الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالف إسلامي فاشل

فوزي بن يونس بن حديد

2015 / 12 / 17
كتابات ساخرة


بعد الإخفاق الكبير الذي شهده التحالف العربي في حربه على اليمن، وعدم استطاعته القضاء على الحوثيين بكل السبل الممكنة لا جوّا ولا برّا ولا بحرا، استغاثت السعودية بأشقائها من الدول المسلمة غير العربية والعربية كباكستان وتركيا ومصر والصومال وجزر القمر في تحالف إسلامي كما أسمته للقضاء على الإرهاب، والإرهاب في نظرها هم الحوثيون في اليمن الذي ما زال يرزح تحت وطأة النيران منذ أن استولى الحوثيون على مفاصل السياسة في صنعاء وطرد عبد ربه منصور هادي الرئيس الضعيف من قصره ومن معه من أعضاء حكومته، بل أجبروه على الهرب متخفّيا حتى لا تراه الأعين ولا ترصده.
هذا التحالف الذي أسمته السعودية بالإسلامي هو شبيه بالتحالف ضد داعش، وكلاهما يحارب حسب زعمه داعش، المنظمة الإرهابية التي ساهمت السعودية وقطر والإمارات وتركيا في تركيبتها الأولى عندما ظنت هذه الدول أن الأخطبوط يحارب نظام بشار الأسد في سوريا وإذا به يكشّر عن أنيابه ويلتهم كل أعدائه بل وأصدقائه الذين وقفوا بجانبه ودعموه إعلاميا وماديا وبشريا، وما الخطوة التي أقدمت عليها السعودية إلا تبرير لأخطاء ترتكبها بالجملة مستخدمة في ذلك نفوذها المالي العتيد الذي سينضب يوما.
غير أن الواقع على الأرض لا ينبئ بتغيير كامل رغم تشكيل هذا التحالف الوهمي ضد ما سمي الإرهاب، فروسيا هي الدولة التي غيّرت الخطط الحربية في سوريا بعد تدخّلها الأخير وأجبرت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية على تغيير الاسترتيجية المعتمدة في سوريا، وهي محاربة نظام الرئيس بشار الأسد وتغييره من أجل أن تقوى شوكة السعودية وحلفائها وتبرز للعالم ولشعبها أنها حقّقت النصر ولو كان وهميا، في حين أن الرجل الروسي القوي لم يسمح لهذه اللعبة بأن تمرغ التاريخ وبدأ جولاته وصولاته لمعاقبة كل من تسول له نفسه إيذاء سوريا، فبدأ الحرب مع تركيا بعد إسقاطها الطائرة الروسية ومعاقبتها اقتصاديا في خطوة رآها المحللون ضرورية لبيان القوة الاقتصادية الروسية في المشهد العالمي الجديد.
وظلت العلاقة بين روسيا وتركيا متوترة إلى اليوم ولم تجد خلاصا، إذ ترى روسيا في تركيا اليوم تمدّدها العثماني نحو بسط نفوذها في المنطقة، فاتخذت العراق وسوريا مسرحا لتجربة قواتها على الأرض، وهي تتغذى داخليا وتتلظى بنار داعش التي مرّت من أراضيها وتشكّلت بعلمها وتحت أعينها، وهي اليوم تعاني الأمرين، تعاني خلافها الشديد مع أقرب جاراتها وهي سوريا، ولن تغفر لها سوريا ما قامت به من عداء فاضح لا مبرر له، بل ستحاكمها يوما في محكمة العدل الدولية بلاهاي أنها انتهكت حرماتها واعتدت على أرضها، بل ساعدت الإرهاب على الدخول في سوريا وتوغله وإفساده في الأرض، وخسرت أهم حلفائها في المنطقة وهي روسيا.
ومن منطلق الغاية تبرّر الوسيلة فإن السعودية وحلفاءها اليوم يتبعون هذه السياسة لتغيير المزاج العام ونسيان الخسارة الفادحة التي منيت بها في الأيام الماضية بعد مقتل قائد قواتها في اليمن إلى جانب ضابط إماراتي، فغايتها تركيع الحوثيين الذين ما زالوا يستميتون دفاعا عن أرضهم حسب زعمهم وأن السعودية وحلفاءها محتلون ينبغي ردهم وردعهم، لذلك فهي تبحث عن وسيلة وأيّ وسيلة، شرعية كانت أم محرّمة دوليا، بل وبنفوذها المالي تصيّرها شرعية حتى تكتسب موافقة العالم غير الشرعي، الذي بات يعترف بأن الامم المتحدة منظمة فاشلة وفاسدة، يجب إصلاحها من الداخل فبدأت بتغيير نظامها الداخلي في اختيار أمينها العام، بعد محاولات محرجة وأخرى مخجلة.
لن تستطيع السعودية ولا تحالفها الجديد أن تغيّر شيئا على الأرض، حتى لو أتت بجيوش العالم كله، لن تستطيع أن تفرض على شعب هوية جديدة غير هويته، كما لا تستطيع تركيا أن تغير نمط الشعب السوري الذي تربى على الحرية والكرامة، لن تستطيع أن تجلب لها من الخارج من يحكمها، فسوريا واليمن بلدان عربيان لهما من الكرامة ما يكفي للدفاع عن نفسيهما إلى آخر قطرة من دمائهما، وبالتالي إذا أرادت السعودية أو تركيا الخلاص فعليهما بالسلم، وما السلم إلا جناح قوي يرفع بؤس الحرب التي استمرت في اليمن أشهرا وفي سوريا سنوات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202


.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024




.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3