الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومع ذلك هناك ألم

مزوار محمد سعيد

2015 / 12 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعلق الإنسان على روحه شماعات كثيرة، يحاول بها اتخاذ قراراته، ويستند إلى الكثير من الأمور من أجل فهم ما يدور حوله، ورغم كل أنغام الابتسامات والتفاؤل في قاع النفس، في أبجديات الروح وفي قاموس السلوك المستبيح لجميع مكونات الإنسان: يصرخ الإنسان. ما أصعب أن يحاول الإنسان فهم أمور ليست مفهومة، من الصعب للغاية أن يحاول تهجد أمور ليست في صالحه رغم أنه يجتهد لتغيير مسارها، بهذا الشكل المؤلم، وبهذا الجهد الجاد: يبقى الألم. من أجل سعادة الإنسان فإنه يقوم بالكثير من المحاولات، حاول الصعود إلى السماوات، حاول إختراق الجبال والأرض وكل ما له علاقة بالرفاه وجني الأرباح، حاول إرضاء الآلهة، حاول إرضاء نفسه، حاول العمل بجد وإرضاء المجتمع، حاول إرضاء التقاليد والأسلاف، ومع ذلك بقي الألم. مفهوم أن يحاول الإنسان كل هذه المحاولات، لكن ما هو غير مفهوم هو لما يبقى الألم؟ لما يبقى متربصا بوجوده من أجل إبقائه ضمن هذه الدائرة، من أجل الالمام بما ليس له من سبيل إلى إقامة صلاته وحمل نفسه على الركوع للأيام بهذا الشكل القاسي جدا؛ حيث يكون على الفرد البقاء في هذه الدائرة، ولو عبر تلك العملية التي لطالما عجلت بإلقاء اللوم على الناس، حيث سطر البشر مضامينهم على هيئة آية صوفيا والمسجد الأزرق، يفصل بينهما تيار مائي كالفاصل بين الجسم والروح. ما من علاقة بين الإنسان وتعاليمه الخاصة سوى من أجل إبقاء القليل من فرحه رهينة وجوده، حين يحتاج إليه، حين يغرق في ظلام المشاكل وأهوال الواقع، يلجأ إلى هذه المساحة البيئية التي تجعل من البشر كيانا عاطفيا بامتياز. يخرج الحب من الألم، وتخرج السعادة يدا بيد من الدمع؛ والترح من الفرح، وهي اشتقاقات كان على الإنسان التعامل معها على سبيل الحاجة وإدارة الشعور العام لديه، خاصة وأنه قادر على فعل ذلك من حيث لا يدري، ربما هي فطرته، ربما هو جوهره، لكنها موجودة وتحركه وفق معطيات الظروف والأيام التي علمته بأن البؤس ليس إستيراد مشاكل بقدر ما هو سلوك مأموريات تنبع من الذات وتؤثر عليها أولا. سيكون للعالم وقع خاص بلا ألم، وصراحة! لا يمكنني تخيل ذلك، حيث من المهم أن أتودد إلى رغد مواجهتي لنفسي، وهي حركة عميقة تأخذ شرعيتها من البقاء ضمن إطار الحياة التي أحياها، حيث لا أجد بدا من الوصول إلى نفسي بدون تأشيرات الراحة المؤلمة جدا. عندما يصرخ الفرد في سره فإن يتعالى عن الوصف، يكون بذلك أغرب مما هو في حالاته القصوى، ويكون إنسانا قائما على عماده الروحي القاضي بتراكم التوسيع الذي يطلبه، ومع ذلك يقع في الضيق، فيشعر أن روحه تخنقه، وهي أمور لطالما جعلت من كل مسار للإنسان مرهون بما يورده من حيرة وغيرة من نفسه وعلى نفسه أيضا. ما أجمل الإنسان وهو يحاول أن يصحوا من النوم الوجودي الذي هو فيه، فيعتزل الحياة من أجل أن يحيى بعد ذلك، لذلك يبدوا له طريق الآلام طويلا، ويجد نفسه ملزما بطرح أسئلة جوهرية عن وجوده في هذه الحياة، هي أمور تبدوا لقارئها جد ساذجة، لكن صدقا؛ هي التي تحدد معالم السعادة الإنسانية، وهي التي تحدد مدتها ومكانها ومقتضياتها وأسبابها، حيث يصبح من المهم للغاية أن يجد الفرد نفسه بين كل هذا قادرا وغير ذلك على حمل ما ليس له وما له من حياة، حينها يضع يده على نزيف مشاعره، ويسير قائلا: لقد بقي الألم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة