الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمناسبة منح السيد نافيد كرماني جائزة السلام الالمانية عام 2015 : كلنا جاك مراد

رائد سعدي ناصر

2015 / 12 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لمناسبة منح السيد نافيد كرماني جائزة السلام الالمانية عام 2015 :
كلنا جاك مراد

قرأتُ مقالة الدكتور نافيد كرماني المعنون ( جاك مراد والمحبة في سوريا ) والتي ألقاها بتاريخ الثامن عشر من شهر اكتوبر عام 2015 في صالة كنيسة القديس بولس في مدينة فرانكفورت الالمانية اثناء حفل تكريمه بجائزة السلام الالمانية الممنوحة له من قِبَلْ دار النشر الالمانية بحضور عدد كبير من المفكرين والصحفيين ورجال الاديان المختلفة وجَمْع غفير من المهتمين بامور الثقافة والمحبة والسلام بين البشر.
في البداية اود ان اهنيء الدكتور نافيد كرماني عضو المؤتمر الاسلامي الالماني بمناسبة فوزه بهذه الجائزة العالية المستوى داخل المانيا وكذا على الصعيد العالمي ، حيث ان نَيّلُه لهذه الجائزة يُلْقي عليه مُهِمَة مُواصلة مسيرته الانسانية النبيلة في ارساء وتثبيت ثقافة واسس السلام والتعايش المشترك والمحبة بين كل البَشَرْ بشتى انتماءاتهم الاثنية والفكرية والدينية ، خاصة اذا ما تذكرنا ان هذه الجائزة مُنِحَتْ له في المانيا ومن قبل الجهة المختصة بنشر الكتب وهي جهة ثقافية المانية لا علاقة لها بالسياسة ، وانما هي جهة تعكس الثقافة الالمانية المتميزة عالميا بتَوًجُهها الانساني الحضاري والسلمي المُحايد من اجل احلال السلام والمساواة والمحبة بين كل البشر من اجل حاضر ومستقبل افضل لبني الانسان .
كما اهنيء الدكتور نافيد كرماني ثانية بسبب الضمون الحكيم لمقالته الرائعة التي قرأها اثناء حفل تكريمه بجزائزة السلام الالمانية ، تلك المقالة التي عرَّفَتْنا جيدا بمدى حِكمَته وواقعيته وانسانيته وحُبه للعدل والسلام والتعايش بين كل البشر ، كما اني ارى الفرصة مناسبة لتوجيه التهنئة الى دار النشر الالمانية لصواب قيامها بمنحكم جائزة السلام الالمانية ، لان هذا الاختيار يعكس الوجه المشرق للامة الالمانية ، هذه الامة المُتميزة بالابداع والواقعية والتسامح والعدل والمتميزة ايضا بمحبتها للسلام والمساواة بين البشر .
ان التقاءنا في هذه الرسالة ربما سيساعدنا في تفهم المزيد من الزوايا المهمة في مقالة الدكتور كرماني الحكيمة والمؤثرة ( جاك مراد والمحبة في سوريا ) في اطار الحب والصدق والصراحة والنزاهة من اجل احلال الأمن والسلام والتعايش بين كل البشر في كل انحاء العالم ، لان البشرية تفقد يوميا الكثير من افرادها كضحايا لاعمال الارهاب ذات المنطلق الديني اضافة الى ان البشرية تفقد سنويا المليارات من الاموال ومن الجهد والوقت لمحاربة ذلك الارهاب ، ناهيك عن ان نسبة تقدر بربع سكان الارض من البشر ( الدول الاسلامية والعربية ) هي في وضع من التخلف والفساد بشكل يسيء الى حرية وحقوق الانسان فيها بشكل كبير جدا مما يوفر ارضا مناسبة لشل هذه النسبة الكبيرة من البشر ومنعها من المساهمة في مصارعة الطبيعة من أجل حياة أفضل للانسان ، بل ان الكثير من هذه البلدان أصبحت مصدرا لنمو وانتشار سرطان الارهاب في كل انحاء العالم ، لذا فاني اشكر كل السادة القراء لطول وحكمة صبرهم في قراءة حروفي الى النهاية .
أنا من العراق ، وعمري الان ستون عاما ، ورثت القومية الكلدانية ، وكما هو معروف تأريخيا فان الكلدانيين هم من قدامى سكان العراق ، وما زالوا لليوم يتحثون اللغة الآرامية ، وهم قومية معروفة بحضارتها المتميزة عالميا كما هي الحضارة الفرعونية والفارسية واليونانية والرومانية ، وربما يستطيع زائر متحف برغامون في برلين ، وغيره من المتاحف العالمية الاخرى كمتحف اللوفر الفرنسي ، الاطلاع على الكثير من الآثار الحضارية للسومريين والكلدانيين والسريان سكان العراق القدامى ، ويكفي ان أشير الى ان سكان العراق القدامي هم من اخترع حروف الكتابة اضافة الى اختراعهم لـ ( العجلة ) ، وكذا اخترعوا التوقيت السنوي والشهري واليومي والساعة باجزائها من الدقائق والثواني ، وتشير الآثار الى تميزهم بالعمارة والبناء والهندسة والرياضيات والفيزياء والطب والقانون والادارة والترجمة والفنون ، وتذكر كتب التاريخ بان الاطباء السريان كانوا ضمن افضل اطباء العالم حتى انهم كانوا الاطباء المفضلين في جزيرة العرب وكانوا يتميزون بحملهم لعلامة الصليب على صدورهم ، كما قام الكلدانيون ( السريان ) بدورهم الثقافي الرائع في ترجمة كتب الحضارة والفلسفة والعلوم اليونانية والرومانية الى اللغة العربية .
التعددية والحضارة هي سمات بلدان الشرق قبل 1400 عاما :
لقد كانت أغلبية شعوب العراق ودول الشام ( سوريا والاردن ولبنان واسرائيل ) يتحدثون باللغة الآرامية التي هي لغة المسيح ، حيث انهم السكان الاصليون لهذه البلدان منذ اكثر من سبعة الاف عام ، وقد اعتنقوا على مدى قرون التاريخ طوعا ديانات عديدة منها الديانات الوثنية والأيزيدية والصابئية واليهودية والمسيحية ، وكلها ديانات تؤمن بوجود خالق للكون والبشر يدعى ( الله ) ، ولا يشير التاريخ الى اي صراعات دموية دينية تذكر بين معتنقي هذه الديانات في هذه الدول ، وكذا كان الحال في جزيرة العرب السعودية حيث كان يتعايش فيها البدو العرب ومعهم ايضا السريان بمختلف اديانهم سواءا اكانوا وثنيين او يهودا او مسيحيين ، وايضا لا تذكر كتب التاريخ اي صراعات دموية بين معتنقي هذه الاديان في جزيرة العرب قبل ظهور الاسلام ، فالصرعات المتواصلة كانت عموما تنشأ في المناطق البدوية في صحراء العرب حيث يغير احدهم على الاخر في صراعات بدائية متخلفة من اجل الحياة ومن اجل البقاء .
ما حصل هو انه قبل حوالي 1400 سنة ، ظهر الاسلام ولتبدأ معه الصراعات الدينية الدموية لافراغ جزيرة العرب تماما من كل اصحاب الديانات الاخرى ، ومن ثم توجهت جيوش المسلمين بدوافع الحصول على الغنائم والنساء لاحتلال العديد من البلدان المجاورة لجزيرة العرب تدريجيا ، فقد تم احتلال العراق وبلاد الشام وايران وتركيا وغيرها من دول اسيا وافريقيا .
نعم ، تم احتلال العراق وبلاد الشام بجيوش تحمل سيوفا وأجبر سكان العراق وبلاد الشام على تغيير ديانتهم الى الاسلام وتغيير لغتهم الآرامية الى اللغة العربية بشتى اساليب التمييز والاكراه وبشكل متطابق تماما لما تقوم به منظمة ( داعش الارهابية حاليا ) ، فقتل من رفض تغيير ديانته بعد اغتصاب نسائه او بناته وسرقة امواله ، في حين تمكنت قلة من اليهود والصابئة والمسيحيين من النجاة من سيوف ذلك الاحتلال لكنها ظلت تعيش بظروف خوف واذلال وتمييز ديني منذ ذلك التاريخ ولحد اللحظة .
ان معرفتي الكاملة بتاريخ قوميتي وبلدي لم ولن يؤثر علي سيرتي كأنسان في المجتمع العراقي الذي عشت فيه طيلة ما يقارب ستة عقود من عمري ، حيث انني ادرك وافهم تماما ان الماضي هو أمر انتهى وان اي انسان لا يتحمل ذنب انسان آخر ، وان من الصواب ان ننظر الى الامام من اجل حاضر ومستقبل افضل ، اضافة الى انني ادرك تماما انه ليس كل ما تنقله لنا كتب التاريخ القديم يعنى بالضرورة صحة حدوثه ، لذا فقد تربيت على حب جميع افراد مجتمعي الذين اصبحوا اغلبية مسلمة ، وحاولت ان اعيش معهم كأخوة حقيقيين لي ، اتعلم معهم واعمل معهم كعائلة واحدة لبشر تضمهم حدود ارض تدعى العراق ، وهكذا لم أُميّزَ يوما بين اي من البشر على اساس ديني او طائفي او قومي .
موقف أغلبية سكان الارض من الاديان :
نسبة كبيرة جدا من سكان الارض يؤمنون بأن كل الاديان الموجودة حاليا بين بشر الكرة الارضية ما كان سيؤمن بها أحد لو انها ظهرت في القرن الواحد والعشرين ، لكني أعتقد بان موضوع هذه الاديان لا علاقة له بمسألة وجود الخالق من عدمه ، اي ان عدم الايمان بهذه الاديان لا يعني بالضرورة عدم وجود خالق سيما اذا استدركنا بانه قبل عشرة الاف سنة مثلا لم تكن الكثير من هذه الاديان موجودة اصلا ، كما ان الكثير من مثقفي العالم يعرفون بان اي انسان يمتلك اموالا ضخمة جدا اضافة الى تمييزه بصفات الكذب والخداع فانه باستطاعته الان ونحن في القرن الواحد والعشرين ان ينشأ دينا جديدا بما يملكه من مغريات مادية ضخمة لكسب العديد من المحتاجين والباحثين عن سبل للعيش او الامان على الارض ، ولينمو هذا المشروع الاستثماري عاما بعد آخر وليتحول من مرحلة الانفاق الى مرحلة الانتاج والربح بوجود اناس مختصين يدعون ( رجال دين ) تكون مهمتهم تبني ذلك الدين والترويج له لكسب السلطة والمال من خلاله .
وفي هذا المجال ، يعلم الكثير من المثقفين في العالم بانه لا انسان في الكون يغير ديانته او مذهبه الديني الذي ورثه عن ابويه الا بوجود محفزات مادية (بضمنها المحفزات الجنسية كونها مرتبطة بالجسد ) ، وترى ان مثل هذا الانسان يدافع عن دينه او مذهبه الجديد بطريقة توحي للآخرين اقتناعه التام بدينه الجديد ، وهو لا يدري بان المال او السلطة او الامتياز او المتعة الجنسية التي حصل عليها كانت هي الثمن او السبب الحقيقي في ايهامه باعتناق الدين او المذهب الجديد .
بصراحة مطلقة ، انا شخصيا اتمنى ان يكون هناك خالق للكون ، ولا اخفيك باني في كثير من حالات الضيق اتوجه بالدعاء والرجاء من خالق اتمنى وجوده واتمنى احساسه بي واستماعه لي ، ولكني بنفس الوقت لا انتقص او انزعج من انسان آخر لا يؤمن بوجود الله لان ذلك أمر يخصه ولا علاقة لي بذلك ، وعموما فان مستوى الادراك البشري في وقتنا هذا يتأرج فقط بين احتمالين اثنين فقط هما :
اما وجود خالق ، أوعدم وجوده ..
ومن يدري فربما سيدرك البشر في ازمان تالية احتمالا ثالثا او عدة احتمالات اخرى وربما حقائق اخرى قد لا تكون حاليا معروفة حتى في احلامنا !!
لا للعنف .. نعم للتعايش والحب والسلام :
أومن ، كما يؤمن بذلك الكثيرون من مثقفي العالم ، بان انسانيتي توجب علي تقديس الحب والحوار والسلام بين البشر وعدم التمييز بينهم على اسس دينية او قومية او سياسية او فكرية او طبقية ، كما اؤمن بحرية الفكر وحرية التعبير دون حدود ، ولا اؤمن مطلقا بالعنف ، كما لا اؤمن بفرض الافكار والمعتقدات على الغير ، لذا فاني اؤمن بالحرية الشخصية المطلقة بلا حدود لكل انسان طالما هو لا يؤذي الآخرين ولا يعتدي على حقوقهم المماثلة لحقوقه ، ويدخل ضمن هذه الحريات حرية ممارسة النشاط الجنسي .
اؤمن كما يؤمن الكثيرون من مثقفي العالم ، بأن التعايش والمحبة والسلام بين كل المختلفين هو الطريق الصحيح الوحيد لحاضر ومستقبل افضل لكل الكائنات الحية في الكون واولهم الانسان ، كما أومن بان البشر اذا ما اتحدوا في هذا الطريق فانهم قادرين على توحيد جهودهم من اجل المزيد من حقوق الانسان ومن أجل مصارعة الطبيعة ونيل كل ما هو جديد من منافع واسرار علمية .
لا للكراهية .. نعم للتعددية :
ان اختلاف المعتقدات والاديان والافكار والآراء والنظريات في كل المجالات لا يوجب ابدا الكراهية بين انسان وآخر ، بل بالعكس تماما فالتنوع في كل شيء هو الجو الصحي الاساسي للتطور البشري ،
فالانسان الذي ورث البوذية او الزرادشتية او الوثنية او السيخية او المسيحية او اليهودية او الاسلام من ابويه مفترض به ان لا يتضايق او يكره انسانا آخر لا يؤمن بالله او بنبي او برسول او بفكر ديني معين ، فذلك أمر بينه وبين نفسه ولا يحق لاي انسان في الدنيا اي يتدخل بالاكراه في المعتقدات الغيبية لانسان آخر .
ان عدم الايمان انسان ما بالله او بأحد من الانبياء او الرسل لا يعني ابدا ان ذلك انسان يعادينا او يكرهنا او انه يريد بنا سوءا ، فتلك هي قناعاته ومعتقداته التي توارثها اجباريا ، وكل ما قد نستطيع فعله هو ان نحاول توضيح فكرتنا عن الله او عن نبي او رسول معين امام ذلك الانسان وسيكون هو حرا بالاقتناع او عدم الاقتناع بفكرتنا ، لكن ما يخصنا ويخص كل الانسان فعلا هو ان نتعايش سوية بمحبة وسلام دون تمييز بيننا بسبب معتقداتنا المختلفة ، نعمل ونبني وننتج ونخترع كل شيء جديد يخدم كل انسان في الكون .
نعم لحرية الافكار والآراء بلا حدود :
ومن المنطقي اعتبار قيام اي انسان ملحد او مؤمن بديانة معينة بنقد او رفض اي ديانة أخرى سلميا هو حق انساني يدخل ضمن حقوق الانسان الاساسية في حرية الفكر والتعبير ، مثلما يمتلك الاخرون حرية الرد او الدفاع عن فكرهم او ايمانهم سلميا ، فرفض او نقد افكار او اديان الاخرين هو نشاط سلمي انساني مشروع ولا علاقة له ابدا بمعاداة الآخرين او كرههم ، فاختلاف الافكار والنظريات والاديان والمعتقدات الغيبية لا يجب ابدا ان يكون سببا لعدم التعايش والعمل المتكافيء المشترك من اجل السلام والتطور والحب .
هذا المبدأ المنطقي المتحضر في قبول الرأي الآخر لا يشمل الموضوعات الدينية حسب وانما يشمل كل الموضوعات الاخرى سياسية كانت او اجتماعية او فكرية ، فمثلا حينما افترض اني احمل فكرا سياسيا ما فذلك لا يعني ابدا اني اكره او اعادي او أؤذي الانسان الذي يحمل فكرا سياسيا مضادا ، لان كلانا يعمل ويبني وينتج ويخترع بطريقته الخاصة في حياة يسودها التحاور والمحبة والسلام لصالح البشرية .
لا لاعدام البشر :
وبالمناسبة ، فانا اتضامن مع الكثير من مثقفي العالم الذين يناهضون عقوبة الاعدام لاي انسان ، ولدي قناعة كلية بهذا الموضوع اضافة الى ما تربيت عليه وتعلمته من والديّ بان اغفر واسامح وأحب كل من يكرهني حتى لو انه حاول قتلي ، لان الكراهية والانتقام ليست لائقة بالأنسان ابدا ، بل ان العكس هو الصحيح فالانسان هو مصدر العفو والتسامح وحب الآخرين .
الانسان الذي يكره او يقتل الآخرين جاهل بمدى أهمية وقدسية حياته والا لما كان يتجرأ على كره او قتل الآخرين المماثلين له في الانسانية مهما كانت الاسباب .
الأنسان هو الله :
اذا كنا من الذين يعتقدون بوجود خالق للكون فاني أومن بأن اي انسان خلقه الله يمثل ( الله ) او انه ( نبي الله ) على الارض ، ولذا علي ان لا اعتدي على اي انسان كان ، وان لا أوذيه او افرض افكاري او معتقداتي عليه وذلك من اجل حياة افضل لي وله ، علما ان هناك الكثير من المثقفين يعتبرون الحيوان والنبات كائنات حية يجب احترام حياتها حالها كحال الانسان ، وبالمناسبة فاني انحني احتراما للعديد من البشر النباتيين الذين يؤمنون بان حياة الحيوان والنبات هي حياة يجب احترامها والتعامل معها تماما كما هو التعامل مع حياة الانسان فيمتنع اولئك النباتيين طوال حياتهم عن أكل لحوم الحيوانات ويكتفون بالعيش على تناول منتوجات الحيوانات وثمار النباتات ، علما ان أغلب هؤلاء النباتيين هم ملحدين وهم يحسون بضرورة احترام وتقديس حياة جميع الكائنات الحية .
حقا انني احس بدناءتي وصغري حينما اقابل هؤلاء النباتيين وانا الانسان الذي آكل واستلذ بلحوم الحيوانات التي تذبح من اجلي ومن اجل غيري من البشر !!
المادة والجنس هي المحرك الرئيس لأتجاه النشاط البشري :
اؤمن جدا ، كما يؤمن بذلك كثير من مثقفي العالم ، بان حاجة الانسان المادية والجنسية هي الاساس الحاسم في توجيه نمط وافكار دماغه وتصرفاته ، فالانسان ، مثلا ، يحتاج مثلا لئن يؤمِن سلامة معيشته على الارض وكذا يريد ان يضمن حسن وضعه او مستقبل جسده بعد الموت لذلك فقد توجّه بفِكْره للغيب وذلك بالتمني والتودد والدعاء والصلاة للقمر او للشمس او للنجوم او للنار او للماء او لحيوانات معينة او لنباتات معينة او لاماكن معينة او لتماثيل معينة او لاشخاص مُعيّنين يتوقعهم او يتصورهم رمزا للخالق المجهول الذي لا يستطيع الوصول اليه والى اي من تفاصيله ، هذا كله من ناحية ومن ناحية اخرى فان المصالح المادية هي العامل الحاسم الذي يحدد طبيعة العلاقة بين مجموعة من البشر ضمن شعب واحد او بين شعب وآخر سلبا او ايجابا ، ولذا فان العقول البشرية الرائدة سعت على مدى التاريخ البشري وما تزال من اجل قوانين مبنية على افكار ونظريات اقتصادية وسياسية واجتماعية تحكم بتفاصيلها طبيعة العلاقات المادية والاجتماعية بين انسان واخر وبين مجتمع واخر من اجل ان تستمر الحياة البشرية في هذه المرحلة من تاريخ البشرية بشكل يضمن عيشا كريما للجميع في ظل صراع مستمر مع الكون والطبيعة بتضاريسها ومناخها ومقومات الحياة عليها ، مع جهل تام بماهية الحياة والموت لحد اللحظة .
ادرك، كما يدرك ذلك الكثير من المثقفين في العالم ، بان الحرية في اشباع الغريزة والميول الجنسية ( بشتى انواعها واشكالها ) للانسان عموما هي احدى الحقوق الاساسية لاي انسان في الكون ، وان الضغط على حرية الانسان في هذا المجال سواءا عن طريق تقييدات التشريعات الدينية او عن طريق القيود التي تفرضها المجتمعات الشرقية على تصرفات افرادها هو احد الاسباب المهمة جدا التي تقف ضد التطور الحضاري لاي مجتمع ، حيث ان حرمان الانسان من اشباع طاقاته وميوله الجنسية يساهم في خنقه وتقييده بشكل تام ، ويؤدي ذلك الى تدمير جزء كبير من طاقات الانسان في التفكير والعمل والانتاج والابداع لان حرمان الانسان من ميوله ورغباته الجنسية سيفقده توازنه وسيجعله دائما منشغلا في البحث عن طرق سرية للتخلص من الكبت والحرمان الجنسي ، بمعنى ان الحرمان الجنسي يولد مجتمعا مريضا ومزدوج الشخصية ، حيث يكون الظاهر المعلن في حياة افراد ذلك المجتمع شيء وتكون الممارسة السرية شيئا آخر ، وينعكس وضع الحرمان الجنسي على سائر تصرفات وتحركات ونشاطات افراد ذلك المجتمع سلبا ، حيث يختقي الصدق والنزاهة والحرص والابداع في العمل ، وتنتشر صفات الفساد والكذب والنفاق والصراعات بين افراد تلك المجتمعات على مواضيع وامور لا تُطوّر المجتمع وانما تضره .

استمرار التخلف الحضاري للشرقيين بسبب الثقافة البدوية :
الشعوب الشرقية الاسلامية والعربية منها تحديدا تأثرت بشكل كبير بالثقافة الدينية البدوية التي نقلت اليها عن طريق الاحتلال البدوي الاسلامي لها قبل ما يقارب 1400 عام ، وما تزال هذه الثقافة ملازمة لافراد هذه الشعوب ( بدرجات متفاوتة ) لحد ايامنا الحاضرة وبسببها يمكننا تفسير احد الاسباب المهمة لاستمرار بقاء هذه الشعوب متخلفة حضاريا بشكل عام عن باقي شعوب الارض ، حيث تمتاز ثقافة البداوة بصعوبة تقبلها للحضارة التي تعني منح حقوق الانسان في ظل السلام والاستقرار والتعايش المشترك وقبول الآخر والبناء والانتاج والاختراع والابداع ، بينما تكون أهم مقومات حياة بدو الصحراء هي تمجيد العنف والغاء الآخر من اجل البقاء ، فالبدو يرون ان بقاءهم على الحياة مرهون باخضاع الآخرين او قتلهم ، ولا يدرك البدو طريقا آخر يمكنهم من البقاء على الحياة مع الآخرين المخالفين لهم ، فهم يرفضون طريقا يتسع للجميع من اجل العيش المشترك لمصارعة الطبيعة واخضاعها لخدمة الانسان ، وبسبب كون العنف هو أهم مقومات استمرار حياة البدو فانهم يعلمون اطفالهم على الخوف من ابائهم وعلى الخوف من معلميهم ، ويعلمون الكبير على الخوف من سلطة رجل الدين ويخيفون الجميع من سلطة الله ، فالبدو لا يسمحون للانسان ان يستخدم عقله او ان يفكر دون قيود ولا يسمحون للانسان ان يحترم انسانيته وان يدرك الصحيح من الخطأ دون تهديده بالعنف ، بل ان البدو يتمادون بالعتف الدموي حتى يعادون انفسهم بأنفسهم فهم يهددون اي فرد من افرادهم بالقتل اذا ما فكر ذلك الفرد بالانسلاخ من ثقافتهم البدوية .
اما في جانب الحياة الجنسية فالبدو وانطلاقا من أسس العنف الذي يفسر كل حياتهم فهم يمجدون الذكور وينتقصون من شأن الاناث ، فذكور البدو تتصارع فيما بينها احدهم يسرق اموال ونساء الآخر ، حيث يتفاخر الذكر بقوته وقوة سلاحه وبعدد الاناث التي يتمتع معهن جنسيا ، بينما لا يسمح الذكر لانثاه سوى بممارسة الجنس معه فقط ، اما على صعيد الحياة اليومية الاجتماعية ، فالانثى تمنع من لبس ما يناسبها من الملابس وانما تجبر على ملابس تخفي ملامح شكلها وجسمها الى درجة ان بعض هذه المجتمعات تُلبس الانثاث ملابسا تخفي كل جسم الانثى بما في ذلك الوجه والعيون ، وتمنع الانثى من الاختلاط مع الذكور ، كما لا يسمح للانثى ان تصلي امام الذكور لئلا يسمعوا صوتها ، كما تحكم الشريعة البدوية ان يكون نصيب الانثى حينما ترث الاموال من ذويها هو نصف نصيب الذكر ، كما لا تعادل الشريعة البدوية شهادة الذكر في اي محكمة قانونية بشهادة انثى واحدة وانما تُقابل شهادة الذكر الواحد بشهادة اثنتين من الاناث .
شعوب الثقافة البدوية تحتفل سنويا بذكرى محاربة التحضر والتطور :
خضعت جميع البلدان الاسلامية الشرقية ( العربية منها تحديدا ) للاستعمار الغربي من البريطانيين والبرتغاليين والفرنسيين والايطاليين مطلع القرن العشرين ، ذلك الاستعمار الذي حاول بجدية بناء هذه البلدان ( بعملية متبادلة المنفعة للطرفين ) عن طريق خلق مقومات مجتمعات متحضرة بهيكل دول حديثة بالادارة والتنظيم والثقافة والمكننة والصناعة والزراعة الحديثة وما يتطلبه ذلك من بنى تحتية مثل نشر ثقافة حقوق الانسان وثقافة قبول الرأي الآخر وقبول التعددية وما يتطلبه ذلك من المنظمات والجمعيات والصحف والكتب والمدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات وطرق المواصلات البرية والنهرية والبحرية والموانيء والمطارات والمصانع والخبرة التقنية اضافة الى اجراءات التنقيب عن النفط والمعادن واستخراجها ، وقد تفهم البعض من افراد هذه البلدان أهمية هذا الاستعمار وتعاونوا معه وانجزوا سوية الكثير لصالح تلك البلدان ، الا ان القوى الدينية رأت في مثل هذا الاستعمار نهاية لمصالحها ، نظرا لان الثقافة البدوية تعادي التحضر والتطور، فالثقافة البدوية هي مع التخلف الحضاري والمرض والفقر والجهل العلمي رغم انها تدعي معارضتها لهذه الاوضاع السلبية .
الفرد الجاهل او الفقير في المجتمعات الشرقية البدوية الثقافة ليس امامه سوى اللجوء الى الغَيْب المتمثل برجال الدين الذين يمثلون الله ودينه على الارض املا في الحصول على حال أفضل ، وهكذا جند رجال
الدين في هذه المجتمعات الشرقية ( العربية منها تحديدا ) عصابات من الجهلة المساكين المخدوعين من ابناء هذه الشعوب لغرض قتل المستعمرين الاوربيين سواءا اكانوا عسكريين او مهندسين او اطباء او خبراء ادارة او اعلام او سياسة بدعوى ان هؤلاء الاوربيون جاءوا لمحاربة الاسلام ، الى ان خرج الغربيون من هذه البلدان باوقات متفاوتة ، وليتولى الحكم في هذه البلدان انظمة سياسية دكتاتورية ( قومية او دينية ) متعاقبة لحد اليوم ، وليستمر حال التخلف الحضاري في هذه المجتمعات الشرقية نتيجة استمرار تفشي الثقافة البدوية كأرث وعادات واعراف اجتماعية ودينية ، وكان من ظواهر هذا التخلف هو استمرار خلوّ هذه المجتمعات من كافة مواطنيها من معتنقي الديانات الاخرى ، فالسعودية مثلا اُفْرِغَتْ نهائيا من ذوي
الديانات الاخرى منذ الايام الاولى لظهور الاسلام ولحد اليوم ، واستمر هذا النهج في جميع الدول الاسلامية الشرقية بصورة متزايدة ولحد اليوم ، حيث يستند ( الدستور ) الوطني في جميع الدول الاسلامية لحد اليوم على الشريعة الاسلامية التي تمثل صورة واضحة جامعة لاركان واسس الثقافة البدوية ، وبذا ينتهي الامل في صدور اي قانون او تشريع يقررالعدل والمساواة بين جميع المواطنين ، وكذا ينتهي الامل في اقرار حقوق الانسان في تغيير دينه او طائفته ، وينتهي أمل الانسان الشرقي في الحصول على حقوقه في ممارسة الغريزة والنشاط الجنسي المناسب له ، وكذا ينتهي الامل في حقوق المرأة في المساواة مع الرجل في كل شيء ، نظرا لان أسس الشريعة البدوية تستند على التمييز بين مواطني البلد الواحد ، بين المسلم وغير المسلم وبين المؤمن والكافر وغيرها من التمييزات التي توجب معاملة كل واحد من هذه التصنيفات بشكل مختلف ، لا بل ان تفسيرات وتأويلات جمل وآيات هذه الشريعة البدوية صار عذرا للاقتتال الدموي المتصاعد بين افراد وفئات المسلمين انفسهم منذ ايام ظهور هذه الشريعة ولحد يومنا هذا .
الثقافة البدوية ما تزال تقتل كل المفكرين :
نعم كما قال الدكتور كرماني في مقالته الحكيمة ، ظهر في التاريخ الاسلامي عدد من المفكريين الذين تميزوا بتبنيهم للعقل والمنطق لكنهم جوبهوا بالقتل والعنف من قبل الحكام والقوى الدينية ، حيث سُجِن المفكرون او قتلوا او اهدر دمهم ، ولذا فان اولئك المفكريين لم يستطيعوا ان يغييروا شيئا من اتجاه الثقافة البدوية ومراجعها الدينية نظرا لان هذه المراجع والقوى الدينية لا يستندون فقط على ثقافة الجهل البدوية السائدة اجتماعيا بين جميع او اغلب مواطني الدول الشرقية وانما يستندون على الكم الضخم من الموارد المالية التي يجنونها من السلطة او خلال اموال الزكاة او من خلال المزارات والمراقد الدينية الاثرية التي يتولون ادارتها .
نعم ، نقول ليس من الصحيح ان يهمل المسلمون آثار الثقافة البدوية كَـ ( بَيْت ) محمد ، مثلا ، والذي عاش فيه محمد مع زوجته عائشة ، بل بالعكس تماما ، فالاهتمام بالآثار ميزة حضارية تتميز بها الحضارة الانسانية ، خاصة ان آثار الثقافة البدوية ( العربية منها تحديدا ) ليست كثيرة وينحصر معضمها بآثار بيوت العبادة ومراقد الموتى ، حيث ان الثقافة البدوية لم تبدع في حضارة او علم او طب او هندسة او فن او موسيقى فهي لم تخترع شيئا لصالح الانسان ولم تبني او تُعَمِر مدنا او سدودا او مصانع او مستشفيات او باباً مثل باب مدينة عشتار وجنائن مثل الجنائن المعلقة او اهرامات مثل اهرامات الفراعنة او قصرا كقصر وطاق كسرى الفارسي في مدينة (المدائن ) .
عدم ازالة او تدمير آثار الثقافة البدوية شيء حضاري ضروري ومهم جدا ، لكن الموضوع الأهم من هذا كله هو ان لا نبقى أسيري نمط وسلوك تلك الثقافة البدوية وان لا نسلك او نقلد حياة اشخاص بنوا تلك الآثار قبل ما يقارب 1400 عام .
ازدواجية شخصية افراد مجتمعات الثقافة الشرقية البدوية :
ليست الثقافة البدوية المتوارثة لدى الشعوب الشرقية الاسلامية ( العربية منها تحديدا ) هي جوهر كل المشكلة لدى هذه الشعوب ، وانما جوهر المشكلة يكمن حينما يستمر اعتقاد هذه الشعوب بأن هذه الثقافة البدوية هي شريعة مرسلة من الله تقضي بعدم المساواة بين البشر وبمنع الانسان من حرية الفكر والتعبير الا بحدود معينة ، وان الشريعة تقضي باستمرار العمل والتقييد الحرفي بالثقافة والاصول والاحكام البدوية الى الابد .
ان هذه النطقة الجوهرية تساهم في ازدياد ازدواجية شخصية الفرد الشرقي يوما بعد آخر ، فالفرد الشرقي مثلا ، يرى يوميا تحسنا في حقوق الانسان في الحضارات الغربية ، ويرى بان الحضارة الغربية هي التي تخترع له كل جديد من وسائل واجهزة وادوية وتقنية جنبا الى جنب حرية الفكر والمعتقد والتصرف الى درجة اغرت العديد من الشرقيين للهجرة او الجوء الى الدول الغربية للعيش تحت ظل الحرية والتطور ،
لكن الغريب في الامر ان ازدواجية هذا الانسان الشرقي تجعله يتمنى ان تعم الثقافة البدوية في البلد الغربي الذي يعيش فيه ، دون ان يستدرك انه ترك بلده بسبب قيم وتشريعات تلك الثقافة البدوية ، وان انتقال الثقافة البدوية الى البلد الغربي سيؤدي الى ان ينحدر هذا البلد الغربي الى حال سيء جدا ليس بأفضل من حال اي بلد من البلدان البدوية الشرقية .
اصرار دائمي على الايمان بالفشل :
الاغلبية العظمى من عموم افراد المجتمعات الشرقية البدوية لا يعترفون بسلبيات نظرية الثقافة البدوية في بلدهم وانما يتصورون ان تلك الثقافة البدوية لم تطبق بالشكل الصحيح ، رغم ان هذه الثقافة فشلت فشلا ذريعا في جميع البلدان الشرقية التي طبقت فيها دون استثناء طيلة اكثر من اربعة عشر قرنا ، حيث مات التطور والتحضر وقتلت حرية الانسان وحقوقه وانتشر الجهل والفقر والمرض لحد اليوم رغم الموارد الضخمة التي تمتلكها هذه البلدان ، ولعل من البلادة المفرطة ان نظل دائما متمسكين بمبدأ خطأ تطبيق النظرية دون الشك بخطأ تلك النظرية رغم فشل تطبيق هذه النظرية لمئات المرات في عشرات البلدان طيلة عشرات ومئات والاف السنين ولحد يومنا هذا ، ولعل ابتعاد الشعوب الغربية عن امثال هذه البلادة كان هو السبب في تطور تلك البلدان في كل نواحي الحياة واولها حقوق الانسان فيها .
ثقافة البدو قتلت ارقى وأقدم حضارات الانسانية :
العراق وسوريا والاردن ولبنان واسرائيل وايران كانت ارضا لحضارات كبيرة مبدعة خدمت الانسانية ، وما تزال اثار تلك الحضارات تملأ متاحف العالم ، لكن المؤسف فعلا ان حضارات هذه الدول ماتت بشكل كامل منذ يوم غزو البدو لها ولحد اليوم حيث باتت الثقافة البدوية هي الثقافة الجديدة لهذه المجتمعات وخصوصا المجتمعات التي تتحدث العربية ، لان اللغة العربية هي لغة شريعة الثقافة البدوية وبذا تكون تلك الشريعة قوية التأثير في مجتمع يتحدث العربية ، وتلاحظ ان الدولة الوحيدة في هذه البلدان الشرقية التي تمكنت من التغلب على الثقافة البدوية هي اسرائيل ، فهي الآن الدولة الوحيدة المتطورة الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط ، ولذا ترى ان كل مجتمعات الثقافة البدوية تشوه وتحارب هذه الدولة بكل الاسلحة ، وذلك شيء متوقع لان المجتمعات البدوية تعتبر كل حضارة في منطقتها عدو يجب محاربته والقضاء عليه .
كيفية تدمير أي بلد في العالم :
ادرك ، كما يدرك ذلك العديد من المفكرين في العالم ، بأن تدمير اي بلد غربي مهما كان متحضرا ومتطورا علميا واقتصاديا كامريكا او فرنسا او غيرها لا يمكن الا عند طريق تكاثر مجموعات من افراد المجتمعات ذات الثقافة البدوية داخل ذلك البلد ، ففي بداية لجوء ذوي الثقافة البدوية في البلد الغربي سيكتفون بالعيش تحت ظل الحقوق الاساسية للانسان الغربي والتي كانوا يفقتدونها في بلدهم ، ولكن ما ان يكثر عدد اولئك البدو حتى تنقلب مطالبهم الى المطالبة بتطبيق الشريعة الدينية البدوية التي تحكم بالتمييز والتفرقة بين الطوائف والاديان وبين الذكر والانثى وبين المؤمن والكافر وغيرها من اسس الثقافة البدوية ، وهكذا ستوؤل الامور في ذلك البلد الغربي الى نفس هاوية الدمار التي تعيشها البلدان الشرقية ذات الثقافة البدوية منذ 1400 ولحد اليوم .
يقول الدكتور كرماني في مقالته الحكيمة ان فاقد الحرية هو اكثر من يقدر قيمتها ، ونحن نقول ان هذا المنطق صحيح جدا عند عامة الشعوب ذات الثقافات المختلفة ، عدا الثقافة البدوية ، لان الثقافة والشريعة البدوية تهدد المصابين بها بالقتل لو ان احدهم فكر بالهرب من أسوارها ، الى درجة اصبح فيها افراد المجتمعات الثقافة البدوية يؤمنون ان فقدان الحرية هو الحياة الطبيعية التي يريدها الله للانسان ، وفوق هذا كله فان افراد المجتمعات البدوية الشرقية يؤمنون بان من واجبهم محاربة بقية سكان الارض من اجل ان يفقد بقية سكان الارض حريتهم ايضا ، لان ذلك هو الشيء الوحيد الذي يرضي الله حسب المعتقد الاساسي للثقافة البدوية .
اصرار على استمرار تعليم ثقافة البدو في المجتمعات الشرقية :
السبب المباشر في استمرار توارث الثقافة البدوية في المجتمعات الشرقية يكمن في المناهج الدراسية والدينية التي تدرس لأجيال الاطفال والشباب لهذه الشعوب الشرقية ، فما زالت هذه المناهج الدراسية تعلم الطلبة بأن غزو الشعوب الاخرى بالسيوف كان وسيبقى جهادا في سبيل الله ، كما ان هذه المناهج الدراسية تُعلّم ان الله يأمر بقتل كل انسان لا يؤمن بالله ، كما تُعلّم ان الله يأمر باغتصاب واستعباد نساء الكفار ، وان الله يمنع الحب والزواج بين الرجل المتحضر والمرأة البدوية الثقافة ، وان الله يسمح للرجل البدوي بالزواج وممارسة الجنس مع عدد كثير من النساء ، وان عدم شرب الماء في صيف رمضان الذي تبلغ درجة الحرارة فيه 50 درجة هو أمر من الله لان عدم شرب الماء في ساعات الصيف الطويلة صحي جدا ومفيد جدا لجسم الانسان ، وان صوت المرأة عَوْرة ، وأن الله يُحَرّم الموسيقى والغناء ، وغيرها كثير وكثير من اسس الثقافة البدوية .
نعم هذا هو ما يتعله الفرد في مجتمعات الثقافة البدوية منذ ولادته حتى مماته ، ويُعَلّم ايضا ان هذه الثقافة هي نعمة من الله ، وانه محظوظ انه ورث هذه الثقافة ، وانه يستحق القتل لو فكر يوما بترك هذه الثقافة .
نعم هذه الثقافة البدوية التي تُلَقن لكل اطفال وشباب الدول الشرقية ، في المدارس والجامعات والابنية الدينية وغير الدينية منذ 1400 عام ولحد اللحظة ، ليس في السعودية وحدها وانما في جميع الدول الشرقية الاسلامية دونما استثناء ، وللمثل نقول انك تجد الجملة او الآية التالية وغيرها من الجمل المشابهة لها في المضمون في جميع نسخ الكتاب الديني الرئيسي ( القرآن ) الذي يقرأه خمس مرات يوميا كل انسان في المجتمعات الشرقية الاسلامية :
( وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ) .
الثقافة الشرقية البدوية تعادي شعوبها وشعوب العالم :
نعم ، ما زالت هذه الدول الشرقية ذات الثقافة البدوية تحتفل سنويا بعيدها الوطني المتمثل باليوم الذي تمكنت فيه القوى الدينية من قتل وطرد الغربيين الاوربيين الذين جلبوا الحضارة والاعمار الى تلك البلدان مطلع القرن العشرين حيث بنى الاوربيون الابنية والجسور والمدارس والمعاهد والجامعات المختلطة والصحف ودور النشر والكتب والمعامل والمستشفيات والموانيء والمطارات واستخرجوا النفط وحاولو نشر ثقافة حقوق الانسان والمساواة بين البشر في تلك الدول الشرقية .
نعم ما يزال الاطفال والشباب في الدول الشرقية يُلَقَنون يوميا بان كل انسان شرقي تعاون مع المستعمر الاوربي من اجل بناء البلد الشرقي هو انسان خائن وعميل ومعادي للاسلام والمسلمين وان المسلم الذي قام بقتل ذلك الخائن او العميل هو بطل وطني يستحق التمجيد والاحترام !!
نعم ، يُعَلَم الطفل والشاب في المجتمعات الشرقية منذ 1400 عام ولحد اليوم ثقافة بدوية خلاصتها ان قبول الآخر والتعايش والعمل المتكافيء المشترك معه هو ضد ارادة الله ، وان كل من يخالف الثقافة البدوية هو عدو يجب اما قتله او اذلاله ، فالفرد الشرقي يُعَلم ان الله خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا ، لكن اكرمهم عند الله اتقاهم ، اي ان تعايش هذه الشعوب ربط ايضا بموضوع يخص الله ، وان الله يأمر في آيات اخرى بقتل او اذلال كل من لا يؤمن بالثقافة البدوية .
ارهاب الآخرين شريعة اساسية للثقافة الشرقية البدوية :
أنا اتحدث واتقن اللغة العربية جيدا لانها لغتي الام ، وقد قرأت الكثير من الكتب الدينية العربية ابتداءا من ( القرآن ) ومن ( الاحاديث ) ومن ( السيرة النبوية ) ومن ( التفاسير ) ، كما اني على اطلاع متواصل على آراء وفتاوي المراجع الدينية الشرقية المتعددة ، وما وجدت لحد اللحظة اي من هذه الكتب والتفاسير والاحاديث وآراء وفتاوي المراجع الدينية ما يحسم موضوع الارهاب بشكل واضح وجذري ، رغم ان المراجع الشِعِيّة تبدو أكثر مَيْلا للانسجام مع الواقع الحضاري للانسانية من المراجع السُنْيّة بدليل انك نادرا ما تجد انتحاريا شيعي المذهب ، الا ان المعضلة الكبرى لدى جميع المراجع الدينية للثقافة البدوية سواءا اكانت سُنيّة منها او شِعيّة هي ان لا أحد يتجرأ على الغاء اكثر من 250 جملة او آية تحث على ارهاب الآخرين من كتاب ( القرآن ) الذي يمثل الشريعة الاسلامية والذي يقتنيه كل مسلم في العالم ، بل ان جميع المرجعيات الدينية الاسلامية في العالم ما زالت تلقن الطفل والانسان الشرقي بان كل ما مذكور في ذلك الكتاب ( القرآن ) هو أوامر الاهية واجبة التنفيذ في كل زمان ومكان .
كل أديان العالم فيها نوع من الارهاب وانتقاص من حقوق الانسان ولكن :
لا يوجد ديانة في العالم تخلو كتبها وادبياتها من ما يُعْتَبر الان ارهابا او انتقاصا من حقوق الانسان ، الا ان جميع رجال الدين لهذه الديانات ( عدا رجال الثقافة البدوية ) يُغَيّرون كتبهم حينما يقتنعون بعدم تناسب ما مذكور فيها مع حقوق الانسان ، او في أقل حال يفتون جميعا بوضوح وصراحة تامة بان ما مذكور في تلك الكتب الدينية انما حدث في وقت ما من الماضي وانه لا يصح تطبيقه في الحاضر او المستقبل ، بينما يكتفي رجال دين الثقافة البدوية حال وقوع ضحايا ابرياء في عمليات ارهابية دينية بالاعلان بان هذه الاعمال الارهابية لا تمثل الاسلام ولكن دون ان يعلنوا او يفتوا بصراحة وشجاعة بان النصوص القرآنية الواضحة التي يستشهد بها الارهابيون قبل وبعد تنفيذ اعمالهم الارهابية الدموية هي نصوص صحيحة مثبتة في الشريعة الاسلامية والسيرة النبوية ويجب الغاءها او على الاقل اعتبارها نصوص تخص حوادث جرت قبل 1400 عام ولا يجوز مطلقا تطبيقها الوقت الحاضر او في المستقبل .
ما زال أغلب رجال الثقافة البدوية الشرقية لا يعلنون براءة الدين من الاعمال الارهابية التي تقتل الضحايا المدنيين من الاطفال والنساء والرجال اليهود في اسرائيل ، بل يساندون ويدعمون هذه الاعمال الارهابية لكونها مطابقة تماما لشريعة الثقافة البدوية ، علما ان يهود اسرائيل هم بشر اضطروا لهجرة البلدان الشرقية في القرن العشرين هربا من اضطهاد الثقافة البدوية وليسكنوا في ارض اجدادهم بعد ان اعادوا شراء املاكهم في اسرائيل بضعف سعرها من المحتلين العرب ، وان هؤلاء اليهود ونظرا لقلة عددهم اضطروا للاستعانة بالبعض الآخر من يهود العالم وليتمكنوا بعدد قليل من السنين من بناء دولة متحضرة ومتطورة سياسيا وعلميا واقتصاديا وصحيا واداريا وفي كل المجالات .
نعم ، تمكن اليهود الهاربين بانفسهم من اضطهاد المجتمعات الشرقية ذات الثقافة البدوية من بناء مجتمع جديد يعد حاليا هو المجتمع الوحيد الذي يمارس الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط رغم ان المجتمع الاسرائيلي مهدد بالحروب المستمرة عليه من قبل البدو العرب الذين يبلغ عددهم خمسين مرة اكثر اليهود ، تلك الحروب التي قتلت عشرات الالوف من الطرفين واستنزفت المليارات من اموال الطرفين ، مُنوّهين الى ان البقية الباقية من العرب الساكنين في اسرائيل حاليا هم من الذين لم يبيعوا املاكهم لليهود ، وهم يحملون الآن الجنسية الاسرائيلية وجواز السفر الاسرائيلي ويتمتعون بديموقرطية وحقوق انسان يحلم بها الانسان الشرقي الذي يعيش في اي دولة شرقية اخرى دون استثناء ، ولذا ترى ان اغلب هؤلاء الاسرائيليين العرب لا يطلبون اللجوء الى بلدان اخرى ، لكنهم رغم كل هذا ، غالبا ما يتمنون في اعماقهم ان تعود الثقافة البدوية لارض اسرائيل وليتمكنوا حينها من تنفيذ الامر البدوي الذي ينص على : رفض الآخر واذلال او قتل كل من لا يؤمن بثقافتهم البدوية !!
ظنون وهمية وادعات كاذبة للثقافة الشرقية البدوية :
في جانب آخر ، هناك الكثير من الشائعات الكاذبة التي تروجها الثقافة البدوية الشرقية ومنها ان الدول الغربية تنحاز الى دين او طائفة من اديان او طوائف الشعوب الشرقية ، حتى يظن البعض ان الانسان الشرقي المسيحي او الصابئي او الايزيدي بامكانه طلب فيزا اللجوء بمجرد مراجعته لسفارة اي دولة غربية في بلده ، وهذا تمام عكس الواقع ، وما يثبت هذا هو كثرة المسيحيين او الصابئة او الايزيديين الذين يلاقون حتفهم غرقا وموتا اثناء محاولاتهم الهروب من بلدهم واللجوء الى دول اوربية ، حالهم في ذلك حال اي مسلم يهجر بلده الى دولة غربية ، واليوم الموافق الاول من شهر ديسمبر عام 2015 واثناء كتابتي لهذه الرسالة تلقيت خبر غرق عائلة مسيحية عراقية مكونة سبعة افراد اكثرهم اطفال اثناء محاولتهم الهرب بحرا الى دولة اوربية .
الحقيقة الواقعة هي ان الغرب عموما تعدى مرحلة التمييز بين انسان وآخر بسبب الدين او الطائفة منذ عقود طويلة ، وان التحضر العلمي والانساني للغربيين جعلهم لا يعيرون لموضوع الدين اي اهمية سوى كونه تراثا أثريا وانه شيء من خصوصيات الانسان ، ولم تعد عطل الايام الدينية في اغلب الدول الغربية سوى مناسبة للراحة والبهجة والفرح يحتفل بها الغربيون جميعا سواءا من دينيين او ملحدين ، كما ترى البوذيين والهندوس وغيرهم من الاديان الاخرى في الصين واليابان والهند اغلبهم يحتفلون باعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة ليس لكونها مناسبة دينية وانما لكونها مناسبة للفرح والراحة المشتركة بين كل سكان العالم .
وفي هذا المجال اود توضيح ملاحظات مهمة تخص منح الاقامة الرسمية لـ ( اللاجيء ) الذي يصل دولة اوربية ، حيث تمنح الاقامة بناءا على قرار قاضي محكمة مختصة ، حيث يقوم قاضي المحكمة بالاستماع الى ما يدعيه اللاجيء اولا ثم يقوم القاضي بدراسة القضية ، فقدوم لاجيء مسلم او غير مسلم لاغراض الحصول على المزيد من فرص العمل يختلف جدا عن قدوم لاجيء مسلما كان ام غير مسلم بسبب تعرضه لخطر التهديد ، حيث يحكم المنطق ان يمنح القاضي الاقامة للانسان المهدد فعلا ، وحصل كثيرا ان يقوم القاضي بمنح الاقامة للانسان المسلم اسرع من غيره حينما يتأكد القاضي ان ذلك المسلم مهدد بحياته فعلا في بلده الشرقي ، وحصل كثيرا ان يرفض القاضي منح الاقامة للاشخاص والعوائل المسيحية ، ولهذا فانك ترى ان المجتمعات الغربية اصبحت خليطا من كل القوميات والاديان والمذاهب المسيحية منها والاسلامية والصابئة واليزيديين واليهود والهندوس والبوذيين والبهائية وغيرها اضافة الى الملحدين ، وكلهم يعيشون ويعملون وينتجون ويخترعون يوميا ما هو جديد لانهم بعيدون عن ثقافة البدو الشرقية التي تشترط قتل الآخر او اذلاله تحت عنوان ( كافر ) او ( أهل الذمة ) .
ما يحصل الآن فعليا في المجتمعات الشرقية ذات الثقافة البدوية : ان الاقليات من ذوي الاديان الاخرى وفي مقدمتهم المسيحيين تكون في حالة تهديد او فقدان لحقوقهم كبشر بحكم التمييز بينهم وبين المسلمين ، مما يضطر معظم هذه الاقليات الى هجرة بلدانهم ومعهم الاسباب المقبولة لقبول لجوءهم حسب القوانين والاصول الغربية ، وذلك ما يجعل البعض يظن ان الغرب يتساهل مع المسيحيين ، وذلك ليس صحيحا فالقوانين الغربية تطبق على جميع المهددين ومهما كانت دياناتهم ، وكان الاجدر بالشعوب الشرقية ذات الثقافة البدوية ان تتساءل مع نفسها عن سبب استمرار فرار كل الاقليات الدينية من البلدان الشرقية رغم كون افراد هذه الاقليات هم من سكان البلد الاصليين .
وما يحصل فعليا في بعض البلدان الغربية : هو ان بعض المسلمين من دول ثقافة الشرق البدوية يلجأون الى الغرب بسبب تعرض حياتهم للخطر بسبب مواقفهم السياسية او بسبب ارائهم المعارضة لبعض اصول الثقافة البدوية فيُقبل لجؤهم اصوليا ، وهناك ايضا بعض المسلمين يلجؤن للغرب بسبب بحثهم عن حياة اقتصادية افضل لكنهم وبسبب معرفتهم بان المسلم يقتل اذا ترك ديانته فانهم يَدًعون بان حياتهم مهددة بالخطر بسبب اعتناقهم للمسيحية وذلك من اجل الحصول على سبب يبرر طلب لجؤهم ، وحين منح الاقامة لامثال هؤلاء يتصور البعض خطأ ان الغرب منحهم الاقامة لكونهم مسيحيين ، بينما الحقيقة هي ان المحكمة كانت ستمنحهم الاقامة حتى لو انهم اثبتوا اعتناقهم لاي دين آخر ، لان المسلم يهدد او يقتل في بلده اذا اعتنق اي دين آخر ، وما يسند كلامنا هذا هو عشرات الالوف من المسلمين السوريين الذين وافقت الحكومة الالمانية بخطوة شجاعة ومسوؤلة على قبول لجوءهم واقامتهم في المانيا خلال عامي 2014 و 2015 دون تغيير ديانتهم وانما بسبب استمرار تدهور الاوضاع الامنية في سوريا بشكل كبير .
أمر طبيعي ومنطقي ان يحرص كل مجتمع على مصالحه المشروعة ، وان مصالح المجتمعات الغربية تقتضي اقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول الشرقية لضمان التواصل والتبادل التجاري والصناعي والزراعي والعلمي والامني المشترك كضرورة منفعة متبادلة ، اما ان تتم مقاطعة السعودية مثلا او بقية المجتمعات الشرقية المماثلة ذات الثقافة البدوية لانها مصدر لصناعة الارهاب فهذا ليس واقعيا وسوف لن يأتي بنتيجة سوى انتاج المزيد من الارهاب ، فالمشكلة لا تكمن في الانظمة السياسية لدولة شرقية معينة دون غيرها ، وانما المشكلة تكمن في الشعوب نفسها ، حيث ان اغلب افراد المجتمعات الشرقية مصابين بداء البداوة المتوارث اجتماعيا وثقافيا ، وبالامس قرأت مقولة لرجل دين عراقي من المنشقين الثائرين على اسس الثقافة البدوية يقول فيها : الحكام السعوديين افضل بكثير من شعبهم ، والايرانيين افضل بكثير من حكامهم !!
انهاء الارهاب في الثقافة الشرقية البدوية ليس امرا سهلا :
القضاء على الارهاب مسألة ليست بسيطة ، فهناك حوالي مليار وربع من سكان الارض تطبّعوا بالثقافة البدوية ، وهؤلاء البشر مظلومون لكونهم ورثوا هذا التطبع ولم يختاروه ، فهم كبقية البشر يحبون العدل والمساواة والحرية لكل انسان لكنهم بنفس اللحظة يُقيّدون بعادات وطبائع واوامر بدوية متوارثة تحتم عليهم وضع كل حبهم وتعايشهم مع بقية سكان الارض تحت شرط اذلال هذه البقية من سكان الارض والانتقاص منهم او قتلهم .
ان ما يساهم بشكل فعال جدا في استمرار توارث هذه الطبائع المجتمعية بين الشرقيين هو ان النصوص والتفاصيل الدقيقة لطرق التطبع بالثقافة البدوية قد كتبت وسجلت حرفيا في كتاب ديني مقدس رئيسي يتداوله ويقرأه يوميا كل هؤلاء الشرقيين الا وهو ( القرآن ) مضافا اليه السيرة النبوية التي اعطت امثلة تطبيقية واضحة لكيفية وجوب تطبيق الشريعة البدوية في كل زمان ومكان .
ان الافتراض الجدلي بوصول قادة مؤمنون بالنظام الديمقراطي او العلمانية لسدة الحكم في اي من الشعوب الشرقية ذات الثقافة البدوية سوف يعني احتمالين جدليين :
الاول: ان يتم قتل او اغتيال هؤلاء القادة على ايدي الانتهازيين او الدكتاتوريين او الدينيين الذين يرفضون المساواة والحرية والديموقراطية ، ولتسود الثقافة البدوية مرة أخرى .
الثاني : ان يتطور هذا الشعب لفترة معينة قد تكون لسنوات او عقود معدودة ولكن هذا النظام الديمقراطي سينهار بصورة مفاجأة ويتعرض المجتمع لاعمال اقتتال وحرب اهلية واسعة يقوم بها الناشطون في الثقافة البدوية والذين لهم تأثير كبير على أغلب افراد مجتمعهم ، حيث سيدعي البدويون حينها ان سبب تطور مجتمعهم هو لكونه مسلم الديانة ، ولذا فان على الجميع الرجوع بقوة الى جوهر واسس الثقافة البدوية مرة اخرى .
أزمات الدول العربية :
تساءل الدكنور كرماني في مقالته الحكيمة في يوم نيله لجائزة السلام الالمانية عن سبب عدم اسناد الدول الغربية للمظاهرات السلمية التي قامت في سوريا قبل اندلال الاعمال العسكرية الدموية فيها ، ولكي لا اطيل فاني اختصر الكلام بالقول :
عندما قامت التظاهرات السلمية للشباب والقوى العلمانية في مصر عام 2011 ، اعلنت كل من الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية بشكل مباشر وغير مباشر عن تأييدها لتلك التظاهرات المطالبة بالديمقراطية وحقوق الانسان ( رغم ان الرئيس المصري حسني مبارك كان دكتاتوريا ذا اتجاه لا ديني وكان صديقا وحليفا واضحا للدول الغربية وامريكا ) ، ونجحت ثورة القوى العلمانية المُطالبة بالديمقراطية والعلمانية بازاحة الرئيس حسني مبارك ، ولكن ما الذي حصل بعد ذلك ؟
الذي حصل انه وبسبب ان أغلبية الشعب المصري شعب شرقي تحتله الثقافة البدوية المتوارثة منذ ما يقارب 1400 عام فان اغلبية المصريين رفضوا الديمقراطية ورفضوا العلمانية ورفضوا الليبرالية ، واصطفوا مع رجال الدين واحزاب رجال الدين في صناديق الاقتراع ، حيث انتخب المصريون رجلا ذا اتجاه ديني بديلا للدكتاتور العلماني حسني مبارك ، وهكذا بدأت الثقافة البدوية بالنشاط الواسع حيث تم تغيير الدستور المصري ليصبح مطابقا تماما لحال الانسان البدوي المتخلف حضاريا قبل 1400 عاما ، واغلقت العديد من القنوات الفضائية المصرية وتم فرض الحجاب على النساء واغلقت المسارح والسينمات وتم اغتيال وسجن عدد من الناشطين الشيعة من المصريين واغلقت العديد من كنائس المسيحيين المصريين وقتل المئات من المسيحيين في عدة محافظات مصرية وقتل المئات من المتظاهرين العلمانيين والى ما الى ذلك من ممارسات الثقافة البدوية المصرية التي ترفض التحضر وترفض الآخر ..
في سوريا ، نظام الاسد نظام دكتاتوري لا ديني التوجه ، تماما كما كان نظام الرئيس حسني مبارك في مصر ، وقد نشطت التظاهرات السلمية المطالبة بالديمقراطية وحقوق الانسان ، ولكن وبعد التجربة المصرية فمن الحكمة التوقع بان ازاحة الاسد عن الحكم سيعني بكل الاحوال قيام الاسلاميين من السنة والشيعة بالاقتتال فيما بينهم لاستلام السلطة ، بل انهم بدأوا ذلك مبكرا وحتى قبل سقوط الاسد .
التدخل المباشر او غير المباشر من قبل الدول الغربية من اجل ان تتولى القوى العلمانية المؤمنة بالديمقراطية سوف لا يجدي نفعا ، ففي كل الاحوال سوف يصبح القائد العلماني الجديد عميلا وخائنا بنظر القوى الدينية الاسلامية ومن قبل أغلبية الشارع السوري ، لان الشعب السوري هو الآخر تحتله الثقافة البدوية ، تلك الثقافة التي تجعلهم يتبعون الاسلاميين وتجعلهم لا يتقبلون الآخر ضمن حياة ليبرالية ، وتلك هي مشكلة ومعضلة فعلا يجب دراستها ومناقشتها بتأني وتعقل ، وهنا اشير الى ما ذكرته حضرتكم بقيام
الشاه بمنع الحجاب في فترة ما من حكمه لايران واقول اننا لا نتوقع ان المجتمع الايراني كان سوف لن ينخدع بالقوى والتشريعات البدوية الدينية لو ان الشاه لم يقم بهذا العمل ، فالمجتمع الايراني هو الآخر يعاني من انتشار الثقافة البدوية فيه بعد ان أُحْتِل احتلالا شرساً من قبل جيوش الثقافة البدوية العربية ، حيث قُتلت الحضارة الفارسية العظيمة والتي هي واحدة من ارقى حضارات التاريخ العالمي ، واغتصبت وعذبت الفتيات الفارسيات وقتل الشباب والشيوخ الفرس وسرقت كل اموالهم في هجمة بدوية بدعوى نشر الايمان بالله بين الفرس قبل ما يقارب من 1400 عام .
الشعوب الشرقية واقعة عموما تحت تأثير الثقافة البدوية التي فرضت نفسها بالسيف على كل افراد هذه المجتمعات طيلة حوالي 1400 عاما الى درجة اصبحت فيها هذه الشعوب في درجة من التطبع والاشباع الاجباري بهذه الثقافة البدوية بحيث انها اصبحت لا تتقبل بسهولة اي ثقافة متحضرة ، لا بل ان هذه الشعوب ولحد هذه اللحظة تحكم بابعاد او قتل اي فرد منها يروم التخلص من ثقافته البدوية حيث يعتبر كافرا ومرتدا عن الاسلام .
ثقافة الصحراء البدوية تمتاز بحب اذلال أو قتل كل مَن يختلف معها ، كما تمتاز هذه الثقافة بعقدة الجنس الذُكوري البدوي ، فالذكر فيها يتمتع بسلطة تمنحه حق التمتع باكبر عدد من النساء بينما المرأة تُمنع حتى من كشف وجهها أو صوتها امام الناس لانها تُعْتَبر مُلكٌ لذَكَرٍ واحد .
( داعش ) نموذج واضح وصريح لماضي وحاضر ومستقبل الثقافة الشرقية البدوية :
في الثقافة البدوية ( كما تجسدها الآن منظمة داعش الارهابية ) يتحرك الذكَر ويندفع بمحفزات جنسية ومادية كبيرة ، فهو كلما ازداد رفضه للآخرين فان فرصة حصوله على الاملاك والذهب والاموال والنساء الكثيرات تكبر ايضا ، فهو مسموح له ان يسرق الاموال والاملاك ويغتصب نساء كل من يختلف عنه في الديانة او المذهب ، كما ان هذا الذَكَر في الثقافة البدوية يُوعد بمحفزات حصوله على أحلى واجمل الفتيات مع كميات كبيرة من الخمور اذا فجر نفسه وقتل كل من يختلف معه ، ولما كانت المحفزات المادية والجنسية هي أقوى وأكبر الحفزات التي تحدد مسير وتصرفات الانسان فانه بأمكاننا فهم سبب توسع فكر الثقافة البدوية من صحراء السعودية الى جميع البلدان المجاورة ، حيث قام المقاتلون الذي يحملون الثقافة البدوية بحمل سيوفهم وغزو هذه البلدان طمعا في الاموال والنساء قبل ما يقارب 1400 عاما ، ونجح أولئك البدو في استخدام العنف والقتل وفرض الايمان الاجباري بتلك الثقافة البدوية على الشعوب المجاورة للصحراء رغم ان تلك الشعوب كانت لا تتكلم العربية ، وما يزال افراد هذه الشعوب لحد اللحظة مهددين بالقتل اذا ما فكر احدهم بنقد او ترك الثقافة البدوية .
ان ما نذكره ليس اعتقادا او ظنا عن صفات الثقافة البدوية الشرقية ، وانما هو أوامر دينية حقيقة مثبتة بشكل واضح جدا في الكتاب الرئيسي للثقافة البدوية ، ولم تسطيع كافة المراجع الدينية بدون استثناء من الغاء هذه الاوامر من كتاب الثقافة البدوية ، وان ما تسمى بالمراجع الدينية المعتدلة هي تلك المراجع التي تركز احاديثها واعلامها على جوانب او امور ايجابية اخرى موجودة في نفس الكتاب الديني ، مثل كلمات السلم والسلام ، لكن هذه المراجع لا تجرأ ان تنتقد او ان تلغي ما موجود في الصفحات الاخرى من نفس الكتاب من اوامر الاهية باذلال او قتل الآخر الذي لا يؤمن بالثقافة البدوية ، ولذا فانه ليس من الانصاف ان نقول ان الارهابيين ليس لهم علاقة بالفكر والثقافة البدوية وانما العكس تماما ، فهؤلاء الارهابيين هم ضحايا لأوامر ثقافة بدوية واضحة وصريحة تُوجب عليهم تطبيقها مقابل منحهم المحفزات المالية والجنسية ، مُذَكرين بأن الحركة الدينية للثقافة البدوية ابتدأت طريقها قبل ما يقارب 1400 عاما باعلانها بأنها حركة سلم وسلام وان كل انسان حر في اختياره الديني ، وان لا خوف على الآخرين ولا هم يحزنون ، وانه لكم دينكم ولي ديني ، وانه لا اكراه في الدين ، ولكن الأمر اختلف كليا بعد ان امتلكت هذه الحركة من مؤيدين ومن رجال واموال ، حيث تغيير مبدأها لتصبح خلاصته : ان الله يأمر بقتل او اذلال كل من لا يؤمن به او بدين الحق او بالثقافة البدوية !!

ثلاثة اربع سكان الارض هم جاك مراد :
أشاد الدكتور كرماني كثيرا في مقالته الرائعة بشخص رجل الدين المسيحي جاك مراد لكونه كان يتعامل بمحبة كاملة مع كافة المسلمين السوريين المقيمين معه في قريتهم السورية التي تعرضت لاعتداءات منظمة ( داعش ) الارهابية خلال العام الماضي ، ونحن نضيف القول : ليس وحده الأب جاك مراد الذي يحب المسلمين الذين يعيشون معه في سوريا ، ولكننا جميعا ، نحن كل شعوب الارض بكل قومياتنا وادياننا وطوائفنا ، مؤمنين بالله او غير مؤمنين ، كلنا نحب المسلمين اينما كانوا وفي اي بلد عاشوا ، لأنهم انسان مثلنا ، فنحن نحب كل الكائنات الحية فكيف لا نحب الانسان ، ولكي نكون صريحين جدا نقول :
ان الانسان الذي لا يحب المسلمين لا يَفْرق أبدا عن الارهابيين الذين يمييزون بين البشر ويقتلون من يخالفهم .
نعم نحب المسلمين ونتعايش معهم ولا نفرق ابدا بيننا وبينهم ، ولا نفرق او نميز بين الذكر والانثى عندنا او عندهم ، نعمل معهم ونتزاوج معهم ، ونتعاون جميعا من اجل حياة سعيدة للجميع ، نعمل سوية لمقاومة الطبيعة وكشف اسرارها ، نحارب الفقر ، نحارب المرض ، نسعد كل انسان على وجه الارض دون تمييز ، ولا يهمنا ان يؤمن او لا يؤمن احدهم بالله او ببوذا او بزرادشت او بزكريا او بعيسى او موسى او بمحمد او بعلي او بغيرهم من الرموز الدينية لاديان وطوائف العالم المختلفة ، فذلك من خصوصيات الفرد ، لكن ما يهمنا ان نعيش جميعا مهما اختلفت افكارنا الدينية على سفينة نوح بمحبة وسلام وامان وان نعمل جميعا على صيانة وتوجيه سفينتا الى حياة سلم وأمان ومحبة وتطور يخدمنا جميعا .
ان محبتنا جميعا للمسلمين لا تعني ابدا اننا نحب الشريعة الاسلامية بمضمونها المكتوب قبل 1400 عام ، لاننا نرى فيه ثقافة بدوية لم تعد مناسبة للبشر المتحضر ، وان من الحق والعدل والمنطق ان لا نعامل بعضنا وفق ثقافة بدوية كانت سائدة في صحراء السعودية قبل 1400 عام ، وبنفس الوقت نقول :
ان محبة المسلمين لنا جميعا من ملحدين او عبدة الله او المؤمنين ببوذا او النار او البقرة او الاوثان او زكريا اوعيسى او موسى او زرادشت او لالش لا تعني ابدا ان المسلمين يحبون ادياننا او معتقداتنا الغيْبية ، لان المسلمين لهم كامل الحرية في رفض كل فكرة او معتقد لا يرونه مناسبا ، فكل انسان حر بفكره وبما يؤمن به من افكار الغيْب ، لكننا جميعا سواسية وليس هناك واحد افضل من آخر ، الكل يملك مساحته الكاملة في حريته لكن دون ان يجبر الاخرين على الايمان بافكاره الغيْبية ، اما من ناحية العمل من اجل استمرار الحياة على الارض ، ففي كل زمن يظهر هناك كثيرون من الافراد من هم افضل منا ، والافضل منا جميعا هم من يعملون وينتجون اكثر ، ويخترعون العلوم اكثر ، ويساعدون الغير اكثر ، ويخدمون الغير اكثر ، ويضحون من اجل الغير اكثر ، ويسامحون أكثر ، ويحاربون الفقر والمرض اكثر ، ويكتشفون علوم واسرار الطبيعة والكون اكثر ، ويصنعون المساواة والحرية والسلام والحب اكثر ، نعم اولئك الافراد هم افضلنا جميعا مهما كانت اديانهم او طوائفهم او معتقداتهم .
لم يعد مطلب فصل الدين عن السياسة في الدول الشرقية ذات الثقافة البدوية مجديا ، حيث اثبتت التجارب ان اي نظام علماني لا يمكنه نزع فتيل صفة الارهاب من هذه المجتمعات طالما وجدت اسس ارهاب الآخرين في الكتب الدينية لهذه المجتمعات ، فالنظام العلماني الديمقراطي لا يمكنه ان ينجح او ان يستمر في حكم افراد مصابة بامراض الثقافة البدوية التي ترفض الحرية والمساواة والديمقراطية ، وكذا فان العنف في النظام العلماني الدكتاتوري لا يمكنه ازالة او الغاء مشروعية الارهاب من فكر ومعتقدات افراد المجتمعات الشرقية .
ربع سكان العالم مصابون بالثقافة الشرقية البدوية :
في ظل التطور التكنولوجي المتصاعد في انظمة الاتصالات والمواصلات في العالم فانه لا يمكننا تصور حاضر ومستقبل آمن لبشر الكرة الارضية باستمرار بقاء هذه الثقافة البدوية منتشرة بين ربع سكان العالم ، فمهما بلغ مجتمع اي دولة شرقية من تحضر او تطور فان ذلك لا يعني ابدا عدم امكانية ظهور مجاميع دينية رديكالية بين حين وآخر ( القاعدة وداعش وبوكو حرام مثلا ) لهدم كل تحضر او تطور وكذلك للقيام بأعمال ارهابية تقتل الكثير من البشر الابرياء دون اي سبب سوى ان اولئك الناشطون يمعنون التركيز في قرأة القرآن والسيرة النبوية .
وهنا نود الاشارة بان الفرق بين ( الرديكاليين ) وغير ( الرديكاليين ) في مجتمعات الثقافة البدوية هو ان ( الرديكاليين ) يقرأون جيدا ويطبقون حرفيا الاوامر المكتوبة بوضوح تام في كتاب الشريعة الدينية ، بينما يؤجل ( الغير رديكاليين ) تطبيق او تنفيذ تلك الاوامر لحين آخر ، فالفرق بين الطرفين ليس الخلاف على ( صحة ) او ( عدم صحة ) تطبيق شريعة الثقافة البدوية وانما الفرق هو ان الرديكاليين متفرغون جيدا لقرأة وتطبيق الشريعة الدينية بينما ينشغل غير الرديكاليين في متاعب وامور الحياة الاخرى ولكنهم في كل الاحوال مؤمنون بأن كل ما مكتوب داخل كتب الشريعة الدينية والسيرة النبوية هو صحيح وواجب التطبيق في كل زمان ومكان ، وما يثبت صحة كلامنا هو عدم وجود اي مرجعية دينية اسلامية في العالم افتت علنا وصراحة بالغاء او ايقاف العمل نهائيا بالآيات القرآنية ( اكثر من 250 آية ) الخاصة بأستصغار او أرهاب وقتل كل من لا يؤمن بالشريعة الاسلامية ، بل ما تزال هذه الآيات لحد هذه اللحظات ونحن في القرن الحادي والعشرين تُعلّم وتُدرّس لكل المسلمين في العالم وهم يقرأونها في صلواتهم اليومية ، كما ان هذا الفرق بين الرديكاليين وغير الرديكاليين هو الذي يجيب على سؤالكم الذي ذكرتموه في مقالتكم الحكيمة والذي تساءلتم فيه عن كيفية تمكن اعداد قليلة من منظمة ( داعش ) الرديكالية الاسلامية الارهابية من السيطرة على مدينة الموصل في العراق عام ذات الملايين من المسلمين غير الردكاليين عام 2014 ولحد يومنا هذا ، والاجابة واضحة وتكمن في ان اغلبية الافراد الغير رديكاليين من المجتمعات الشرقية ذات الثقافة البدوية لا يعارضون ابدا من يريد تطبيق الشريعة الدينية تطبيقا كاملا سيما حينما يكون المطبق قويا ومتمكنا ، وهنا استذكر ما قالته طبيبة عراقية ايزيدية الديانة كانت تسكن مدينة الموصل في مقابلة تلفزيونية بعد تهجيرها من بيتها ، حيث قالت بان عائلتها كانت على علاقة ممتازة مع جيرانها المسلمين لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، فهم يتبادلون التعاطف والاحترام في المناسبات الاجتماعية وكذا في المناسبات الدينية ، كما ان هذه الطبيبة كانت لا تستوفي اجور الفحص الطبي من عدد من الجيران ذوي الامكانيات المادية الضعيفة ، اضافة الى انها دائما ما كانت تلبي طلبهم في انصاف الليالي من اجل اجراء الفحص والمساعدة الطبية والصحية لافراد الجيران ، ولكن هذه الطبية تقول انها تفاجأت بأنقلاب موقف جميع الجيران حال تمكن ( داعش ) من السيطرة الكاملة على مدينة الموصل ، حيث قام الجيران بارشاد افراد داعش عليها ، وتمت مصادرة جميع اموالها واموال عائلتها اضافة الى اعتداءهم عليها بوجود ومباركة اولئك الجيران !!
نعم ، هناك أمل ان نحقق السلام والمساواة والحب بين كل البشر
نعم هناك ثمة أمل ، فجميع مجتمعات الثقافة البدوية الشرقية تشهد الان تزايدا في اعداد التنويريين من رجال الدين الاسلامي والمثقفين المسلمين ممن يتحدثون ويكتبون بمنطق عقلاني ، حيث يطالبون ليس بفصل الدين عن السياسة وانما يطالبون بايقاف تدريس الشريعة الدينية وكافة المواد التاريخية والدينية التي تمتدح الثقافة البدوية الدينية في المدارس والمعاهد والجامعات في دول الشرق ، كما يطالبون باجراء مراجعة كاملة لكل الكتب الدينية الاسلامية ابتداءا من القرآن وانتهاءا بكتب السيرة النبوية والتفاسير والفقه والبلاغة وغيرها من الكتب الدينية الاسلامية لغرض الغاء او ايقاف العمل بكل آية او سيرة نبوية تأمر باستخدام الكراهية والعنف والارهاب ضد الآخرين ممن لا يؤمنون بالله وبمحمد ، وكذا الغاء وازالة كل ما ينتقص من حقوق المرأة ، وكذا الغاء كل آية او سيرة نبوية تمنع الانسان المسلم من حريته في اعتناق المذهب او الدين او الفكر الذي يقتنع به ، وكذا ايقاف اعمال القطع الاجباري لاجزاء من الاعضاء التناسلية للطفل الوليد ( الختان ) سواءا أكان ذكرا او انثى ، لان ( الختان ) يعتبر اعتداءا صارخا على حقوق الطفل ، حيث ان هذه العملية الجراحية المتوارثة في المجتمعات البدوية الشرقية لا تستند الى ضرورة علمية او طبية لاجرائها دون موافقة الانسان ، وتستند هذه العمليات الجراحية على اسس ذكورية تهدف الى زيادة المتعة الجنسية للرجل مقابل تقليل المتعة والشهوة عند الاناث .
نعم ، هناك أمل ، في ان تُخلّص المجتمعات الشرقية نفسها من ما ورثته من الثقافة البدوية ، لكن الامر ليس بالسهولة التي قد يتصورها البعض ، حيث ان ثقافة وعادات مجتمع طيلة اكثر من اربعة عشر قرنا لا يمكن ان تنتهي بعقد او عقدين الزمن ليس بسبب العمق الزمني الطويل لتلك الثقافة البدوية وليس بسبب ان هذه الثقافة البدوية ظهرت ونمت تحت غطاء كونها اوامر من الله حسب ، بل لان المراجع والموؤسسات الدينية في المجتمعات الشرقية التي تتبنى الثقافة البدوية هي موؤسسات غنية بالاموال ، وان هذه الاموال تزداد تجاريا بازدياد المشاريع التي تثبت وترسخ الثقافة البدوية الدينية ، لذلك فان رجال الدين يقاومون بشدة اي محاولة للاساءة الى بضاعتهم المتمثلة بالثقافة البدوية ، فالاساءة الى بضاعتهم يعني تقليل اموالهم وسلطتهم على افراد المجتمع ، لذا فاننا نرى ان كل التنويريين حاليا من رجال الدين والمثقفين في السعودية والعراق وسوريا ومصر وتونس والمغرب وايران وغيرها من الدول الشرقية هم مهددون بالقتل من قبل المراجع الدينية الاسلامية بسبب مطالبتهم بالغاء الايات الدينية التي تنص على معاداة وكره وارهاب كل من يختلف مع العقيدة والثقافة البدوية ، اضافة الى مطالبتهم بالغاء او ايقاف العمل بالآيات الدينية التي تنتقص من حقوق المرأة وغيرها من الآيات والسيرة النبوية .
ان الانتهاء المتوقع لعصر النفط في العالم سيمهد لمجال واسع للتخلص من الثقافة البدوية حيث ستضطر مجتمعات الثقافة البدوية الى ادراك مدى حاجتها للعمل والعلم والتعايش المتكافيء مع بقية سكان الارض من اجل استمرار البقاء على الحياة ، كما ان التطور العلمي المتسارع في شبكات التواصل الاجتماعي بين سكان العالم له دور كبير جدا في زيادة التبادل الثقافي بين افراد ومثقفي جميع شعوب العالم ويساهم ذلك في اطلاع ثلاثة ارباع سكان العالم على حقيقة وتفاصيل الثقافة البدوية ، وفي نفس الوقت سيساهم هذا التبادل الثقافي في اطلاع افراد المجتمعات الشرقية على افكار ومعتقدات بقية سكان الارض .
يتحد البشر من أجل حاضر ومستقبل أفضل للجميع :
يوما بعد آخر يزداد اتجاه عمل اغلبية سكان الارض نحو توجيه دفة الصراع من اجل البقاء من صراع فيما بين مجموعات البشر الى صراع بين جميع البشر الارض كجبهة واحدة ضد جبهة الفقر والجهل والمرض ، حيث تسعى البشرية مجتمعة للتوصل الى المزيد من التطور والى اكتشاف المزيد من اسرار الكون والحياة والموت واختراع كل ما يمكن من اجل اخضاع الطبيعة لخدمة كل بشر الارض ، لكن مثل هذا التوجيه للصراع من صراع بين البشر فيما بينهم الى صراع بين البشر والطبيعة يستوجب تمتع كل سكان الارض بالحقوق الاساسية للانسان والمتمثلة بظروف مقبولة للمعيشة مقرونة بحرية الفكر والتعبير وحرية اشباع الرغبات والطاقات الجنسية ، لان فقدان هذه المقومات الاساسية من حياة الانسان يؤدي الى صراعات مستمرة بينه وبين بقية افراد مجتمعه مع فرصة متنامية للتخلف عن التحضر، وهذا ما نجده بصورة كبيرة وواضحة في مجتمعات الشرق ذات الثقافة البدوية الى درجة اصبحت فيه هذه المجتمعات لا تقاتل فيه ذوي الديانات الاخرى فقط وانما اصبحت تحارب نفسها بنفسها داخل المجتمع الشرقي الواحد تحت عناوين الانشقاق الى طوائف مختلفة من السنة و الشيعة في ظل انتشار الفقر والجهل والمرض والفساد الاداري والمالي ، حيث ان المصالح المادية والسلطوية والرغبات الجنسية هي المحرك الخفي وراء تلك الاتجاهات المتعارضة داخل الثقافة البدوية نفسها .
في الختام ، اشكركم جميعا لتفضلكم بقراءة رسالتي هذه ، وارجو ان تعذروني للصراحة والواقعية التي تحدثت بها ، حيث انني لا ارى خسارة اكبر من خسارة انسان لبلده وحضارة بلده ، وهذا ما نعانيه نحن الشرقيين جميعنا بمرارة وأسف حيث نرى حضارة سومر وبابل وحضارة فارس وحضارة الاقباط والفراعنة وحضارات بلدان اخرى كثيرة قد اغتيلت منذ 1400 ولتظل شعوب هذه البلدان منذ ذلك التاريخ وليومنا هذا تعاني من التخلف والالم والمرض والحروب ، في وقت كنا نتمنى ان نشترك جميعا مع الحضارة الغربية في مجال التسابق من اجل المزيد من الحرية والحقوق لكل انسان ومن اجل المزيد من العلوم والاختراعات في طريقنا الطويل في مصارعة الطبيعة من اجل حياة افضل لكل البشرية .
اكرر تهنئتي للشعب الالماني المبدع وللدكتور نافيد كرماني لنيله جائزة السلام الالمانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد