يركز على ترجمة (أفكار لقطاء الغرب و أبناء الشوارع الحاقدين على مجتمعهم و كنيستهم وعقدهم النفسية الناتجة عن بيئة ظالمة غير متسامحة) و أفكار الغرب – التى تستنكرها أنت و جعلتها مسبة و عار – لا تُخفى نتائجها فى التقدم العلمى فى جميع المجالات التى إخترنا منه -الجانب النفسى- فقط لنترجمه لنركز عليه حتى نفهم سلوكياتنا الغير سوية و ما يعترينا من تراجع و تقهقر و نقف موقف العداء من العالم. فمضمون تعليقك يركز على القاء اللوم على الاَخرين بسبهم و شتمهم؛ فهم – كما تقول أنت بالنص – -دجالين- و -لقطاء- و -أبناء شوارع- و كأن مجتمعاتنا على مر عصور تاريخها تخلوا من -الدجل و اللقاطة و الشوارعية-؛ و تعطى مثالين لاولئك دجالين -بولص و راسبوتين- و لكنك نسيت أن جميع مصدرى الأديان و سلوكياتهم قد تم و ضعهم – و ما زالوا – تحت مجهر النقد العقلى و التحليل النفسى و من ثم تحرر عقل التابعين من ربق عبودية المتبوعين. فهل نقد المتبوع تعتبره سخطاً على الدين – أى دين – خاصة و أن المتبوعين بشر. يُتبع


6 - الأستاذ إبراهيم الثلجى
Ramsis Hanna ( 2015 / 12 / 19 - 18:50 )
فإذا كان المتبوعون بشراً فهل هم معصمون و محصنون ضد الأمراض بنوعيها الجسدى و النفسى؟؟ فالمقال لا يهاجم أشخاص و لا يسبهم بل يحاول أن يجد مبررات لسلوكيات نستنسخها لتصبح مقياساً و مثالاً يجب أن يُتبع و يُحتزى لكمال السلوك البشرى. لم يتطرق تعليقك الى أى تحليل لمرض إضطرابات الشخصية النرجسية و علاقته بالإنسان فى تعاملاته مع أقرانه البشر. بل يلقى باللوم على لقطاء الغرب و أبناء الشوارع الحاقدين و المصابين بالعقد النفسية، و كأن مجتمعاتنا تتمتع بكامل الصحة النفسية و كل متبوعينا معصمون و محصنون ضد أى أمراض بدنية أو نفسية؛ و على فرض ذلك فهم إذاً ليسوا بشراً بل مخلوقات ميتافيزيقية هبطت إلينا على الأرض و بالتالى فإن سلوكياتهم لا يمكن أن تكون نبراساً لنا على هذا الكوكب المملؤ بالشقاء و التعب. أو هل تنكر وجود أى مشاكل فى مجتمعاتنا فبالتالى لا يوجد أى مبررات للبحث و التقصى فى كل ثقافاتنا؟ الأسئلة كثيرة جداً و أتمنى أن تساهم حضرتك فى الإجابة عليها بدلاً من أن نلقى باللوم على الأخرين و كأنهم خُلِقوا لنا خصيصاً لكى نلقى عليهم لوم تخلفنا لكى نجد مبررات لهذا التخلف. دمتم بخير و سلام.

اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا