الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الشخصية المصرية والعراقية

احمد عبدول

2015 / 12 / 21
الادب والفن


يوم امس كنت اشاهد لقاءا تلفزيونيا باللون الاسود والابيض , ويبدو ان اللقاء يعود الى منتصف او بداية ستينيات القرن الماضي , الاعلامية المصرية (هدى رستم) كانت تدير اللقاء , وقد استضافت زعيم ادباء العروبة الراحل (طه حسين ) اما الضيوف الاخرين ، وهم كذلك قد رحلوا عن عالمنا منذ سنوات غير قليلة ,فقد كانوا ثلة طيبة من الادباء والكتاب والمفكرين والشعراء , فقد كان هناك الاديب والمفكر (يوسف السباعي ) الذي اصبح في سبعينيات القرن الماضي وزيرا للثقافة في مصر ,والسباعي هو صاحب اشهر الروايات المصرية التي تم تحويلها الى افلام سينمائية كرواية (نحن لا نزرع الشوك ) و (السقامات ) ,كذلك حضر الكاتب (ثروت اباظة ) صاحب رواية (شيء من الخوف ) والشاعر ( عبدالرحمن الشرقاوي ) صاحب رواية الارض التي جسدت قضية الفلاح المصري وارتباطه بارضه والتي اخرجها الراحل (يوسف شاهين ) بذات الاسم وللشرقاوي كذلك مسرحيتان (الحسين ثائرا ) و(والحسين شهيدا ) ,وقد كان من بين الحضور الكاتبان (نجيب محفوظ )و(انيس منصور ) بالإضافة الى الضيوف الاخرين .
اقول لكم ان ما لفت انتباهي واثار تساؤلاتي في لقاء الابيض والاسود والذي جمع بين كل تلك القامات الأدبية والفكرية والشعرية في جلسة واحدة , ليس اللقاء نفسه لكنه شيء اخر ,ما جعلني اتوقف كثيرا عند هذا اللقاء ليس اللقاء على اهميته وجليل خطره, وانما كان هناك امر اكثر اهمية واشد خطورة, امر يتعلق بطبيعة الشخصية المصرية والشخصية العراقية ,لقد كان الاساتذة والكتاب والمفكرين في ذلك اللقاء يلتفون حول استاذهم البصير وكأن على رؤوسهم الطير ,فتكاد تجزم انهم لم يلتقوه او لم يسمعوه من قبل وهم على تلك الحالة , كان اجلالهم واكبارهم للراحل طه حسين واضح في كل حركاتهم وسكناتهم ,تحمله اليك نبرات اصواتهم ,وتدفعه اليك نظراتهم ,على الرغم من ان الضيوف لم يكن فيهم الا علم من اعلام الفكر وداعية من دعاة المعرفة وقد تناقلت اخبارهم الصحف وحملت اسماءهم المطبوعات في داخل مصر وخارجها .
ولا شك ان ما توقفت عنده وما كان جليا واضحا اثناء اللقاء انما كان امرا متعلقا بالشخصية المصرية ,فالأخوة في مصر منذ زمن بعيد مجبولون على المبالغة في حفاوة وتكريم كبارهم ورموزهم وهذا الامر يحسب لهم ويسجل الى رصيد حسناتهم على مر الزمان ,المواطن المصري يعتز بالآخر كاعتزازه بنفسه ان لم يكن اكبر من ذلك لاسيما اذا كان الاخر من شريحة النابهين او العلماء والمفكرين . المصري يجد نفسه بمقدار غير قليل عبر الاخر العارف والمتنور ,وهو بذلك يخالف العراقي الذي يعتز بنفسه ,فيراها اكبر من ان تندمج مع الاخر حتى لو كان من اصحاب العلم واولي المعرفة ,العراقي يرى نفسه كتلة مستقلة عن غيره ,وحلقة منفصله عن سواه ,لذلك نجده يتصنع الاحتفاء ويصطنع التكريم عندما يدفع الى ذلك دفعا بتوجيه من السلطة او بفعل تأثير ضغوط الحياة او بفعل تقاليد روتينية متبعة ,ان الشخصية العراقية تفتقر كثيرا الى تلك الحالة التي وجدتها من اولئك الضيوف وهم يجلسون بين يدي استاذهم, كما يجلس الصغار في مراحلهم الدراسية الاولى .
حب المواطن المصري لأرضه ووطنه وتاريخه الثقافي والمعرفي والحضاري جعله بشعور منه وبدون شعور ينعكس الى تعامله مع افراد مجتمعه بلياقة وارتياح كبيرين ,اما نحن في العراق فنحن نبتعد كثيرا عما الفه المصريون من وسيلة وما سلكوه من سبيل وهم يتعاملون مع رموزهم ,ولعل اكبر دليل على اقتراب ما اقوله الى الصحة انك اذا ما طالعت احد اللقاءات التي تجمع بين عدد من الشخصيات العراقية في برنامج حواري او ندوة ثقافية فانك سرعان ما تتلمس مقدار الفردانية والاعتزاز المفرط بالأنا التي سرعان ما تدفع الى التنافس والاحتكاك دون ان تكون هنالك حالة من التفاعل والتكامل بين الضيوف ,ومثل هذا الامر لا يقتصر عندنا على شريحة المثقفين والكتاب والعلماء بل يتعداه الى كافة شرائح المجتمع الاخرى حيث تجدنا لا نعتز الا بذواتنا ولا نؤثر الا انفسنا وكل منا شيعة نفسه كما يقول مروان ابن الحكم على ما اتذكر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/